جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

قلت: هذا غاية ما يمكن أن توجّه به مقالة التخيير.

ولكنّ الإنصاف: أنّ القول بالتخيير في الاُصول المتعارضة في غاية الوهنوالسقوط، لأنّه قول بلا دليل، ولا يساعد عليه العقل ولا النقل، فإنّ التخييرفي إعمال أحد الأصلين المتعارضين لابدّ وأن يكون لأحد أمرين: إمّا لكونالمجعول في باب الاُصول العمليّة معنى يقتضي التخيير في تطبيق العمل علىأحد الأصلين المتعارضين، وإمّا لأجل اقتضاء أدلّة الحجّيّة ذلك، ومن الواضحأنّ المجعول في الاُصول ودليل حجّيّتها لا يقتضي التخيير في إجراء أحدالأصلين المتعارضين، وقياس الاُصول العمليّة بالأمارات في غير محلّه، فإنّالتخيير في الأخذ بإحدى الأمارتين المتعارضتين على القول بالسببيّة فيها إنّمهو لأجل كون المجعول في الأمارات معنى يقتضي التخيير في الأخذ بإحدىالأمارتين المتعارضتين.

وتوضيح ذلك: هو أنّ الموارد التي نقول فيها بالتخيير مع عدم قيام دليلعليه بالخصوص(1) لا تخلو عن أحد أمرين:

أحدهما: اقتضاء الكاشف والدليل الدالّ على الحكم التخيير في العمل.

ثانيهما: اقتضاء المنكشف والمدلول ذلك، وإن كان الدليل يقتضي التعينيّة.

فمن الأوّل: ما إذا ورد عامّ، كقوله: «أكرم العلماء» وعلم بخروج زيد وعمروعن العامّ، ولكن شكّ في أنّ خروجهما هل هو على وجه الإطلاق، بحيث ليجب إكرام كلّ منهما في حال من الأحوال؟ أو أنّ خروجهما ليس على وجهالإطلاق، بل كان خروج كلّ منهما مشروطا بحال عدم(2) إكرام الآخر؟ بمعنى


  • (1) كالتخيير في باب خصال كفّارة الإفطار في شهر رمضان، حيث يدلّ عليه دليل خاصّ، وهو قوله عليه‏السلام ـ فيرجل أفطر من شهر رمضان متعمّدا يوما واحدا من غير عذر ـ : «يعتق نسمةً، أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستّين مسكينا». وسائل الشيعة 10: 44، كتاب الصوم، الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم،الحديث 1.
  • (2) الصحيح حذف كلمة «عدم». م ح ـ ى.
(صفحه74)

أن يكون عدم وجوب إكرام كلّ منهما مقيّدا بحال إكرام الآخر، بحيث يلزم منخروج أحدهما عن العموم دخول الآخر فيه.

وبعبارة أوضح: يدور أمر المخصّص بين أن يكون أفراديّاً وأحواليّاً لو كانخروج الفردين على وجه الإطلاق، أو أحواليّاً فقط لو كان خروج أحدهما فيحال دخول الآخر.

والوظيفة في مثل هذا الفرض هو التخيير في إكرام أحد الفردين وتركإكرام الآخر، ولا يجوز ترك إكرام كلّ منهما، لأنّ مرجع الشكّ في ذلك إلىالشكّفي مقدار الخارج عن عموم وجوب إكرام العلماء، ولابدّ من الاقتصار علىالمتيقّن خروجه، وهو التخصيص الأحوالي فقط، لأنّه لو قلنا بخروج الفردينمطلقا في جميع الأحوال يلزم زيادة تخصيص على ما إذا كان الخارج كلّ منهممشروطا بدخول الآخر، فإنّه على هذا يدخل أحد الفردين تحت العموم علىكلّ حال، فلا محيص عن القول بالتخيير في إكرام أحدهما وعدم إكرام الآخر،ولكنّ الحكم بالتخيير في مثل هذا الفرض إنّما نشأ من اجتماع دليل العامّوإجمال دليل الخاصّ بضميمة وجوب الاقتصار على القدر المتيقّن فيالتخصيص، فإنّ اجتماع هذه الاُمور أوجب التخيير في العمل، وليس التخييرفيه لأجل اقتضاء المجعول ذلك، بل المجعول في كلّ من العامّ والخاصّ هوالحكم التعييني، والتخيير فيه إنّما نشأ من ناحية الدليل لا المدلول، بالبيانالمتقدّم.

ومن الثاني: ما إذا تزاحم الواجبان في مقام الامتثال لعدم القدرة على الجمعبينهما، فإنّ التخيير في باب التزاحم إنّما هو لأجل أنّ المجعول في باب التكاليفمعنى يقتضي التخيير في امتثال أحد المتزاحمين، لأنّه يعتبر عقلاً في المجعولات

ج5

الشرعيّة القدرة على امتثالها، لقبح تكليف العاجز، والمفروض حصول القدرةعلى امتثال كلّ من المتزاحمين عند ترك امتثال الآخر، ولا موجب لتعيّنصرف القدرة في امتثال أحدهما بالخصوص، لأنّ كلاًّ من المتزاحمين صالح لأنيكون معجّزا مولويّا وشاغلاً عن الآخر، إذ كلّ تكليف يستدعي نفي الموانععن وجود متعلّقه وحفظ القدرة عليه، وحيث لا يمكن الجمع بينهما فيالامتثال فالعقل يستقلّ حينئذٍ بصرف القدرة في أحدهما تخييرا، إمّا لأجلتقييد التكليف في كلّ من المتزاحمين بحال عدم امتثال الآخر، وإمّا لأجلسقوط التكليفين معا واستكشاف العقل حكما تخييريّا، لوجود الملاك التامّ فيكلّ منهما، على اختلاف المسلكين في ذلك، كما تقدّمت الإشارة إليهما(1).

