جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 71)

وعلى التقدير الأوّل ، فهل يكون الحكم بالجواز مطلقاً وغير مقيّد ، أو يكون هو أيضاً كموضوعه مقيّداً بما إذا كان على النفس ، ففي هذه الجهة ثلاثة احتمالات :

الأوّل : أن يكون الظرف متعلّقاً بالإقرار وموجباً لتقييد الموضوع ، من دون أن يكون الحكم مقيّداً به أيضاً .

الثاني : أن يكون الظرف متعلّقاً بالحكم وموجباً لتقييده من دون ارتباط له بالموضوع ، والثمرة بين الاحتمالين تظهر فيما إذا كان الإقرار على ضرره ، ولكن كان له لازم يكون لنفعه ، كما لو أقرّ بولديّة مولود أو زوجيّة امرأة ; فإنّ الإقرار بالاُبوّة وكذا الزوجية كما يكون على نفسه من جهة وجوب إعطاء النفقة ، كذلك يكون لنفسه من جهة الإرث منهما على تقدير موتهما .

ففي هذا الفرض إن كان الظرف متعلّقاً بالإقرار ، وكان الحكم بالجواز مطلقاً ، يترتّب على إقراره كلا الأمرين ; لثبوت قيد الموضوع وكون الحكم مطلقاً ، فاللازم نفوذ إقراره في اللازم أيضاً كنفوذه فيما يرجع إلى ضرره .

وإن كان الظرف متعلّقاً بالجواز يكون مقتضاه النفوذ في خصوص ما يرجع إلى ضرر نفسه ، ولا يشمل اللازم بوجه .

الثالث : أن يكون الظرف متعلّقاً بكلا الأمرين ، لا بمعنى تعلّقه من الجهة النحوية بأمرين ، بل بمعنى تقدير على أنفسهم بعد الحكم بالجواز أيضاً ، فكأنّه قال : إقرار العقلاء على أنفسهم ، جائز على أنفسهم ، وعدم التصريح به لعدم الحاجة إليه ، كقوله تعالى : {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}(1) حيث تكون كلمة «بهم» مقدّرة بعد قوله تعالى : {وَأَبْصِرْ} .

ومقتضى هذا الاحتمال أنّه إذا كان للإقرار مدلول التزاميّ لا يكون ضرراً على المقرّ لا تشمله القاعدة .

  • (1) سورة مريم 19 : 38 .

(الصفحة 72)

والظاهر بملاحظة فتاوى الفقهاء رضوان الله عليهم أجمعين بثبوت خصوص ما يرجع إلى ضرر المقرّ ، وبملاحظة ظهور عبارة القاعدة في كون الظرف متعلقاً بالإقرار ، هو هذا الاحتمال الثالث الذي يرجع إلى تقييد الموضوع والحكم معاً بكونه على النفس .

ولكن في المقام إشكال مهمّ أورده النراقي (قدس سره) في عوائده مفصّلا ، وخلاصته : أنّه إذا كان الإقرار بأمر واحد لا يمكن تحقّقه إلاّ بين اثنين ، كالإقرار بالزوجيّة في المثال المتقدّم ، يشكل الحكم بنفوذ الإقرار فيه ، بل لا يمكن الحكم به لا في حقّ المقرّ ولا في حقّ الغير ، أمّا في حقّ الغير فظاهر ، وأمّا في حقّه فلعدم إمكان تحقّقه بدون الثبوت في حقّ الغير ، وبعبارة اُخرى : إمّا يحكم بنفوذه في حقّهما ، فيلزم نفوذ الإقرار في حقّ الغير وهو باطل شرعاً ، أو بنفوذه في حقّه خاصّة دون حقّ الآخر وهو باطل عقلا ; لاستلزامه انفكاك ما يمتنع انفكاكه عن الشيء ، مع أنّه لو حكم بعدم النفوذ أيضاً لا يكون مخالفة فيه ; لعموم النبوي ; إذ الثابت منه نفوذ الإقرار في حقّ النفس ، وهذا إقرار بشيء واحد في حقّ النفس والغير ، فلا يشمله الخبر ، بل ليس ذلك متبادراً من الإقرار على النفس(1) .

