جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

المحقّق الخراساني رحمه‏الله إمّا على التفضّل لا الاستحقاق، أو على أنّ الثواب الواردفي هذه الأخبار إنّما هو لأجل أنّ الواجب النفسي يصير فيما لو أتى بالمقدّماتبما هي مقدّمات له(1) من أحمز الأعمال وأشقّها، فيصير حينئذٍ من أفضلالأعمال بمقتضى حديث «أفضل الأعمال أحمزها»(2) فيزيد ثوابه، فالثواب فيالواقع مترتّب على الواجب النفسي، لا على مقدّماته، ويؤيّده أنّه لو ذهب إلىمكّة مثلاً بداعي التجارة، ثمّ فعل مناسك الحجّ بعد طيّ الطريق فحجّه وإنكان صحيحاً، إلاّ أنّه لا يستحقّ الثواب على المشي، لعدم صيرورة الحجّ منأحمز الأعمال وأفضلها، حيث إنّ المشي لم يتحقّق بما هو شروع في إطاعة الأمرالنفسي، بل كان بداعي التجارة(3).

هذا حاصل كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله .

بيان الحقّ في المسألة

وتحقيق الحال يقتضي تبيين معنى الثواب والعقاب، فنقول: اختلفوا فيه علىأقوال: فذهب أكابر الفلاسفة إلى أنّ الثواب عبارة عن الصور الجميلةالمتجسِّمة من الأعمال الصالحة، وهي ملازمة لنفس الإنسان، والنفس تلتذّبها، لكونها آنسة بها وترتقي بها إلى الدرجات العالية الاُخرى، والعقابعبارة عن الصور القبيحة المتجسِّمة من الأعمال السيّئة، وهي ملازمة لنفسالإنسان العاصي، وموجبة لوحشتها وانحطاطها إلى الدركات السافلةالاُخرى.

وهذا معنى دقيق يؤيّده بعض الآيات والروايات، مثل قوله سبحانه


  • (1) لا بالدواعي النفسانيّة. م ح ـ ى.
  • (2) بحار الأنوار 67: 191 و 237.
  • (3) كفاية الاُصول: 138.
(صفحه330)

وتعالى: «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍتَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدا بَعِيدا»(1) وقوله سبحانه: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍخَيْرا يَرَه* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّا يَرَه»(2).

ولا وجه لتفسيرهما بأنّ المراد «تجد ثواب ما عملت من خير وعقاب معملت من سوء» و«يرى ثوابه ويرى عقابه» سيّما بعدما ورد من أنّ «أحكمآية في القرآن «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرا يَرَه» إلى آخر السورة»(3).

وعلى هذا المعنى فلابدّ من ملاحظة أنّ تجسّم الأعمال بالصور الملازمةلنفس الإنسان هل هو يختصّ بالواجبات النفسيّة، أو يعمّ الغيريّة، وهو بحثكلامي لسنا بصدده، لكن على أيّ حال لا معنى لكلمة «الاستحقاق» لا فيالواجبات النفسيّة ولا في الواجبات الغيريّة، ضرورة أنّ تلك الصور الحسنةأو القبيحة لوازم الأعمال الصالحة أو السيّئة وآثارها الوضعيّة الملازمة لنفسالإنسان قهراً، فلا معنى لاستحقاق المطيع الثواب والعاصي العقاب كما يستحقّالدائن على مديونه.

وذهب جماعة إلى أنّ الثواب والعقاب من المجعولات، كالجزائيّات العرفيّةفي الحكومات السياسيّة، نظراً إلى ظواهر بعض الآيات والأخبار.

وعليه فاستحقاق الثواب تابع لجعل الشارع، ولا فرق في ذلك بينالواجبات النفسيّة والغيريّة، ضرورة أنّ أمر الجعل بيد الشارع، فيمكن له أنيجعل الثواب لبعض الواجبات الغيريّة ولا يجعله لبعض الواجبات النفسيّة،فالمكلّف يستحقّ الثواب على موافقة كلّ واجب جعل الشارع له الثواب،سواء كان نفسيّاً أو غيريّاً، ولا يستحقّه على موافقة غيره من الواجبات


  • (1) آل عمران: 30.
  • (2) الزلزلة: 7 ـ 8 .
  • (3) تفسير نور الثقلين 5: 650.
ج2

كذلك.

نعم، استحقاق العقاب غير تابع للجعل، فللمولى أن يعاقب العبد بمجرّدالعصيان ومخالفة أمره ولو لم يجعل لها عقاباً.

وذهب طائفة اُخرى إلى أنّ استحقاق الثواب والعقاب يترتّب على نفسالموافقة والمخالفة، سواء جعلهما الشارع أم لا، فالعبد المطيع يستحقّ على مولاهجزاء عمله، ولا يجوز له التخلّف عنه عقلاً، ولو لم يجعل له جزاءً أصلاً، وله أنيعاقب العبد العاصي التارك للمأمور به، ولو لم يجعل لتركه عقاباً.

وفيه: منع حكم العقل باستحقاق الثواب بمجرّد موافقة أمر المولى، ضرورةأنّ العبد مملوك المولى، فعليه الإتيان بما أمره به من دون أن يستحقّ أجراً علىذمّته.

