جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج2

يكون بمعنى اشتمال ذاته على الانفكاك عن علّته، وهو ينافي القاعدة العقليّةالحاكمة بعدم إمكان انفكاكه عنها.

إن قلت: يمكن أن يكون الزمان المتأخّر شرطاً لتأثير الإرادة.

قلت: إنّ حضور الوقت إن كان شرطاً في بلوغ الشوق حدّ النصابوخروجه من النقص إلى الكمال فهو عين ما رمناه من أنّ حقيقة الإرادة لتتحقّق إلاّ حين إمكان انبعاث القوّة المحرِّكة للعضلات، وإن كان شرطاً فيتأثير الشوق البالغ حدّ النصاب الموجود من أوّل الأمر فهو غير معقول، لأنّبلوغ القوّة الباعثة في بعثها إلى حدّ النصاب مع عدم انبعاث القوّة العاملةتناقض بيّن، بداهة عدم انفكاك البعث الفعلي عن الانبعاث، وعدم تصوّرحركة النفس من منزل إلى منزل مع بقائها في المنزل الأوّل.

توضيحه: أنّ الجزء الأخير من العلّة لحركة القوّة العاملة لابدّ من أن يكونأمراً موجوداً في مرتبة النفس، وذلك لا يمكن أن يكون طبيعة الشوق، لإمكانتعلّقها بما لا يقع فعلاً، بل بالمحال، فلابدّ أن تكون مرتبة خاصّة من الشوق أوصفة اُخرى بعد الشوق بحيث لا تتعلّق تلك المرتبة أو تلك الصفة بما ينفكّ عنانبعاث القوّة العاملة فعلاً، فضلاً عن المحال.

فالقول بتحقّق الشوق المؤكّد الذي نعبّر عنه بالإرادة قبل ظرف المراديستلزم إمّا عدم كون الإرادة هي الجزء الأخير للعلّة التامّة أو انفكاك المعلولعن العلّة.

مضافاً إلى أنّ الإرادة تفارق سائر الأسباب، فإنّ الأسباب الخارجيّة ربميكون لوجودها مقام ولتأثيرها مقام آخر، فيتصوّر اشتراط تأثيرها بشيءدون وجودها(1)، بخلاف الإرادة، فإنّها حيث تكون عبارة عن القوّة الشوقيّة


  • (1) كما أنّ تأثير النار في الإحراق مشروط بمجاورتها للمادّة المحترقة دون وجودها. م ح ـ ى.
(صفحه292)

الواصلة إلى مرحلة الكمال والتأكّد لأثّرت بمجرّد وجودها في القوّة العاملةالمنبثّة في العضلات والجوارح، ولا يمكن القول بأنّ محرّكيّتها للعضلاتمشروطة بزمان متأخّر عن أصل وجودها.

والحاصل: أنّ القوّة الشوقيّة التي نعبّر عنها بالإرادة إمّا موجودة مؤثّرة فيالقوّة العاملة بالفعل، وإمّا غير موجودة، وأمّا كونها حاصلة متوقّفة في تأثيرهعلى حصول شرط متأخّر خارج عنها فلا يعقل أصلاً، لعدم ارتباط القوّةالشوقيّة بالخارج لكي تتوقّف في تأثيرها على أمر خارجي، بل هي مرتبطةبالقوّة العاملة التي هي أيضاً من درجات النفس.

وأمّا ما في المتن من لزوم تعلّق الإرادة بأمر استقبالي إذا كان المراد ذمقدّمات كثيرة فإنّ إرادة مقدّماته قطعاً منبعثة عن إرادة ذيها(1).

