جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه126)

استحالة الجهل باللغات مع أنّ إمكانه ووقوعه من أوضح البديهيّات، وإنأراد به ثبوتها للعالم بالوضع فقط دون غيره فيرد عليه أنّ الأمر وإن كانكذلك ـ يعني أنّ هذه الملازمة ثابتة له دون غيره ـ إلاّ أنّها ليست بحقيقةالوضع، بل هي متفرّعة عليها ومتأخّرة عنها رتبةً، ومحلّ كلامنا هنا في تعيينحقيقته التي تترتّب عليها الملازمة بين تصوّر اللفظ والانتقال إلى معناه(1)،إنتهى كلامه.

أقول: هذا الإشكال وإن تلقّيناه بالقبول في الدورة السابقة، لكنّ الحقّ أنّهمردود بأنّ مراد بعض الأعاظم ثبوت الملازمة بين اللفظ والمعنى واقعاً وفينفس الأمر، سواء علم الإنسان بها أم لا، فمن علم بها أدرك ذلك الأمرالواقعي، بخلاف من لم يعلمها، وجهله بها لا يضرّ ثبوتها واقعاً وفي نفسالأمر، كما أنّ الملازمة بين تعدّد الآلهة وفساد السماوات والأرض أمر واقعي،وإن لم يدركها الملاحدة والمشركون.

نعم، لابدّ من إصلاح كلام بعض الأعاظم بأنّ «حقيقة الوضع هي إيجادالملازمة الواقعيّة بين اللفظ والمعنى»، لأنّ الملازمة نتيجة الوضع وأثره لنفسه، كما حقّقناه عند الإيراد على المحقّق الخراساني رحمه‏الله (2).

ويرد عليه مضافاً إلى ذلك أنّ كون هذه الملازمة أمراً واقعيّاً بقاءًواعتباريّاً حدوثاً لا يتصوّر، فإنّ الاُمور الاعتباريّة اعتباريّة في الحدوثوالبقاء معاً(3).


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 45.
  • (2) راجع ص124.
  • (3) فإنّ الشارع في كلّ لحظة يعتبر الملكيّة والزوجيّة للمالك والزوجين ما لم يتحقّق مزيلهما، وكذا سائرالاعتباريّات والجعليّات. منه مدّ ظلّه.
ج1

3ـ نظريّة جماعة من الاُصوليّين في المقام

ذهب جمع من الاُصوليّين منهم صاحب منتهى الاُصول إلى أنّ الوضع إيجادالاتّحاد والهوهويّة الاعتباريّة(1) بين اللفظ والمعنى(2) وإن لم يتّحدا واقعاً، لكوناللفظ صوتاً ومن مقولة الكيف المسموع، والمعنى ربما يكون جوهراً، ولا يمكناتّحاد الجوهر مع العرض واقعاً، بخلاف الاتّحاد الاعتباري، فإنّه يمكن أنيتحقّق حتّى في مقولتين مختلفتين.

ولأجل هذا قد يعتبر الاتّحاد بين شيئين لا ربط بينهما واقعاً، كقوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله :«الطواف بالبيت صلاة»(3) وقوله عليه‏السلام في الفقّاع: «هي خمرة استصغرهالناس»(4).

والمراد بـ «الناس» هو العامّة.


