جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 226)

إجماعهم إلى النبويّ المعروف(1) أو إلى بعض الأدلّة الاُخر يمنع عن جعل الإجماع حجّة برأسه ودليلا مستقلاًّ في مقابل سائر الأدلّة ، كما أشرنا إليه مراراً .

الأمر الرابع : استقرار سيرة العقلاء وبنائهم على رجوع المغرور المتضرّر إلى الغارّ فيما تضرّر به وخسره ، ولا مجال لإنكار هذا البناء ; لثبوته قطعاً بينهم ; فإنّ من قدّم إلى ضيفه طعاماً لغيره فأكله ، لا إشكال عند العقلاء في أنّه يرجع الآكل بقيمة الطعام الذي كان في الواقع ملكاً لغير المقدِّم إليه ; لتغريره إيّاه وجعله في غرور من جهة ظهور عمله في كون الطعام ملكاً لنفسه لا للغير ، ولا شبهة في الرجوع في مثله .

ومن جملة موارده موارد الروايات الخاصّة المتقدّمة من تزويج الوليّ المعيوبة ، وكون الأمة المبيعة ملكاً للغير ، وموارد شهادة الزّور .

وعليه : فيمكن أن يقال بأنّ هذه الروايات إمضاء لما عليه العقلاء ، كما أنّه يمكن أن يقال بصلاحية الإجماع المتقدّم لأن يكون إمضاءً للسيرة العقلائية إذا لم نقل بكفاية مجرّد عدم الرّدع .

وبالجملة : لا إشكال في تمامية هذا الأمر في مقام الاستدلال على القاعدة ، ولكنّ الظاهر عدم التساوي بين مورد بناء العقلاء ، وبين مورد القاعدة ; فإنّه لم يعلم تحقّق بناء العقلاء في صورة جهل الغارّ وعدم علمه ، كما أنّ الظاهر أنّ العقلاء يحكمون بضمان الغارّ ابتداءً من باب قوّة السبب على المباشر في بعض الموارد ، كما لايبعد في مثال الطعام المتقدّم ، مع أنّ مورد القاعدة ما إذا كان توجّه الضمان ابتداءً على المغرور المباشر واستقراره على الغارّ ، ومع ذلك فهذا الدليل قويّ جدّاً .

الأمر الخامس : ما يظهر من كلمة الأصحاب من أنّ الغارّ سبب في الإتلاف

  • (1) تقدم في ص 219 .

(الصفحة 227)

والمغرور مباشر ضعيف ، والمباشر متى ضعف يصير الضمان على السبب(1) ، وقد اختار الشيخ الأعظم (قدس سره) هذا الوجه مدركاً لرجوع المغرور إلى الغارّ فيما إذا كان المشتري عن الفضولي جاهلا بأنّ البائع فضولي وليس بمالك فتضرّر (2) .

واُورد عليه بوجهين :

الأوّل : أنّ هذا لو تمّ لزم عدم تحقّق الضمان على المغرور أصلا ; لعدم كونه متلفاً ومتصرّفاً في الحقيقة ، مع أنّهم يقولون : إنّ المغرور يضمن ويرجع بما اغترمه على الغارّ ، وهذا ينافي ضعف المباشريّة . وبعبارة اُخرى : لو كان السبب هو الإتلاف ، فسبب الضمان هنا شيء واحد ، فإن كان على الغارّ فلا وجه لضمان المغرور ، وإن كان على المغرور فلا وجه للرجوع إلى الغارّ ، وإن كانا مشتركين فلابدّ من التبعيض ، فتعدّد الضمان مع وحدة السبب لا وجه له .

الثاني : أنّ ضعف المباشر الموجب لضمان السبب إنّما هو فيما إذا كان المباشر كالآلة ـ كالصبيّ غير المميّز ، والمجنون ، والحيوان ، والمكره (بالفتح) الخالي عن الاختيار ، ونحو ذلك ـ حتى يصدق الإتلاف على السبب ، والمغرور في المقام بالغ عاقل شاعر مختار قاصد ، فكيف يعقل جعله كالآلة؟ فلابدّ من إثبات سبب آخر غير الإتلاف يوجب ضمان الغارّ (3) .

