جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 363)

به كذلك يحصل بعناوين اُخر ، مثل رفع العسر والحرج ، ورفع قلم الإلزام ، فحديث «رفع القلم» بمنزلة الإذن في ترك الواجبات ، فقهراً يكون مفاد الأدلّة الأوّلية في حقّ الصبي بعد ورود الإذن في الترك بلسان «رفع القلم» هو الاستحباب ; فهو لا يرفع الخطاب الوجوبي من رأس ، بل يأذن في الترك ، فيتحقق الاستحباب لا محالة .

الثاني : أنّه لا مانع مع الشك من الرجوع إلى استصحاب بقاء الرجحان الذي كان متحقّقاً في ضمن الوجوب ، وشك في بقائه مع ارتفاع الوجوب قطعاً ، ولا يرد عليه أنّ إثبات الاستحباب الذي هو فرد من القدر الجامع باستصحاب بقاء القدر الجامع يكون مثبتاً ، وهو لا يجري على ما هو التحقيق من عدم جريان الاُصول المثبتة ; وذلك لأنّه لا حاجة إلى إثبات الاستحباب بعنوانه ، بل يكفي بقاء القدر الجامع في المشروعية والرّجحان الموجبة لصحّة العبادة .

هذا ، ولكن هذين الجوابين لا يمكن أن يكونا موردين لنظر المشهور القائل بمشروعية عبادة الصبي ; لكون الجواب الثاني مبنيّاً على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، ولم يعلم ذهاب المشهور إلى جريانه ، كما أنّ الجواب الأوّل مخالف لظاهرهم قطعاً ، فإنّهم يقولون بانقسام الطلب في نفسه إلى قسمين : وجوبيّ واستحبابي ، كما أنّهم يقولون بدلالة هيئة «إفعل» في نفسها على الوجوب ، لا أنّ الوجوب مستفاد من حكم العقل وأنّ الاستحباب مستفاد من الإذن في الترك ، فلابدّ من الجواب على طبق نظر المشهور .

والظاهر أن يقال : إنّه بناءً على ما ذكرنا في معنى حديث «رفع القلم» من كون المرفوع قلم المؤاخذة والعقوبة ـ ومرجعه إلى عدم استحقاق العقوبة على ترك الواجب وفعل الحرام ـ لابدّ وأن يقال بثبوت التكليف في حقّ الصبي مطلقاً ، ولكنّه لا يترتّب على المخالفة مؤاخذة وعقوبة ، فتصرّف الحديث في الأدلّة العامّة ليس

(الصفحة 364)

كتصرّف المخصّص في العام ، حيث يوجب قصر مفاده ولو في عالم الإرادة الجدّية على غير مورد الخاصّ ، فإنّ المقام ليس من هذا القبيل ، بل الحديث يخصّص لازم التكليف لا نفسه ، واستلزام تخصيص اللازم لتخصيص الملزوم ممنوع ; لأنّ الملازمة غير دائميّة ، والتعبير عن العبادات الواجبة بالاستحبابية في حقّ الصبي ، إنّما هو بلحاظ عدم ترتّب ما يترقّب من الوجوب على مخالفته ; لعدم استلزامها لاستحقاق العقوبة والمؤاخذة بوجه ، إلاّ أن يقال :

إنّ الحديث المتضمّن للرفع في مقام التشريع لا يكاد يرفع المؤاخذة أو استحقاقها أصلا ، فتدبّر .

وهذا الذي ذكرنا من المشروعية لا يمنع عن قيام الدليل على البطلان في بعض المقامات ، مثل ما ورد من عدم إجزاء حجّ الصبي المستطيع عن حجّة الإسلام(1) ، مع أنّ عدم الإجزاء لا يلازم البطلان ، كما لا يخفى .

وبهذا يتحقق الفرق بين المقام وبين قاعدة نفي الحرج ، حيث اخترنا فيها بطلان العبادة الحرجية ، ووجه الفرق أنّ لسان قاعدة نفي الحرج لسان نفي الجعل رأساً ، ومع عدم الجعل لا مجال للحكم بصحّة العبادة الحرجية ، ولسان المقام لسان رفع قلم المؤاخذة والعقوبة ، لا رفع قلم الجعل والتكليف ، فتدبّر .

