جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه440)

ما يحكم به العقل هو أنّ المكلّف إذا طرأ عليه العذر أو دام عذره وجهله، أنلا يكون مستحقّاً للعقاب، بل يخرج من زمرة الطاغين وعداد المخالفين، لعدمالمخالفة عن عمد، وأمّا كونه خارجاً من موضوع التكليف بحيث تختصّ فعليّةالحكم بغير الجهّال وذوي الأعذار، فلا وجه له، وسيأتي أنّ الخطاباتالقانونيّة ليست مثل الخطابات الشخصيّة، فإنّ الثانية لا يجوز توجيهها لغيرالقادر، بل يقبح خطاب العاجز بشخصه، دون الاُولى، فحينئذٍ فلا وقعللسؤال عن أنّ إسراء الحكم إلى العاجز والجاهل إسراء بلا ملاك، فارتقب.

وبذلك يتّضح أنّ الفعليّة والشأنيّة بالمعنى المعروف من إنشائيّة الحكمبالنسبة إلى شخص، كالجاهل والغافل والساهي والعاجز، وفعليّته بالنسبة إلىمقابلاتها، ممّا لا أساس له، لأنّ الاشتراط الشرعي في بعضها غير معقول، مععدم الدليل في جميعها، والتصرّف العقلي أيضاً غير معقول، لعدم إمكانتصرّف العقل في إرادة الشارع ولا في حكمه، وسيأتي توضيحه.

وبالجملة: إنّ الأحكام المضبوطة في الكتاب والسنّة لا يعقل فيها هاتانالمرحلتان بالمعنى الدائر بينهم، فقوله تعالى: «وَللّه‏ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ»(1)إلخ، لا يختلف بالنسبة إلى الجاهل والعالم، ولا معنى للفعليّة والشأنيّة في هذالحكم المجعول المنضبط، بل جعل الحكم على العنوان وإجرائه بين المكلّفينعند ذكر مخصّصاته ومقيّداته، يوجب فعليّة الحكم على عامّة الناس، سواءالعالم والجاهل والقادر والعاجز، وقد عرفت أنّ العقل يرفع حكم العقاب لنفس التكليف(2)، إنتهى كلامه قدس‏سره .

وحاصله: أنّ الأحكام وإن كانت على قسمين: إنشائي وفعلي، إلاّ أنّ القول


  • (1) آل عمران: 97.
  • (2) تهذيب الاُصول 1: 433.
ج2

بكونها فعليّة في حقّ العالم القادر وانشائيّة في حقّ الجاهل والعاجز ـ كما ذهبإليه المشهور ومنهم صاحب الكفاية ـ غير صحيح.

هل الأحكام القانونيّة تنحلّ إلى خطابات شخصيّة(1)؟

الثاني: أنّ كلّ حكم قانوني كـ «أَقِيمُوا الصَّلاَةَ» فهو خطاب عامّ واحدمتعلّق بعامّة المكلّفين، ولا ينحلّ إلى خطابات شخصيّة متعدّدة بتعدّدهم.

ويشهد عليه أنّ التكاليف متوجّهة إلى العصاة كما هي متوجّهة إلىالمطيعين، وإلاّ فلم يعقل تسميتهم باسم العاصي، وحيث إنّ الأوامر والنواهيالشخصيّة لأجل الانبعاث والانزجار فهي مشروطة بعدم علم المولى بإتيانالعبد المأمور به أو تركه المنهيّ عنه من قبل نفسه حتّى فيما إذا لم يكن أمر أونهي في البين، لأنّ خطابه بالأمر والنهي حينئذٍ لغو، وكذا يشترط فيها عدمعلمه بعصيان العبد بتركه المأمور به أو ارتكابه المنهيّ عنه حتّى بعد الأمروالنهي، لما ذكر من لزوم اللغويّة.

