جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

من حيث وحدة الخطاب وتعدّده، فإنّا نرى قوله تعالى: «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوأَوْفُوا بِالْعُقُودِ»(1) خطابا واحدا لعموم المؤمنين، فالخطاب واحد والمخاطبكثير، كما أنّ الإخبار بأنّ «كلّ نار حارّة» إخبار واحد والمخبر عنه كثير، ولذلو قال أحد: «كلّ نار باردة» لا يكون إلاّ كذبا واحدا، فقوله تعالى: «لتَقْرَبُوا الزِّنَى»(2) خطاب واحد إلى كلّ مكلّف، ويكون الزنا تمام الموضوعللحرمة، والمكلّف تمام الموضوع لتوجّه الخطاب إليه، وهذا الخطاب الوحدانييكون حجّة على كلّ مكلّف، من غير إنشاء تكاليف مستقلّة، أو توجّهخطابات عديدة.

لست أقول: إنّ المنشأ تكليف واحد لمجموع المكلّفين، فإنّه ضروريالفساد، بل أقول: إنّ الخطاب واحد، والإنشاء واحد، والمنشأ هو حرمة الزنعلى كلّ مكلّف، من غير توجّه خطاب خاصّ أو تكليف مستقلّ إلى كلّأحد، ولا استهجان في هذا الخطاب العمومي إذا كان المكلّف في بعضالأحوال أو بالنسبة إلى بعض الأمكنة غير متمكّن عقلاً أو عادةً.

فالخمر حرام على كلّ أحد، تمكّن من إتيانه أو لم يتمكّن، وليس جعلالحرمة لغير المتمكّن بالخصوص، حتّى قيل: يستهجن الخطاب أو التكليفالمنجّز، فليس للمولى إلاّ خطاب واحد لعنوان واحد يرى الناس كلّهم أنّهحجّة عليهم، ولا إشكال في عدم استهجان هذا الخطاب العمومي.

كما لا إشكال في أنّ التكاليف الشرعيّة ليست متقيّدة بهذه القيود، أي: عدمالجهل، والعجز، والخروج عن محلّ الابتلاء، وأمثالها(3)، إنتهى كلامه«مدّ ظلّه».

والحاصل: أنّ الخطاب الشخصي إلى خصوص غير المتمكّن عادةً أو عقل


  • (1) المائدة: 1.
  • (2) الإسراء: 32.
  • (3) أنوار الهداية 2: 214، وتهذيب الاُصول 3: 228.
(صفحه96)

وإن كان قبيحا، إلاّ أنّ الخطاب الواحد الكلّي إلى المكلّفين المختلفين بحسبالحالات والعوارض التي منها القدرة والعجز ممّا لا استهجان فيه، فإنّاستهجان الخطاب الخاصّ غير استهجان الخطاب الكلّي، فإنّ الأوّل فيما إذكان الشخص غير متمكّن، والثاني فيما إذا كان العموم أو الغالب ـ الذي يكونغيره كالمعدوم ـ غير متمكّن عادةً، وأمّا إذا تمكّن الأكثر فلا استهجان فيتوجيه الخطاب إلى العموم بنحو يعمّ المتمكّنين وغيرهم.

وعلى هذا المبنى يندفع ما تقدّم من التوالي الفاسدة التي كانت تتوجّه علىمبنى الانحلال.

أمّا مسألة الشكّ في القدرة: فلأنّ الشاكّ فيها عالم بالتكليف الفعلي، غايةالأمر أنّه يحتمل تحقّق العذر العقلي، ولا ريب في وجوب الاحتياط عند اليقينبالتكليف والشكّ في العذر.

وأمّا مسألة الأحكام الوضعيّة: فلأنّ صحّة وضعها للعموم دائرة مدارابتلاء الأكثر بموضوعها، فلا تختصّ بخصوص من ابتلى بها.

نعم، بقي الإشكال بالنسبة إلى دخول الكفّار والعصاة تحت الخطاباتالعامّة، فإنّهم أكثر من المؤمنين المطيعين، فكيف صدرت هذه الخطابات منقبل الشارع إلى جمع أكثرهم من الكفّار والعصاة؟! لكنّ الظاهر أنّ بين مسألة«القدرة» و«الابتلاء» وبين مسألة تكليف الكفرة والعصاة فرقا، فإنّ صحّةالخطاب العامّ تتوقّف على قدرة أكثر المخاطبين وابتلائهم به، وأمّا دخولالكفّار والعصاة تحت الخطاب العامّ لا يتوقّف إلاّ على إطاعة بعض المخاطبين،وإن لم يكن المطيعون أكثرهم، ألا ترى أنّه لو كان للمولى عشرة عبيد لصحّأن يوجّه تكليفا إلى جميعهم، وإن كان يعلم بإطاعة أربعة وعصيان ستّة منهم،من دون أن يكون خطابه مستهجنا عند العرف.

ج5

وحيث إنّ مسلك الشارع في محاوراته وخطاباته هو مسلك العقلاء فلا قبحفي توجيه خطاباته المشتملة على التكاليف على جميع الناس مع علمه بكونأكثرهم من الكفّار والعصاة، ولذا قلنا بشمول التكاليف للعصاة كشمولهللمطيعين، وأنّ الكفّار مكلّفون بالفروع كما أنّهم مكلّفون بالاُصول.