ثالثها : أنّ العقل مستقلّ بحسن بعض الأفعال كالإحسان ، وردّ الأمانة إلى مالكها ، وحفظ النفس المحترمة من الهلاك ، وغير ذلك من المستقلاّت العقلية ، ولا ريب عند العقل في استحقاق الثواب وترتّب الجزاء عليها ، من دون فرق بين البالغ والصبي ، خصوصاً إذا كان مراهقاً ، وقد بقي مقدار شهر أو يوم أو ساعة إلى بلوغه

  • (1) الكافي : 4 / 278 ح 18 ، الفقيه : 2 / 267 ح 1298 ، تهذيب الأحكام : 5 / 6 ح 15 ، الاستبصار : 2 / 141 ح 459 ، وعنها وسائل الشيعة : 11 / 45 ـ 46 ، كتاب الحج ، أبواب وجوبه وشرائطه ب 13 ح 1 و 2 ، وفي روضة المتقين : 5 / 42 عن الفقيه .

(الصفحة 365)

الشرعي ، ولا مجال لعروض التخصيص لما يستقلّ به العقل .

وعليه : فاللاّزم بقاعدة الملازمة استحباب هذه الاُمور شرعاً ، وترتّب ثواب الاستحباب عليها ، وبعدم القول بالفصل بين المستقلاّت العقلية وغيرها يتمّ المطلوب ويثبت الاستحباب في سائر الواجبات أيضاً .

ويرد عليه : أنّ لازم ذلك الالتزام باستحقاق العقوبة فيما يستقلّ العقل بقبحه ، كالظلم ومنع المالك عن وديعته ، وقتل النفس المحترمة ، وغير ذلك من المستقلات العقلية ، والظاهر أنّه لا يلتزم به المستدلّ بوجه ; لأنّ الصبي لا يؤاخذ بشيء من ذلك أصلا من جهة الشرع ، كما لا يخفى .

رابعها : الاعتبار العقلي ; فإنّه من المستبعد جدّاً أن يكون هناك فرق بين ما قبل البلوغ بساعة وما بعده ; فإنّ المراهق المقارب للبلوغ جدّاً ، لا ريب في أنّه بمكان من الإخلاص والعبودية لله تعالى كما بعد البلوغ ، بل في الحالة الاُولى ربّما يكون أشدّ من الحالة الثانية ، فيبعد كونه مأجوراً على الثانية دون الاُولى .

ويرد عليه : أنّ ذلك مجرّد استبعاد لا يكاد يصلح لأن يكون دليلا ، ويجري هذا الاستبعاد في جميع التقديرات الشرعية ; فإنّه من البعيد أن يكون الماء أقلّ من الكرّ بمقدار قليل ، ومع ذلك لا يترتّب عليه شيء من آثار الماء الكرّ أصلا ، أو يصلّي الإنسان قبل الوقت عمداً بلحظة يدخل الوقت بعدها ، ومع ذلك تكون صلاته باطلة ، وهكذا سائر التقديرات .

خامسها : أنّ الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء ، كما قد حقّق في الاُصول .

والجواب عنه : ما مرّ في الجهة الاُولى في تشريح القول الثاني من الأقوال الموجودة في المسألة ولا نعيد .

وهنا وجوهُ آخر ترجع إلى بعض الوجوه المذكورة ، أو استحسانات غير صالحة لأن تكون مدركاً ودليلا ، وقد انقدح تماميّة الوجهين الأوّلين للاستدلال

(الصفحة 366)

بهما على المشروعيّة الأصليّة .

وأمّا دليل القول الثالث; وهي الشرعيّة التمرينيّة ، فهو مركّب من أمرين :

أحدهما : عدم شرعيّة العبادات بعناوينها التي تعلّقت الأوامر بها ; لحديث «رفع القلم»(1) ، الذي يدلّ على رفع قلم جميع التكاليف والأحكام الخمسة ، ويكون مخصّصاً للأدلّة الأوّلية العامّة .

وثانيهما : الأخبار الكثيرة الدالّة على استحباب التمرّن للعبادات والتعوّد لها(2) ، ولا يرتفع هذا الاستحباب بحديث «رفع القلم» ; لأنّ مفاده ارتفاع كلّ ما هو جار على البالغ من الصّبي ، فرجحان أصل العمل مرفوع ; لثبوته بالإضافة إلى البالغ . وأمّا رجحان التمرّن فلا يكون في البالغ حتى يكون مرفوعاً عن الصّبي ، فيصير الحاصل ثبوت ثواب التمرّن لا أصل العبادة .

