جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

مسعدة بن صدقة ـ فقد عرفت(1) الاغتشاش في متنها بحيث يصير الاستدلالبها في المقام موهونا، على أنّ في النفس من مسعدة بن صدقة شيئا على ميستفاد من كتب الرجال.

نعم، الحديث الثالث ـ وهو رواية عبداللّه‏ بن سنان ـ كان صحيحا سندوشاملاً لموارد العلم الإجمالي دلالةً بناءً على ما قوّيناه(2) من بين الاحتمالاتالمتصوّرة في مدلوله، من أنّ المراد بـ «الشيء» المأخوذ في المغيّى هو «مجموعالشيئين» الذين أحدهما حلال والآخر حرام، كالإنائين الذين نعلم أنّأحدهما ماء والآخر خمر، فكان معنى الرواية أنّ كليهما حلالان حتّى تعلمالحرام منهما بعينه.

لكنّه تجويز في المخالفة القطعيّة، وقد عرفت أنّه وإن كان ممكنا عقلاً، إلاّ أنّهممتنع عرفا، فلابدّ من حملها على الشبهات البدويّة كما تقدّم.

وأمّا رواية مسعدة بن صدقة فلا يرد عليها هذا الإشكال لو اُغمض عناغتشاشها المتني وإشكالها السندي، وذلك لأنّ لسانها هو «كلّ شيء هو لكحلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه»(3)؛ أي «كلّ شيء شكّ في حلّيّته وحرمته(4)هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه» وهو مضافا إلى الشبهات البدويّة يعمّكلّ واحد من أطراف العلم الإجمالي، لأنّ كلاًّ من أطرافه مشكوك الحلّيّةوالحرمة، فتعمّه هذه الرواية مستقلاًّ، ولا تعمّ مجموع الطرفين أو الأطراف معكي يرد عليها الإشكال الذي كان يرد على صحيحة عبداللّه‏ بن سنان.


  • (1) راجع ص48.
  • (2) راجع ص46.
  • (3) فليس فيها جملة «فيه حلال وحرام» كي نفسّرها بـ «مجموع الشيئين» الّذين أحدهما حلال بالفعلوالآخر حرام بالفعل. منه مدّ ظلّه.
  • (4) يستفاد قيد «شكّ في حلّيّته وحرمته» من «العلم» الذي جعل غاية للحلّيّة. منه مدّ ظلّه.
(صفحه68)

لكن ربما يستشكل عليه بأنّ الترخيص في جميع الأطراف ممتنع عرفا كمعرفت، وفي بعضها ـ كالترخيص في الإناء الواقع في اليمين مثلاً ـ ترجيح منغير مرجّح.

إن قلت: يمكن تجويز «أحدهما» لا على التعيين.

قلت: عنوان «أحدهما» أمرٌ اعتباري، وليس له حقيقة خارجيّة كي يتعلّقبه الحكم.

وبعبارة اُخرى: «الشيء المشكوك الحلّيّة والحرمة» الذي حكم في الحديثبحلّيّته، له في المقام فردان: الإناء الواقع في طرف اليمين، والإناء الواقع في طرفاليسار، وليس لنا شيء ثالث باسم «أحدهما» كي يدلّ الحديث على جوازارتكابه.

واُجيب عن هذا الإشكال بما يحتاج توضيحه إلى ذكر مقدّمة:

وهي أنّ العامّ أو المطلق قد لا يعمّ شيئا مباشرة إلاّ أنّه يعمّه بمعونة حكمالعقل.

توضيح ذلك: أنّا نستفيد من العامّ والمطلق أمرين: أ ـ جريان الحكم فيجميع الأفراد، ب ـ تحقّق ملاك الحكم فيها، فإذا قال المولى: «أكرم العلماء»يستفاد منه أنّ كلّ واحد من أفراد العالم يجب إكرامه وهو واجد لملاك وجوبالإكرام، وإذا قال: «أعتق رقبةً» يستفاد منه أنّ كلّ واحدٍ من أفراد الرقبةيجب عتقه وهو واجد لملاك وجوب العتق.

ثمّ إنّ التخصيص والتقييد تارةً يتعلّق بالمادّة واُخرى بالهيئة والحكم.

مثال الأوّل: ما إذا قال المولى: «أكرم كلّ عالم» وقال في دليل آخر:«لاتكرم الفسّاق من العلماء» فإنّ هذا الدليل المخصّص يضيّق دائرة المتعلّق،فكأنّه قال من بداية الأمر: «أكرم كلّ عالم غير فاسق».

ج5

فالحكم وملاكه في هذا القسم من التخصيصات والتقييدات يختصّ بما بقيتحت العامّ والمطلق، وأمّا ما خرج من تحتهما بواسطة التخصيص والتقييدفلايعمّه الحكم ولا ملاكه.

ومثال الثاني: ما إذا قال: «أنقذ الغريق» وكان زيد وعمرو مشرفين علىالغرق ولم يقدر المكلّف إلاّ على إنقاذ واحد منهما.

ففي هذا المثال لو عمّ قوله: «أنقذ الغريق» كليهما لكان تكليفا بما لا يطاق،ولو اختصّ بخصوص «زيد» أو خصوص «عمرو» لكان ترجيحا بلا مرجّح،فلابدّ من القول بعدم دلالته على وجوب إنقاذ واحد منهما مباشرةً، لكنّ كلمنهما مشتمل على ملاك الحكم، فيحكم العقل بملاحظة قوله: «أنقذ الغريق»بلزوم إنقاذ أحدهما مخيّرا.

