جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه134)

من النجاسات نجسا و منجّسا لما يلاقيه؟ فالملاقي موضوع آخر للنجاسة،فكما أنّ نجاسة الدم حكم وضعي تعبّدي استقلالي كذلك نجاسة ملاقيه، وكمأنّ لزوم الاجتناب عن الدم حكم تعبّدي مستقلّ، كذلك وجوب الاجتنابعن ملاقيه وليس من مصاديق لزوم الاجتناب عن الدم. وبعبارة اُخرى:قوله عليه‏السلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء»(1) يدلّ على أنّ للشارع ـ حينملاقى الماء القليل دما ـ ثلاثة أحكام:

أ ـ نجاسة الدم ولزوم الاجتناب عنه.

ب ـ سببيّة الدم لنجاسة ملاقيه.

ج ـ نجاسة الملاقي ـ الذي هو الماء في المثال ـ ولزوم الاجتناب عنه.

وبالجملة: هل تكون نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ ولزوم الاجتناب عنه حكممستقلاًّ أو من توابع نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ ولزوم الاجتناب عنه؟

يستفاد من كلمات بعضهم الثاني(2)، ولذا استدلّ على تنجّس الماء القليلبملاقاة النجاسة بما دلّ على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى: «وَالرُّجْزَفَاهْجُرْ»(3) بدعوى أنّ الاجتناب عن «الرجز» يراد به ما يعمّ الاجتناب عنملاقيه.

وفيه: أنّ ظاهر الآية هو وجوب الاجتناب عن نفس «الرجز» لاعنه وعنملاقيه.

وادّعى دلالة بعض الأخبار أيضاً عليه، وهو رواية عمرو بن شمر عن


  • (1) وسائل الشيعة 1: 158 و 159، كتاب الطهارة، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1، 2، 5 و 6.
  • (2) نسب الشيخ الأعظم رحمه‏الله هذا القول إلى السيّد أبي المكارم في الغنية ثمّ ناقش فيه. راجع فرائد الاُصول2: 239. م ح ـ ى.
  • (3) المدّثّر: 5.
ج5

جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‏السلام أنّه أتاه رجل فقال: وقعت فأرة في خابية(1)فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكله؟ قال: فقال له أبو جعفر عليه‏السلام : «لا تأكله»فقال له الرجل: الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها، قال: فقال لهأبو جعفر عليه‏السلام : «إنّك لم تستخفّ بالفأرة، وإنّما استخففت بدينك، إنّ اللّه‏ حرّمالميتة من كلّ شيء»(2).

وجه الدلالة: أنّه عليه‏السلام جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريمالميتة، ولولا استلزامه لتحريم ملاقيه لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريمالميتة، فوجوب الاجتناب عن شيء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه.

وفيه أوّلاً: أنّ الرواية ضعيفة سندا.

وثانيا: أنّها بصدد بيان تحريم الميتة من قبل اللّه‏ تعالى، لا تنجيسها الذي هوالمتنازع فيه، وكون التحريم فيها بمعنى التنجيس خلاف الظاهر، على أنّ بعضأنواع الميتة ـ كالسمك ـ تكون محرّمة ولا تكون نجسة، فلا وجه لجعل«التحريم» بمعنى «التنجيس».

وبالجملة: إنّ الإمام عليه‏السلام ذكر «الحرمة» في مقام الاستدلال، وهي أعمّ من«النجاسة» التي هي المتنازع فيها.

لكنّ هاهنا إشكالاً، وهو أنّه لا ملازمة بين حرمة الشيء وحرمة ملاقيه،بل الملازمة تختصّ بمسألة النجاسة، فكيف علّل الإمام عليه‏السلام حرمة السمن أوالزيت الملاقي للفأرة بحرمة الميتة؟!

ولعلّ هذا الإشكال دعا بعضهم إلى تفسير «التحريم» في الروايةبـ «التنجيس».


  • (1) الخابية: ما يحفظ ويستتر فيه الشيء، ويقال له بالفارسيّة: «خم». م ح ـ ى.
  • (2) وسائل الشيعة 1: 206، كتاب الطهارة، الباب 5 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2.
(صفحه136)

لكن يمكن الجواب عنه بأنّه يستفاد من هذا التعليل أنّ مورد الرواية هوالسمن أو الزيت الذي تفسّخ الفأرة فيه، بحيث اشتمل كلّ جزء منه على جزءمنها، فلا يمكن أكل شيء من السمن أو الزيت بدون أكل الميتة.

ووجه استفادة هذا المعنى من التعليل أنّه لابدّ في كلّ حديث من حفظظهور التعليل وحمل الحديث عليه، لا العكس.

إن قلت: ينفر طبع الإنسان عن سمن أوزيت تفسّخ الفأرة فيه ولو كانحلالاً، فكيف يمكن حمل الحديث على هذا المعنى؟!

قلت: شدّة الفقر وصعوبة العيش وقلّة الموادّ الغذائيّة في صدر الإسلامكانت تبلغ حدّا يوجب عدم تحرّز الإنسان عن كثير من الخبائث والمنفّرات،ويشهد عليه قول الراوي: «الفأرة أهون عليَّ من أن أترك طعامي لأجلها».

نعم، ينفر طبع الإنسان في هذا الزمان عن السمن الذي وقعت فيه الفأرةوإن لم تتفسّخ.

والحاصل: أنّ ما دلّ على نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ غير ما دلّ على نجاسةالملاقى ـ بالفتح ـ فلكلّ منهما حكم مستقلّ.

