| 
(الصفحة 175) المسلمين في دينهم ودنياهم ، ويخبرهم بما جرى في بلاد المسلمين وغيرها من الأحوال التي لهم فيها المضرّة أو المنفعة ، وما يحتاج المسلمون إليه في المعاش والمعاد ، والاُمور السياسيّة والاقتصاديّة ممّا هي دخيلة في استقلالهم وكيانهم ، وكيفيّة معاملتهم مع سائر الملل ، والتحذير عن تدخّل الدول المستعمرة في اُمورهم سيّما السياسيّة والاقتصاديّة المنجرّ إلى استعمارهم واستثمارهم ، وبالجملة : الجمعة وخطبتاها من المواقف العظيمة للمسلمين، كسائر المواقف العظيمة مثل الحجّ والمواقف التي فيه ، والعيدين وغيرها ، ومع الأسف أغفل المسلمون عن الوظائف المهمّة السياسيّة الإسلاميّة ، فالإسلام دين السياسة بشؤونها، ويظهر لمن له أدنى تدبّر في أحكامه الحكوميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة ، فمن توهّم أنّ الدين منفكّ عن السياسة فهو جاهل لم يعرف الإسلام ولا السياسة .
 (مسألة700):
 يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس بحيث إذا فرغ منهما زالت ، والأحوط إيقاعهما عند الزوال .
 (مسألة701):
 يجب أن تكون الخطبتان قبل صلاة الجمعة، فلو بدأ بالصلاة تبطل ، وتجب الصلاة بعدهما لو بقي الوقت ، والظاهر عدم وجوب إعادتهما إذا كان الإتيان جهلا أو سهواً ، فيأتي بالصلاة بعدهما ، ولو قيل بعدم وجوب إعادة الصلاة أيضاً إذا كان التقديم عن غير عمد وعلم لكان له وجه .
 (مسألة702):
  يجب أن يكون الخطيب قائماً وقت إيراد الخطبة ، ويجب وحدة الخطيب والإمام ، فلو عجز الخطيب عن القيام خطب غيره وأمّهم الذي خطبهم ، ولو لم يكن غير العاجز فالظاهر الانتقال إلى الظهر . نعم، لو كانت الجمعة واجبة تعييناً خطبهم العاجز عن القيام جالساً ، والأحوط الإتيان بالظهر بعد الجمعة ، ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة .
 (مسألة703):
 الأحوط لو لم يكن الأقوى وجوب رفع الصوت في الخطبة
 (الصفحة 176)
 بحيث يسمع العدد ، بل الظاهر عدم جواز الإخفات بها ، بل لا إشكال في عدم جواز إخفات الوعظ والإيصاء ، وينبغي أن يرفع صوته بحيث يسمع الحضّار ، بل هو أحوط ، أو يخطب بواسطة السمّـاعات إذا كانت الجماعة كثيرة لإبلاغ الوعظ والترغيب والترهيب والمسائل المهتمّ بها .
 (مسألة704):
 الأحوط بل الأوجه وجوب الإصغاء إلى الخطبة ، بل الأحوط الإنصات وترك الكلام بينها ، وإن كان الأقوى كراهته . نعم، لو كان التكلّم موجباً لترك الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه . والأحوط الأولى استقبال المستمعين الإمام حال الخطبة، وعدم الالتفات زائداً على مقدار الجواز في الصلاة ، وطهارة الإمام حال الخطبة عن الحدث والخبث ، وكذا المستمعين . والأحوط الأولى للإمام أن لا يتكلّم بين الخطبة بما لا يرجع إلى الخطابة ، ولا بأس بالتكلّم بعد الخطبتين إلى الدخول في الصلاة ، وينبغي أن يكون الخطيب بليغاً مراعياً لمقتضيات الأحوال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد ، عارفاً بما جرى على المسلمين في الأقطار سيّما قطره ، عالماً بمصالح الإسلام والمسلمين ، شجاعاً لا يلومه في الله لومة لائم ، صريحاً في إظهار الحقّ وإبطال الباطل حسب المقتضيات والظروف ، مراعياً لما يوجب تأثير كلامه في النفوس ; من مواظبة أوقات الصلوات ، والتلبّس بزيّ الصالحين والأولياء، وأن يكون أعماله موافقاً لمواعظه وترهيبه وترغيبه، وأن يجتنب عمّا يوجب وهنه ووهن كلامه حتى كثرة الكلام والمزاح وما لا يعني . كلّ ذلك إخلاصاً لله تعالى وإعراضاً عن حبّ الدنيا والرئاسة ـ فإنّه رأس كلّ خطيئة  ـ ليكون لكلامه تأثير في النفوس . ويستحبّ له أن يتعمّم في الشتاء والصيف ، ويتردّى ببرد يمني أو عدني ، ويتزيّن ، ويلبس أنظف ثيابه متطيّباً ، على وقار وسكينة ، وأن يسلّم إذا صعد المنبر ، واستقبل الناس بوجهه ، ويستقبلونه بوجوههم ، وأن يعتمد على شيء من قوس أو عصا أو سيف ، وأن يجلس على
 (الصفحة 177)
 المنبر أمام الخطبة حتى يفرغ المؤذّنون .
