جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

فإنّه يقال: إنّ صيغة «افعل» وإن كانت ظاهرة في الوجوب لو خلّيتوطبعها، إلاّ أنّ لنا في المقام قرينة على عدم كونها في الآيتين للوجوب، وهيأنّ وجوب المسارعة والاستباق هاهنا يستلزم أن يستحقّ كلّ من سبق غيرهإلى فعل واجب من الواجبات الكفائيّة مثوبتين: إحداهما لإطاعة الأمرالمتعلّق بنفس ذلك الواجب، والاُخرى لإطاعة الأمر المتعلّق بالمسارعةوالاستباق إليه، وهذا واضح البطلان.

فلابدّ من حمل الآيتين على الاستحباب حتّى في موردهما الذي هوالواجبات الكفائيّة. هذا أوّلاً.

وثانياً: سلّمنا دلالتهما على الوجوب، ولكن دلالتهما على الفور ممنوعة، لأنّهغير المسارعة والاستباق، ألا ترى أنّه لو مات صديقك مثلاً ولم يطّلع علىموته غيرك، ولكنّك لم تقم بتجهيزه بمجرّد اطّلاعك على موته، بل أخّرتتجهيزه ثلاثة أيّام مثلاً، لصدق على فعلك الواقع فياليوم الثالث المسارعةوالاستباق دون الفوريّة؟

وحاصل هذا الجواب الثاني: أنّ مورد الآيتين هو الواجبات الكفائيّة أوّلاً،ولا تدلاّن على الوجوب ثانياً، ولا ملازمة بين وجوب المسارعة والاستباقوبين وجوب الفور ثالثاً.

أنّه لا ريب في دلالة آية الاستباق على العموم، لأنّ «الخيرات» جمعمحلّى باللاّم، وهو يفيد العموم، ولكنّ الخيرات لا تنحصر في الواجبات، بلتعمّ المستحبّات أيضاً، ولا يمكن القول بوجوب الفور في المستحبّات، فالأمردائر بين خروجها من الآية تخصيصاً، بل خروج كثير من الواجبات، بلأكثرها، لعدم وجوب الفور فيها أيضاً، وبين حمل الأمر على الاستحباب،والأوّل يستلزم تخصيص الأكثر، وهو مستهجن أوّلاً، ولسان الآية آبٍ عن

(صفحه170)

التخصيص ثانياً، فلابدّ من حمل الأمر فيها على الاستحباب.

وأمّا آية المسارعة فلا تفيد العموم أصلاً، لأنّ كلمة «مغفرة» فيها نكرةموصوفة، فكأنّه قال: «وسارعوا إلى مغفرة موصوفة بأنّها من ربّكم»، ولريب في عدم دلالة النكرة الموصوفة على العموم.

إن قلت: الآية من قبيل النكرة المضافة، لما تقدّم في توجيه الاستدلال بهمن أنّ المراد «سارعوا إلى سبب المغفرة من ربّكم»، لما عرفت من أنّه لا يعقلالأمر بفعل الغير.

قلت: أوّلاً: فعل الغير على قسمين: قسم لا يرتبط بالمأمور أصلاً، فلا يعقلتعلّق الأمر به، كالخلق الذي هو فعل اللّه‏ تعالى، ولا صلة له بالإنسان أصلاً،وقسم يرتبط به، وهذا لا مانع من تعلّق الأمر به، والمقام من قبيل الثاني، لأنّالمغفرة وإن كانت فعل اللّه‏ سبحانه، إلاّ أنّ لها ربطاً بفعل الإنسان، فلا نحتاجعلى هذا إلى تقدير مضاف في الآية.

وثانياً: أنّ النكرة المضافة أيضاً لا تفيد العموم.

على أنّها لو كانت مفيدة له فالقدر المتيقّن منه ما إذا كان المضاف والمضافإليه كلاهما مذكورين في الكلام، وأمّا في مثل المقام الذي ظاهره من قبيلالنكرة الموصوفة وباطنه من قبيل النكرة المضافة بلحاظ اللفظ المقدّر فهليعامل معه معاملة الأولى؟ فلا يفيد العموم، أو الثانية؟ فيفيد، يحتاج إلى تأمّلفيما تقتضيه أدبيّات العرب لكي يتّضح الحال في المسألة.

ويؤيّد عدم دلالتها على العموم اختلاف المفسّرين في تفسير المغفرة، فقالبعضهم: المراد بها الصلوات اليوميّة، وقال بعض آخر: هي صلاة الجماعةوالحضور في الصفّ الأوّل منها، وقيل: هي تكبيرة الإحرام من قبل المأمومينعقيب تكبيرة الإمام، وقيل: هي الجهاد في سبيل اللّه‏، وفسّرها بعضهم بالتوبة،

ج2

وبعضهم بالإخلاص، إلى غير ذلك، فلو كان لها عموم لم يعدل المفسّرون عنهإلى المصاديق.

وبالجملة: لا تدلّ آية المسارعة على العموم حتّى يدّعى شمولها لجميعالواجبات ويستنتج وجوب الفور فيها.

على أنّها لو دلّت على العموم لتوجّه إليها الإشكال المتقدّم في آية الاستباق،لشمولها للمستحبّات أيضاً، لأنّها سبب للمغفرة كالواجبات(1)، فلابدّ من حملالأمر فيها على الاستحباب، وإلاّ لزم تخصيص الأكثر، وهو مستهجن أوّلاً،ولسان الآية آبٍ عن التخصيص ثانياً، كما تقدّم في آية الاستباق أيضاً.

