جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

متعدّدة، ألا ترى أنّ الوجدان حاكم باستهجان قول المولى: «لا تكرم غيرالمراجع من الروحانيّين» عقيب قوله: «أكرم كلّ روحاني» مع كون التخصيصبعنوان واحد؟

نعم، لو قال: «أكرم كلّ روحاني مرجع» فلا استهجان فيه، لكنّه خارج عمّنحن فيه، لأنّ القيد فيه متّصل، ولا إشكال في عدم استهجان تخصيص الأكثرإذا كان المخصّص متّصلاً، لأنّا قلنا في مبحث العامّ والخاصّ بعدم كونه مخصّصواقعاً، والتعبير بالتخصيص فيه تعبير مسامحي.

وحاصل البحث إلى هنا: أنّ الإشكال بقي على حاله، لعدم تماميّة ما أفادهالشيخ رحمه‏الله في حلّه.

جواب المحقّق النائيني رحمه‏الله عن الإشكال

ثمّ أجاب المحقّق النائيني رحمه‏الله عنه بوجهين آخرين:

الأوّل: أنّ حديث «لا ضرر» حاكم على أدلّة الأحكام المجعولة التي تارةًتكون ضرريّة، واُخرى لا تكون كذلك، وناظر عليها على وجه التخصيص(1)،مثل دليل وجوب الوضوء ولزوم البيع، ولا يمكن أن يكون حاكماً على دليلوجوب الزكاة والخمس وغيرهما من الأحكام الضرريّة التي يكون طبعهضرراً، إذ لم تكن هذه الأحكام على قسمين: ضرري وغير ضرري حتّىتكون أدلّتها محكومة لحديث الضرر، بل هي ضرريّة دائماً وفي جميع الموارد.

وبالجملة: لسان حديث الضرر لسان الحكومة على وجه التخصيص،فيكون ناظراً إلى أدلّة الأحكام التي تكون ضرريّة أحياناً، وأمّا بالنسبة إلىأدلّة الأحكام التي تكون طبعها ضرريّة فهو معارض لها، لا حاكم عليها.


  • (1) إنّ الحكومة والنظارة تارةً تكون بتخصيص دليل آخر وتضييق دائرته، واُخرى بتوسعته. م ح ـ ى.
(صفحه426)

الثاني: أنّا لا نسلّم تخصيص الأكثر في المقام، لأنّ غالب ما ذكره منالأحكام وادّعى خروجها عن تحت الحديث تخصيصاً لا يكون ضرريّاً، فلميكن داخلاً فيه من أوّل الأمر.

فإنّ الحكم بالضمان المستفاد من قاعدة «من أتلف مال الغير فهو له ضامن»لم يكن ضرريّاً، لأنّ تأدية المتلِف المثل أو القيمة إلى صاحب المال تكون جبرللمتلَف، لا ضرراً على المتلِف، وهكذا الحكم بلزوم إعطاء الدية في القتلخطأً، أو عمداً مع اختيار أولياء المقتول الدية، لم يكن ضرريّاً، لأنّ القتلمستند إلى القاتل، فلابدّ له من جبرانه.

وكذلك الحكم بوجوب الزكاة والخمس، إذ أربابهما شركاء المالك في المالالمتعلّق لهما، وأداء سهم الشريك من المال المشترك فيه لا يكون ضرراً كما هوواضح، وهكذا الموارد الاُخر.

نعم، بعض الأحكام يكون ضرريّاً ومخصّصاً لحديث الضرر ـ مثل الجهادوالحجّ ـ لكن تخصيصه بها لا يستلزم تخصيص الأكثر، لأنّها قليلة(1). هذحاصل كلامه قدس‏سره .

نقد كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في الجواب عن الإشكال

واستشكل سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» على جوابه الثاني بوجهين:

أ ـ أنّ بعض الأحكام التي أنكر كونها ضرريّة يكون ضرريّاً، مثلالحكم بالضمان في الإتلاف إذا كان عن غفلة، كما إذا كان نائماً وأتلفمال الغير بتحريك رجله من دون التفات وشعور، نعم، إذا كان الإتلاف عنعلم وعمد والتفات فالحكم بالضمان لم يكن ضرريّاً، والحكم بوجوب الزكاة


  • (1) منية الطالب في حاشية المكاسب 2: 211.
ج5

والخمس أيضاً ضرري، لأنّ أدائهما وإن كان لأجل الشركة ومن موارد تسليممال الغير إليه، لكن جعل أربابهما شركاء المالك في المال يكون حكماً ضرريّاً،لأنّ رأس المال كان للمالك، وازدياده أيضاً تحقّق بعمله من دون أن يكونأرباب الزكاة والخمس شركاء في رأس المال أو في العمل، فمن أين جاءالشركة؟!

وبعبارة اُخرى: في باب الزكاة مثلاً حكمان للشارع: أحدهما: الحكم بأنّالفقراء مثلاً شركاء المالك إذا بلغ المال إلى النصاب، والثاني: الحكم بأنّه يجبعليه أداء سهمهم، وهو العشر أو نصف العشر، والحكم الثاني وإن لم يكنضرريّاً، لكنّ الأوّل ضرري بلا ريب، وهكذا في باب الخمس.

فقوله رحمه‏الله : «غالب ما ذكره من الأحكام وادّعى خروجها عن تحت الحديثتخصيصاً لا يكون ضرريّاً، فلم يكن داخلاً فيه من أوّل الأمر» غير تامّ، بلموارد التخصيص كثيرة جدّاً بحيث يتحقّق تخصيص الأكثر وهو قبيح.

