جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه190)

يحتاج الواضع الحكيم إلى وضع ما يدلّ عليها ويوجب إفادتها عند قصدالمتكلّم تفهيمها، وليس ذلك إلاّ الحروف والأدوات وما يشبهها من الهيئاتالدالّة على النسب الناقصة: كهيئات المشتقّات وهيئة الإضافة والتوصيف،فكلّ متكلّم متعهّد في نفسه بأنّه متى ما قصد تفهيم حصّة خاصّة من معنى، أنيجعل مبرزه حرفاً مخصوصاً أو ما يشبهه على نحو «القضيّة الحقيقيّة» لا بمعنىأنّه جعل بإزاء كلّ حصّة أو حالة حرفاً مخصوصاً أو ما يحذو حذوه بنحو«الوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ» لما عرفت من أنّه غير ممكن من جهةعدم تناهي الحصص.

فكلمة «في» في جملة: «الصلاة في المسجد حكمها كذا» تدلّ على أنّ المتكلّمأراد تفهيم حصّة خاصّة من الصلاة، وفي مقام بيان حكم هذه الحصّة لالطبيعة السارية إلى كلّ فرد، وأمّا كلمتا «الصلاة» و «المسجد» فهممستعملتان في معناهما المطلق واللابشرط بدون أن تدلاّ على التضييقوالتخصيص أصلاً.

ومن هنا كان تعريف الحرف بـ «ما دلّ على معنى قائم بالغير» من أجودالتعريفات وأحسنها، وموافقا لما هو الواقع ونفس الأمر ومطابقا لما ارتكز فيالأذهان من أنّ المعنى الحرفي خصوصيّة قائمة بالغير وحالة له.

وبكلمة واضحة: إنّ وضع الحروف لذلك المعنى من نتائج وثمرات مسلكنفي مسألة الوضع، فإنّ القول بالتعهّد لا محالة يستلزم وضعها لذلك، حيثعرفت أنّ الغرض قد يتعلّق بتفهيم الطبيعي وقد يتعلّق بتفهيم الحصّة،والمفروض أنّه لا يكون عليها دالّ ما عدا الحروف وتوابعها، فلا محالة يتعهّدالواضع ذكرها أو ذكر توابعها عند قصد تفهيم حصّة خاصّة، فلو قصد تفهيم

ج1

حصّة من طبيعي «الماء» مثلاً كماء له مادّة أو ماء البئر، يبرزه بقوله: «ما كانله مادّة لا ينفعل بالملاقاة» أو «ماء البئر معتصم» فكلمة اللام في الأوّل وهيئةالإضافة في الثاني تدلاّن على أنّ المراد من الماء ليس هو الطبيعة السارية إلىكلّ فرد، بل خصوص حصّة منه.

ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحصص موجودة في الخارج أو معدومة،ممكنة كانت أو ممتنعة، ومن هنا يصحّ استعمالها في صفات الواجب تعالى،والانتزاعيّات كالإمكان والامتناع ونحوهما، والاعتباريّات كالأحكامالشرعيّة والعرفيّة بلا لحاظ عناية في البين، مع أنّ تحقّق النسبة في تلك المواردحتّى بمفاد «هل البسيطة» مستحيل.

وجه الصحّة هو أنّ الحروف وضعت لإفادة تضييق المعنى في عالمالمفهوميّة، مع قطع النظر عن كونه موجوداً في الخارج أو معدوماً، ممكناً كانأو ممتنعاً، فإنّها على جميع التقادير تدلّ على تضييقه وتخصيصه بخصوصيّة معلى نسق واحد، فلا فرق بين قولنا: «ثبوت القيام لزيد ممكن» و«ثبوتالقدرة للّه‏ تعالى ضروري» و«ثبوت الوجود لشريك الباري ممتنع» فكلمة«اللام» في جميع ذلك استعملت في معنى واحد وهو تخصيص مدخولهبخصوصيّة ما في عالم المعنى بلا نظر لها إلى كونه محكوماً بالإمكان في الخارجأو بالضرورة أو بالامتناع، فإنّ كلّ ذلك أجنبي عن مدلولها، ومن هنا يكوناستعمالها في الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد بلا لحاظ عناية فيشيء منها.

نعم، إنّها تحدث الضيق في مقام الإثبات والدلالة، وإلاّ لبقيت المفاهيمالاسميّة على إطلاقها وسعتها، وأمّا بحسب مقام الثبوت فهي تكشف عن تعلّق

(صفحه192)

قصد المتكلّم بإفادة ضيق المعنى الاسمي، فما يستعمل فيه الحرف ليس إلالضيق في عالم المفهوميّة من دون لحاظ نسبة خارجيّة حتّى في الموارد الممكنةكما في الجواهر والأعراض، فضلاً عمّا يستحيل فيه تحقّق نسبة ما كما في صفاتالواجب تعالى وما شاكلها.

وعلى الجملة: حيث إنّ الأغراض تختلف باختلاف الأشخاص والأزمانوالحالات فالمستعملين(1) بمقتضى تعهّداتهم النفسانيّة يتعهّدون أن يتكلّموبالحروف أو ما يشبهها عند تعلّق أغراضهم بتفهيم حصص المعانيوتضييقاتها، فلو أنّ أحداً تعلّق غرضه بتفهيم الصلاة الواقعة بين زوال الشمسوغروبها يبرزه بقوله: «الصلاة بين الحدّين حكمها كذا» وهكذا.

