جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

لو كان مكلّفاً بتكليف واحد معلوم له وكان قادراً على امتثاله كما إذا دخلالمسجد بعد أداء الصلاة والتفت إلى كونه متنجّساً وكان عالماً بوجوب تطهيرالمسجد عن النجاسة وقادراً عليه فلا إشكال في استحقاقه المثوبة على الموافقةوالعقوبة على المخالفة، بخلاف ما إذا لم يلتفت إليه، أو كان جاهلاً بوجوبالتطهير، أو عاجزاً عنه، فإنّه وإن كان مكلّفاً ـ لأجل الخطاب العامّ ـ في هذهالصور أيضاً، إلاّ أنّه معذور في مخالفة التكليف ولا يستحقّ العقوبة عليها.

ولو كان مكلّفاً بحكمين من جهة الخطاب العامّ من دون أن يكون أحدهمأهمّ من الآخر ولم يقدر إلاّ على امتثال أحدهما، كما إذا لم يقدر إلاّ على إنقاذأحد الغريقين المحترمين، فلا إشكال في كونه مخيّراً عقلاً بينهما، فإن صرفقدرته في إنقاذ أحدهما فهو يستحقّ الثواب عليه ولا يستحقّ العقاب علىترك الآخر، وأمّا إذا ترك الجميع فلا إشكال في أصل استحقاقه العقوبة، إنّمالإشكال في كونه مستحقّاً لعقاب واحد أو عقابين:

الظاهر هو الثاني، لأنّه كان قادراً على الامتثال بالنسبة إلى كلّ واحد منالتكليفين، فتركه اختياراً، والجمع بينهما وإن لم يكن مقدوراً له، إلاّ أنّ عنوان«الجمع» ليس متعلّقاً للتكليف، بل المتعلّق إنقاذ زيد من دون ملاحظة إنقاذعمرو، وإنقاذ عمرو من دون ملاحظة إنقاذ زيد، فكلّ من الإنقاذين واجب،لا الجمع بينهما.

كما أنّه لو صرف قدرته في عمل ثالث محرّم يستحقّ ثلاث عقوبات:إحداها على ارتكاب الحرام، والاُخريين على ترك الواجبين.

ولو كان أحد الحكمين أهمّ من الآخر ولم يقدر إلاّ على امتثال أحدهما، كمإذا التفت إلى أنّ رجلاً مؤمناً مشرف على الغرق في حال ضيق وقت الصلاة،فالعقل يحكم بلزوم رعاية الأهمّ وكونه معذوراً في ترك المهمّ، فلو أنقذ الغريق

(صفحه446)

في المثال يستحقّ المثوبة عليه ولا يستحقّ العقوبة على ترك الصلاة.

ولو أتى بالمهمّ وترك الأهمّ ـ كما هو المفروض في المتنازع فيه ـ فصلّى وتركالإنقاذ فصلاته صحيحة حتّى على القول بتوقّف صحّة العبادات على الأمر،من دون أن نضطرّ إلى القول بالترتّب واشتراط الأمر بالمهمّ بعصيان الأمربالأهمّ أو العزم عليه، لأنّ الأمر تعلّق بالصلاة في عرض تعلّق الأمر بالإنقاذمن دون أن يتأخّر رتبةً عنه، لما عرفت من أنّ التكاليف متعلّقة بالطبائع لبالأفراد، ولا تضادّ بين الطبائع، بل بين الأفراد في بعض الحالات، ومن أنّ كلمن الخطابات العامّة خطاب واحد شامل لجميع الناس، سواء كان مؤمناً أمكافراً، مطيعاً أم عاصياً، عالماً أم جاهلاً، قادراً أم عاجزاً، فهو مكلّف فيالمثالالمتقدّم بتكليفين: إنقاذ الغريق وإقامة الصلاة، لكنّه لو اختار الأهمّ لحكم العقلبمعذوريّته في ترك المهمّ، بخلاف العكس الذي هو محلّ النزاع، فإنّه يستحقّالعقوبة على ترك الأهمّ الذي هو الإنقاذ، لكن صلاته صحيحة حتّى على القولبتوقّف صحّتها على الأمر، لكونها مأموراً بها في عرض كون الإنقاذ مأموربه، لا في الرتبة المتأخّرة عنه كما يقول القائل بالترتّب.

إن قلت: كيف يكون الأمران في رتبة واحدة، مع أنّ أحدهما تعلّق بالأهمّوالآخر بالمهمّ؟

قلت: اختلاف المتعلّقين في الأهمّيّة والمهمّيّة لا يوجب تغاير الأمرين فيالرتبة، ولذا أنكر الترتّب بعضهم ـ كالمحقّق الخراساني رحمه‏الله ـ مع كونه ملتفتإلىأنّ أحد المتعلّقين أهمّ من الآخر، بل القائل بالترتّب أيضاً لا يستندإلىمسألة الأهمّيّة والمهمّيّة، بل إلى أنّ وجوب الأهمّ مطلق ووجوب المهمّمشروط بشرط متأخّر عن الأمر بالأهمّ، وقد عرفت أنّ كليهما واجبانمطلقان وفي عرض واحد.

ج2

ثمّ إنّا نوافق القائلين بالترتّب في استحقاق العبد لعقوبتين في صورة مخالفتهالأمرين، خلافاً للمحقّق الخراساني رحمه‏الله حيث قال:

ثمّ إنّه لا أظنّ أن يلتزم القائل بالترتّب بما هو لازمه من الاستحقاق فيصورة مخالفة الأمرين لعقوبتين، ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليهالعبد، ولذا كان سيّدنا الاُستاذ(1) قدس‏سره لا يلتزم به على ما هو ببالي وكنّا نورد بهعلى الترتّب وكان بصدد تصحيحه(2)، إنتهى.

هذا حاصل طريقتنا في مسألة الترتّب.

البحث حول الترتّب على مسلك المشهور

ولا بأس بأن نبحث اختصاراً في هذه المسألة على طريقة المشهور القائلينبانحلال الخطابات العامّة إلى خطابات شخصيّة، وباشتراط التكاليف بالعلموالقدرة عقلاً، فنقول:

ينبغي أن نتكلّم هاهنا في مقامين:

المقام الأوّل: في إمكان الترتّب ثبوتاً

قالوا في تصويره: إنّ الأمر بالمهمّ مشروط بعصيان الأمر بالأهمّ أو العزمعليه، وهما متأخّران رتبةً عن نفس الأمر بالأهمّ، فالأمر بالمهمّ الذي هومشروط بهما متأخّر عن الأمر بالأهمّ برتبتين.

واستدلّوا على تأخّر رتبة عصيان الأمر بالأهمّ عنه بأنّ العصيان نقيضالإطاعة، فهما في رتبة واحدة، ولا ريب في تأخّر الإطاعة رتبةً عن الأمر،


  • (1) أي آية اللّه‏ الشيرازي الكبير رحمه‏الله الذي أفتى بحرمة شرب التتن. منه مدّ ظلّه.
  • (2) كفاية الاُصول: 168.
(صفحه448)

لأنّها عبارة عن إتيان المأمور به بما هو مأمور به.

وفيه أوّلاً: أنّ العصيان عبارة عن ترك المأمور به، فهو أمر عدمي، فلايمكنأن يحكم عليه بأنّه في رتبة الإطاعة أو متأخّر عن الأمر، لأنّ «ثبوت شيءلشيء فرع ثبوت المثبت له» وثانياً: أنّ للرتب العقليّة ملاكات خاصّة كمتقدّم، وربما يكون الملاك موجوداً في شيء دون متّحده في الرتبة، ألا ترى أنّالمعلولين لعلّة واحدة يتّحدان في الرتبة، ومع ذلك لو كان أحدهما علّة لشيءآخر يكون مقدّماً عليه رتبةً، لمكان العلّيّة والمعلوليّة، دون المعلول الآخرالذي يتّحد معه في الرتبة، لفقدان ملاك التقدّم فيه، بناءً على هذا سلّمنا تأخّررتبة الإطاعة عن الأمر واتّحادها رتبةً مع العصيان الذي هو نقيضها، ولكنهذا لا يستلزم تأخّر رتبة العصيان عن الأمر، لما عرفت من أنّ تقدّم وتأخّرأحد المتّحدين في الرتبة عن شيء لا يستلزم أن يكون المتّحد الآخر أيضكذلك لو لم يكن فيه ملاك التقدّم والتأخّر عقلاً، والعصيان فاقد لملاك التأخّرعن الأمر، لأنّه عبارة عن ترك المأمور به بأيّ داعٍ كان، فربما كان تركه لأجلالكسل ونحوه لا لأجل كونه متعلّقاً للأمر حتّى يكون رتبة العصيان متأخّرةًعن رتبة الأمر، وثالثاً: لا يمكن أن يكون العصيان شرطاً لشيء، لأنّه أمرعدمي كما عرفت، ولابدّ من أن يكون الشرط أمراً وجوديّاً، فكيف يمكن أنيكون عصيان الأمر بالأهمّ شرطاً لتحقّق الأمر بالمهمّ ومؤثّراً فيه؟!

