جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

نعم، في هذا الباب شبهة مهمّة، وهي أنّ الإرادة صفة حقيقيّة قائمة بنفسالمريد، وتشخّصها بتشخّص المراد، كما أنّ تشخّص سائر الأوصاف النفسانيّةذات الإضافة بتشخّص ما تضاف إليه، كالعلم الذي تعيّنه بتعيّن المعلوم، ولفرق في ذلك بين الإرادة التكوينيّة والتشريعيّة، فكما أنّه لا يمكن إبهام المراد فيالإرادة التكوينيّة التي يباشر فيها المريد فعل المراد بنفسه، بحيث لا يصحّ أنيقول: «اُريد أن أعمل عملاً غير معيّن عندي» فكذلك في التشريعيّة التي يريدفيها المريد وجود العمل بسبب العبد ونحوه بتوجيه الأمر إليه، فلايمكن أنيكون الواجب مبهماً مردّداً بين شيئين أو أشياء، كما هو المدّعى في الواجبالتخييري.

إن قلت: تعلّق العلم الإجمالي بالأمر المبهم المردّد بين طرفين أو أكثر دليلعلى عدم لزوم تعيّن ما يضاف إليه الصفات النفسانيّة.

قلت: متعلّق العلم الإجمالي معلوم معيّن، ولكن تطبيقه على الطرف الذيينطبق عليه في الواقع مجهول لنا. توضيح ذلك: أنّ لنا في العلم التفصيلي علمين:أحدهما العلم بوجود الخمر هاهنا مثلاً، والآخر العلم بتطبيق ذلك الخمرالموجود على هذا الإناء المعيّن، وفي العلم الإجمالي لنا علم واحد متعلّق بأنّالخمر هاهنا موجود ولا إبهام فيه، بل المبهم انطباقه على إناء خاصّ ولميتعلّق العلم به.

والحاصل: أنّه لا يمكن تحقّق الإرادة مع إبهام المراد، ولا فرق في ذلك بينالتكوينيّة منها والتشريعيّة.

ولعلّ هذه الشبهة الجأتهم على أن يذهبوا إلى أنّ الواجب في الواجبالتخييري واحد معيّن عند اللّه‏، أو أحدهما، أو ما يختاره المكلّف.

والجواب: أنّها إنّما تلزم لو لم يكن في الواجب التخييري إلاّ وجوب واحد

(صفحه478)

متعلّق بأمر مردّد بين الشيئين أو الأشياء، مع أنّ الأمر ليس كذلك، لتعدّدالوجوب بتعدّد الأطراف، فهنا إرادة مستقلّة وبعث مستقلّ متعلّقان بهذا،وإرادة اُخرى وبعث آخر متعلّقان بذاك، فالإرادة والبعث متكثّران بتكثّرالمراد والمبعوث إليه، والسرّ فيه هو أنّ الآمر إذا رأى أنّ في كلّ من الشيئينمصلحةً ملزمة وافية بغرضه بحيث يكون كلّ منهما محصّلاً للغرض ولم يكنبينهما جامع قابل لتعلّق الأمر به فهو يتوصّل لتحصيل غرضه بالبعث إلى كلّمنهما بتخلّل لفظة «أو» وما في معناها لإفهام أنّ كلّ واحد محصّل لغرضه وليلزم الجمع بينهما.

فلا تكون الإرادة في التعييني والتخييري سنخين، ولا المبعوث إليه فيهممتفاوتين، غير أنّ الفرق بينهما هو كون الواجب التعييني بنفسه محصّلاً للغرضليس إلاّ، وفي الواجب التخييري يكون المحصّل للغرض كلاًّ من الشيئين أوالأشياء، ولإفادة ذلك يتخلّل لفظة «أو» وما في معناها من غير لزوم إبهامالإرادة أو المراد.

ويؤيّده أنّك إن قلت: «الأمران الفلانيّان واجبان شرعاً» فلسائل أنيسألك: «هل وجوبهما تعييني أو تخييري؟» مع أنّه لا مجال لهذا السؤال بناءًعلى وحدة الوجوب والواجب في التخييري، لظهور قولك المذكور بنفسه فيتعدّدهما المساوق للواجب التعييني فرضاً.

ولا فرق في ذلك بين صور الواجب التخييري.

ففيما(1) إذا كان للمولى غرض واحد يقوم به كلّ واحد من الطرفين بحيثإذا أتى بأحدهما حصل به تمام الغرض، يكون كلّ منهما واجباً مراداً بإرادةمستقلّة، لكن لا يجب الجمع بينهما، لحصول الغرض بأحدهما.


  • (1) هذه هي الصورة الاُولى المذكورة في الكفاية. م ح ـ ى.
ج2

وكذلك يجب كلّ منهما فيما(1) إذا كان له في كلّ واحد منهما غرض مستقلّلايكاد يحصل مع حصول الغرض في الآخر بإتيانه، وحيث لا يمكن الجمع بينالغرضين فعلى العبد تحصيل واحد منهما بإتيان أحد الطرفين.

والأمر أيضاً كذلك فيما(2) إذا كان له في كلّ منهما غرض مستقلّ يمكنتحصيله حتّى مع حصول الغرض في الآخر، لكن اعتبر في لزوم تحصيله عدمحصول الآخر قبله، ففي هذه الصورة أيضاً كلّ منهما واجب ذو مصلحةملزمة، مراد بإرادة مستقلّة، لكن يجوز تركه عند الإتيان بالآخر، إذ لزوماستيفاء كلّ من المصلحتين مشروط بعدم استيفاء الاُخرى قبلها.