ثمّ ربما استشكل على الاستدلال بآية الاستباق بأنّ فيها قرينةً عقليّةً دالّةًعلى عدم إرادة الوجوب، وهي أنّ وجوب الاستباق يستلزم عدمه، وما يلزممن وجوده عدمه فهو محال.

توضيح ذلك: أنّ الاستباق يكون بمعنى التقديم، «فاستبقوا الخيرات» أيقدّموها، وحيث إنّ تقديم شيء يلازم تأخير شيء آخر، ولم يلحظ في الآيةتقديم الخيرات على غيرها، فلا محالة اُريد تقديم بعض الخيرات على بعضهالآخر، على أنّ المكلّف أيضاً لا يقدر على غير ذلك في مقام العمل، فإنّه ليتمكّن من الجمع بين جميع الخيرات في زمن واحد، فالاشتغال ببعضها فوريوجب تحقّق سائرها في الأزمنة اللاحقة، فلم يتحقّق الاستباق بالنسبة إليها،مع أنّه لا مزيّة للخيرات السابقة على الخيرات اللاحقة، لأنّ ملاك وجوبالاستباق إنّما هو نفس الخيريّة، وهذا موجود في جميعها، فيلزم من وجوبالاستباق إلى بعض الخيرات عدم وجوب الاستباق إلى بعضها الآخر، وهو


  • (1) بل لعلّ سببيّة المستحبّات لها كانت أظهر من سببيّة الواجبات، لأنّ العبد يفعل المستحبّات طوعاً، وأمّالواجبات فربما يفعلها كرهاً، خوفاً من العقاب. منه مدّ ظلّه.
(صفحه172)

محال.

وفيه أوّلاً: أنّ الآية ظاهرة في ملاحظة السبق واللحوق بالنسبة إلى المكلّفينفي كلّ واحد واحد من الخيرات، لا بالنسبة إلى أفراد الخيرات بملاحظةجميعها معاً، فإنّه خلاف الظاهر جدّاً، ولذلك قلنا باختصاص الآية بالواجباتالكفائيّة.

وثانياً: أنّ القرينة العقليّة لا توجب رفع اليد عن ظهور الآية في الوجوب،بل توجب كون المقام من مصاديق باب التزاحم، فإن كان بعض الخيراتمعلوم الأهمّيّة أو محتملها فلابدّ من تقديمه، وإلاّ فيتخيّر بينها، كما هو مقتضىباب التزاحم.

على أنّ المستشكل لم يبيّن المراد من الآية بعد عدم إرادة الوجوب منها.

فإن كان غرضه حملها على الاستحباب فالإشكال متوجّه إليه أيضاً طابقالنعل بالنعل، فإنّ استحباب الاستباق إلى بعض الخيرات مستلزم لعدماستحباب الاستباق إلى بعضها الآخر، وهو محال.

وإن كان غرضه حملها على الإرشاد إلى حكم العقل بحسن الاستباقإلىالخيرات، فمضافاً إلى ورود الإشكال عليه أيضاً، يرد عليه أنّ الأمر ليكون إرشاديّاً إلاّ إذا كان متعلّقاً بنفس ما تعلّق به حكم العقل، والمقام ليسكذلك، لأنّ العقل يحكم بحسن الاستباق إلى الخيرات في مقابل تركها أوالاشتغال بغيرها، ولكن لا يحكم بحسن الاستباق إلى بعض الخيرات بالقياسإلى بعضها الآخر كما هو مفروض هذا المستشكل في تفسير الآية الشريفة.

وحاصل ما تقدّم أنّ الأمر لا يدلّ على الفور، ولا على التراخى، لا وضعاً،ولا بدلالة خارجيّة.

تتمّة

ج2

بناءً على القول بالفور بأحد النحوين، فلو عصى المكلّف وأخلّ بالفوريّةفهل يجب عليه الإتيان بالمأمور به في الزمان الثاني والثالث وهكذا، أم يسقطالتكليف رأساً؟ وجهان مبنيّان على أنّ مفاد الصيغة على هذا القول هل هووحدة المطلوب أو تعدّده(1)؟ هذا بحسب مقام الثبوت. ولا دليل على إثباتأحد الطرفين.

فيكون المرجع هو الإطلاق القاضي بعدم الوجوب في الزمن الثاني لو تمّتمقدّمات الحكمة، لأنّ أصل ثبوت التكليف كما يحتاج إلى البيان، كذلك ثبوتهفي الزمن الثاني أيضاً يحتاج إليه، وفرض أنّه لم يبيّنه مع كونه في مقام البيان،فلا يثبت.

وإلاّ فالمرجع عندي هو الاستصحاب، فإنّ المقام من مصاديق القسم الثانيمن استصحاب الكلّي، لأنّ منشأ الشكّ هو أنّ التكليف الذي كان ثابتاً قطعهل كان بنحو وحدة المطلوب أو تعدّده، والتكليف مرتفع قطعاً على الأوّل،وباقٍ جزماً على الثاني، فيستصحب.

هذا تمام الكلام في الفور والتراخي، وبه تمّ مباحث الفصل الثاني.


  • (1) فعلى الأوّل لا يجب الإتيان بذات المقيّد لو لم يأت بالقيد، فكان التقييد في المقام مثل تقييد الرقبةبالإيمان فيما إذا قال المولى: «اعتق رقبةً»، وعلى الثاني يجب، فكان نظير تقييد الصلاة بالوقت في قولهتعالى: «أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ». الإسراء: 78. منه مدّ ظلّه.