جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه82)

بالأصالة، وإن جعل بعضها مقدّمة للبعض الآخر في الكفاية.

بيان المراد بالتعبّدي(1) والتوصّلي

المسألة الاُولى: أنّ الحقّ ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه‏الله من أنّ الوجوبالتوصّلي هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرّد حصول الواجب، ويسقط بمجرّدوجوده، بخلاف التعبّدي، فإنّ الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك، بل لابدّ فيسقوطه وحصول غرضه من الإتيان به متقرّباً به منه تعالى(2).

وأمّا ما قيل من أنّ التعبّدي هو ما كان الغرض منه مجهولاً لنا، والتوصّليما كان الغرض منه معلوماً فغير صحيح، فإنّ الصلاة والصيام أمران تعبّديانمع أنّا نعلم الغرض منهما من طريق قوله تعالى: «أَقِمْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَىعَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ»(3) و «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»(4).

فالملاك في التعبّديّة والتوصّليّة إنّما هو اعتبار قصد القربة في حصولالغرض وعدمه، لا الجهل بالغرض والعلم به.

إن قلت: كيف يصحّ تسمية الواجب التوصّلي واجباً؟ مع أنّه لا يعتبرصدوره من نفس المكلّف مباشرةً، بل يكفي تحقّقه بواسطة الغير، ولو بدونالاستنابة، فإذا تنجّس ثوب مثلاً ببول ما لا يؤكل لحمه فكيف يتوجّه إليهخطاب «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه»؟ مع أنّه يكفي في سقوطهتطهيره بواسطة غيره وإن لم يستنبه في ذلك، بل يحصل الطهارة ويسقط الأمر


  • (1) كلّما نعبّر بالتعبّدي فإنّما هو على مذاق المشهور، وإلاّ فقد عرفت أنّ الحقّ إنّما هو التعبير بالتقرّبي.منه مدّ ظلّه.
  • (2) كفاية الاُصول: 94.
  • (3) العنكبوت: 45.
  • (4) البقرة: 183.
ج2

بإلقاء مثل الريح إيّاه في الماء، فيعلم من ذلك أنّ غسل الثوب لم يكن واجبعلى زيد.

قلت: لا يمكن المناقشة في الواجبات التوصّليّة، لا لأجل ثبوت التكليف،ولا لأجل سقوطه، أمّا الثبوت فلأنّه مشروط بكون المكلّف قادراً علىالامتثال، وهو حاصل فرضاً، وأمّا السقوط فلأنّ ملاكه حصول الغرض منالتكليف، سواء كان بفعل المكلّف، أو بفعل الغير، أو بواسطة اُخرى، ولمنافاة بين وجوب عمل على شخص وسقوطه عنه بفعل غيره ونحوه إذحصل الغرض به.

إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر

في إمكان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر

المسألة الثانية: ذهب المحقّق الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه‏الله إلى استحالة(1)أخذ قصد التقرّب المعتبر في الواجب التعبّدي في متعلّق الأمر شرعاً مطلقاً،أي شرطاً أو شطراً، وهو رحمه‏الله أوّل من تنبّه إلى هذه المسألة، وعنونها في مباحثهالاُصوليّة، ثمّ تبعه في القول بالاستحالة تلامذته، منهم المحقّق الخراساني رحمه‏الله فيالكفاية، وإن اختلفوا في كيفيّتها وإقامة البرهان عليها، فذهب بعضهم إلىالاستحالة بالذات، وبعضهم إلى الاستحالة بالغير.

ثمرة المسألة


  • (1) لابدّ أن يعلم أنّ القائلين بالاستحالة إنّما قالوا بها إن اُريد بقصد القربة إتيان المأمور به بداعي الأمر، وأمّلو اُريد به إتيانه لأجل محبوبيّته للولى، أو لأجل كونه ذا مصلحة ملزمة، أو لأجل كونه أمراً حسناً، كما فيالزكاة، فإنّها إحسان إلى الفقير، أو لحصول القرب إلى المولى، فلا استحالة في أخذه في متعلّق الأمرعندهم أيضاً. منه مدّ ظلّه.
(صفحه84)

ويترتّب على هذا البحث أنّا إذا قلنا بإمكان أخذ قصد القربة في متعلّقالأمر فإن شككنا في تعبّديّة واجب وتوصّليّته نتمسّك بأصالة الإطلاق لنفيالتعبّديّة وإثبات التوصّليّة، ولا يصل النوبة إلى إجراء الاُصول العمليّة، بخلافما إذا قلنا بالامتناع، فلابدّ عليه من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل العملي فيموارد دوران المأمور به بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.

وسيأتي توضيح تطبيق هذه الثمرة على البحث في المسألة الثالثة.

كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في المقام

قال الشيخ رحمه‏الله : قيود الواجبات المركّبة والمقيّدة على قسمين: قسم يمكنللعبد تقييدها به حتّى قبل الأمر، كالسورة والطهارة بالنسبة إلى الصلاة،وقسم آخر لا يمكن ذلك إلاّ بعد الأمر، كقصد القربة بالنسبة إليها، فالعبد يقدرعلى إتيان الصلاة مع السورة والطهارة ولو لم تكن مأموراً بها، ولكنّه لا يقدرعلى إتيانها بداعي الأمر إلاّ بعد كونها مأموراً بها، فيمكن أخذ القسم الأوّلفي متعلّق الأمر، دون القسم الثاني، لاستحالة أخذ ما لا يكاد يتأتّى إلاّ منقبل الأمر بشيء في متعلّق ذلك الأمر(1).