والحاصل: أنّ الواجب التخييري لا يستلزم تعلّق الإرادة بمراد مبهم في أيّةصورة من صوره الثلاث، فهو سنخ خاصّ من الوجوب في مقابل التعييني.

البحث حول إمكان التخيير بين الأقلّ والأكثر

بقي الكلام في أنّه هل يمكن التخيير بين الأقلّ والأكثر ـ كأن يكون الواجبفي الركعتين الأخيرتين من الرباعيّة التسبيحات إمّا مرّة واحدة أو ثلاثمرّات ـ أم لا؟

تحرير محلّ النزاع

وليعلم أنّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان كلّ من الأقلّ والأكثر واجباً تخييراً، لفيما إذا كان الأقلّ واجباً على كلّ حال وما زاد عليه مستحبّاً أو مباحاً فيصورة اختيار الأكثر، وأيضاً النزاع فيما إذا اُخذ الأقلّ لا بشرط بالنسبة إلى


  • (1) هذه هي الصورة الثانية المذكورة في الكفاية. م ح ـ ى.
  • (2) هذه صورة ثالثة لم يذكرها المحقّق الخراساني رحمه‏الله . م ح ـ ى.
(صفحه480)

الزيادة، وأمّا المأخوذ بشرط لا فالتخيير بينه وبين الأكثر من قبيل التخييربين المتباينين، لعدم تحقّق الأقلّ كذلك في ضمن الأكثر.

برهان القائل بالامتناع

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ بعضهم ذهب إلى عدم إمكانه، بدعوى أنّه معتحقّق الأقلّ في الخارج وحصوله يحصل الغرض، فإذن يكون الأمر بالأكثرلغواً، فلا يصدر من الحكيم، سواء كان تدريجي الوجود(1)، كالتخيير بين قراءةالتسبيحات مرّة واحدة أو ثلاث مرّات، أو دفعي الوجود، كالتخيير بينترسيم خطّ طوله شبر واحد أو شبران دفعةً، بأن يلطّخ مثلاً حدّ مسطرةبالحبر ويضربها دفعة على القرطاس.

والتحقيق يقتضي أن نبحث في كلّ من التدريجيّات والدفعيّات على حدة.

القول في التدريجيّات

كلام صاحب الكفاية فيه

ذهب المحقّق الخراساني رحمه‏الله إلى إمكان التخيير بين الأقلّ والأكثر حتّى فيالتدريجيّات، وأجاب عن الدليل المتقدّم في كلام القائل بالاستحالة بأنّ المحصّلللغرض فيما إذا وجد الأكثر هو الأكثر لا الأقلّ الذي في ضمنه، بمعنى أنّه يكونلجميع أجزائه حينئذٍ دخل في حصوله، وإن كان الأقلّ لو لم يكن في ضمنهكان وافياً به أيضاً.

وبالجملة: لا يكاد يترتّب الغرض على الأقلّ في ضمن الأكثر، وإنّما يترتّب


  • (1) والاستحالة فيه أوضح من دفعي الوجود. منه مدّ ظلّه.
ج2

عليه بشرط عدم الانضمام، ومعه كان مترتّباً على الأكثر بالتمام، فكما يمكنالتخيير بين المتباينين يمكن أيضاً بين الأقلّ والأكثر(1).

هذا ملخّص كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله .

ما أفاده الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله في المقام

وقام بتوضيح هذا الجواب سيّدنا الاُستاذ آية اللّه‏ البروجردي رحمه‏الله بشكلبرهاني أدقّ، وهو أنّ الأقلّ والأكثر تحت طبيعة واحدة مشكّكة، ويكون مبه الاشتراك بين الأفراد عين ما به الامتياز(2)، كالخطّ القصير والطويل، وليتعيّن الخطّ للفرديّة إلاّ إذا انقطع سيره، إذ ما دام مستمرّاً متدرّجاً سيّالاً لتعيّن له، بل كأنّه بعدُ مبهم قابل لكلّ تعيّن، فمحصّل الغرض إذا كان فرداً منطبيعة الخطّ لا يصير الفرد القصير فرداً لها إلاّ مع محدوديّته وعدم انضمام الزائدإليه، فالفردان مع تفاوتهما بالأقلّيّة والأكثريّة لا يكونان محصّلين للغرض إلإذا تحقّقا بتحقّق الفرديّة، وهو متقوّم بالمحدوديّة.

وبعبارة اُخرى: الأحكام وإن تعلّقت بالطبائع في مقام التقنين، إلاّ أنّامتثالها لا يتحقّق إلاّ بالوجودات الخارجيّة، فإذا كان المأمور به الخطّ الذيطوله شبر أو شبران ورسّم المكلّف خطّاً بطول شبرين فهو بتمامه وجود واحدلطبيعة الخطّ المأمور بها لا وجودان.

هذا حاصل ما أفاده سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله في حلّ الشبهة المتقدّمةفي كلام القائل بالاستحالة.

نقد كلام العلمين المحقّق الخراساني والسيّد البروجردي رحمهماالله


  • (1) كفاية الاُصول: 175.
  • (2) ما به الامتياز بين أفراد الكلّيّات المشكّكة عين ما به الاشتراك، سواء كان التفاوت بينهما بحسب الكيف،كالتشكيك في الشدّة والضعف، أو بحسب الكمّ، كالتفاوت بالزيادة والنقصان. منه مدّ ظلّه.