  • (1) الهوهويّة هي ملاك الحمل في القضايا الحمليّة، ولا يصحّ ما يقال من تحقّق النسبة فيها بين الموضوعوالمحمول، لأنّ ملاك الحمل هو الاتّحاد بينهما، وكيف يمكن تصوّر النسبة بين الشيء ونفسه؟! فالقولبتحقّقها بين الموضوع والمحمول غير معقول في القضايا الحمليّة المتداولة، نحو «زيد عالم».
    نعم، هي متحقّقة في مثل قولنا: «زيد له القيام» حيث إنّ زيداً غير القيام، ولا إشكال في تحقّق النسبة بينشيئين متغايرين.
    ثمّ إنّ الهوهويّة الاعتباريّة في مقابل الحقيقيّة التي تتحقّق في جلّ القضايا الحمليّة نحو «زيد قائم» فإنّهحاكية عن الاتّحاد بين الموضوع والمحمول واقعاً، بخلاف الاعتباريّة التي تتحقّق بين اللفظ والمعنىبزعم هؤلاء الجماعة، إذ لا اتّحاد بينهما إلاّ في عالم الجعل والاعتبار. منه مدّ ظلّه.
    (2) قال المحقّق البجنوردي في منتهى الاُصول 1: 32: والتحقيق في المقام أنّ الوضع عبارة عن الهوهويّةوالاتّحاد بين اللفظ والمعنى في عالم الاعتبار، فتعبير الاُستاذ«مدّ ظلّه» بـ «إيجاد الاتّحاد والهوهويّة» نوعإصلاح في عبارة البجنوردي رحمه‏الله ، حيث إنّ الوضع عبارة عن إيجاد الاتّحاد والهوهويّة لا نفسه كما ليخفى. م ح ـ ى.
  • (3) جواهر الكلام 19: 270، عن سنن البيهقي 5: 87 ، وكنز العمّال 3: 10، الرقم 206.
  • (4) وسائل الشيعة 25: 365، كتاب الأطعمة والأشربة، الباب 28 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 1.
(صفحه128)

ففي هاتين الروايتين نزّل الطواف منزلة الصلاة، والفقّاع منزلة الخمر.

وشيخنا الأعظم الأنصاري رحمه‏الله قال في باب حجّيّة الأمارات: معنى حجّيّتهتنزيل مؤدّاها منزلة الواقع، فقال بتحقّق الهوهويّة الاعتباريّة بين الواقعومؤدّى الأمارة.

فكما أنّ الشارع نزّل الطواف والفقّاع ومؤدّى الأمارة منزلة الصلاة والخمروالواقع، وجعل بينهما اتّحاداً اعتباريّاً، فكذلك الواضع نزّل اللفظ منزلة المعنى،وجعل بينهما هوهويّةً اعتباريّة.

ثمّ استدلّوا على هذا المعنى للوضع بأمرين:

الأوّل: أنّه لا شكّ في أنّ المتكلّم يلقي المعاني إلى المخاطب، والمخاطب أيضيتلقّى المعاني منه، بحيث لا يتوجّه إلى الألفاظ ويتخيّل أنّ المعاني تلقى إليه مندون وساطتها، ولا ريب في أنّ إلقاء شيء ليس إلقاء شيء آخر إلاّ فيما إذكانت بينهما هوهويّة واتّحاد، وإلاّ فبصرف تعهّد الواضع أن لا يستعمل إلاّ هذاللفظ عند إرادة ذلك المعنى، أو بصرف جعل علاقة وارتباط بينهما لا يكونإلقاء أحدهما إلقاءً للآخر، فعلم أنّ الواضع جعل بينهما الاتّحاد والهوهويّة.

الثاني: قد تقرّر عندهم أنّ للمعنى أربعة أنحاء من الوجودات:

الوجود الخارجي، 2ـ الوجود الذهني، 3ـ الوجود الإنشائي(1)،4ـ الوجود اللفظي.

فلو لم يكن اعتبار الاتّحاد كيف يمكن أن يكون وجود اللفظ وجودللمعنى، مع أنّ اللفظ من مقولة الكيف المسموع والمعنى من مقولة اُخرى.


  • (1) الوجود الإنشائي لا يتحقّق في جميع المعاني، بل في بعضها، كالطلب، فإنّا إذا قلنا مثلاً: «اضرب» يتحقّقالطلب الإنشائي المتعلّق بالضرب. منه مدّ ظلّه.
ج1

وذكروا له أيضاً مؤيّدين:

أ ـ أنّ حسن المعنى وقبحه يسريان إلى اللفظ، وليس هذا إلاّ بسبباتّحادهما.

ب ـ أنّ الوضع كالاستعمال، فكما أنّ المستعمل لا يرى إلاّ المعنى، ويجعلاللفظ آلةً له، فكذلك الأمر في مقام الوضع، وهذا شاهد على اعتبار الاتّحادبينهما.