هذا في الموالي العرفيّة الذين ملكيّتهم اعتباريّة أوّلاً، ومصلحة المأمور بهراجعة إليهم ثانياً، فضلاً عن اللّه‏ سبحانه الذي هو مالك حقيقي لجميع العالم،وفيما أمر به العباد مصلحة راجعة إليهم لا إليه، بناءً على أنّ الأوامر تابعةلمصالح في متعلّقاتها، كما هو الحقّ.

نعم، للمولى أن يعاقب العبد العاصي بمجرّد المخالفة كما تقدّم.

والحاصل: أنّ الثواب بالجعل لا بالاستحقاق.

ولو فرض كون الثواب والعقاب كليهما بالاستحقاق فهل هما يختصّانبالواجبات النفسيّة كما قال المحقّق الخراساني رحمه‏الله أو يعمّان الغيريّة؟

الحقّ هو الأوّل، لأنّ الثواب والعقاب يترتّبان على موافقة ومخالفة الأوامرالتي لها دور في تحقّق الداعي في نفس المكلّف إلى إطاعة المولى، والأوامرالغيريّة ليست كذلك، ضرورة أنّ المولى إذا قال مثلاً: «كن على السطح» فإنأراد العبد الإطاعة يأتي بالمأمور به بواسطة نصب السلّم ولو لم يكن نصبه

(صفحه332)

واجباً غيريّاً عليه، وإن لم يردها لم يأت به ولو كان نصب السلّم واجباً غيريّعليه، فوجود الوجوب الشرعي الغيري المتعلّق بالمقدّمة وعدمه سيّان، حيثإنّ الداعي إلى إطاعة المولى يتحقّق في نفس العبد بمجرّد لابدّيّتها العقليّة، ولولم يرد الطاعة لم يتحقّق الداعي في نفسه ولو كانت واجبة شرعيّة غيريّة.

إن قلت: على ما ذكرت من عدم استحقاق الثواب على موافقة الواجباتالغيريّة فلو كان لواجب نفسي عشر مقدّمات مثلاً وأتى أحد المكلّفينبجميعها، ثمّ سقط عنه ذو المقدّمة قبل الإتيان به، لموته أو عروض النسيانعليه أو نحوهما، وسقط عن مكلّف آخر أيضاً لنحو تلك الأسباب قبل أنيأتي حتّى بمقدّمة واحدة، فلابدّ من القول بتساوي هذين المكلّفين الذين تحمّلأحدهما مشاقّ كثيرة دون الآخر، فهل يلتزم أحد بذلك؟!

قلت: هما وإن كانا متساويين من حيث عدم استحقاقهما الثواب، إلاّ أنّالعقل والعقلاء يحكمان بتحسين الأوّل دون الثاني.

إن قلت: فهل لا فرق بين حجّ القريب والبعيد من حيث مقدار الثوابالمترتّب عليه؟!

قلت: بلى، بينهما فرق، لكنّ زيادة الثواب في حجّ النائي لا تترتّب على طيّالطريق، بل على نفس الحجّ، لصيرورته أحمز الأعمال كما تقدّم عن المحقّقالخراساني رحمه‏الله .

البحث عن حال الطهارات الثلاث وما اُورد عليه

ثمّ إنّه قد وقعت الطهارات الثلاث التي جعلت مقدّمة لبعض العباداتمورداً للإشكال من وجهين:

الأوّل: أنّه لا إشكال في ترتّب الثواب عليها مع أنّ الأمر الغيري لا يقتضي

ج2

استحقاق الثواب.

وجوابه واضح بناءً على ما اخترناه من أنّ الثواب والعقاب من المجعولات،وكما يمكن جعلهما للواجب النفسي يمكن أيضاً للواجب الغيري، لأنّ الجعل بيدالمولى الجاعل.

الثاني: أنّ الأوامر الغيريّة توصّليّة لا يعتبر في سقوطها قصد التعبّد، مع أنّالطهارات الثلاث يعتبر فيها قصده إجماعاً، فما هو منشأ عباديّتها؟

إن قلت: منشأ عباديّتها تعلّق أمر استحبابي نفسي بها سوى الأمر الغيريالوجوبي.

ففيه أوّلاً: أنّه لو تمّ فإنّما يتمّ في خصوص الوضوء والغسل، حيث ثبتاستحبابهما شرعاً، وأمّا التيمّم فلا دليل على استحبابه في نفسه، فإذن يبقىالإشكال بالإضافة إليه بحاله، وثانياً: لا يمكن أن يكون شيء واحد محكومبحكمين، سيّما أنّهما مختلفان من وجهين، حيث إنّ أحدهما وجوبي غيري،والآخر استحبابي نفسي، وثالثاً: أنّ الإتيان بالطهارات الثلاث بداعي أمرهالغيري صحيح، مع أنّه لو كان منشأ عباديّتها ذلك الأمر النفسي لم تقعصحيحةً.

وإن قلت: منشأ عباديّتها هو الأمر الغيري.

ففيه: أنّه مستلزم للدور المحال، ضرورة أنّ ما تعلّق به الوجوب الغيريبناءً على تحقّق الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها إنّما هو المقدّمةبالحمل الشائع أعني الوضوء العبادي مثلاً، فالوجوب متأخّر عن العباديّة،لتأخّر الحكم عن موضوعه، والعباديّة متأخّرة عن الوجوب، لكونها ناشئةعنه فرضاً.

وأجابوا عن هذا الإشكال بوجوه عديدة: