جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه52)

في كلّ من الإنائين الذين علم بصيرورة أحدهما خمرا يستلزم الترخيص فيارتكاب الخمر الواقعي الذي هو مخالفة قطعيّة عمليّة للحكم بحرمة الخمر،وهو تجويز المعصية، وصدوره عن الحكيم محال.

ويستنتج من هذا البيان خلاف الأمرين المتقدّمين آنفا، ضرورة أنّ المنعـ بناءً على هذا الوجه ـ مربوط بمقام الثبوت أوّلاً، ومخصوص بما إذا كانالأصل رافعا للتكليف ثانيا، كما في مثال العلم بصيرورة أحد الخلّين خمرا،بخلاف ما إذا كان الأصل مثبتا للتكليف، كما في مثال العلم بصيرورة أحدالإنائين النجسين طاهرا، فإنّ استصحاب نجاسة كلّ منهما والاجتناب عنهملا يستلزم مخالفةً قطعيّة للحكم الواقعي كما هو واضح.

نقد كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله

والجواب عن دليله هذا: أنّ صرف مخالفة التكليف الواقعي لا تعدّ معصية،فلايستلزم تجويزها ترخيصاً في المعصية، كما تقدّم(1).

ويمكن الجواب عن دليله الأوّل بوجهين:

الأوّل: أنّا لانسلّم استفادة حكمين من دليل الاستصحاب.

توضيح ذلك: أنّ المراد بـ «اليقين» في أدلّة الاستصحاب إمّا خصوص القطعأو مطلق الحجّة المعتبرة، وسيجيء تحقيقه في محلّه إن شاء اللّه‏ تعالى.

فإن كان خصوص القطع فلايمكن أن يكون قوله: «وإنّما تنقضه بيقين آخر»في مقام جعل حكم شرعي تكليفي، لأنّ مفاده حينئذٍ أنّه يجب عليك العملبالقطع اللاحق ونقض القطع السابق به، وقد عرفت أنّ حجّيّة القطع ذاتيّة ل


  • (1) راجع ص42.
ج5

تنالها يد الجعل إثباتا ونفيا(1)، فكيف يمكن جعل الحجّيّة للقطع بقوله عليه‏السلام :«وإنّما تنقضه بيقين آخر».

فلابدّ من جعل هذه الجملة بمنزلة الغاية للحكم السابق، فكان مفادالمجموع أنّ حرمة نقض اليقين السابق تستمرّ إلى زمان القطع بالخلاف، فكأنّهقال: «لاتنقض اليقين بالشكّ حتّى يحصل لك يقين آخر» فلايستفاد من أدلّةالاستصحاب إلاّ حكم واحد.

وإن كان المراد من «اليقين» مطلق الحجّة المعتبرة الشاملة للقطعوالأمارات، وكان معنى الرواية: «لاتنقض الحجّة المعتبرة باللاحجّة وإنّمتنقضه بحجّة معتبرة اُخرى» فلايمكن أن يجعل ذيل الرواية بالنسبة إلى أحدمصداقيه ـ وهو القطع ـ في مقام جعل الحجّيّة، فلابدّ من أن يكون بالنسبة إليهغاية للحكم المستفاد من الصدر، لا مفيدا لحكم آخر.

نعم، يمكن أن يكون في مقام جعل الحجّيّة وبيان حكم آخر بالنسبةإلىمصداقه الآخر ـ وهو الأمارة ـ فلو قامت البيّنة على طهارة ثوبك مثلاً، ثمّقامت بعد ساعة على نجاسته لدلّ قوله عليه‏السلام : «وإنّما تنقضه بيقين آخر» علىحجّيّة البيّنة الثانية ونجاسة الثوب في الزمن الثاني.

لكن حيث لا يمكن الجمع بين كون ذيل الرواية ـ وهو قوله عليه‏السلام : «وإنّمتنقضه بيقين آخر» ـ مفيدا للحكم بلحاظ أحد مصداقيه، وغير مفيد لهبلحاظ مصداقه الآخر، لعدم قدر جامع بين تحقّق الحكم وعدم تحقّقه، فلابدّمن حمله مطلقا على بيان الغاية ومقدار استمرار الحكم المستفاد من صدره.