المقام الثاني: في البحث عن المسألة بحسب مقام الإثبات

سلّمنا إمكان تصوير الترتّب ثبوتاً، إلاّ أنّه مخدوش بحسب مقام الإثبات.

توضيح ذلك: أنّ غرض القائلين بالترتّب إنّما هو رفع استحالة طلبالضدّين في زمان واحد بجعل الأهمّ واجباً مطلقاً والمهمّ مشروطاً، ول

ج2

يوصلهم القول بالترتّب إلى هذا الغرض، لأنّ الشرط إن كان نفس العصيانبنحو الشرط المتأخّر(1)، أو العزم عليه(2) بنحو الشرط المقارن، فالأمر بالأهمّلم يسقط في ظرف تحقّق شرط الأمر بالمهمّ، فيجتمع الأمران في زمان واحد،وهو مستحيل(3)، كما إذا كانا واجبين مطلقين، لأنّ ملاك الاستحالة هناك إنّمهو عدم قدرة العبد على الإتيان بهما معاً، وهو متحقّق هاهنا أيضاً، وإن كانالشرط هو العصيان بنحو الشرط المقارن، بمعنى أنّ الأمر بالمهمّ مشروطبعصيان الأمر بالأهمّ خارجاً ويتحقّق مقارناً معه لا متقدّماً عليه، فالعصيانالخارجي يوجب سقوط الأمر بالأهمّ وعدم تحقّقه في ظرف تحقّق الأمربالمهمّ(4).

وبعبارة اُخرى: لنا شيء واحد لو تحقّق لتحقّق عقيبه الأمر بالمهمّ وسقطالأمر بالأهمّ، وهو العصيان، فليس لنا زمان واحد تعلّق فيه الطلب بالضدّينلكي يقال: يمكن تصحيحه بالترتّب كما هو غرض القائلين به.

والحاصل: أنّ ما يكون من قبيل الجمع بين طلب الضدّين في زمان واحدفهو مستحيل، وما ليس بمستحيل فليس منه، فأين رفع استحالة طلبهما في


  • (1) وقد يقال: الشرط في موارد الشرط المتأخّر إنّما هو تعقّب ذلك الأمر المتأخّر للمشروط لا نفسه، فيعودإلى الشرط المقارن. منه مدّ ظلّه.
  • (2) عبّر بعضهم عن العزم على العصيان بالتلبّس به، أو الشروع فيه، وهما عبارتان اُخريان عن العزم، حيثإنّ أوّل زمن التلبّس بالعصيان والشروع فيه هو العزم عليه. منه مدّ ظلّه.
  • (3) واختلافهما رتبةً لا يجدي في رفع غائلة الاستحالة إذا كانا متّحدين زماناً، لأنّ ملاك الاستحالة إنّما هوطلب الضدّين في زمان واحد، لاستلزامه تكليفاً بما لا يطاق. منه مدّ ظلّه.
  • (4) ولابدّ هاهنا من تبديل مثال الإزالة والصلاة بمثال آخر، حيث إنّ الاشتغال بالصلاة لا يوجب سقوطالأمر بالإزالة رأساً، فإنّ المكلّف حينما يلتفت إلى تلوّث المسجد بالنجاسة يجب عليه الإزالة فوراً ففوراً،بمعنى أنّه لو لم يزلها في الآن الأوّل تجب عليه الإزالة في الآن الثاني وهكذا، فإذا اشتغل بالصلاة يتوجّهإليه الأمر بالإزالة أيضاً، فلابدّ من التمثيل للضدّ الأهمّ بواجب فوري لم يبق مجال لامتثال أمره بمجرّدالاشتغال بالمهمّ، كإنقاذ الغريق الذي لا يتمكّن المكلّف منه لو اشتغل بالصلاة في الآن الأوّل، فإنّ الأمربالأهمّ يسقط حينئذٍ بالعصيان المتحقّق بالاشتغال بالمهمّ. م ح ـ ى.