جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

كذلك.

نعم، استحقاق العقاب غير تابع للجعل، فللمولى أن يعاقب العبد بمجرّدالعصيان ومخالفة أمره ولو لم يجعل لها عقاباً.

وذهب طائفة اُخرى إلى أنّ استحقاق الثواب والعقاب يترتّب على نفسالموافقة والمخالفة، سواء جعلهما الشارع أم لا، فالعبد المطيع يستحقّ على مولاهجزاء عمله، ولا يجوز له التخلّف عنه عقلاً، ولو لم يجعل له جزاءً أصلاً، وله أنيعاقب العبد العاصي التارك للمأمور به، ولو لم يجعل لتركه عقاباً.

وفيه: منع حكم العقل باستحقاق الثواب بمجرّد موافقة أمر المولى، ضرورةأنّ العبد مملوك المولى، فعليه الإتيان بما أمره به من دون أن يستحقّ أجراً علىذمّته.

هذا في الموالي العرفيّة الذين ملكيّتهم اعتباريّة أوّلاً، ومصلحة المأمور بهراجعة إليهم ثانياً، فضلاً عن اللّه‏ سبحانه الذي هو مالك حقيقي لجميع العالم،وفيما أمر به العباد مصلحة راجعة إليهم لا إليه، بناءً على أنّ الأوامر تابعةلمصالح في متعلّقاتها، كما هو الحقّ.

نعم، للمولى أن يعاقب العبد العاصي بمجرّد المخالفة كما تقدّم.

والحاصل: أنّ الثواب بالجعل لا بالاستحقاق.

ولو فرض كون الثواب والعقاب كليهما بالاستحقاق فهل هما يختصّانبالواجبات النفسيّة كما قال المحقّق الخراساني رحمه‏الله أو يعمّان الغيريّة؟

الحقّ هو الأوّل، لأنّ الثواب والعقاب يترتّبان على موافقة ومخالفة الأوامرالتي لها دور في تحقّق الداعي في نفس المكلّف إلى إطاعة المولى، والأوامرالغيريّة ليست كذلك، ضرورة أنّ المولى إذا قال مثلاً: «كن على السطح» فإنأراد العبد الإطاعة يأتي بالمأمور به بواسطة نصب السلّم ولو لم يكن نصبه

(صفحه332)

واجباً غيريّاً عليه، وإن لم يردها لم يأت به ولو كان نصب السلّم واجباً غيريّعليه، فوجود الوجوب الشرعي الغيري المتعلّق بالمقدّمة وعدمه سيّان، حيثإنّ الداعي إلى إطاعة المولى يتحقّق في نفس العبد بمجرّد لابدّيّتها العقليّة، ولولم يرد الطاعة لم يتحقّق الداعي في نفسه ولو كانت واجبة شرعيّة غيريّة.

إن قلت: على ما ذكرت من عدم استحقاق الثواب على موافقة الواجباتالغيريّة فلو كان لواجب نفسي عشر مقدّمات مثلاً وأتى أحد المكلّفينبجميعها، ثمّ سقط عنه ذو المقدّمة قبل الإتيان به، لموته أو عروض النسيانعليه أو نحوهما، وسقط عن مكلّف آخر أيضاً لنحو تلك الأسباب قبل أنيأتي حتّى بمقدّمة واحدة، فلابدّ من القول بتساوي هذين المكلّفين الذين تحمّلأحدهما مشاقّ كثيرة دون الآخر، فهل يلتزم أحد بذلك؟!

قلت: هما وإن كانا متساويين من حيث عدم استحقاقهما الثواب، إلاّ أنّالعقل والعقلاء يحكمان بتحسين الأوّل دون الثاني.

إن قلت: فهل لا فرق بين حجّ القريب والبعيد من حيث مقدار الثوابالمترتّب عليه؟!

قلت: بلى، بينهما فرق، لكنّ زيادة الثواب في حجّ النائي لا تترتّب على طيّالطريق، بل على نفس الحجّ، لصيرورته أحمز الأعمال كما تقدّم عن المحقّقالخراساني رحمه‏الله .

البحث عن حال الطهارات الثلاث وما اُورد عليه

ثمّ إنّه قد وقعت الطهارات الثلاث التي جعلت مقدّمة لبعض العباداتمورداً للإشكال من وجهين:

الأوّل: أنّه لا إشكال في ترتّب الثواب عليها مع أنّ الأمر الغيري لا يقتضي

ج2

استحقاق الثواب.

وجوابه واضح بناءً على ما اخترناه من أنّ الثواب والعقاب من المجعولات،وكما يمكن جعلهما للواجب النفسي يمكن أيضاً للواجب الغيري، لأنّ الجعل بيدالمولى الجاعل.

الثاني: أنّ الأوامر الغيريّة توصّليّة لا يعتبر في سقوطها قصد التعبّد، مع أنّالطهارات الثلاث يعتبر فيها قصده إجماعاً، فما هو منشأ عباديّتها؟

إن قلت: منشأ عباديّتها تعلّق أمر استحبابي نفسي بها سوى الأمر الغيريالوجوبي.