والذي دعاني إلى اختيار هذا القول أسباب أربعة:

السبب الأوّل: بطلان سائر الأقوال والآراء.

السبب الثاني: أنّ المعنى الذي ذكرناه مشترك فيه بين جميع موارد استعمالالحروف من الواجب والممكن والممتنع على نسق واحد، وليس في المعانيالاُخر ما يكون كذلك كما عرفت.

السبب الثالث: أنّ ما سلكناه في باب الوضع من أنّ حقيقة الوضع هي:«التعهّد والتباني» ينتج الالتزام بهذا القول لا محالة، ضرورة أنّ المتكلّم إذقصد تفهيم حصّة خاصّة فبأيّ شيء يبرزه إذ ليس المبرز له إلاّ الحرف أو ميقوم مقامه.

السبب الرابع: موافقة ذلك للوجدان ومطابقته لما ارتكز في الأذهان، فإنّالناس يستعملونها لإفادة حصص المعاني وتضيّقاتها في عالم المعنى، غافلين


  • (1) «فالمستعلمون» صحيح. م ح ـ ى.
ج1

عن وجود تلك المعاني في الخارج أو عدم وجودها وعن إمكان تحقّق النسبةبينها أو عدم إمكانها، ودعوى إعمال العناية في جميع ذلك يكذّبها صريحالوجدان والبداهة كما لا يخفى، فهذا يكشف قطعيّاً عن أنّ الموضوع له الحرفذلك المعنى لا غيره(1).

إنتهى كلامه ملخّصاً(2).

نقد ما أفاده المحقّق الخوئي في وضع الحروف

أقول: قد ظهر لك ممّا تقدّم فساد الأسباب الثلاثة الاُول، فإنّ قول المحقّقالاصفهاني رحمه‏الله لم يكن باطلاً، والمعنى الذي اختاره أيضاً كان مشتركاً فيه بينجميع موارد استعمال الحروف من الواجب والممكن والممتنع كما عرفت فيجواب ما أورده عليه بعض الأعلام من الإشكال(3).

وكون حقيقة الوضع «التعهّد والتباني» فقد عرفت فساده في ذلك البحث(4).

بقي مسألة الوجدان، وهو يقضي بخلاف ما ذكره، فإنّ الجمل الخبريّة التياستعملت فيها الحروف كقولنا: «زيد في الدار» مبيّنة للمعنى المضيّق، فالمعنىيكون في الواقع مضيّقاً والحرف مبيّن له، لا أنّه يضيّقه ويقيّده، وأمّا الجملالإنشائيّة كقولنا: «صلِّ في المسجد» فالحروف المستعملة فيها وإن كانتللتضييق، إلاّ أنّ المراد به تضييق واقعي خارجي، لا بحسب الاستعمال ومقام


  • (1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 85 .
  • (2) ولم يتعرّض الاُستاذ«مدّ ظلّه» لكلام المحقّق الخوئي«مدّ ظلّه» حول القسم الثاني من الحروف، أعني ميدخل على المركّبات التامّة ومفاد الجملة، فمن أراده راجع المحاضرات 1: 80 . م ح ـ ى.
  • (3) راجع ص188 وما بعدها.
  • (4) راجع ص133.
(صفحه194)

الدلالة فقط، سيما على القول بكون الأحكام تابعة للمصالح الواقعيّة، كما ذهبإليه بعض الأعلام أيضاً.

على أنّ الحروف متعدّدة ومختلفة، ولا يمكن أن يكون كلّها بمعنى«التضييق» وإلاّ لصحّ استعمال بعضها مكان بعض مع وضوح عدم صحّةاستعمال كلمة «في» مكان «على» مثلاً وبالعكس، فلا يكون جميع الحروفبمعنى التضييق المطلق، بل كلّ واحد منها دالّ على تضييق خاصّ مغاير لما دلّعليه سائر الحروف، فإنّ التضييق الابتدائي الذي يستفاد من كلمة «من» غيرالتضييق الانتهائي الذي يستفاد من كلمة «إلى»، والتضييق الاستعلائي المدلولبكلمة «على» مغاير للتضييق الظرفي المدلول بكلمة «في» فلا يصحّ القولبكون الحروف موضوعة لتضييق المفاهيم الاسميّة، من دون تبيين أنواعهالخاصّة.

أضف إلى هذا أنّ التضييق عمل المتكلّم، فهو عبارة اُخرى عن الإيجاد،فالمعنى الذي اختاره بعض الأعلام يرجع إلى ما ذهب إليه المحقّق النائيني رحمه‏الله .

7ـ القول المختار

لا ريب في أنّ الحروف على قسمين: حاكية، وهي أكثر الحروف، مثل«من» و«إلى» في قولنا: «سرت من البصرة إلى الكوفة» وإيجاديّة، نحو حروفالنداء والتأكيد.

ولا ريب أيضاً في أنّ الحروف تارةً تستعمل في الجمل الخبريّة، كالمثالالمتقدِّم، واُخرى في الجمل الإنشائيّة، كأن يقول المولى لعبده: «سر من البصرةإلى الكوفة».

وعلينا أن نكون ملتفتين إلى هذه الأنواع لكي ندخل في بحث المعنى الحرفي