نقد هذه النظريّة

ويرد عليه أنّ الوجدان قاضٍ بخلاف ذلك، فإنّ من سمّى ابنه زيداً مثلاً لوقيل له: ما فعلت بهذا العمل؟ لم يجب بأنّي جعلت الاتّحاد بينهما، بل يجيب بأنّيوضعت هذا الاسم له ليكون دالاًّ عليه عند التفهيم والتفهّم، بل العوامّ منالناس لا يدركون الاتّحاد والهوهويّة حتّى يكونوا بصدد جعله، وهكذا غرضالصانعين والمخترعين من تعيين الاسم لصنعتهم ومخترعهم دلالة ذلك الاسمعلى الصنعة والمخترع عند التفهيم والتفهّم، لا جعل الاتّحاد والهوهويّة.

والأمر كذلك عند الوضع للمعاني الكلّيّة أيضاً، إذ الفرق بينهما بأن يقال:حقيقة الوضع في المعاني الجزئيّة والأعلام الشخصيّة هي جعل اللفظ دالاًّ علىالمعنى، وفي المفاهيم الكلّيّة جعل الاتّحاد والهوهويّة بينهما خلاف الظاهر، فكمأنّ الوضع في الأعلام الشخصيّة عبارة عن جعل اللفظ دالاًّ على المعنى وحاكيعنه، فكذلك الأمر في المفاهيم العامّة، غاية الأمر أنّ الأوّل يسمّى بالوضعالخاصّ والموضوع له الخاصّ، والثاني بالوضع العامّ والموضوع له العامّ، كمسيأتي في الجهة الرابعة.

والحاصل: أنّ القول بأنّ حقيقة الوضع إيجاد الهوهويّة بين اللفظ والمعنى

(صفحه130)

باطل، بل هي عبارة عن جعل اللفظ علامةً للمعنى، بحيث ينتقل السامع منالأوّل إلى الثاني، والانتقال من شيء إلى شيء دليل على التغاير لا الاتّحاد.

وأمّا إلقاء المعنى بسبب اللفظ عند إلقاء المراد إلى المخاطب، وأخذ المخاطبالمعنى عند سماع اللفظ فهو لأجل آليّة اللفظ واستقلاليّة المعنى في نظر المتكلّموالمخاطب، فإنّ أصل مراد المتكلّم إلقاء المعنى وإتيانه باللفظ تابع له، وكذأصل مراد المخاطب أخذ المعنى واستماعه للفظ تابع له.

فإلقاء المعنى من قبل المتكلّم وتلقّيه من قبل السامع من دون التفاتهما إلىاللفظ إنّما هو لأجل الأصالة والتبعيّة، لا لأجل الاتّحاد والهوهويّة، لعدمالاتّحاد بينهما أصلاً كما عرفت.

وأمّا تعدّد مراتب الوجود، ومنها الوجود اللفظي فهو دليل عليهم لا لهم.

توضيح ذلك: أنّ انقسام الوجود إلى أنواع أربعة دليل على تغايرها لا علىوحدتها، ألا ترى أنّ كلّ واحد من أنواع الحيوان مباين لسائر أنواعه؟

فالوجود العيني غير الوجود الذهني، وكلّ منهما غير الوجود الإنشائي،وكلّ من الثلاثة غير الوجود اللفظي، فاللفظ يغاير المعنى، فلا هوهويّة بينهمولا اتّحاد، إذ الهوهويّة لا تقبل التعدّد، فإنّ زيداً إذا كان قائماً فليس لنا فيالخارج إلاّ شيء واحد يصدق عليه «زيد» و«القائم» كلاهما، بل إذا قلنا فيقضيّة حمليّة: «زيد قائم» وفي حمليّة اُخرى: «زيد عالم» وكانتا مطابقتين للواقعفليس لنا في الخارج إلاّ شيء واحد يصدق عليه كلّ من هذه الألفاظ الثلاثة،فكما يتّحد «زيد» مع «القائم» ومع «العالم» كذلك يتّحد محمول كلّ منالقضيّتين مع محمول الاُخرى، فيجوز لك أن تقول: «القائم عالم» أو «العالمقائم».

هذا وزان الهوهويّة والاتّحاد، وأين هو من اللفظ والمعنى؟!