والجواب عن هذا الإشكال : أنّ وروده يبتني على أن يكون مقتضى الحديث ، الحكم بالثبوت الواقعي التكويني ، فإنّه مع فرض تقوّم الشيء بشخصين واستحالة التفكيك بين أمرين لا يبقى مجال للتفكيك بوجه ، وأمّا إذا كان المراد هو الثبوت التعبّدي فلا إشكال في التفكيك ; لأنّ مرجعه إلى الحكم بالثبوت في مقدار دلّ دليل التعبّد عليه ، فإنّه في مثل المثال إذا كان زيد شاكّاً في بقاء زوجيّته المتيقّنة في السابق ، والزوجة عالمة بزوال الزوجية ، يكون مقتضى قاعدة «لا تنقض» الجارية في حقّ الزوج لزوم ترتيب آثار الزوجيّة من إعطاء النفقة ومثله ، ولا تجب على الزوجة

  • (1) عوائد الأ يّام : 489 ـ 490 .

(الصفحة 73)

الموافقة مع العلم بزوالها ، وليس ذلك إلاّ لأجل كون الثبوت ثبوتاً تعبّدياً لا مانع فيه من تحقّق التفكيك بوجه .

كما أنّه لا مانع في الثبوت التعبّدي من التضادّ أصلا ، فإذا كان شخصان مشتركين في ثوب واحد ، وكان الثوب مشكوك النجاسة في زمان ، ولكن كانت حالته السابقة المتيقّنة الطهارة بالإضافة إلى أحدهما والنجاسة بالإضافة إلى آخر ، يكون مقتضى الاستصحابين النجاسة والطهارة معاً في ثوب واحد ، ولا مانع منه بعد فرض كون الثبوت تعبّدياً .

وبالجملة : لا مجال للإشكال في موارد الثبوت التعبدي بعد قصور دليل التعبد عن الشمول للمدلول الالتزامي ; فإنّه يتحقّق حينئذ الانفكاك من دون أن يكون هناك مانع .

إن قلت : إنّ ما ذكرت إنّما يتمّ في الاُصول العمليّة ، حيث إنّ مثبتاتها ليست بحجّة ، والحجّية مقصورة على المدلول المطابقي . وأمّا في باب الأمارات ، فقد اشتهرت حجيّة مثبتاتها وعدم انحصار الحجّية فيها بالمدلول المطابقي ، بل شمولها للمدلول الالتزامي أيضاً ، فإذا شهدت البيّنة مثلا بأنّ زيداً بلغ ثلاثين سنة ، فكما أنّ شهادتها حجّة في هذا المدلول المطابقي ، فكذلك حجّة في اللوازم العادية والعقلية أيضاً ، وقد مرّ أنّ الإقرار عند العقلاء من الأمارات الظنّية القويّة وقد أمضاها الشارع ، فاللازم أن يكون حجّة بالإضافة إلى اللّوازم أيضاً .

قلت : الفرق بين الاُصول والأمارات بما ذكرت ليس مستنداً إلى تعبّد في هذه الجهة بحيث كان مقتضاه التفكيك في الاُصول دون الأمارات ، بل لأجل أنّ دليل الأصل لا يشمل المدلول الالتزامي بوجه دون دليل الأمارة ، فإذا كان حياة زيد مشكوكة من حيث البقاء يكون مقتضى الاستصحاب الحكم بالبقاء ، ولكن لايلزم ترتيب آثار البقاء التي لم تكن متيقّنة في السابق ، بل كانت متيقّنة العدم كنبات

(الصفحة 74)

اللحية ، الذي لم يكن له حالة سابقة ، فمعنى عدم حجّية مثبت الاستصحاب أنّ دليل لا تنقض لا يجري إلاّ في خصوص ما كان فيه يقين بالحدوث وشك في البقاء ، ولا معنى لجريانه فيما ليس فيه هذا العنوان ; وهو اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء .

وأمّا في مثل مثال البيّنة فالشهادة ببلوغ زيد ثلاثين شهادة بجميع لوازمه العادية والعقليّة ، والمفروض عدم انحصار دليل حجّية البيّنة بخصوص المدلول المطابقي ، فكلّما قامت على البيّنة فهو ثابت ; سواء كان مدلولا مطابقيّاً أو مدلولا التزاميّاً ، وبعبارة اُخرى : يدخل الجميع في دائرة الشهادة ، والمفروض اعتبارها .