وبالجملة: قوله: «أنقذ الغريق» وإن لم يدلّ على وجوب إنقاذ زيد أو عمرومباشرةً، إلاّ أنّه يدلّ على وجوب إنقاذ أحدهما بمعونة حكم العقل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه اُجيب عن الإشكال بأنّ ما نحن فيه يكون منقبيل قوله: «أنقذ الغريق» فإنّ كلاًّ من أطراف العلم الإجمالي مشتمل علىملاك الحكم بالحلّيّة في حديث مسعدة بن صدقة، فهو وإن لم يمكن أن يدلّمستقيما على حلّيّته لأجل المحذور المتقدّم، إلاّ أنّ العقل بملاحظته يحكم بحلّيّةبعض الأطراف مخيّرا.

نقد هذا الجواب من قبل المحقّق اليزدي رحمه‏الله

وناقش فيه المحقّق الحائري اليزدي رحمهماالله بأنّ هذا الحكم من العقل إنّما يكونفيما يقطع بأنّ الجري على طبق أحد الاقتضائين لا مانع فيه، كما في مثالالغريقين، وأمّا فيما نحن فيه فكما أنّ الشكّ يقتضي الترخيص كذلك العلم

(صفحه70)

الإجمالي يقتضي الاحتياط، ولعلّ اقتضاء العلم يكون أقوى في نظر الشارع،فلا وجه لقطع العقل بالترخيص(1)، إنتهى كلامه رحمه‏الله .

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام

ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمه‏الله قرّر التخيير ببيان آخر، بقوله:

فإن قلت: نعم(2)، وإن كانت نسبة الاُصول إلى كلّ واحد من الأطراف علىحدّ سواء، إلاّ أنّ ذلك لا يقتضي سقوطها جميعا، بل غاية ما يقتضيه هوالتخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين، لأنّه بعد الاعتراف بعموم أدلّةالاُصول وشمولها للشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ـ كما تقدّم ـ تكون حالالاُصول العمليّة حال الأمارات على القول بالسببيّة فيها.

وتوضيح ذلك: هو أنّ التخيير في باب الأمارات المتعارضة على ذلك القولإنّما هو لأجل وقوع المزاحمة بينهما في مقام الامتثال، لعدم القدرة على الجمعبين الأمارات المتضادّة في المؤدّى.

ولابدّ حينئذٍ إمّا من تقييد إطلاق الأمر بالعمل بمؤدّى كلّ من الأمارتينالمتعارضتين بحال عدم العمل بالاُخرى ـ إن لم يكن أحد المؤدّيين أهمّ وأولىبالرعاية من الآخر، وإلاّ فيقيّد إطلاق أمر المهمّ فقط ويبقى إطلاق أمر الأهمّعلى حاله ـ وإمّا من سقوط الأمرين معا واستكشاف العقل حكما تخييريّلأجل وجود الملاك التامّ في متعلّق كلّ من الأمارتين على الوجهين المذكورينفي باب التزاحم: من أنّ التخيير بين المتزاحمين هل هو لأجل تقييد إطلاق


  • (1) درر الفوائد: 459.
  • (2) أي نعم، نسبة الاُصول العمليّة إلى كلّ من أطراف العلم الإجمالي على حدّ سواء، ولا يمكن أن تجري فيالجميع، لأنّه يلزم المخالفة القطعيّة، ولا في الواحد المعيّن، لأنّه يلزم الترجيح بلا مرجّح، ولا في الواحدلا بعينه، لأنّ الاُصول إنّما تجري في كلّ طرف بعينه. فوائد الاُصول 4: 25.
ج5

الخطاب من الجانبين مع بقاء أصله؟ أو هو لأجل سقوط الخطابينواستكشاف العقل حكما تخييريّا؟

والأقوى: هو الوجه الأوّل، لأنّ التزاحم إنّما ينشأ من عدم القدرة علىالجمع بين المتزاحمين في مقام الامتثال، والمقتضي لإيجاب الجمع إنّما هو إطلاقكلّ من الخطابين لحال امتثال الآخر وعدمه، إذ لو لم يكن للخطابين هذالإطلاق وكان كلّ منهما مشروطا بعدم امتثال الآخر لما كاد يحصل إيجابالجمع الموجب لوقوع التزاحم بينهما، ومن المعلوم أنّ الذي لابدّ منه هوسقوط ما أوجب التزاحم، وليس هو إلاّ إطلاق الخطابين، فلا موجب لسقوطأصلهما، لأنّ الضرورات تتقدّر بقدرها.

ومن جملة أفراد التزاحم: تزاحم الأمارات المتعارضة على القول بالسببيّةفيها، لأنّه على هذا القول تندرج الأمارات المتعارضة في صغرى التزاحم،ولابدّ من الحكم بالتخيير في الأخذ بإحدى الأمارتين، لتقييد إطلاق الأمربالعمل بكلّ منهما بحال عدم العمل بالاُخرى.

وحينئذٍ يستقيم تنظير باب الاُصول العمليّة بباب الأمارات، بتقريب: أنّحجّيّة كلّ أصل عملي إنّما تكون مطلقة بالنسبة إلى ما عداه من سائرالاُصول، لإطلاق دليل اعتباره، وهذا الإطلاق يكون محفوظا في الشبهاتالبدويّة والمقرونة بالعلم الإجمالي إذا لم يلزم من جريان الاُصول في الأطرافمخالفة عمليّة لعدم التعارض بينها، فلا موجب لتقييد إطلاق حجّيّتها، وأمّا إذلزم من جريانها في الأطراف مخالفة عمليّة فلايمكن بقاء إطلاق الحجّيّة لكلّمن الاُصول الجارية في الأطراف، لأنّ بقاء الإطلاق يقتضي صحّة جريانها فيجميع الأطراف، والمفروض عدم صحّة ذلك، لأنّه يلزم من جريانها في الجميعمخالفة قطعيّة عمليّة، فلابد من رفع اليد عن إطلاق الحجّيّة.