الثاني: سلّمنا فرضا إمكان جعل الحجّيّة للقطع، لكن لابدّ من أن يكون متعلّق به اليقين في ذيل الرواية عين ما تعلّق به اليقين الواقع في الصدر، وما نحن


  • (1) راجع ص33 ـ 34 من الجزء الرابع.
(صفحه54)

فيه ليس كذلك.

وبعبارة أوضح: كما أنّ «الشكّ» في قوله عليه‏السلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ»تعلّق بعين ما تعلّق به «اليقين» كذلك اليقين اللاحق في قوله: «وإنّما تنقضهبيقين آخر» تعلّق بعين ما تعلّق به اليقين السابق، والمسألة ليست كذلك فيأطراف العلم الإجمالي، ضرورة أنّ اليقين السابق تعلّق بكلّ من طرفي العلمالإجمالي مشخّصا، بخلاف اليقين اللاحق، فإنّه تعلّق بأحدهما لا على التعيين،لأنّا نبحث في أنّه إذا علم طهارة كلّ من هذين الثوبين معيّنا ثمّ قطعنبصيرورة أحدهما نجسا فهل يجري استصحاب طهارة كلّ منهما أم لا؟

والحاصل: أنّ ما ذكره الشيخ الأعظم من الدليلين لتوجيه عدم جريانالاُصول في أطراف العلم الإجمالي غير تامّ.

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام

وفصّل المحقّق النائيني رحمه‏الله بين الاُصول التنزيليّة وغيرها(1)، فذهب إلىعدمجريان القسم الأوّل في أطراف العلم الإجمالي مطلقا، سواء استلزم جريانهالمخالفة القطعيّة العمليّة أو لم يستلزم، وكذلك القسم الثاني فيما إذا استلزمها،وأمّا إذا لم يستلزم فلا ضير في جريانه.

وقال رحمه‏الله في تفصيله:

توضيح ذلك: هو أنّ المجعول في الاُصول التنزيليّة إنّما هو البناء العملي


  • (1) أراد بـ «الأصل التنزيلي» الذي عبّر عنه بـ «الأصل المحرز» أيضاً ما نزّله الشارع منزلة القطع تعبّدا،كـ «الاستصحاب» فإذا كان المكلّف متطهّرا في أوّل الصباح، ثمّ شكّ في بقاء طهارته، فلابدّ له من أن يرىنفسه قاطعةً ببقائها تعبّدا ويلغي احتمال عروض الحدث ويفرض الشكّ كالعدم في عالم التشريع.
    وبـ «الأصل غير التنزيلي»: ما كان في مقام جعل الحكم الظاهري في فرض الشكّ من دون أن يوظّفالمكلّف بإلغاء احتمال الخلاف وبرؤية نفسه قاطعةً تعبّدا، مثل «أصالة الطهارة والبراءة والحلّ». منه مدّظلّه توضيحا لكلام المحقّق النائيني رحمه‏الله .
ج5

والأخذ بأحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع وإلقاء الطرف الآخر وجعلالشكّ كالعدم في عالم التشريع، فإنّ الظاهر من قوله عليه‏السلام في أخبارالاستصحاب: «لاتنقض اليقين بالشك» هو البناء العملي على بقاء المتيقّنوتنزيل حال الشكّ منزلة حال اليقين والإحراز.

وهذا المعنى من الحكم الظاهري في الشبهات البدويّة الغير المقرونة بالعلمالإجمالي يمكن جعله، وكذا المقرونة بالعلم الإجمالي، لكن بالنسبة إلى بعضالأطراف، وأمّا بالنسبة إلى جميع الأطراف، فلايمكن مثل هذا الجعل، للعلمبانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف وانقلاب الإحراز السابق الذي كانفي جميع الأطراف إلى إحراز آخر يضادّه، ومعه كيف يمكن الحكم ببقاءالإحراز السابق في جميع الأطراف ولو تعبّدا، فإنّ الإحراز التعبّدي لا يجتمعمع الإحراز الوجداني بالخلاف.

