جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه44)

وتوضيح إيراده: أنّ موضوعات ومحمولات المسائل المربوطة بعلم واحدمتغايرة، فانظر إلى علم النحو مثلاً، فإنّ قولنا: «كلّ فاعل مرفوع» مسألةنحويّة، و«كلّ مفعول منصوب» مسألة نحويّة اُخرى، و«كلّ مضاف إليهمجرور» مسألة نحويّة ثالثة، وتغاير الموضوعات والمحمولات في هذه المسائلالثلاث أمر واضح، فلو كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات أو المحمولات لكانكلّ واحدة من هذه المسائل الثلاث علماً مستقلاًّ.

جواب إشكال المحقّق الخراساني على المشهور

لكنّك عرفت أنّ ظاهر كلام المشهور أنّ تمايز العلوم بتمايز موضوعاتها،فيمتاز كلّ واحد من علم النحو والفقه والاُصول عن صاحبيه بأنّ موضوعالأوّل هو الكلمة والكلام، وموضوع الثاني فعل المكلّف، وموضوع الثالثالأدلّة الأربعة أو الحجّة في الفقه، فهي علوم متغايرة لأجل تغاير موضوعاتها.

فلا يرد عليهم ما أورده المحقّق الخراساني رحمه‏الله .

نعم، هو وارد على القول بكون التمايز بتمايز المحمولات، لكونها متعيّنةً فيمحمولات المسائل بكثرتها من دون أن يراد انتزاع جامع منها وتسميته باسمخاصّ، كما فعله المشهور في ناحية الموضوعات، حيث انتزعوا منموضوعات المسائل جامعاً سمّوه باسم مخصوص وجعلوه ملاك التمايز فيالعلوم.

لكنّ الظاهر أنّ تمايز العلوم بتمايز المحمولات مجرّد احتمال ذكر في كلام المحقّقالخراساني، ولا قائل له.

وعلى أيّ حال لا يصحّ جعل تمايز العلوم بتمايز موضوعاتها، ولا بتمايزموضوعات المسائل أو محمولاتها.

ج1

2ـ نظريّة المحقّق الخراساني رحمه‏الله في ملاك تمايز العلوم

وذهب المحقّق صاحب الكفاية إلى أنّ تمايزها بتمايز الأغراض المترتّبة علىالعلوم الداعية إلى تدوينها، كالاقتدار على الاستنباط في علم الاُصول، وصوناللسان عن الخطأ في المقال في علم النحو، وعصمة الذهن عن الخطأ في الفكرفي علم المنطق، وهكذا(1).

وذهب إليه قبله المير سيّد شريف الجرجاني، فتبعه جماعة منهم المحقّقالخراساني رحمه‏الله .

والتأمّل في كلامه من الصدر إلى الذيل يدلّنا على أنّه استدلّ لإثبات مذهبهفي المقام بأنّ العلم عبارة عن مجموعة مسائله المتعدّدة التي جمعها الدخل فيالغرض الذي دوّن لأجله العلم، فمسائل علم النحو مثلاً وإن كانت متكثّرةومتشتّتة، إلاّ أنّ لها جامعاً، وهو أنّها تشترك في الدخل في الغرض الباعثعلى تدوين هذا العلم، وهو «صون اللسان عن الخطأ في المقال».

فالمحور الذي حوله تدور مسائل العلم هو الغرض، وإذا ضممنا إليه أنّالغرض في كلّ علم لا يكون إلاّ واحداً كما ذهب إليه المشهور ومنهم صاحبالكفاية رحمه‏الله ثبت لا محالة أنّ كلّ علم يمتاز عن سائر العلوم بالغرض الداعي إلىتدوينه.

فكلّ مسألة شككنا في كونها من مسائل النحو مثلاً نعرضها على غرضه،فإن كانت دخيلةً فيه نعلم أنّها من النحو وإلاّ فلا.

ولا ينافيه كون بعض المسائل مؤثّرة في غرضين لأجل كلّ منهما وضع علمعلى حدة، فإنّها حينئذٍ تكون من مسائل العلمين.


  • (1) كفاية الاُصول: 22.
(صفحه46)

هذا حاصل الدقّة والتأمّل في كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله .

وفي كلامه مضافاً إلى إقامة البرهان على مذهبه نكتتان:

الاُولى: أنّ المراد بالغرض في المقام هو غرض تدوين العلم الذي له دخلفي جمع مسائل كثيرة واعتبارها علماً واحداً، لا الغرض في مقام التعلّم، فليتوقّف كون مسألة من مسائل علم على تشخيص المتعلّم، فما كان دخيلاً فيغرض تدوين علم الفقه مثلاً يكون مسألة فقهيّة، وإن لم نعلم بها، وما لم يكنكذلك لا يكون من مسائل الفقه، وإن تخيّلنا كونه منها.

الثانية: أنّ العلم لا يتحقّق قبل تدوينه، إذ ليس لنا مجموعة مسائل نسمّيهبالعلم قبل التدوين، فإذا دوّن مسائل النحو مثلاً نقول: «هذا علم النحو» وأمّقبل التدوين فلا غرض في البين ولا مسائل دخيلة فيه، فلا علم لنا، لأنّه ليكون إلاّ مجموعة المسائل الدخيلة في الغرض.

فما يستفاد من كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله اُمور ثلاثة:

إقامة البرهان على كون التمايز بين العلوم بتمايز الأغراض.