فتوضيح الحال فيه: أنّ الشوق إلى المقدّمة بما هي مقدّمة لابدّ من انبعاثهمن الشوق إلى ذيها، لكنّ الشوق إلى ذيها لمّا لم يمكن وصوله إلى حدّ يتحرّكالقوّة العاملة به ـ لتوقّف الفعل المراد على مقدّمات ـ فلا محالة يقف في مرتبتهإلى أن يمكن الوصول، وهو بعد طيّ المقدّمات، فالشوق بالمقدّمة لا مانع منبلوغه حدّ الباعثيّة الفعليّة، بخلاف الشوق إلى ذيها، وهذا حال كلّ متقدّمبالنسبة إلى المتأخّر، فإنّ الشوق شيئاً فشيئاً يصير قصداً وإرادة، فكما أنّ ذاتالمقدّمة في مرتبة الوجود متقدّمة على وجود ذيها، كذلك العلّة القريبة لحركةالعضلات نحوها، مثل هيجان القوّة العاملة، وما قبله المسمّى بالقصد والإرادة،وما هو المسلّم في باب التبعيّة تبعيّة الشوق للشوق لا تبعيّة الجزء الأخير منالعلّة، فإنّه محال، وإلاّ لزم إمّا انفكاك العلّة عن المعلول، أو تقدّم المعلول على


  • (1) كفاية الاُصول: 128.
ج2

العلّة(1).

هذا حاصل كلامه في الإرادة التكوينيّة.

ثمّ قال: وأمّا الإرادة التشريعيّة فهي على ما عرفت في محلّه إرادة فعل الغيرمنه اختياراً، وحيث إنّ المشتاق إليه فعل الغير الصادر باختياره فلا محالة ليسبنفسه تحت اختياره، بل بالتسبّب إليه بجعل الداعي إليه، وهو البعث نحوه، فلمحالة ينبعث من الشوق إلى فعل الغير اختيار(2) الشوق إلىالبعث نحوه،فيتحرّك القوّة العاملة نحو تحريك العضلات بالبعث إليه، فالشوق المتعلّق بفعلالغير إذا بلغ مبلغاً ينبعث منه الشوق نحو البعث الفعلي كان إرادة تشريعيّة،وإلاّ فلا، ومن الواضح أنّ جعل الداعي للمكلّف ليس ما يوجب الدعوة علىأيّ حال، إذ المفروض تعلّق الشوق بفعله الصادر منه بطبعه وميله لا قهرعليه، فهو جعل ما يمكن أن يكون داعياً عند انقياده وتمكينه، وعليه فلا يعقلالبعث نحو أمر استقبالي، إذ لو فرض حصول جميع مقدّماته وانقياد المكلّفلأمر المولى لما أمكن انبعاثه نحوه بهذا البعث، فليس ما سمّيناه بعثاً في الحقيقةبعثاً ولو إمكاناً.

وبالجملة: إذا أراد المولى فعل العبد الصادر منه اختياراً فحيث إنّه ليسبنفسه تحت اختياره فلابدّ له من أن يتوسّل إليه بجعل الداعي فيه، فيريدبالإرادة التكوينيّة أن يبعثه نحوه، فيتحرّك قوّته العاملة فوراً نحو تحريكالعضلات بالبعث إليه، فإذا تحقّق البعث الفعلي فلابدّ من أن يتحقّق الانبعاثالفعلي، فإنّ نسبة الانبعاث إلى البعث كنسبة الانكسار إلى الكسر، فكما ليمكن تعلّق الكسر الحالي بالانكسار الاستقبالي كذلك يمتنع تعلّق البعث


  • (1) نهاية الدراية 2: 73.
  • (2) «إختياراً» صحّ ظاهراً. م ح ـ ى.
(صفحه294)

الحالي بالانبعاث الاستقبالي الذي سمّاه صاحب الفصول بالواجب المعلّق(1).

وهذا ما أفاده رحمه‏الله في الإرادة التشريعيّة مع توضيح منّا.

نقد كلام المحقّق الاصفهاني رحمه‏الله حول الإرادة التكوينيّة

ويمكن أن يناقش فيما أفاده حول الإرادة التكوينيّة باُمور:

أهمّها أنّ تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد وإن كان مشهوراً عندهم، إلاّ أنّهخلاف الواقع، فإنّ الشوق حالة انفعاليّة للنفس، ولا فرق في ذلك بين الشوقالضعيف والمتوسّط والشديد، والإرادة من مقولة الفعل، فكيف يمكن أن يكونشيئاً واحداً مع أنّه لا سنخيّة بينهما أصلاً؟!