واُجيب عن هذا الوجه بأنّ هذا فيما إذا لم يكن الفاعل المختار جاهلا بالضرر المترتّب على فعله ، أمّا لو كان جاهلا بالمفسدة والضرر المترتب على ذلك الفعل ; كما أنّه لو وصف شخص دواءً سامّة بأنّها نافعة ولها آثار كذا وكذا ، وغرّره على شرب تلك الدواء ، فالسبب ههنا أقوى من المباشر وإن كان الفعل صادراً عن

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 242 ، العناوين : 2 / 442 ، جواهر الكلام : 37 / 144 ـ 145 و 183 .
    (2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 3 / 493 ـ 501 .
    (3) العناوين : 2 / 442 .

(الصفحة 228)

الفاعل المختار . ولعلّه من هذه الجهة يقال بأنّ الطبيب ضامن وإن كان حاذقاً ، بل يمكن أن يقال بأنّه يقاد لو كان عالماً بانّها سامّة ، ومع ذلك غرّر المريض لشربها (1) .

أقول : إنّ هذا الدليل ـ على فرض تماميّته ـ لا ينطبق على جميع موارد القاعدة ; فإنّ الأقوائية إنّما تتمّ مع علم الغارّ ، وأمّا مع جهله فلا مجال لها أصلا ، كما لا يخفى .

المقام الثاني : في مفادّ القاعدة ومعناها .

فنقول : لا شبهة في أنّ الغارّ والمغرور إذا كان كلاهما عالمين بترتّب الضرر على الفعل الصادر من المغرور ، لا يكون هناك رجوع ، كما أنّه لا يكون غرور أصلا ; فإنّه مع علم المغرور بأنّ المأخوذ مغصوب مثلا ، ومع ذلك أخذه وتصرّف فيه ، لا مجال لتحقّق الغرور . كما لا شبهة في أنّه إذا كان الغارّ جاهلا والمغرور عالماً ، لا يكون في البين رجوع ولا غرور بطريق أولى من الصورة المتقدّمة .

وأمّا في صورة العكس ; بأن كان الغارّ عالماً والمغرور جاهلا ، فهو القدر المتيقّن من القاعدة على تقدير اعتبارها ; لوضوح تحقّق الغرور وعنواني الغارّ والمغرور .

إنّما الإشكال والارتياب في صورة جهل كليهما ، ومنشأ الإشكال أنّ الجاهل بترتّب ضرر على فعل ، إذا أوقع شخصاً في ارتكاب ذلك الفعل بتشويقه إليه وتوصيفه بترتّب النفع عليه ، هل يصدق عليه عنوان الغارّ ، أم لا يصدق عليه؟ خصوصاً إذا كان معتقداً بترتّب النفع عليه ، كالطبيب الحاذق الذي يصف الدواء للمريض باعتقاد تأثيره في العلاج وقطع المرض ، فاستعمله المريض فتبيّن الخلاف وأنّ الدواء كان مضرّاً ، وأنّ الطبيب قد اشتبه عليه ذلك .

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 1 / 273 .

(الصفحة 229)

ربما يقال بأنّه حيث لا يكون التغرير من العناوين القصدية التي يتوقّف تحققها على قصد عنوانها كالتعظيم مثلا ، بل من العناوين المتحققة بنفس الفعل ، كعنوان الضرب ; حيث لا يتوقّف تحقّقه على قصد عنوانه ، فالظاهر حينئذ تحققه وإن كان الغارّ جاهلا ، ولازمه عدم قصد إيقاعه في الضرر المترتّب على ذلك الفعل ; لكونه جاهلا بالترتّب ، بل معتقداً بثبوت نفع له مكان الضّرر (1) .

