جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج1

سبقت إليه يطلق عليك الواضع، وإلاّ فسائر الناس أيضاً واضعون، لأجلتعهّدهم النفساني باستعمال ذلك الاسم عند التفهيم من طريق اللفظ، لو كانالأمر كذلك لجاز لكلّ أحد تسمية ولدك قبل تسميتك.

فجعل الآباء أسماءً لأولادهم إنّما هو لأجل كونهم أحقّ بذلك، لا لمجرّدكونهم أسبق زماناً، فهم الواضعون وسائر الناس يتبعونهم في استعمالاتهم،وكذلك الحال بالنسبة إلى وضع المخترعين ومؤلّفي الكتب اسماً لمخترعهموكتابهم، وبالنسبة إلى وضع الألفاظ للمعاني الكلّيّة، كوضع لفظ «الماء»للجسم السائل البارد بالطبع، فإنّ الواضع إن كان هو اللّه‏ تعالى ـ كما قاله المحقّقالنائيني ـ فواضح، فإنّه أحقّ بوضع الألفاظ للمعاني، وأمّا على ما هو الحقّ منكون الواضع هو البشر فلأنّ الواضع كان ذا مزيّة بالنسبة إلى سائر الناس، فلوكان يعرب بن قحطان مثلاً واضعاً للّغة العربيّة وسائر الناس يتّبعونه لكانذلك لأجل خصوصيّة موجودة فيه لم تكن في غيره، وبتلك الخصوصيّة صارأحقّ بوضع هذه اللّغة، ولأجل هذه الأحقّيّة يتبعه سائر العرب من دونمخالفة وإنكار، وإلاّ للزم على الناس تبعيّة كلّ فرد سبق إلى استعمال لفظ فيمعنى، وليس كذلك.

وثانياً: أنّ قوله: لا يكون «وضعت هذا اللفظ بإزاء ذلك المعنى» وضعاً، بلهو كاشف عن الوضع الذي هو التعهّد والالتزام النفساني أيضاً خلافالوجدان، لأنّا إذا سألنا الواضع: ما تفعل بهذه الجملة؟ أجاب بأنّي في مقامالوضع، ولم يجب بأنّي في مقام إبراز الوضع وإظهاره، وكذلك الأمر في القوانينالعرفيّة والشرعيّة، فإنّ نفس العبارات المصوّبة في مجلس التقنين قانونمجعول، لا أنّها حاكية عنه، ونفس قوله تعالى: «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ»حكم شرعي

(صفحه134)

موضوع، لا أنّه مبرز له.

وبالجملة: إنّ الوضع أمر إنشائي يتحقّق باللفظ، فقول الواضع: «وضعتهذا اللفظ بإزاء هذا المعنى» جملة إنشائيّة محقّقة للوضع ومحصّلة له، لا خبريّةحاكية عنه، وهكذا في سائر الإنشائيّات، فإنّ البيع يتحقّق بلفظ «بعت»والتزويج بلفظ «زوّجت» والتشريع الإلهي بلفظ «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ»والقانونبنفس العبارات المصوّبة في المجلس، كما سيأتي تفصيله في باب الأوامر.

فتشبيهه«مدّ ظلّه» مسألة وضع الألفاظ بوضع القوانين، لإثبات دعواه باطلرأساً، فإنّا لا نسلّم أن يكون الوضع بمعنى التعهّد والالتزام النفساني، لا فيالمشبّه ولا في المشبّه به.

وثالثاً: أنّ اللفظ له استعمالات مجازيّة كثيرة ـ بل أكثر من الاستعمالاتالحقيقيّة كما بيّن في المعاني والبيان ـ كاستعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع،فهل يمكن القول بأنّ للواضع والمستعملين(1) تعهّداً آخر بالنسبة إلى المعنىالمجازي، بمعنى أنّ لهم التزامين: التزام بأنّهم كلّما أرادوا تفهيم الحيوان المفترسمن طريق اللفظ استعملوا لفظ الأسد، والتزام آخر بأنّهم كلّما أرادوا تفهيمالرجل الشجاع من طريق اللفظ استعملوا أيضاً هذا اللفظ؟!

5ـ نظريّة المحقّق الاصفهاني في حقيقة الوضع، وهو المختار

والحقّ ما ذهب إليه الشيخ محمّد حسين الاصفهاني رحمه‏الله ـ في حاشيته علىالكفاية المسمّاة بنهاية الدراية ـ من أنّ الوضع أمر اعتباري لا واقعيّة له أصلاً.


  • (1) عطف «المستعملين» على «الواضع» لأنّهم أيضاً واضعون، كالجاعل الأوّل في نظر المحقّق الخوئي«مدّظلّه». م ح ـ ى.
ج1

وذكر لتقريب مرامه مقدّمة، وهي أنّه لو كان أمراً واقعيّاً لكان لا محالةعرضاً، لعروضه على اللفظ والمعنى، وأمّا كونه من الجواهر فلا يتصوّر أصلاً.

ويُرَدّ كونه من المقولات العرضيّة بوجهين:

أحدهما: أنّ الأعراض لا توجد إلاّ في موضوع، بخلاف الوضع، فإنّه يتعلّقبطبيعي اللفظ والمعنى، لا بوجودهما الخارجي، بل ولا بوجودهما الذهني، فإنّالواضع إذا قال: «وضعت الماء بإزاء الجسم السيّال البارد بالطبع» كانالموضوع طبيعة لفظ الماء والموضوع له طبيعة الجسم السيّال البارد بالطبع،ولا فرق بين أن يستعمل اللفظ في المعنى أم لا، قلّ استعماله فيه أم كثر، فإنّالاستعمال لا يكون مقوّماً للوضع، فلا يتوقّف الوضع على وجود اللفظ، مع أنّهلو كان عرضاً لما تحقّق بدون معروضه، كما لا يوجد البياض بدون الجسم.