ب ـ أنّ الاستهجان في المقام لا يتوقّف على تخصيص الأكثر، لأنّ الحديثورد في مقام الامتنان، وما كان كذلك لسانه آبٍ عن التخصيص، كما أنّ قاعدة«الحرج» المستفادة من قوله تعالى: «مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»(1)آبية عن التخصيص، لكونها واردة في مقام الامتنان، وهكذا حديث «الرفع»وغير ذلك من الآيات والروايات الواردة لأجل التوسعة والامتنان على الاُمّة.

فإنكار تخصيص الأكثر فيما نحن فيه لا يجدي في دفع الإشكال، إذالتخصيص في الجملة ولو كان مورداً واحداً مستهجن في المقام(2).

هذا ما أفاده سيّدنا الاُستاذ«مدّ ظلّه» مع توضيحاتنا، مستشكلاً على المحقّق


  • (1) الحجّ: 78.
  • (2) الرسائل، قاعدة «لا ضرر»: 43، وتهذيب الاُصول 3: 517.
(صفحه428)

النائيني رحمه‏الله ، ولكن كلا الوجهين ـ كما لاحظت ـ يرتبطان بجوابه الثاني.

وجوابه الأوّل عن الإشكال أيضاً غير تامّ، بل كرّ على ما فرّ، لأنّكون حديث الضرر معارضاً لأدلّة الأحكام التي يكون طبعها ضرريّيستلزم تخصيصه بها، إذ التعارض هاهنا لا يكون إلاّ من قبيل تعارضالعامّ والخاصّ(1)، لأنّ حديث «لا ضرر» ينفي كلّ حكم ضرري، ودليلوجوب الزكاة مثلاً يثبت حكماً ضرريّاً واحداً، فلابدّ من تخصيصالحديث به.

وبالجملة: كون الحديث معارضاً لأدلّة الأحكام التي طبعها ضرري لحاكماً عليها لا يرفع إشكال تخصيص الأكثر، بل يثبته.

وذكر في معنى الحديث احتمالان آخران:

هل المنفيّ بالحديث خصوص الضرر غير المتدارك؟

الأوّل: ما نقله الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه‏الله عن بعض الفحول: من أنّ المنفيّهو الضرر غير المتدارك، فيكون «لا ضرر» كناية عن لزوم تداركه، ومصحّحدعوى نفي الحقيقة هو حكم الشارع بلزوم التدارك، فينزّل الضرر المحكومبلزوم تداركه منزلة العدم، ويقال: «لا ضرر ولا ضرار»، فإذا حكم الشارعبأنّ الغاصب يضمن المال المغصوب بالمثل أو القيمة إذا تلف فالضرر المتوجّهإلى المغصوب منه ينزّل منزلة العدم، وإذا حكم الشارع بجواز أخذ المشتريالأرش من البائع لو ظهر المبيع معيباً فالضرر الناشئ عن العيب ينزّل منزلةالعدم، بل لم يتحقّق ضرر أصلاً، فإنّ الضرر إنّما يكون فيما إذا لم يجبر، فل


  • (1) التعبير بالتعارض في العامّ والخاصّ مبنيّ على التسامح، لأنّ العرف لا يرى بينهما معارضة، ولأجل هذلا يجري عليهما أحكام باب التعارض. منه مدّ ظلّه.
ج5

إشكال في نفي ماهيّة الضرر حقيقةً.

وجعله الشيخ الأعظم أردء الاحتمالات، وأجاب عنه بأنّ الضرر ينعدمبنفس التدارك خارجاً ـ الذي هو فعل الغاصب والبائع في المثالين ـ لا بالحكمبه من قبل الشارع، والحكم به لا يستلزمه خارجاً، إذ يمكن أن يخالفه منعليه التدارك، فكيف يصحّ نفي هويّة الضرر غير المتدارك حقيقةً مع كونهموجوداً تكويناً(1)؟

كلام شيخ الشريعة الاصفهاني في حديث «لا ضرر»

الثاني: ما اختاره شيخ الشريعة الاصفهاني: من أنّ المراد به النهي عنالضرر، أي «لا يجوز أن يضرّ رجلٌ رجلاً» وهو الذي لا تسبق أذهان العرفالفارغة عن الشبهات العلميّة إلاّ إليه.

ويؤيّده أوّلاً: أنّ إرادة النهي من هذا التركيب كثيرة في الآيات والروايات:

منها: قوله تعالى: «فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ»(2). ومنهقوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا سبق(3) إلاّ في خفّ(4) أو حافر أو نصل»(5).

ومنها: قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا غشّ بين المسلمين»(6).

إلى غير ذلك من الآيات والروايات.

وثانياً: أنّ الحديث مذيّل بـ «على مؤمن» فيما نقل مرسلاً عن زرارة، ول


  • (1) رسالة نفي الضرر ـ المطبوعة في أواخر المكاسب بالطبع الحجري ـ : 372.
  • (2) البقرة: 197.
  • (3) يمكن أن يكون بسكون الباء، ويمكن أن يكون بفتحها، والأوّل بمعنى المسابقة، والثاني بمعنى المالالذي يجعل لها. منه مدّ ظلّه.
  • (4) الخفّ: الإبل والفيلة، والحافر: الخيل والبغال والحمير، والنصل: السيف والسهم والحراب، و«الحِراب»ـ جمع الحَرْبة ـ : آلة للحرب من الحديد قصيرة محدّدة، وهي دون الرمح. م ح ـ ى.
    (5) وسائل الشيعة 19: 252 و 253، كتاب السبق والرماية، الباب 3، الحديث 1 و 2.
  • (6) سنن الدارمي 2: 323، كتاب البيوع، الباب 10، باب النهي عن الغشّ، الحديث 2541.