نعم، لا بأس بتوجيه الأوامر والنواهي الشخصيّة الامتحانيّة والاعتذاريّةإلى العبد ولو مع علم الآمر بعدم انبعاثه وانزجاره عقيبهما، وأمّا التكاليفالحقيقيّة التي تصدر لأجل الامتثال فلا، إذ لا يعقل البعث والزجر لغرضالانبعاث والانزجار، مع العلم بعدم تحقّق الغرض، لأنّهما يستلزمان اللغويّة كمذكر.

فلايمكن لعلاّم الغيوب أن يكلّف العاصي بخطاب شخصي حقيقي.

بخلاف الخطاب الواحد العامّ المتوجّه إلى جميع المكلّفين الذين منهم العصاة،لأنّه لا يكون مشروطاً بعدم علم الآمر بعصيان بعضهم، بل هو مشروط بعدم


  • (1) يترتّب على هذه المسألة ثمرات كثيرة قيّمة. منه مدّ ظلّه.
(صفحه442)

علمه بعصيان الكلّ أو الجلّ، فلو علم بإطاعة طائفة منهم وعصيان طائفةاُخرى فلا ضير في توجيه الخطاب إلى الكلّ، لعدم استلزامه اللغويّة.

والحاصل: أنّ كلّ واحد من الخطابات الشرعيّة خطاب واحد متوجّه إلىالعموم، من دون أن ينحلّ إلى خطابات شخصيّة متعدّدة، بدليل شمولهللعاصين، مع أنّه لا يمكن تكليفهم بخطابات شخصيّة.

بل هي شاملة للكفّار أيضاً، بدليل ما ورد من أنّهم مكلّفون بالفروع، كمأنّهم مكلّفون بالاُصول، مع أنّ الإشكال المتقدّم بالنسبة إلى العصاة جارٍ هنأيضاً على تقدير انحلال الخطابات إلى خطابات شخصيّة.

لا يقال: بعض الخطابات وإن كانت عامّة لجميع الناس كآية الحجّ(1)، إلأنّ بعضها الآخر مختصّة بالمؤمنين كآيتي الصوم(2) والوضوء(3).

فإنّه يقال: إنّ الأخبار تدلّ على كون الكفّار مكلّفين بجميع الفروع، فلابدّحينئذٍ من أن يكون تخصيص المؤمنين بالخطاب في بعض الآيات إمّا للتجليل،أو لعلمه تعالى بأنّ هذا التكليف الشامل للكلّ لا يؤثّر إلاّ في خصوصهم، أولجهة اُخرى.

وبالجملة: كلّ واحد من الخطابات الشرعيّة خطاب واحد كلّي لا ينحلّإلى خطابات متعدّدة شخصيّة، بدليل شمولها للكفّار والعصاة.

حكم العلم الإجمالي الخارج بعض أطرافه عن محلّ الابتلاء

وبهذا يظهر أنّ حكمهم بعدم منجّزيّة العلم الإجمالي إذا كان بعض أطرافه


  • (1) وهي قوله تعالى: « وَللّه‏ِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً». آل عمران: 97.
  • (2) وهي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْتَتَّقُونَ». البقرة: 183.
  • (3) وهي قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَىالْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ». المائدة: 6.
ج2

خارجاً عن محلّ الابتلاء ـ لاستهجان الخطاب بالنسبة إليه ـ صحيح لو كانالخطاب شخصيّاً قائماً بمخاطب واحد، فيستهجن خطابه بزجره مثلاً عنارتكاب ما في الإناء الموجود في بلدة قاصية، وأما إذا كان بطريق العموم ـ كماخترناه ـ فيصحّ الخطاب لعامّة المكلّفين إن وجد ملاكه، أعني الابتلاء، في عدّةمنهم كما في المقام، ولذا نحن نلتزم بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة حتّىفيما إذا كان بعض أطرافها خارجاً عن محلّ الابتلاء.

