جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

المبعوث، وفيه شيء ثالث أيضاً، وهو المبعوث إليه، بخلاف الطلب الذي أحدطرفيه شخص ذو العقل، وهو الطالب، وطرفه الآخر وهو المطلوب يكونغالباً من غير ذوي العقول، وليس له أمر ثالث، فيقال: طالب العلم، طالبالدُّنيا، طالب الآخرة، ونحوها.

إن قلت: قد يرى في الطلب أيضاً شخص آخر غير الطالب والمطلوب، وهوالمطلوب منه.

قلت: لم نجد في كتب اللغة أثراً من عنوان «المطلوب منه» بل جعل هذالعنوان ناشٍ عن أنّهم تخيّلوا أنّ هيئة «افعل» تكون لإنشاء الطلب، ولا يمكنعدم إضافة الطلب المنشأ بها إلى المكلّف، فإذا قال المولى لعبده: «جئني بالماء»فكما أنّ المولى يسمّى طالباً، والماء مطلوباً، فلابدّ من أن يسمّى العبد أيضمطلوباً منه.

على أنّه شاهد على المغايرة بين البعث والطلب، لا على الاتّحاد، لأنّ المرادبـ «المطلوب منه» هو المبعوث، والمراد بـ «المطلوب» هو المبعوث إليه، فالذيتعلّق به حرف الجرّ في كلّ منهما غير الذي تعلّق به في الآخر، على أنّ حرفالجرّ في أحدهما «من» وفي الآخر «إلى» فكيف يمكن أن يكونا متّحدينبحسب المعنى؟!

وبالجملة: الطلب على ثلاثة أقسام، فإنّ من يريد تحقّق شيء تارةً يحصّلهبنفسه، واُخرى يكره الغير على تحصيله، كالأخذ بيده وجرّه إليه بنحو يصيرمسلوب الاختيار، وثالثة يأمره على تحصيله، وكلّها اُمور واقعيّة لا يتعلّق بهالإنشاء، وأمّا البعث فهو على قسمين كما تقدّم: حقيقي واعتباري، والثاني هوالذي تعلّق به الإنشاء في صيغة الأمر.

هذا كلّه فيما إذا كان غرض المستعمل تحقّق المأمور به في الخارج.

(صفحه58)

وأمّا القسم الثاني ـ أعني ما إذا كان غرضه أمراً آخر ـ من التهديدوالتسخير والتعجيز وغيرها، فالصيغة في هذه الموارد استعملت أيضاً في إنشاءالبعث والتحريك، لكن بادّعاء كون التهديد مثلاً من مصاديقهما أيضاً.

والحاصل: أنّ هيئة «افعل» وضعت لإنشاء البعث والتحريك، واستعمالها فيسائر الموارد مجاز، لكن قد عرفت(1) أنّ المجاز ليس من قبيل استعمال اللفظ فيغير ما وضع له، بل هو استعماله في المعنى الحقيقي كما ذهب إليه سيّدنا الاُستاذالأعظم الإمام قدس‏سره تبعاً لاُستاذه الشيخ محمّد رضا الاصفهاني النجفي صاحبكتاب «وقاية الأذهان»، فإذا استعملت صيغة الأمر في مقام التهديد مثلاستعملت في معناه الحقيقي، بادّعاء توسعته بحيث يشمل التهديد أيضاً، فيكونمصداقاً ادّعائيّاً له.

إزاحة شبهة

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله قال في مقام دفع شبهة قرآنيّة:

إيقاظ: لا يخفى أنّ ما ذكرناه في صيغة الأمر جارٍ في سائر الصيغ الإنشائيّة،فكما يكون الداعي إلى إنشاء التمنّي أو الترجّي أو الاستفهام بصيغها تارةً هوثبوت هذه الصفات حقيقةً، يكون الداعي غيرها اُخرى، فلا وجه للالتزامبانسلاخ صيغها عنها، واستعمالها في غيرها إذا وقعت في كلامه تعالى،لاستحالة مثل هذه المعاني في حقّه تبارك وتعالى ممّا لازمه العجز(2) أوالجهل(3)، وأنّه لا وجه له(4)، فإنّ المستحيل إنّما هو الحقيقي منها لا الإنشائي


  • (1) راجع «الأمر الثالث: في استعمال اللفظ في المعنى المجازي» ص235 من الجزء الأوّل.
  • (2) كما في التمنّي. م ح ـ ى.
  • (3) كما في الترجّي والاستفهام. م ح ـ ى.
  • (4) قال آية اللّه‏ الحكيم في حقائق الاُصول: هذا تأكيد لقوله: «لا وجه للالتزام». م ح ـ ى.
ج2

الإيقاعي الذي يكون بمجرّد قصد حصوله بالصيغة كما عرفت، ففي كلامهتعالى قد استعملت في معانيها الإيقاعيّة الإنشائيّة أيضاً، لا لإظهار ثبوتهحقيقةً، بل لأمر آخر حسب ما يقتضيه الحال من إظهار المحبّة(1) أو الإنكار،أو التقرير، إلى غير ذلك، ومنه ظهر أنّ ما ذكر من المعاني الكثيرة لصيغةالاستفهام ليس كما ينبغي أيضاً(2)، إنتهى كلامه.

أقول: إنّ التمنّي والترجّي والاستفهام اُمور حقيقيّة قائمة بالنفس، فلا يتعلّقبها الإنشاء، فلابدّ من حلّ إشكال استعمال أدواتها في القرآن بما مرّ نظيره فيصيغة الأمر، من أنّ أدوات التمنّي والترجّي والاستفهام موضوعة لإظهارالحقيقي من هذه الاُمور، ومستعملة فيه دائماً، حتّى في كلامه تعالى، لكنبادّعاء توسعة المعنى الحقيقي، بحيث يعمّ مثل إظهار المحبّة ونحوه، فإذاستعملت في إظهار معانيها مع تحقّقها حقيقةً في النفس كان حقيقةً، وإلفمجازاً(3).