الثاني: أنّ موضوع العرض لا يمكن أن يكون معروضاً لأعراض متعدّدةفي آنٍ واحد، بخلاف اللفظ، فإنّه يمكن أن يضع واضع اللّغة العربيّة مثلاً لفظلمعنى، ويضع واضع اللغة الفارسيّة ذلك اللفظ لمعنى آخر، فلو كان الوضععرضاً لكان اللفظ معروضاً لعرضين في زمان واحد، وهو ممتنع، كما يمتنع أنيكون جسم واحد معروضاً للبياض والسواد في زمان واحد ولو بإرادةشخصين.

إن قلت: إنّ للوضع إضافةً إلى اللفظ وإضافةً أيضاً إلى المعنى، فلِمَ لا يكونمن مقولة الإضافة التي هي من الحقيقيّات؟

قلت: ليس كلّ شيء ذي إضافة داخلاً في مقولة الإضافة، وإلاّ لكانعالميّته تعالى من هذه المقولة، فإنّ العلم له إضافة إلى العالم وإضافة إلىالمعلوم، وليس علمه سبحانه من تلك المقولة، لأنّ الجوهر والعرض من

(صفحه136)

خصائص الممكنات، تعالى اللّه‏ عن ذلك علوّاً كبيراً.

إذا عرفت هذا فتبيّن لك أنّ الوضع أمر اعتباري جعلي، وهو اعتبارالارتباط بين اللفظ والمعنى، والاُمور الاعتباريّة كلّها مشتركة في أنّه لا حظّلها من الواقعيّة أصلاً، بل مقامها أدون من الحقائق الذهنيّة، كالكلّيّة والنوعيّةونحوهما العارضة على المفاهيم في الذهن، فإنّ لها واقعيّة ذهنيّة دونالاعتباريّات، ضرورة أنّك إذا صرت مالكاً لدار أو تزوّجت بامرأة لم يحصلبينك وبين تلك الدار أو الامرأة ارتباط واقعي نسمّيه بالملكيّة أو الزوجيّة،وكذلك الأمر في باب الوضع، فإنّك إذا سمّيت ولدك عليّاً مثلاً، لم يحصل بينلفظ «عليّ» وولدك ارتباط واقعي، بل أنت اعتبرت الارتباط بينهما فقط.فالاُمور الاعتباريّة التي منها الوضع ليس لها واقعيّة خارجيّة ولا ذهنيّة.

لكنّ بين الوضع وبين مثل الملكيّة والزوجيّة من الاعتباريّات العقلائيّةوالشرعيّة فرقاً، وهو أنّ الوضع ليس أمراً تسبيبيّاً، بل هو أمر مباشري قائمبالواضع، فإنّه يعتبر الارتباط بين اللفظ والمعنى بقوله: «وضعت هذا اللفظبإزاء ذلك المعنى» بخلاف مثل الملكيّة والزوجيّة، فإنّ المتبايعين والزوجينيجريان عقد البيع والنكاح، ونفس العقد كـ «بعت» و«زوّجت» لا يكونملكيّة أو زوجيّة، بل الملكيّة والزوجيّة أمران يعتبرهما الشارع والعقلاء(1)عقيب العقد.

فعمل المتعاقدين سبب للاعتبار الشرعي أو العقلائي، وعمل الواضع بنفسههو الاعتبار.


  • (1) الاُمور الاعتباريّة بعضها تكون شرعيّة وعقلائيّة معاً، وفي بعضها يفارق الشارع العقلاء، فتكون عقلائيّةمثلاً لا شرعيّة، كملكيّة الخمر والخنزير. منه مدّ ظلّه.
ج1

ثمّ قال: لا فرق بين اللفظ والإشارة في كون الارتباط بينهما وبين المعنى أمراعتباريّاً، فإنّ الوجدان قاضٍ بأنّك إذا أشرت إلى زيد بإصبعك مثلاً فلنأمران واقعيّان:

أ ـ زيد، ب ـ توجيه إصبعك إليه بكيفيّة خاصّة، وأمّا دلالة هذا النحو منوضع الإصبع على أنّك تشير إلى زيد فلا واقعيّة لها أصلاً، لكنّ العقلاءاعتبروا أنّ من وجّه إصبعه بهذه الكيفيّة إلى شيء يريد تفهيمه والإشارة إليه،ولذا تختلف الإشارات باختلاف الأقوام والملل، لأجل تفاوت اعتبارهم.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللفظ والمعنى، إذ ليس بينهما ارتباط واقعيخارجي ولا ذهني، لكنّ الواضع يعتبر الارتباط بينهما بحيث يفهم المعنى عنداستعمال اللفظ(1).

هذا أصل مضمون كلام المحقّق الاصفهاني رحمه‏الله في حاشية الكفاية، وهو متينغاية المتانة.

إن قلت(2): نعم، هذا كلام متين، لكنّه معنى دقيق لا يدركه العرف الذي هوالواضع.

قلت: إنّ العرف وإن لم يدركه في قالب الاصطلاحات من «الاعتبار»و«التسبيب» و«المباشرة» ونحوها، إلاّ أنّه يفهم ويدرك أصل هذا المعنى، ألترى أنّا إذا سألنا من يجعل اسماً لولده عن فعله، يقول في الجواب: إنّي أجعللولدي اسماً ليسمّى به عند الحاجة؟ وهل اعتبار الارتباط بين اللفظ والمعنىإلاّ هذا؟!


  • (1) نهاية الدراية 1: 44.
  • (2) هذا إشكال أورده المحقّق الخوئي«مدّ ظلّه» في المحاضرات 1: 50. م ح ـ ى.