البحث حول توقّف الأحكام على العلم والقدرة

الثالث: أنّ شرائط التكليف العقليّة كشرائطه الشرعيّة في توقّفه عليها، إلأنّ الحاكم في الاُولى هو العقل وفي الثانية هو الشرع، فمعنى كون العلم والقدرةشرطين لعامّة التكاليف حكم العقل بعدم ثبوتها إلاّ بعد تحقّقهما، مع أنّهلا ملاك لهذا الحكم العقلي، ضرورة أنّه لا يحكم إلاّ بقبح عقاب الجاهلعلى مخالفته التكليف المجهول كما تقدّمت الإشارة إليه، فالعقل لا يحكمبقبح(1) كون الجاهل مكلّفاً بتكليف عامّ يشمله، بل بكونه معذوراً في مخالفةالتكليف.

ويؤيّده قوله تعالى: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً»(2)، حيث إنّه نفىالتعذيب عند عدم بعث الرسول لا التكليف.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى القدرة، فإنّ العقل لا يحكم بقبح تكليف العاجزبنحو الخطاب العامّ، بل يحكم بقبح عقوبته على ترك امتثاله.

بل لنا على نفي شرطيّة كلّ من العلم والقدرة برهانان:


  • (1) هذا توضيح ما ذكروه في البراءة العقليّة من حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان. م ح ـ ى.
  • (2) الإسراء: 15.
(صفحه444)

أمّا العلم فلأنّه لو كان شرطاً للتكاليف يلزم أوّلاً: تعطيل كتاب البراءة منالمباحث الاُصوليّة، حيث إنّ مجراها هو الشكّ في التكليف، وهو بناءً على كونالتكليف مشروطاً بالعلم مستلزم للقطع بعدمه، لأجل القطع بانتفاء شرطه،فلانحتاج إلى التمسّك بأصالة البراءة لنفي التكليف في مورد من موارد الشكّفيه، وثانياً: يلزم الدور بناءً على ما تقدّم من عدم ثبوت مراتب للتكليف(1)،ضرورة أنّ التكليف متوقّف على العلم به، والعلم به متوقّف على ثبوته فيالواقع، إذ المراد كون التكليف مشروطاً بالعلم بالواقع، لا بالجهل المركّب كما ليخفى، فلايمكن تقييد الحكم بالعلم به(2).

وأمّا القدرة فلأنّها لو كانت شرطاً للتكليف لما وجب على العبد تحصيلها،بل له أن يمنع من تحقّقها كسائر مقدّمات التكليف، مع أنّ العبد إن كان متمكِّنمن تحصيلها يجب عليه ذلك.

على أنّهم قالوا بلزوم الاحتياط عند الشكّ في القدرة، مع أنّ الشكّ فيالتكليف مجرى البراءة، فهذا دليل على أنّ الشكّ فيها ليس من قبيل الشكّ فيشرط الحكم الراجع إلى الشكّ في نفس الحكم، بل الشاكّ فيها عالم بتوجّهالتكليف إليه، لكنّه شاكّ في كونه مأموناً على مخالفته، فيجب عليه الاحتياط.

والحاصل: أنّ ما هو المعروف من كون العلم والقدرة شرطين عقليّين لعامّةالتكاليف ليس بصحيح.

إذا عرفت هذه الاُمور الثلاثة نقول:


  • (1) وأمّا لو قلنا بأنّ له مرحلتين: الإنشاء والفعليّة، فلا دور، لأنّ ما يتوقّف عليه العلم هو الحكم الإنشائي، وميتوقّف على العلم هو الحكم الفعلي. م ح ـ ى.
  • (2) فلابدّ من حمل ما يدلّ على تقييد وجوب الجهر والإخفات والقصر والإتمام بالعلم بوجوبها على عدماستحقاق العقوبة على المخالفة في صورة الجهل، وبعبارة اُخرى: يحمل على تفضّله تعالى بقبول الصلاةالفاقدة لشرطها مكان الواجدة. م ح ـ ى.