توضيح ذلك: أنّ الإنسان يتأثّر ويشتاق إلى الشيء بسبب التصديق بترتّبالفائدة عليه(2)، بخلاف الإرادة، فإنّها قوّة فعّالة آمرة، فراجع إلى وجدانك تارةًتقول لصديقك: «هل تشتاق إلى اشتراء دار زيد؟» واُخرى تقول: «هل تريداشترائها؟» والعرف يقضي بتغاير العبارتين من حيث المعنى.

إن قلت: فما منشأ تحقّق الإرادة؟

قلت: إنّ اللّه‏ تعالى منح للنفس الإنسانيّة شعبةً من الخالقيّة، فالإرادةوكذلك التصوّر الذي يعبّر عنه بالوجود الذهني ممّا تخلقه النفس بتفضّل مناللّه‏ الخالق على الإطلاق.

فالشوق من مبادئ الإرادة ومغاير لها.

بل أنكربعضهم كونه من مبادئها أيضاً، بتقريب أنّ المريض الذي يأكلالدواء المرّ بأمر الطبيب أو يتسلّم مثلاً إلى قطع رجله إذا توقّف حفظ نفسه


  • (1) نهاية الدراية 2: 76.
  • (2) والتصديق بفائدة الشيء تارةً ينشأ من تفكير الإنسان حوله، واُخرى من استماع أوصافه المذكورةبواسطة شخص آخر. منه مدّ ظلّه.
ج2

عليه، فإنّه يريد أكل الدواء وقطع الرجل من دون أن يشتاق إليهما أصلاً،فالشوق إلى المراد قد يتحقّق وقد لا يتحقّق، فليس لزوماً من مبادئ الإرادةفي جميع الموارد.

لكن يمكن الجواب عنه بأنّ كون الشوق من مبادئها ليس بمعنى اشتياقالمريد إلى المراد، بل بمعنى اشتياقه إلى الفائدة المترتّبة عليه، فالمريض وإن لميشتق إلى أكل الدواء المرّ أو قطع رجله إلاّ أنّه يشتاق إلى الفائدة المترتّبةعليهما من رجوع سلامته وحفظ نفسه.

فلا يصحّ إنكار كون الشوق من مبادئ الإرادة، لكن لا ينثلم به أصلالإشكال على المحقّق الاصفهاني رحمه‏الله من أنّ الشوق حالة انفعاليّة تأثّريّة،والإرادة قوّة فعليّة تأثيريّة، ولا يمكن اتّحاد ما هو من مقولة الفعل مع ما هومن مقولة الانفعال، فلا يصحّ تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد، ويشهد علىتغاير معناهما قضاوة العرف كما تقدّم.

ويمكن أن يناقش في فقرة اُخرى من كلامه رحمه‏الله أيضاً، وهي أنّ «الإرادة هيالجزء الأخير من العلّة التامّة»، فلا يمكن تحقّقها من دون تحرّك العضلات نحوالمراد، لأنّه من قبيل انفكاك المعلول عن علّته.

وجه المناقشة أنّه صرف دعوى بلا دليل، حيث إنّه اكتفى فيه بقوله: «ولذقالوا: إنّ الإرادة هو الجزء الأخير من العلّة التامّة لحركة العضلات» ولم يقمبرهاناً على إثباته.

بل يمكن إقامة البرهان على خلافه، فإنّ كونها الجزء الأخير من العلّةالتامّة يقتضي أن يتحقّق قبلها جميع ما له دخل في حركة العضلات نحو المرادمن المقتضي والشرط وعدم المانع، بحيث إذا تحقّقت الإرادة تحرّكت العضلاتنحوه بلا فصل، مع أنّه ليس كذلك في جميع الموارد.