ففيه أوّلاً: أنّه لو تمّ فإنّما يتمّ في خصوص الوضوء والغسل، حيث ثبتاستحبابهما شرعاً، وأمّا التيمّم فلا دليل على استحبابه في نفسه، فإذن يبقىالإشكال بالإضافة إليه بحاله، وثانياً: لا يمكن أن يكون شيء واحد محكومبحكمين، سيّما أنّهما مختلفان من وجهين، حيث إنّ أحدهما وجوبي غيري،والآخر استحبابي نفسي، وثالثاً: أنّ الإتيان بالطهارات الثلاث بداعي أمرهالغيري صحيح، مع أنّه لو كان منشأ عباديّتها ذلك الأمر النفسي لم تقعصحيحةً.

وإن قلت: منشأ عباديّتها هو الأمر الغيري.

ففيه: أنّه مستلزم للدور المحال، ضرورة أنّ ما تعلّق به الوجوب الغيريبناءً على تحقّق الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها إنّما هو المقدّمةبالحمل الشائع أعني الوضوء العبادي مثلاً، فالوجوب متأخّر عن العباديّة،لتأخّر الحكم عن موضوعه، والعباديّة متأخّرة عن الوجوب، لكونها ناشئةعنه فرضاً.

وأجابوا عن هذا الإشكال بوجوه عديدة:

(صفحه334)

كلام المحقّق العراقي رحمه‏الله في حلّ الإشكال

الأوّل: ما ذهب إليه المحقّق الشيخ ضياء الدِّين العراقي رحمه‏الله من أنّ الأمرالمتعلّق بمركّب يتبعّض بتعداد أجزاء المأمور به ويتعلّق كلّ بعض من أبعاضذلك الأمر بجزء من أجزاء المأمور به التي منها قصد القربة في العبادات، فالأمرالغيري المتعلّق بالوضوء مثلاً ينبسط على أجزائه من غسل الوجه واليدينومسح الرأس والرجلين وقصد القربة، بحيث يتعلّق كلّ بعض منه بواحد منهذه الأجزاء الخمسة، ومفاد ذلك البعض المتعلّق بقصد القربة أنّه يجب الإتيانبالأجزاء الأربعة الاُولى بقصد امتثال ما تعلّق بها من الأمر(1).

نقد ما ذهب إليه المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام

وفيه ـ مضافاً إلى أنّ انبساط الأمر المتعلّق بالمركّب وتبعّضه بتعداد أجزائهأمر غير مسلّم، بل لابدّ من البحث حوله في محلّه ـ أنّه مستلزم لأن يكون أمرواحد بالنسبة إلى بعض أبعاضه توصّليّاً، وهو البعض المتعلّق بقصد القربة،ضرورة أنّه لا يمكن أن يكون الأمر داعياً إلى نفسه، بإلزامه المكلّف علىالإتيان بالمأمور به بقصد امتثال نفسه، وبالنسبة إلى سائر الأبعاض تعبّديّاً،وما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين.

أضف إلى ذلك أنّ الأمر الغيري ـ الذي عرفت أنّه لا يوجب تحقّق الداعيفي نفس العبد إلى إطاعة المولى ولا يترتّب على موافقته ثواب ولا على مخالفتهعقاب(2) ويكون وجوده وعدمه سيّين ـ لايمكن أن‏يكون منشأًلعباديّة العبادة.


  • (1) نهاية الأفكار 1 و 2: 329.
  • (2) عدم ترتّب الثواب والعقاب على موافقة الأمر الغيري ومخالفته مبنيّ على كونهما بالاستحقاق، لبالجعل الذى اختاره الاُستاذ«مدّ ظلّه». م ح ـ ى.
ج2

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في حلّ الإشكال

الثاني: ما ذهب إليه المحقّق النائيني رحمه‏الله من أنّ عباديّة المقدّمات العباديّةليست ناشئة من الأمر الوجوبي الغيري ولا من أمر استحبابي نفسي، بل منالأمر الوجوبي النفسي الذي تعلّق بذي المقدّمة، بيان ذلك أنّ الأمر المتعلّقبالصلاة مثلاً ينبسط على أجزائها وشرائطها، فكما أنّ بعضاً منه يتعلّقبالركوع، فيصير به عباديّاً كذلك يتعلّق بعض آخر منه بالوضوء، فيصير هوأيضاً عباديّاً بذلك البعض المتعلّق به من الأمر، فكما أنّ الركوع اكتسبالعباديّة من الأمر الصلاتي، كذلك الوضوء اكتسبها منه بعدما كان الأمرالصلاتي عباديّاً، وكذلك الحال في الغسل والتيمّم(1).

نقد ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام

وفيه ـ مضافاً إلى ما عرفت من عدم كون تبعّض الأمر الواحد المتعلّقبالمركّب أمراً مسلّماً ـ أنّ التبعّض على فرض تسليمه إنّما هو بالنسبة إلىالأجزاء فقط، ضرورة أنّ الأمر إنّما هو يتعلّق بماهيّة المأمور به، والماهيّةتتشكّل من خصوص الأجزاء، وأمّا الشرائط فهي خارجة عنها، كما قال فيالمنظومة: «تقيّد جزء وقيد خارجي»(2)، والأمر لا يمكن أن يدعو إلاّ إلىمتعلّقه.

إن قلت: نفس القيد والشرط وإن كان خارجاً عن ماهيّة المأمور به، إلاّ أنّالتقيّد والاشتراط جزء لها، كما صرّح به الناظم في الشعر المتقدِّم، فكما أنّ


  • (1) فوائد الاُصول 1 و 2: 228.
  • (2) شرح المنظومة، قسم الفلسفة: 27.