جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه26)

رابع(1)، وهو التمايز بالشدّة والضعف، والكمال والنقصان، فما به الامتياز في هذالقسم عين ما به الاشتراك، وما به الاشتراك عين ما به الامتياز.

والحقّ ثبوت هذا القسم، وهذا ما نعبّر عنه في المنطق بالكلّي المشكّك،ومثاله مراتب الوجود والنور والبياض ونحوها، فإنّ امتياز وجود الواجبمثلاً عن وجود الممكن بالوجود الذي يشتركان فيه، وهكذا الحال في النورالقويّ والضعيف، والبياض الشديد والضعيف.

إذا عرفت هذا فنقول: لا إشكال ولا خلاف في عدم كون التمايز بينالوجوب والندب بتمام الذات.

وقد يتوهّم أنّ الامتياز بينهما بجزء ذاتيهما، بأن يكونا مشتركين في الجنس،وهو طلب(2) الفعل، ويتفصّل كلّ منهما بفصل مختصّ به، وما يمكن أن يعدّ لهمفصلاً اُمور:

أن‏يكون الفصل للوجوب المنع من‏الترك، وللاستحباب الإذن في الترك.

وفيه ـ كما قال سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله ـ أنّ معنى كلمة المنع ليس إلالتحريك نحو الترك، أعني طلب الترك، فإذا اُضيف هذا إلى لفظ الترك صارحاصل معناه طلب ترك الترك، وهو عبارة اُخرى عن طلب الفعل المعدّجنساً(3)، إنتهى.

ويمكن أن يناقش فيه بوجه آخر أيضاً، وهو أنّ مفهوم الترك ممّا لا يلتفت


  • (1) قال في المنظومة:
    الميز إمّا بتمام الذات          أو بعضها أو جا بمنضمّات
    بالنقص والكمال في الماهيّة     أيضاً يجوز عند الإشراقيّة
    شرح المنظومة، قسم الفلسفة: 43.
  • (2) هذا على مسلك المشهور من كون الوجوب والندب قسمين للطلب، وأمّا على ما سيختاره الاُستاذ«مدّظلّه» من أنّهما قسمان للبعث والتحريك الاعتباري فالجنس المشترك بينهما هو البعث والتحريك كمسيأتي في ص63. م ح ـ ى.
  • (3) نهاية الاُصول: 100.
ج2

إليه الآمر عند الإيجاب ولا المأمور عند الاستماع، فكيف يمكن أن يكون المنعمن الترك فصلاً مقوّماً للوجوب؟!

أن يقال: إنّ الوجوب هو الطلب الموجب لاستحقاق العقوبة عندمخالفته، والاستحباب هو الطلب غير الموجب له.

وفيه: أنّ الوجوب بعد تحصّله وصيرورته وجوباً يصير موجباً لاستحقاقالعقوبة، فإيجاب الاستحقاق من لوازمه وآثاره المترتّبة عليه لا من مقوّماته،وكذلك الكلام في جانب الاستحباب.

ويشهد لذلك أنّ استحقاق العقوبة وعدمه من أحكام العقل، ولو كانا جزءًللوجوب والندب لكانا أمرين شرعيّين، لكون الوجوب والندب منالاعتبارات الشرعيّة.

أن يقال: إنّ الوجوب هو الطلب المسبوق بالإرادة الشديدة،والاستحباب هو الطلب المسبوق بالإرادة الضعيفة.

وفيه: أنّ الإرادة من العلل الباعثة على الطلب، فالإرادة الشديدة علّةللوجوب، والإرادة الضعيفة علّة للاستحباب، والمعلول بتمام ذاته متأخّر عنالعلّة، فمسبوقيّتهما بالإرادة الشديدة والضعيفة وكونهما ناشئين عنهما وإن كانحقّاً، إلاّ أنّه لا يمكن أن يكون من مقوّماتهما وأجزائهما(1)، وبعبارة اُخرى:الدليل لا يلائم المدّعى، فإنّ المدّعى هو اختلافهما في الذات، والدليل لا يثبتإلاّ اختلافهما في المنشأ.

وأضعف من هذا أن يقال: إنّ الواجب هو الطلب المسبوق بالمصلحةالملزمة، والاستحباب هو الطلب المسبوق بالمصلحة الراجحة.


  • (1) نعم، تغاير العلّة يستلزم تغاير المعلول، فإنّ حرارة الماء المعلولة للنار غير حرارته المعلولة للشمسمثلاً، لكنّه لا يوجب كون التغاير ذاتيّاً، فالطلب الوجوبي غير الطلب الاستحبابي، لكون الأوّل معلولللإرادة الشديدة والثاني للإرادة الضعيفة، إلاّ أنّه لا يوجب كون التغاير بينهما ذاتيّاً. منه مدّ ظلّه.
(صفحه28)

ووجه الضعف: أنّ المصالح والمفاسد متقدّمتان رتبةً على الإرادة، لكونهممن عللها، فيكون الطلب متأخّراً عن المصالح والمفاسد بمرتبتين، فلا يصحّعدّهما من مقوّمات الوجوب والاستحباب الذين هما قسمان من الطلب.

والحاصل: أنّ التمايز بينهما ليس ببعض الذات، لعدم فصل مميّز لهما.

كلام صاحب الكفاية في المقام

وذهب المحقّق الخراساني رحمه‏الله إلى أنّ الوجوب والاستحباب فردان منالطلب متباينان(1) عند العرف، وأمّا بالدقّة العقليّة فالفرق بينهما بشدّة الطلبوضعفه(2).