هذا حاصل كلام الشيخ رحمه‏الله .

أدلّة القائلين بالاستحالة الذاتيّة ونقده

ولابدّ حينئذٍ من ملاحظة أدلّة القائلين بالاستحالة، ولنبدأ بأدلّة من قالبالامتناع الذاتي:

الأوّل: أنّ الحكم بالنسبة إلى متعلّقه كالعرض بالنسبة إلى معروضه، فكم


  • (1) مطارح الأنظار 1: 302.
ج2

أنّ المعروض متقدّم على عرضه رتبةً، فكذلك متعلّق الحكم متقدِّم عليه، فلوكان لقصد القربة دخل في المأمور به شطراً أو شرطاً كان ممّا تعلّق به الأمر،فلابدّ من كونه متقدِّماً عليه رتبةً مع أنّه لا يكاد يتأتّى إلاّ من قبل الأمر،فكان متأخّراً عنه رتبةً، لتوقّفه عليه، فأخذ قصد القربة في متعلّق الأمرمستلزم لتقدّم الشيء على نفسه، وهو ممتنع ذاتاً.

وفيه: أنّه لا إشكال في تقدّم رتبة المعروضات على أعراضها، لقيام العرضبالمعروض، ولكن قياس المقام بتلك المسألة باطل.

لأنّ الحكم إمّا أن يراد به الإرادة التي هي من الصفات المتأصّلة القائمةبنفس المريد، أو البعث والتحريك الاعتباري كما قلنا سابقاً: إنّه مفاد صيغة«افعل».

فعلى الأوّل لا ريب في كون الإرادة التي فرض أنّه الحكم أمراً حقيقيّكالعرض، ولا ريب أيضاً في احتياجها(1) إلى المراد، كاحتياج العرض إلىمعروضه، ولكن هذا لا يوجب استحالة أخذ قصد الأمر في متعلّقها، إذ الذييحتاج إليه الإرادة ليس المراد الخارجي الذي يسمّى مراداً بالعرض، لأنّه ربملا يكون موجوداً حين الإرادة، كما إذا أردت الحضور في الدرس حينخروجك من الدار، ولكن يوجد المراد أعني الحضور بعد ساعة مثلاً، فليصلح المراد الخارجي لأن يكون طرفاً للإضافة، بل الصالح له هو المرادبالذات، أعني الصورة الذهنيّة للمراد الخارجي، فإذن لا إشكال في أنّ المريديتمكّن من تصوّر المراد مع قيد قصد الأمر حين الإرادة من دون أن يستلزممحالاً، فالشارع حينما يريد إقامة الصلاة بواسطة العباد يتصوّر المراد، وهوالصلاة بجميع قيودها التي منها قصد امتثال الأمر، ثمّ يأمرهم بها، فالصلاة


  • (1) لكون الإرادة من الاُمور ذات الإضافة، لها إضافة إلى نفس المريد وإضافة إلى المراد. منه مدّ ظلّه.
(صفحه86)

الخارجيّة وإن كانت متأخّرة عن الإرادة، إلاّ أنّ ما يتوقّف عليه تحقّق الإرادةهو الصلاة بوجودها الذهني لا الخارجي، ولا يلزم منه تقدّم الشيء على نفسهكما لا يخفى.

هذا مضافاً إلى بعد كون الحكم بمعنى الإرادة.

وعلى الثاني فالاُمور الاعتباريّة لا يتصوّر فيها التقدّم والتأخّر، لأنّ الأمرالاعتباري ليس بشيء وراء الاعتبار، فكيف يكون رتبته متقدّمة على شيءأو متأخّرة عنه؟! مع أنّهما يختصّان بالاُمور الحقيقيّة.

ولو توقّف البعث والتحريك الاعتباري في المقام إلى وجود العباداتخارجاً لكان بعثاً إلى تحصيل الحاصل.

ويدلّك على عدم جريان أحكام الواقعيّات في الاعتباريّات أنّ الأعراضلكونها أموراً حقيقيّةً متأصّلة لا يمكن اجتماع ضدّين منها في معروض واحدفي وقت واحد ولو من قبل شخصين، ألا ترى أنّه لا يمكن اجتماع البياضوالسواد في جسم واحد في زمان واحد ولو كان المؤثّر في بياضه زيد وفيسواده عمرو مثلاً، بخلاف الحكمين المختلفين، فإنّه يمكن أن يوجب شخصعملاً خاصّاً في زمان ويحرّمه شخص آخر في ذلك الزمان، فيصير واجببالنسبة إلى الأوّل وحراماً بالنسبة إلى الثاني. فلا مجال لقياس الأحكام التيهي من الاُمور الاعتباريّة بالاعراض التي هي من الحقائق الخارجيّة.

الثاني: أنّ أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر مستلزم للدور، لأنّ قصد الأمرلا يمكن أن يتحقّق خارجاً إلاّ بعد الأمر، وصدور الأمر يتوقّف على قدرةالمكلّف على المأمور به بجميع أجزائه وقيوده، لأنّها من الشرائط العقليّة لكلّتكليف، فالقدرة على قصد الأمر متوقّف على الأمر، وهو متوقّف عليها، وهذدور مصرّح، ولا ريب في استحالته الذاتيّة.