أنّ المراد بالغرض هو الغرض في مقام التدوين لا في مقام التعلّم.

أنّ العلم لا يتحقّق إلاّ بعد تدوينه.

نقد كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله في ملاك تمايز العلوم

وما قيل أو يمكن أن يقال في ردّ كلامه رحمه‏الله وجوه:

الأوّل: اُورد عليه بأنّ الأغراض المترتّبة على العلوم متأخّرة عنها بمراحل،إذ لابدّ من وجود مسائل العلم أوّلاً، ثمّ تعلّمها ثانياً، ثمّ العمل بها ثالثاً كييترتّب الغرض، ألا ترى أنّ مجرّد المسائل النحويّة المدوّنة في كتاب السيوطيمثلاً لا تؤثّر في «صون اللسان عن الخطأ في المقال» لو لم نتعلّمها، أو لم نعمل

ج1

بها في المحاورات بعد التعلّم؟

فالأغراض المترتّبة على العلوم متأخّرة عنها بمراحل، فكيف يمكن تمايزالمتقدّم بالأمر المتأخّر؟!

وبعبارة اُخرى: تمايز العلوم لابدّ من أن يكون في مرتبة نفس مسائلها أوقبلها، فلا يمكن تمايزها بالأغراض المتأخّرة عنها بمراتب.

ويمكن الجواب عنه بأنّه ناشٍ عن الخلط بين العلّة الغائيّة في الخارج وفيالذهن، فإنّ العلّة الغائيّة بوجودها الخارجي وإن كانت متأخّرة عن المعلول،إلاّ أنّها بوجودها الذهني متقدّمة عليه، ألا ترى أنّ الفوائد المترتّبة على البناءبوجودها في ذهن البنّاء متقدّمة على نفس البناء وداعية إليه، وإن كانتبوجودها الخارجي متأخّرة عنه.

والمحقّق صاحب الكفاية صرّح بأنّ تمايز العلوم إنّما هو بتمايز الأغراضالداعية إلى التدوين، والداعي إلى تدوين العلم إنّما هو الغرض بوجوده الذهنيلا الخارجي كما تخيّل المستشكل.

إشكال المحقّق الخوئي«مدّ ظلّه» على المحقّق الخراساني وجوابه

الثاني: أورد عليه بعض الأعلام بأنّ العلوم على قسمين:

ما له غرض عملي مترتّب عليه، كالنحو والصرف والفقه والاُصول،حيث إنّ من تعلّم النحو لا يقول في محاوراته: «جائني زيداً» بل يقول:«جائني زيد»، فله أثر عملي، ومن تعلّم الفقه واستنتج فيه وجوب صلاةالجمعة يذهب إلى المصلّى ويؤدّيها، فله أيضاً غرض خارجي، وهكذا.

ما ليس له غرض عملي، بل له أثر علمي فقط، كالفلسفة، حيثعرّفوها بالعلم الذي يوجب معرفة الحقائق والواقعيّات، والجغرافيا، فإنّه العلم

(صفحه48)

الذي يبحث فيه عن الكرة الأرضيّة، فيترتّب عليه معرفة جبالها، غاباتها،بحارها، وسائر أحوالها من حيث الكمّية والكيفيّة والوضع والأين. ولا يترتّبعلى هذين العلمين غرض خارجي.

ثمّ قال: ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه‏الله صحيح بالنسبة إلى القسم الأوّلفقط، وأمّا القسم الثاني فلابدّ من القول بكون التمايز فيه إمّا بالذات أوبالموضوع، ولا ثالث لهما(1)، لعدم غرض خارجي له ما عدى العرفانوالإحاطة، ليكون التمييز بذلك الغرض الخارجي(2).

هذا حاصل إشكال المحقّق الخوئي على المحقّق الخراساني رحمه‏الله .

وفيه: أنّه لا فرق بين القسمين من العلوم عندنا، لأنّ لكلّ من العلوم سواءكان من القسم الأوّل أو الثاني غرضاً باعثاً على تدوينه مغايراً للغرض الداعيإلى تدوين العلم الآخر، فكما أنّ لعلم النحو غرضاً خارجيّاً، كذلك للجغرافيأيضاً غرض خارجي مغاير له، لكن واقعيّة كلّ شيء بحسبه، فواقعيّة العلم إنّمهي بكونه متحقّقاً في ظرفه، فإذا قلنا: «زيد عالم» وكان كذلك بحسب الواقع،فهل يمكن أن يقال: ليس له حقيقة وواقعيّة؟ أو يمكن أن يقال: ليس للوجودالذهني حقيقةٌ أصلاً؟ أو له أيضاً واقعيّة، كما أنّ الوجود الخارجي كذلك، لكنواقعيّة الأوّل إنّما هي بتحقّقه في الذهن، وواقعيّة الثاني بوجوده في الخارج.

فلو كان تمايز العلوم بتمايز الأغراض فلا فرق بين ما كان له غرض عمليوما ليس له إلاّ غرض علمي.


  • (1) لابدّ من أن يكون هذا من قبيل الحصر الإضافي في مقابل الغرض، لأنّه«مدّ ظلّه» صرّح في صدر كلامهبأنّ التمايز إمّا بالذات أو بالموضوع أو بالمحمول، وكذا قال في ذيل كلامه: كما أنّه قد يمكن الامتيازبالمحمول. م ح ـ ى.
  • (2) محاضرات في اُصول الفقه 1: 31.