والحاصل: أنّه لا يمكن الحكم ببقاء الطهارة الواقعيّة في كلّ من الإنائين معالعلم بنجاسة أحدهما.

نعم، يمكن الحكم ببقاء الطهارة الواقعيّة في أحد الإنائين دون الآخر، لأنّهلايعلم بنجاسته بالخصوص، فالذي لا يمكن هو الجمع بين الحكمين وجعلالاستصحابين معا، وهذا من غير فرق بين أن يلزم من جريان الاستصحابينمخالفة عمليّة كالمثال، حيث إنّ استصحاب طهارة كلّ من الإنائين يقتضيجواز استعمال كلّ منهما في مشروط الطهارة، فيلزم مخالفة عمليّة للتكليفالمعلوم في البين، وهو وجوب الاجتناب عن النجس منهما وعدم جوازاستعماله في مشروط الطهارة، وبين أن لا يلزم من جريانهما مخالفة عمليّة، كمإذا كان الإناءان مقطوعي النجاسة سابقا وعلم بطهارة أحدهما لاحقا، فإنّه ليلزم من استصحاب نجاسة كلّ منهما مخالفة عمليّة، لأنّ العلم بطهارة أحدهم

(صفحه56)

لا يقتضي تكليفا ليلزم من جريانهما مخالفة عمليّة، لما عرفت من عدم إمكانالحكم ببقاء المستصحبين مع العلم بانتقاض أحدهما، وهذا يرجع إلى عدمإمكان الجعل ثبوتا، ولا دخل للمخالفة العمليّة وعدمها في ذلك.

ويترتّب على ذلك عدم نجاسة الملاقي لأحد الإنائين في المثال الأخير، لعدمجريان استصحاب النجاسة فيهما ليحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما، وسيأتي فيأواخر الاستصحاب مزيد توضيح لذلك مع بعض ما يرد عليه من النقوضوالجواب عنها.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ المانع من جريان الاُصول التنزيليّة في أطراف العلمالإجمالي ليس هو انتفاء الموضوع(1) ولا المخالفة العمليّة(2)، بل لأنّ المجعول فيهمعنى لا يعقل ثبوته في جميع الأطراف.

وأمّا الاُصول الغير التنزيليّة ـ كأصالة الطهارة والبراءة والحلّ ونحو ذلك فلا مانع من جريانها في أطراف العلم الإجمالي إلاّ المخالفة القطعيّة العمليّةللتكليف المعلوم في البين، فهي لا تجري إن لزم من جريانها مخالفة عمليّةللتكليف المعلوم بالإجمال، وتجري إن لم يستلزم ذلك.

والسرّ فيه: هو أنّ المجعول فيها مجرّد تطبيق العمل على أحد طرفي الشكّمن دون تنزيل المؤدّى منزلة الواقع المشكوك فيه، كما كان هو المجعول فيالاُصول التنزيليّة، فإنّ مفاد أصالة الإباحة هو مجرّد الترخيص الظاهريوعدم المنع من الفعل والترك، ولا مانع من الترخيص الظاهري في كلّ واحدمن الأطراف من حيث نفسه مع قطع النظر عن استلزامه المخالفة العمليّة، فإنّهلايضادّ نفس المعلوم بالإجمال، لأنّ الترخيص يرد على كل طرف بخصوصه


  • (1) عدم جريان الأصل لأجل انتفاء الموضوع ينحصر ـ عند المحقّق النائيني رحمه‏الله ـ بأصالة الإباحة عند دورانالأمر بين المحذورين، كما أفاده رحمه‏الله تفصيلاً في فوائد الاُصول 4: 12. م ح ـ ى.
  • (2) كما سيأتي في الاُصول غير التنزيليّة. م ح ـ ى.