وعلى كلّ حال: التخيير في باب التزاحم لم ينشأ من ناحية الدليل الدالّعلى وجوب كلّ من المتزاحمين، بل نشأ من ناحية المدلول والمنكشف، لمعرفت من أنّ المجعول في باب التكاليف إنّما يقتضي التخيير في امتثال أحدالتكليفين عند تعذّر الجمع، بالبيان المتقدّم.

والفرق بين التخيير الجائي من قبل الدليل والتخيير الجائي من قبلالمدلول، هو أنّ التخيير في الأوّل ظاهري وفي الثاني واقعي، كما لا يخفى وجهه.

إذا عرفت ذلك فنقول:

إنّ القول بالتخيير في باب تعارض الاُصول ممّا لا شاهد عليه، لا من ناحيةالدليل والكاشف، ولا من ناحية المدلول والمنكشف.

أمّا انتفاء الشاهد من ناحية الدليل: فهو ممّا لا يكاد يخفى، فإنّ دليل اعتباركلّ من الاُصول العمليّة إنّما يقتضي جريانه عينا، سواء عارضه أصل آخر أولم يعارضه، وليس في الأدلّة ما يوجب التخيير في إجراء أحد الأصلين


  • (1) راجع ص73.
(صفحه76)

المتعارضين.

وأمّا انتفاء الشاهد من ناحية المدلول: فلأنّ المجعول في باب الاُصولالعمليّة ليس هو إلاّ الحكم بتطبيق العمل على مؤدّى الأصل، إمّا بقيد أنّهالواقع، وإمّا لا بقيد ذلك ـ على اختلاف المجعول في باب الاُصول التنزيليّةوغيرها ـ ولكنّ الحكم بذلك ليس على إطلاقه، بل مع انحفاظ رتبة الحكمالظاهري باجتماع قيود ثلاثة: وهي الجهل بالواقع، وإمكان الحكم على المؤدّى،وعدم لزوم المخالفة العمليّة، فعند اجتماع هذه القيود الثلاثة يصحّ جعل الحكمالظاهري بتطبيق العمل على المؤدّى، ومع انتفاء أحدها لا يكاد يمكن جعلذلك، وحيث إنّه يلزم من جريان الاُصول في أطراف العلم الإجمالي مخالفةعمليّة فلا يمكن جعلها جمعا، وكون المجعول أحدها تخييرا وإن كان بمكان منالإمكان، إلاّ أنّه لا دليل عليه، لا من ناحية أدلّة الاُصول، ولا من ناحيةالمجعول فيها.

والحاصل: أنّ مجرّد عدم صحّة الجمع في إجراء الأصلين المتعارضينلايوجب الحكم بالتخيير بينهما، فإنّ الحكم التخييري ـ كسائر الأحكام يحتاج إلى قيام الدليل عليه.

وقياس باب الاُصول العمليّة بباب الأمارات على القول بالسببيّة فيهليس في محلّه، لما عرفت من أنّ التخيير في العمل بإحدى الأمارتينالمتعارضتين على ذلك القول إنّما هو لأجل أنّ المجعول في الأمارات يقتضيالتخيير في صورة التعارض، لاندراجها في باب التزاحم الذي قد عرفت أنّالتخيير فيه ينشأ من ناحية المجعول، بالبيان المتقدّم، وأين هذا من بابالاُصول العمليّة المجعولة وظيفة للشاكّ في الحكم أو الموضوع؟

فظهر أنّ القول بالتخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين ممّا لا دليل

ج5

عليه، وإنّما أطلنا الكلام في ذلك، لأنّ شبهة التخيير قد غرست في أذهان بعضطلبة العصر، وبعد البيان المتقدِّم لا أظنّ بقاء الشبهة في الأذهان.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ القاعدة في مورد تعارض الاُصول تقتضي السقوط،ويبقى التكليف المنجّز المعلوم بالإجمال على حاله، والعقل يستقلّ بوجوبموافقته والخروج عن عهدته، إمّا بالوجدان، وإمّا بالتعبّد من الشارع(1).

إنتهى موضع الحاجة من كلامه.

نقد نظريّة المحقّق النائيني رحمه‏الله من قبل الإمام الخميني«مدّ ظلّه»

وناقش فيه سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» بوجوه دقيقة متينة، حيثقال:

وفيه مواقع للنظر، نشير إلى بعض:

منها: أنّ ما أفاد ـ من أنّ التخيير في الصورة الاُولى من مقتضيات الكاشفوالدالّ لا المنكشف والمدلول، فإنّ المجعول في كلّ من العامّ والخاصّ هو الحكمالتعييني ـ ليس في محلّه، فإنّ دوران الأمر في المخصّص بين التعيين والتخييرـ أي خروج الفردين مطلقا، أو خروج كلّ منهما مشروطا بدخول الآخر موجب للحكم بالتخيير، فإنّه القدر المتيقّن من التصرّف في العامّ، وإلاّ فلوعلم أنّ المجعول في كلّ من العامّ والخاصّ هو الحكم التعييني، فلا مجال للحكمبالتخيير، وهذا واضح.

ومنها: أنّ ما أفاد في الصورة الثانية ـ من أنّ التخيير في باب تزاحمالواجبين من ناحية المدلول والمنكشف، لا الدالّ والكاشف ـ ليس في محلّه،فإنّ التخيير فيه لأجل إطلاق العامّ أحوالاً، ولزوم الأخذ بالقدر المتيقّن في


  • (1) فوائد الاُصول 4: 27.