 (مسألة705):
 قد مرّ اعتبار الفاصلة بين الجمعتين بثلاثة أميال ، فإن اُقيمت جمعتان دون الحدّ المعتبر ، فإن اقترنتا بطلتا جميعاً ، وإن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخّرة ، سواء كان المصلّون عالمين بسبق جمعة أم لا ، وصحّت المتقدّمة ، سواء علم المصلّون بلحوق جمعة أم لا . والميزان في الصحّة تقدّم الصلاة لا  الخطبة ، فلو تقدّم إحدى الجمعتين في الخطبة والاُخرى في الصلاة بطلت المتأخرة في الشروع في الصلاة .
 (مسألة706):
 الأحوط عند إرادة إقامة جمعة في محلّ إحراز أن لا جمعة هناك  ـ  دون الحدّ المقرّر ـ مقارنة لها أو منعقدة قبلها ; وإن كان الأشبه جواز الانعقاد وصحّة الجمعة ما لم يحرز انعقاد جمعة اُخرى مقارنة لها أو مقدّمة عليها ، بل الظاهر جواز الانعقاد لو علم بانعقاد اُخرى وشكّ في مقارنتها أو سبقها .
 (مسألة707):
 لو علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة اُخرى واحتمل كلّ من الجماعتين السبق واللحوق، فالظاهر عدم وجوب الإعادة عليهما ، لا جمعةً ولا ظهراً وإن كان الوجوب أحوط . ويجب على الجماعة التي لم يحضروا الجمعتين إذا أرادوا إقامة جمعة ثالثة إحراز بطلان الجمعتين المتقدّمتين ، ومع احتمال صحّة إحداهما لا  يجوز إقامة جمعة اُخرى .
 
 من تجب عليه صلاة الجمعة(مسألة708):
 يشترط في وجوبها اُمور : التكليف ، والذكورة ، والحريّة ، والحضر ، والسلامة من العمى والمرض ، وأن لا يكون شيخاً كبيراً ، وأن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجمعة أزيد من فرسخين ، فهؤلاء لا يجب عليهم السعي إلى الجمعة لو  قلنا بالوجوب التعييني ، ولا تجب عليهم ولو كان الحضور لهم غير(الصفحة 178)
 حرجيّ ولا  مشقّة فيه .
 (مسألة709):
 كلّ هؤلاء إذا اتّفق منهم الحضور أو تكلّفوه صحّت منهم وأجزأت عن الظهر ، وكذا كلّ مَنْ رُخّص له في تركها لمانع من مطر ، أو برد شديد ، أو فقد رجل ونحوها ممّا يكون الحضور معه حرجاً عليه . نعم، لا تصحّ من المجنون ، وصحّت صلاة الصبيّ ، وأمّا إكمال العدد به فلا يجوز ، وكذا لا تنعقد بالصبيان فقط .
 (مسألة710):
 يجوز للمسافر حضور الجمعة ، وتنعقد منه وتجزئه عن الظهر ، لكن لو أراد المسافرون إقامتها من غير تبعيّة للحاضرين لا تنعقد منهم ، وتجب عليهم صلاة الظهر ، ولو قصدوا الإقامة جازت لهم إقامتها ، ولا يجوز أن يكون المسافر مكمّلا للعدد .