أقول : الظاهر أنّ صدق الغرور الذي هو بمعنى الخدعة في صورة الجهل مشكل ; فإنّه كيف تتحقّق الخدعة من الرجل مع فرض جهله؟ فهل يكون الطبيب الحاذق في المثال المتقدّم خادعاً ومدلّساً؟ وقد عرفت نفي عنوان التدليس عن الوليّ الجاهل بعيب المرأة في بعض الروايات المتقدّمة(2) الواردة في عيوبها . نعم ، لا يلزم أن يكون العالم في مقام إراءَة غير الواقع وإخفائه ، بل يكفي مجرّد العلم والسكوت وعدم البيان .

ومنه يظهر أنّ دعوى مدخليّة العلم في معنى الغرور والتدليس لا تكون مستلزمة لكون هذا العنوان من العناوين القصديّة ; فإنّ دخالة العلم في المعنى أمر ، ولزوم قصد العنوان أمر آخر ، وعليه : فيظهر الخلل في ما أفاده المحقّق البجنوردي في هذا المقام ، فتدبّر .

هذا بالإضافة إلى معنى كلمة «الغرور» المأخوذة في القاعدة ، وأمّا كلمة «يرجع» فظاهرها أنّ المغرور أيضاً ضامن ، وللمضمون له الرجوع إليه ; سواء كان له الرجوع إلى الغارّ أيضاً، كما في مورد تعاقب الأيدي في العين المغصوبة ، أو لم يكن له الرجوع إليه ، كما في مورد المرأة المعيوبة المدلّسة المدخول بها ; فإنّ الظاهر أنّه لايكون لها الرجوع ابتداءً إلى وليّها الذي أنكحها ، بل كان لها الرجوع إلى الزوج

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 1 / 278 ـ 279 .
    (2) في ص 221 .

(الصفحة 230)

فقط ، وعلى أيّ حال فيستفاد من هذه الكلمة أمران :

أحدهما : كون المغرور ضامناً يجب عليه تدارك الضرر والخسارة التي أوقعه بالغير .

ثانيهما : أنّ رجوعه إلى الغارّ إنّما هو بعد تدارك الضرر ; لعدم صدق الرجوع بدونه . هذا كلّه بالنسبة إلى الكلمات المأخوذة في القاعدة .

وأمّا بلحاظ الحكم ; وهو جواز الرجوع ، فالظاهر أنّه يختلف باختلاف الاُمور المتقدّمة المذكورة في مدرك القاعدة ومستندها ; فإنّه إن كان المستند هي الرواية النبويّة المعروفة(1) ، فإن قلنا بعموم لفظ الغرور لصورة الجهل ، فمقتضى عموم الرواية وإطلاقها الشمول لهذه الصّورة أيضاً ، فالمغرور يرجع حينئذ إلى الغارّ مطلقاً ; سواء كان عالماً أو جاهلا ، وإن قلنا باختصاص الغرور بخصوص صورة العلم ، فلا مجال حينئذ للحكم بجواز الرجوع إلى الغارّ بمقتضى الرواية الواردة ، كما لا يخفى .

وإن كان المستند هو الإجماع ، فالقدر المتيقّن من معقده خصوص صورة العلم ، من دون فرق بين القول بعموم لفظ الغرور لصورة جهل الغارّ ، وبين القول باختصاصه بصورة العلم ; وذلك لأنّ الإجماع دليل لبيّ يقتصر في مورده على القدر المتيقّن ، خصوصاً مع وجود الخلاف في صورة الجهل .

وإن كان المستند هو بناء العقلاء ، فالظاهر اختصاص مورده بصورة العلم ; فإنّهم لا يرون الجاهل ضامناً بوجه ، كما يظهر من مثال الطبيب الحاذق ، بل لا يرون مثله غارّاً ومدلّساً وخادعاً أصلا .

وإن كان المستند هي الروايات الخاصّة الواردة في موارد مختلفة التي قد تقدّم بعضها ; مثل ما ورد في باب تدليس المرأة المعيوبة ، ورجوع شاهد الزور عن

  • (1) تقدّمت في ص 219 .