لكن في المقام مع كون الإقرار من الأمارات عند العقلاء والشارع ، الاّ أنّه، حيث يكون دليل الإمضاء مقيّداً موضوعاً وحكماً بكونه على النفس ، فلا يبقى مجال لتوسعة دائرة الحكم بالثبوت بغير ما إذا كان على النفس ، بل لابدّ من الاقتصار على هذه الجهة والتّحديد بذلك ، فالإقرار مع كونه أمارة لكنّه لا يترتّب عليه إلاّ ما كان على النفس ، ولا مانع من التفكيك كما عرفت .

ونظيره قاعدة التجاوز بناءً على كونها أمارة ; فإنّه لو شك في إتيان صلاة الظهر في أثناء الاشتغال بصلاة العصر ، أو شك في أثناء الصلاة أنّه توضّأ أم لا؟ يكون مقتضى قاعدة التجاوز البناء على الإتيان بصلاة الظهر في المثال الأوّل من جهة شرطيّتها لصلاة العصر ، ولزوم الترتيب بين الصلاتين ، لا مطلقاً حتّى لا يجب الإتيان بها بعد الفراغ عن صلاة العصر مع بقاء الوقت وكون الإتيان بها مشكوكاً ، كما أنّ مقتضى قاعدة التجاوز أنّه توضّأ من جهة شرطية الطهارة للصلاة التي هو مشتغل بها ، لا أنّه توضّأ مطلقاً حتى لا يجب عليه التوضّؤ لصلاة اُخرى مع اشتراطها بالوضوء وكونه مشكوكاً ، فالتعبّد بوجود صلاة الظهر في الأوّل وبوجود الوضوء في الثاني لا يكون تعبّداً مطلقاً ، بل محدوداً بما تكون القاعدة مقيّدة به ;

(الصفحة 75)

وهو صدق عنوان التجاوز ، فالأمارية لا تلازم الحكم بالثبوت مطلقاً .

ولذلك ترى الفقهاء يفتون في المقام بأنّه لو أقرّ بالزنا بالمرأة الفلانية يترتّب على إقراره حدّ الزنا من الجلد مع عدم الإحصان ، والرّجم معه ، ولكنّه لا يثبت على المرأة شيء من جهة هذا الإقرار أصلا .

كما أنّه لو أقرّ ببنوّة شخص له ، يترتّب على إقراره وجوب الإنفاق على تقديره ; كما أنّه يرث منه بمقتضى إقراره ، ولكنّه لا يرث منه ، ولا مانع من الانفكاك .

وخلاصة الكلام أنّ الإقرار ـ كما في العوائد(1) ـ إمّا أن يكون في حقّ الغير محضاً ; كأن يقول : زيد سرق مال عمرو ، أو في حقّ نفسه كذلك ; كأن يقول : هذا ليس مالي ، أو عليّ درهم في سبيل الله ، أو يكون في حقّه وحقّ الغير معاً ، وهو على قسمين ; لأنّه إمّا أن يكون إقراراً مركّباً من أمرين يمكن انفكاك أحدهما عن الآخر يقرّ بأحدهما لنفسه وبالآخر للآخر فيقول : بعت أنا وشريكي تمام الدار ، أو يكون إقراراً بأمر واحد لا يمكن تحقّقه إلاّ بين اثنين .

وبعبارة اُخرى : يكون اعترافاً بأمرين يمتنع انفكاك أحدهما عن الآخر ; كأن يقرّ بمبايعة، أو مصالحة، أو مؤاجرة ، أو زوجيّة، أو تطليق ، أو يقرّ باُخوّته لهند واُختيّتها له ، أو ببنوّته لعمرو واُبوّته له ، ونحو ذلك .

والحكم في الأوّلين واضح ، وكذا في القسم الثالث ، ضرورة أنّه ينفذ في حقّ نفسه لا في حقّ الآخر ، والإشكال إنّما هو في القسم الرّابع ، وقد عرفت توضيح الإشكال وكذا تفصيل الجواب ، وخلاصته : الفرق بين الثبوت الواقعي ، وبين الثبوت التعبّدي الذي هو مفاد قاعدة الإقرار المستفادة من دليل الإمضاء .

  • (1) عوائد الأ يّام : 489 .