 (مسألة711):
 يجوز للمرأة الدخول في صلاة الجمعة ، وتصحّ منها وتجزئها عن الظهر إن كان عدد الجمعة ـ أي خمسة نفر ـ رجالا ، وأمّا إقامتها للنساء أو كونها من جملة الخمسة فلا تجوز ، ولا تنعقد إلاّ بالرجال .
 (مسألة712):
 تجب الجمعة على أهل القرى والسواد، كما تجب على أهل المدن والأمصار مع استكمال الشرائط ، وكذا تجب على ساكني الخيم والبوادي إذا كانوا قاطنين فيها .
 (مسألة713):
 تصحّ الجمعة من الخنثى المشكل ، ولا يصحّ جعله إماماً أو مكمّلا للعدد ، فلو لم يكمل إلاّ به لا تنعقد الجمعة وتجب الظهر .
 
 وقت صلاة الجمعة(مسألة714):
 يدخل وقتها بزوال الشمس ، فإذا زالت فقد وجبت ، فإذا فرغ الإمام من الخطبتين عند الزوال فشرع فيها صحّت . وأمّا آخر وقتها بحيث تفوت بمضيّه ففيه خلاف وإشكال ، والأحوط عدم التأخير عن الأوائل العرفية من(الصفحة 179)
 الزوال ، وإذا أُخّرت عن ذلك فالأحوط اختيار الظهر .
 (مسألة715):
 لا يجوز إطالة الخطبة بمقدار يفوت وقت الجمعة إذا كان الوجوب تعيينيّاً ، فلو فعل أثم ووجبت صلاة الظهر، كما تجب الظهر في الفرض على التخيير أيضاً ، وليس للجمعة قضاء بفوات وقتها .
 (مسألة716):
 لو دخلوا في الجمعة فخرج وقتها ، فإن أدركوا منها ركعة في الوقت صحّت وإلاّ بطلت على الأشبه ، والأحوط الإتمام جمعة ثمّ الإتيان بالظهر ، ولو  تعمّدوا إلى بقاء الوقت بمقدار ركعة ، فإن قلنا بوجوبها تعييناً أثموا وصحّت صلاتهم ، وإن قلنا بالتخيير ـ كما هو الأقوى ـ فالأحوط اختيار الظهر ، بل لا يترك الاحتياط بإتيان الظهر في الفرض الأوّل أيضاً مع القول بالتخيير .
 (مسألة717):
 لو تيقّن أنّ الوقت يتّسع لأقلّ الواجب من الخطبتين وركعتين خفيفتين تخيّر بين الجمعة والظهر ، ولو تيقّن بعدم الاتّساع لذلك تعيّن الظهر ، ولو شكّ في بقاء الوقت صحّت ، ولو انكشف بعدُ عدم الاتّساع حتى لركعة يأتي بالظهر ، ولو علم مقدار الوقت وشكّ في اتّساعه لها يجوز الدخول فيها ، فإن اتّسع صحّت ، وإلاّ يأتي بالظهر ، والأحوط اختيار الظهر ، بل لا يترك في الفرع السابق مع الاتّساع لركعة .
 (مسألة718):
 لو صلّى الإمام بالعدد المعتبر في اتّساع الوقت ولم يحضر المأموم  ـ  من غير العدد  ـ الخطبة وأوّل الصلاة ، ولكنّه أدرك مع الإمام ركعة صلّى جمعة ركعة مع الإمام وأضاف ركعة اُخرى منفرداً ، وصحّت صلاته . وآخِرُ إدراك الركعة إدراك الإمام في الركوع ، فلو ركع والإمام لم ينهض إلى القيام صحّت صلاته، والأفضل لمن لم يدرك تكبيرة الركوع الإتيان بالظهر أربع ركعات . ولو كبّر وركع ثمّ شكّ في أنّ الإمام كان راكعاً وأدرك ركوعه أو لا لم تقع صلاته جمعة ، وهل تبطل أو تصحّ ويجب الإتمام ظهراً؟ فيه إشكال ، والأحوط إتمامها ظهراً ثمّ إعادتها .
 
 
 |