وأورد عليه سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله بأنّ الوجوب والاستحبابقسمان من الطلب الإنشائي، وهو أمر اعتباري، والاعتباريّات لا تقبلالتشكيك، فإنّ أمرها دائر بين الوجود والعدم من دون أن يتحقّق فيها مراتببالكمال والنقصان والشدّة والضعف وغيرها(3).

وفيه: منع عدم تحقّق التشكيك في الاعتباريّات، ألا ترى أنّ البيع مثلاً معكونه أمراً اعتباريّاً قد يكون كاملاً، كما إذا صدر عن المالك، وقد يكون ناقصمتوقّفاً على الإجازة، كما إذا صدر عن الفضولي، بناءً على ما هو الحقّ منصحّة بيع الفضولي.

المختار في المسألة

فالحقّ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه‏الله من أنّ التمايز بين الوجوب والندب


  • (1) ظاهره هو التباين ببعض الذات. منه مدّ ظلّه.
  • (2) كفاية الاُصول: 463.
  • (3) نهاية الاُصول: 101.
ج2

بشدّة الطلب وضعفه، لعدم توجّه إشكال إليه.

كلام الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله في المقام

ثمّ إنّ سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله ـ بعد المناقشة في التمايز الذاتي بينالوجوب والندب، سواء كان بتمام الذات أو ببعضها أو بالشدّة والضعف ذهب إلى أنّهما متّحدان ذاتاً متمايزان بالمقارنات(1).

وقال في توضيحه ما ملخّصه: أنّ المولى إذا قال لعبده: «اضرب» مثلاً قديقوله ضارباً رجليه الأرض ومحرّكاً رأسه ويديه، وقد يقوله مع اللّين معقّبإيّاه بقوله: «وإن لم تفعل فلا جناح عليك» وقد يقوله بدون هذه المقارنات،فينتزع عن الأوّل الوجوب، وعن الثاني الندب، واختلف في الثالث، فلا فرقذاتي بين الوجوب والاستحباب، إلاّ أنّ منشأ انتزاع الأوّل هو الطلب المقترنبالمقارنات الشديدة، ومنشأ انتزاع الثاني هو الطلب المقترن بالمقارناتالضعيفة، فعلى هذا ليس للطلب بنفسه وبحسب الواقع ـ مع قطع النظر عنالمقارنات ـ قسمان، حتّى يكون المقارنات الشديدة أو الضعيفة قرينتين عليهما.

والحاصل: أنّ الوجوب والندب إنّما ينتزع عن الطلب الإنشائي بما هو فعلخاصّ صادر عن المولى، لا بما أنّه لفظ استعمل في معناه، فللطلب الإنشائيمعنى واحد، إلاّ أنّه ينتزع منه بلحاظ بعض المقارنات الوجوب، وبلحاظبعضها الندب(2).

هذا ملخّص كلام سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله في المقام.


  • (1) قد عرفت أنّ هذا على مسلك المشهور من كون الوجوب والندب قسمين للطلب، وأمّا على ما سيختارهالاُستاذ«مدّ ظلّه» من أنّهما قسمان من البعث والتحريك الاعتباري فالتمايز بينهما بشدّة البعث وضعفهكما سيأتي في ص63. م ح ـ ى.
  • (2) نهاية الاُصول: 101.
(صفحه30)

وظاهره أنّ التمايز بين الوجوب والاستحباب عنده يشبه القسم الثالث،أعني التمايز بالمشخّصات الفرديّة.

وفيه أوّلاً: أنّ النزاع إنّما هو في مقام الثبوت، وما أفاده رحمه‏الله مربوط بمقامالإثبات، توضيح ذلك: أنّا نبحث فيما به يمتاز ماهيّة الوجوب عن ماهيّة الندبمع قطع النظر عن كونهما بحسب الوجود ناشئين عن أي شيء، ومنتزعين منأيّ مكان، وما أفاده رحمه‏الله لا يرتبط ببيان ماهيّتهما، بل بأنّ وجودهما منتزع عنالطلب المقترن بالمقارنات الشديدة والضعيفة، وهو وإن كان حقّاً، إلاّ أنّهخارج عن محلّ النزاع، لأنّه نظير أن يُسأل شخص عن الفرق بين البيعوالإجارة، فأجاب بأنّ الأوّل يوجد بلفظ «بعت وملّكت» والثاني بلفظ«آجرت وأكريت» من دون أن يبيّن ماهيّتهما.

وثانياً: أنّه قال باتّحاد الوجوب والندب ذاتاً، وتمايزهما بالمقارنات، فلابدّ لهمن تصوير شيء يكون ذاتهما، ولايصلح لذلك إلاّ الطلب، فكيف قال بعدمانقسامه إليهما، مع أنّه لا يشترط في الانقسام التكثير بحسب الذات، بل يصحّالانقسام بحسب العوارض والزوائد، كتقسيم الإنسان إلى العالم والجاهل، كميصحّ بحسب الذات، كتقسيم الحيوان إلى الإنسان والفرس.

فالحقّ ما ذهب إليه صاحب الكفاية من أنّ التمايز بينهما بالشدّة والضعف.

إشارة إلى كلام المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام ونقده

والمحقّق العراقي رحمه‏الله أيضاً تبعه في ذلك، كما عرفت كلامه، وهو رحمه‏الله وإن أصابفي ذلك، إلاّ أنّك قد عرفت المناقشة في كلامه من جهة جعله النقصان حدّللندب من دون أن يجعل الكمال حدّاً للوجوب، ولأجل ذلك ذهب إلى أنّمقتضى الإطلاق هو الحمل على الطلب الوجوبي(1).