  • (1) كما في قوله تعالى: «وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى» طه: 17. م ح ـ ى.
  • (2) كفاية الاُصول: 91.
  • (3) الحقيقة: من الحقّ، وهو بمعنى الثبوت، والمجاز: من الجواز، وهو بمعنى العبور، فإنّا إذا استعملنا اللفظفي معناه حال كونه ثابتاً، أعني من دون أن يكون معبراً للوصول إلى المعنى المجازي الذي هو مصداقادّعائي له كان حقيقةً، وإذا استعملناه فيه حال كونه معبراً للوصول إليه كان مجازاً. منه مدّ ظلّه.
(صفحه60)

في دلالة صيغة الأمر على الوجوب

المبحث الثاني: فيما هي حقيقة فيه

اختلفوا في أنّ الصيغة حقيقة في خصوص الوجوب، أو في الأعمّ منه ومنالندب بنحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي على أقوال:

وقبل الخوض في المسألة لا بأس بذكر اُمور مقدّمةً:

قد عرفت(1) أنّ اختلاف الوجوب والندب في شدّة الطلب وضعفه،فاعلم الآن أنّهما قسمان من البعث والتحريك الاعتباري، لا من الطلب، لمعرفت من أنّ الصيغة موضوعة لإنشائهما، لا لإنشائه، فما ذكرنا هناك كانمبنيّاً على مسلك المشهور من كون المنشأ بالصيغة هو الطلب، وإلاّ فالحقّ فيالتعبير أن يقال: اختلافهما في شدّة البعث والتحريك وضعفهما، وإنّما كانعبارتنا هناك ملائمة لمذهب المشهور، لتوقّف التعبير بالبعث والتحريك علىإثبات أنّ الصيغة وضعت لإنشاء البعث والتحريك الاعتباريّين، وهذا لم يكنمفروغاً عنه هناك، فاضطررنا إلى التعبير المناسب لمسلك المشهور.

لا إشكال في اتّصاف البعث والتحريك الواقعيّين بالشدّة والضعف، وأمّالإرادة فربما يستظهر من تفسيرها بالشوق المؤكّد المستتبع لتحرّك العضلاتنحو المراد كما في الكفاية عدم اتّصافها بهما، مع أنّه خلاف الواقع، ألا ترى أنّكإذا أردت إنقاذ الغريق من البحر كان إلقاء نفسك فيه مسبوقاً بإرادة شديدة،


  • (1) راجع ص30.
ج2

وإذا أردت السباحة كان الإلقاء مسبوقاً بإرادة ضعيفة؟

اللّهمّ إلاّ أن يكون للشوق المؤكّد مراتب يكون في بعضها نفس التأكّد وفيبعضها كمال التأكّد، وعليه فلا إشكال في تفسير الإرادة به.

والكاشف عن شدّة الإرادة وضعفها تارةً هو الأعمال المترتّبة عليها،فخروج الإنسان عن الدار مثلاً سريعاً عرياناً مضطرباً كما في موارد الزلزلةكاشف عن تعلّق الإرادة الشديدة بالخروج، وخروجه عنها بطيئاً مطمئنّكاشف عن تعلّق الإرادة الضعيفة به، واُخرى هو عللها المكوّنة لها التي أهمّهدرك المريد أهمّيّة المراد، فإذا كان درك المريد لعظمة المراد قويّاً كان إرادته لهشديدة، وإذا كان ضعيفاً كانت ضعيفة، فحن نصلّي، والأئمّة عليهم‏السلام أيضاً كانويصلّون، لكن لا ريب في أنّ إرادتهم للصلاة كانت أشدّ من إرادتنا، لأنّإدراكهم لعظمتها كان أقوى من إدراكنا.

فالكاشف أمران: عمل المريد، ومقدار درك عظمة المراد(1).

3ـ الأفعال الاختياريّة كلّها مسبوقة بالإرادة ومباديها بحكم العقل،والإرادة مخلوقة نفس الإنسان، فإنّ اللّه‏ سبحانه أودع في نفس الإنسان قوّةخلاّقة تخلق الإرادة قبل كلّ فعل اختياري، ومنه التكلّم، فالمتكلّم يريد ـ قبلصدور كلّ جملة ـ لفظ الموضوع والمحمول وهيئة الجملة ومعنى كلّ واحد منهذه الاُمور الثلاثة، ففي كلّ جملة إرادات ستّة مخلوقة لنفس المتكلّم، ولكلّ
  • (1) إذا انجرّ الكلام إلى هنا فلا بأس بذكر أمر إجمالاً حول العصمة:
    وهو أنّ العصمة تتحقّق لا محالة للإنسان إذا أدرك واقعيّة المعاصي وعظم خطرها، وبعض مراتبالعصمة متحقّقة لنا أيضاً، ألا ترى أنّه لا يمكن لعاقل أن يكشف عورته بمرأى الناس ومنظرهم مع كونهمختاراً فيه، وذلك لأنّه أدرك عظمة قبحه، والمعصومون عليهم‏السلام حيث أدركوا عظمة قبح جميع المعاصي لميمكن لهم ارتكابها، ومع ذلك لم يكونوا مسلوبي الاختيار مكرهين على الترك، ولو كنّا نحن أيضمدركين عظمة قبحها كما أدركوها لصرنا معصومين، فصدور الغيبة التي هي أشدّ من الزنا منّا دونهم ناشٍعن عدم إدراكنا قبحها العظيم وإدراكهم ذلك. منه مدّ ظلّه.