إذا عرفت هذا فانقدح لك أنّك إذا علمت إجمالاً بخمريّة الإناء الذي يكونتحت يدك أو الإناء الكائن في أقصى بلاد المغرب، توجّه إليك تكليف فعليمنجّز، ولابدّ لك من الخروج عن عهدته، ومجّرد كون أحد الطرفين خارجعن محلّ الابتلاء لا يوجب عدم تنجّز التكليف المعلوم، لما عرفت من أنّالأحكام الشرعيّة تعمّ من تمكّن منها ومن لم يتمكّن عادةً. فلا بدّ لك منالاجتناب عن الإناء المبتلى به، لتتيقّن الخروج عن عهدة التكليف المعلومبالإجمال.

حكم ما إذا شكّ في خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء

وكذلك الأمر فيما إذا شكّ في خروج أحد الطرفين عن محلّ الابتلاء، لأنّالاحتياط ـ بالاجتناب عن الطرف المبتلى به ـ إذا كان واجبا في مورد العلمبخروج الطرف الآخر عن محلّ الابتلاء، ففي مورد الشكّ فيه كان الاحتياطواجبا بطريق أولى.

نعم، لو قلنا بانحلال الخطاب العامّ إلى خطابات شخصيّة متعدّدة بتعدادالمخاطبين، فقد عرفت أنّه لا يعمّ إلاّ من تمكّن من الفعل والترك، فلا أثر للعلمالإجمالي الذي خرج أحد طرفيه عن محلّ الابتلاء، لعدم تمكّن المكلّف منفعله وتركه عادةً، فلا يتوجّه إليه التكليف لو كان المعلوم بالإجمال هو الطرفالخارج عن محلّ الابتلاء، فكان الطرف الآخر مشكوكا بشكّ بدوي، وهو

(صفحه98)

مجرى أصالة البراءة.

وعلى هذا فلو شكّ في خروج أحد طرفي العلم الإجمالي عن محلّ الابتلاءلا من جهة الاُمور الخارجيّة، بل من جهة إجمال مفهوم «محلّ الابتلاء» فهلالأصل يقتضي الاحتياط أو البراءة؟

ذهب أكثر من قال بعدم منجّزيّة العلم الإجمالي في مورد العلم بالخروج(1)إلى وجوب الاحتياط في مورد الشكّ فيه.

أدلّة القائلين بالاحتياط في المقام

واستدلّوا عليه بوجوه:

كلام المحقّق الحائري رحمه‏الله في ذلك

منها: ما ذكره مؤسّس الحوزة العلميّة المحقّق اليزدي رحمه‏الله بقوله: إنّ البيانالمصحّح للعقاب عند العقل ـ وهو العلم بوجود مبغوض المولى بين اُمور حاصل، وإن شكّ في الخطاب الفعلي من جهة الشكّ في حسن التكليفوعدمه، وهذا المقدار يكفي حجّة عليه، نظير ما إذا شكّ في قدرته على إتيانالمأمور به وعدمها بعد إحراز كون ذلك الفعل موافقا لغرض المولى ومطلوبا لهذاتا، وهل له أن لا يقدم على الفعل بمجرّد الشكّ في الخطاب الفعلي الناشئ منالشكّ في قدرته؟!

والحاصل: أنّ العقل بعد إحراز المطلوب الواقعي للمولى أو مبغوضه ليرى عذرا للعبد في ترك الامتثال(2)، إنتهى كلامه رحمه‏الله .


  • (1) كالشيخ الأعظم الأنصاري في فرائد الاُصول 2: 234، والمحقّق اليزدي في درر الفوائد: 464، والمحقّقالنائيني في فوائد الاُصول 4: 50. م ح ـ ى.
ج5

نقد ما أفاده المحقّق الحائري رحمه‏الله

ولكنّ التحقيق: أنّ الأصل هو البراءة بعد البناء على أنّ كون المتعلّق فيمحلّ الابتلاء من قيود التكليف وحدوده، لأنّ الشكّ يرجع إلى الشكّ في أصلالتكليف، ومجرّد احتمال تعلّق التكليف بالطرف المبتلى به لا يوجب تماميّةالحجّة على العبد، بل له الحجّة من جهة شكّه في أصل التكليف، لاحتمال كونالمعلوم في الطرف الآخر، فلا يؤثّر العلم الإجمالي.

وبعبارة اُخرى: إنّ غرض الموالي العرفيّة ـ أعني محبوبيّة الأشياء أومبغوضيّتها عندهم ـ وإن كان قد يعلم من غير طريق التكاليف الصادرة منهم،كما نعلم غرض المولى بحفظ ولده ومحبوبيّته عنده ولو لم يأمر به، إلاّ أنّالطريق إلى غرض المولى الحقيقي ـ أعني الشارع المقدّس ـ يختصّ بصدورالتكليف منه، فأوامره الوجوبيّة تكشف عن المصالح الملزمة المستلزمة لمحبوبيّةمتعلّقاتها، ونواهيه التحريميّة تكشف عن المفاسد الملزمة المستلزمةلمبغوضيّتها، وأمّا إذا شككنا في أصل التكليف ـ كما في المقام ـ فلا علم لنبكون الشيء محبوبا أو مبغوضا له.

وأمّا قياس المقام بموارد الشكّ في القدرة فهو قياس مع الفارق، لأنّ الشكّفي القدرة من مصاديق الشبهة الموضوعيّة، ضرورة أنّ المكلّف لا يشكّ فيمفهوم «القدرة» بل يشكّ في أنّه هل هو واجد للقدرة عقلاً أم لا؟

بخلاف المقام الذي فرض كونه من مصاديق الشبهة المفهوميّة وأنّ مفهوم«الابتلاء» هل هو يعمّ المورد المشكوك المتنازع فيه أم لا؟

كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في المقام


  • (1) درر الفوائد: 465.