والأمران كلاهما ممنوع وإن كان منع أحدهما كافياً في إبطال الاستدلال :

أمّا الأوّل : فلما عرفت في أدلّة المشروعيّة من أنّ حديث «رفع القلم» لا يرفع المشروعية حتى في الواجبات .

وأمّا الثاني : ـ فمضافاًإلى أنّ حديث الرفع لو كان مُفاده رفع الحكم الاستحبابي أيضاً ، لكان مقتضاه نفي استحباب التمرّن بالإضافة إلى الصّبي أيضاً ، والفرق بينه وبين سائر الأحكام الاستحبابيّة بعدم كونه ثابتاً في حقّ البالغ دونها ، لا يوجب اختصاص الحديث بالثانية وعدم الشمول للأوّل ـ يرد عليه : أنّ مُفاد تلك الأخبار ثبوت الاستحباب بالإضافة إلى الولي ، وأنّ المستحب تمرينه وتعويده للصّبي ، والثواب إنّما يترتّب على عمله ، فلا يكون في فعل الصبي ثواب راجع إليه أصلا ، إلاّ

  • (1) تقدم في ص 345 ـ 348 .
    (2) وسائل الشيعة : 4 / 18 ـ 22 ، كتاب الصلاة ، أبواب أعداد الفرائض ب 3 و 4 ، و ج 10 / 233 ـ 237 كتاب الصوم ، أبواب من يصح منه الصوم ب 29 .

(الصفحة 367)

إذا رجع الأمر إلى ما قلنا من المشروعية الأصليّة .

وأمّا دليل القول الرّابع ، فهو أمران :

أحدهما : أنّ الطفل من جهة عدم كمال عقله إنّما يكون المحرّك والداعي له إلى العمل تمرين الولي وتشويقه وإجباره ، وحيث إنّ المباشر ضعيف فيكون السبب هو العمدة وهو الولي ، ويكون الطفل بمنزلة الآلة ، نظير ما ذكروه في باب المعاملات من جواز كون الطفل كالآلة وإن كان عاقلا قاصداً مختاراً(1) .

ثانيهما : ما ورد في باب الخبر في باب الحج في حجّ الولي بالطفل المميّز ، فإنّه قال : إنّ الوليّ إذا فعل ذلك وتمّم الأعمال كان له أجر حجّة(2) ، والظاهر منه أنّ الوليّ كأنّه فعل حجّاً ، وهذا الفعل في الحقيقة فعله ، فيكون للولي في كلّ مقام يأتي الصبيّ بعمل ثواب ذلك العمل .

ويرد على الأوّل ـ مضافاً إلى كونه أخصّ من المدّعى ; لأنّه ربما يأتي الطفل بالعبادة ويكون الداعي له إلى إتيانها تشخيص نفسه ودرك شخصه من دون أن يكون هناك وليّ ، أو تمرين منه ، أو تأثير لتشويقه أو إجباره كما لا يخفى ـ : أنّ ضعف المباشر إنّما يكون فيما إذا كان العمل مسنداً إلى السبب وكان المباشر بمنزلة الآلة ، ومن الواضح عدم كون الصبي في المقام كذلك ; فإن صلاته لا تسند إلاّ إليه ، وكذا سائر عباداته وأفعاله ، والتشويق بل الإجبار لا يوجب سلب الاستناد .

وقـد ذكرنا في بـاب الإكراه : أنّ الإكراه لايقتضي عدم استناد العمل إلى المكره ـ بالفتح ـ فشرب الخمر إذا وقع إكراهاً يكون المتّصف به هو المكره دون المكره ـ بالكسر ـ حتى يترتّب على عمله الحدّ .

نعم ، قد عرفت أنّه يترتّب على عمل الولي ثواب بلحاظ الأخبار الآمرة إيّاه

  • (1) رياض المسائل : 8 / 116 .
    (2) يراجع وسائل الشيعة : 11 / 54 ، كتاب الحج ، أبواب وجوبه وشرائطه ب 20 ح 1 .