استحالة انكشاف شيء مرّتين

الثالث: أنّه إذا قامت بيّنة على خمريّة مائع مثلاً، ترتّب عليه جميع آثارالخمريّة، فلو قامت بيّنة اُخرى على خمريّته فلا أثر لها، لأنّ الحجّيّة والمنجّزيّةإنّما هي للبيّنة الاُولى، ولا يمكن الكشف والتنجيز في مورد واحد مرّتين، ولفرق في ذلك بين العلم والأمارة.

نعم، يمكن جعل حكم تعليقي للأمارة الثانية، مثل أن يقال: «الأمارة الثانيةكاشفة ومنجّزة وصالحة للاحتجاج لو لم تكن الأمارة الاُولى».

ج5

إذا عرفت هذه الاُمور فهل يجب الاجتناب عن ملاقي أحد أطراف الشبهةالمحصورة أم لا؟

نظريّة صاحب الكفاية رحمه‏الله في ذلك

فصّل المحقّق الخراساني رحمه‏الله بين صور المسألة بقوله:

تارةً: يجب الاجتناب عن الملاقى دون ملاقيه فيما كانت الملاقاة بعد العلمإجمالاً بالنجس بينها، فإنّه إذا اجتنب عنه وطرفه اجتنب عن النجس في البينقطعا ولو لم يجتنب عمّا يلاقيه، فإنّه على تقدير نجاسته لنجاسته كان فردا آخرمن النجس قد شكّ في وجوده، كشيء آخر شكّ في نجاسته بسبب آخر، ومنهظهر أنّه لا مجال لتوهّم أنّ قضيّة تنجّز الاجتناب عن المعلوم هو الاجتنابعنه أيضاً، ضرورة أنّ العلم به إنّما يوجب تنجّز الاجتناب عنه لا تنجّزالاجتناب عن فرد آخر لم يعلم حدوثه وإن احتمل.

واُخرى: يجب الاجتناب عمّا لاقاه دونه فيما لو علم إجمالاً نجاسته(1) أونجاسة شيء آخر، ثمّ حدث العلم بالملاقاة والعلم بنجاسة الملاقى أو ذاكالشيء أيضاً، فإنّ حال الملاقى في هذه الصورة بعينها حال ما لاقاه في الصورةالسابقة في عدم كونه طرفا للعلم الإجمالي وأنّه فرد آخر على تقدير نجاستهواقعا غير معلوم النجاسة أصلاً لا إجمالاً ولا تفصيلاً.

وثالثةً: يجب الاجتناب عنهما فيما لو حصل العلم الإجمالي بعد العلمبالملاقاة، ضرورة أنّه حينئذٍ نعلم إجمالاً إمّا بنجاسة الملاقي والملاقى، أو


  • (1) لكن لا بعنوان «الملاقي» إذ المفروض أنّه لا علم لنا بالملاقاة وسببيّتها للنجاسة حين تحقّق العلمالإجمالي كي يصدق عليه عنوان «الملاقي» وكونه نجسا لأجل هذا العنوان، بل بعنوانه الأصلي، كما إذعلم إجمالاً نجاسة اليد أو الإناء الواقع في اليسار، ثمّ بعد حدوث العلم بملاقاة اليد مع الإناء الواقع فياليمين وسببيّتها لنجاسة اليد حدث العلم بصدق عنوان «الملاقي» على اليد وأنّها لو كانت نجسة لكانتلأجل هذا العنوان. منه مدّ ظلّه.
(صفحه138)

بنجاسة الآخر كما لا يخفى، فيتنجّز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين،وهو الواحد أو الاثنين(1)، إنتهى كلامه رحمه‏الله .

وهو حقّ متين.

وتوضيحه يبتني على ملاحظه أمرين من الاُمور التي ذكرناها في بدايةالبحث:

أ ـ أنّ نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ حكم وضعي تعبّدي مستقلّ، ولها دليلغير ما دلّ على نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ .

ب ـ أنّ الشيء الواحد لا يمكن أن ينكشف مرّتين.

فإذا كانت الملاقاة بعد العلم إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين(2) فلا إشكال فيتأثير العلم الإجمالي في وجوب الاجتناب عن كل واحد من الطرفين، لكونالعلم الإجمالي منجّزا للتكليف في أيّ طرف كان، وأمّا الملاقي لأحدهما فلوجه لوجوب الاجتناب عنه، لأنّ ما يتخيّل في وجهه أمران كلاهما مردودان:

أ ـ ما دلّ على وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ .

وقد عرفت جوابه في المقدّمة الثانية(3).

ب ـ أنّه يحصل لنا بعد الملاقاة علم إجمالي آخر، ضرورة أنّ اليد إذا لاقتالإناء الواقع في اليمين نعلم إجمالاً بأنّه إمّا أن تكون اليد نجسة أو الإناء الواقعفي اليسار، فاليد تكون طرفا للعلم الإجمالي الثاني، فيجب الاجتناب عنها، كميجب الاجتناب عن الإناء الواقع في اليسار.

وفيه: أنّ هذا العلم الإجمالي الثانوي لا يمكن أن يكون منجّزا، لأنّ منشرائط تنجيز العلم الإجمالي أن يكون مؤثّرا على كلّ تقدير، مع أنّه لا يكاد


  • (1) كفاية الاُصول: 411.
  • (2) وهو الصورة الاُولى في كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله . م ح ـ ى.
  • (3) وهو أنّ نجاسة كلّ من النجس وما يلاقيه حكم تعبّدي مستقلّ دلّ عليه دليل مستقلّ. م ح ـ ى.