جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

لا فرق بين كون دليل الجزئيّة بلسان الوضع أو بلسان التكليف، فكما أنّالأوّل ظاهر في الإطلاق وشموله للناسي، فكذلك الثاني.

في جريان حديث الرفع عند نسيان الجزء أو الشرط

ثمّ إنّه إذا ثبت الإطلاق في دليل الجزئيّة وشموله لحال النسيان، فهل يمكنتقييده بفقرة «رفع النسيان» من حديث الرفع، أم لا؟

قال المحقّق النائيني والعراقي «أعلى اللّه‏ مقامهما»: لا يمكن.

والتحقيق هو الإمكان، وقبل البحث في ذلك لابدّ من ذكر مقدّمات أربع:

الاُولى: أنّ الأجزاء في المركّب الاعتباري(1) الذي تعلّق به الأمر لا تكونواجبة بالوجوب الغيري، وأيضاً لا يتبعّض الأمر بالمركّب إلى أبعاض كييتعلّق كلّ بعض منه بواحد من الأجزاء، بل حيث إنّ المركّب لا يكون إلنفس الأجزاء يكون الداعي إلى كلّ جزء هو الأمر بالمركّب، ولا تتوقّفداعويّته إلى بعض الأجزاء على داعويّته إلى بعض آخر، فالأمر بالصلاة مثليكون داعياً إلى الركوع والسجود في عرض واحد.

الثانية: أنّ التخصيص والتقييد تصرّف في الإرادة الجدّيّة من العامّ والمطلق،لا الاستعماليّة حتّى يستلزم التجوّز، فإذا قال المولى: «أكرم العلماء» ثمّ قال: «لتكرم الفسّاق من العلماء» استعمل العامّ في العموم الذي هو معناه الحقيقي،والمخصّص يدلّ على أنّ الإرادة الجدّيّة تتعلّق بغير الفسّاق من العلماء، كما عليهالمحقّق الخراساني رحمه‏الله (2) وحقّقناه في مبحث العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد(3).


  • (1) والمركّبات الشرعيّة كلّها اعتباريّة، فإنّ الشارع يلاحظ مجموعة أشياء متعدّدة ذات حقائق مختلفة،ويعتبرها شيئاً واحداً ويأمر به. منه مدّ ظلّه.
(صفحه246)

ولابدّ هاهنا من ضمّ نكتة إليه، وهو أنّ دليل التقييد تارةً: يكون صادرلبيان الحكم الأوّلي، كقول المولى: «لا تعتق رقبة كافرة» المقيّد لقوله: «أعتقرقبة» واُخرى: لبيان الحكم الثانوي، كدليل نفي الحرج الذي يقيّد إطلاق دليلالوضوء مثلاً، وحديث الرفع الذي يقيّد إطلاق دليل الجزئيّة وشموله لحالالنسيان لو قلنا بإمكان تقييده بحديث الرفع.

والرفع وإن كان إزالة شيء ثابت والجزئيّة لم تكن ثابتةً واقعاً وجدّاً فيحالة النسيان حتّى يتعلّق بها الرفع، لكنّها حيث تكون مرادةً بنحو الإطلاقوبحسب الاستعمال يصحّ تعلّق الرفع بها في خصوص حال النسيان، فتختصّبحال الذكر.

الثالثة: أنّه لا يمكن الأخذ بظاهر قوله: «رفع الخطأ والنسيان» بلا إشكال،فإنّا نعلم وجداناً أنّ نفس الخطأ والنسيان لم يرفعا، ولا يمكن أيضاً القولبكون المرفوع آثارهما، كيف وتحرير الرقبة يكون أثراً للقتل الخطأي وسجدتالسهو أثراً لنسيان التشهّد في الصلاة مثلاً، ولا يمكن رفعهما، لأنّه يستلزم أنيكون الخطأ والنسيان مقتضياً لثبوت الأثر ومقتضياً لرفعه، وهو ضروريالبطلان.

فلابدّ من الالتزام بأحد أمرين:

أ ـ أن يكون النسيان بمعنى المنسيّ، والخطأ بمعنى المخطأ، والمنسيّ فيما نحنفيه هو الجزء ورفعه يتحقّق برفع آثاره التي منها الجزئيّة، وهذا المعنى يكونصحيحاً بالنسبة إلى الغرض الذي نحن بصدده.

ولكن يرد عليه أوّلاً: أنّ النسيان إن كان بمعنى المنسيّ والخطأ بمعنى المخط


  • (1) راجع كفاية الاُصول: 256.
  • (2) راجع مباحث الألفاظ ص281 و 465 من الجزء الثالث.
ج5

فلِمَ لم يعبّر عنهما بالموصول، بأن يقال: «ما أخطأوا وما نسوا» كما عبّر بهذالتعبير في الفقرات الاُخر، وهي «ما استكرهوا عليه وما لا يطيقون وما ليعلمون وما اضطرّوا إليه» مع أنّ المنسيّ وما نسوا، والمخطأ وما أخطأوا بمعنىواحد، فلابدّ من أن يكون التغيير في العبارة لجهة.

وثانياً: أنّ كون النسيان بمعنى المنسيّ وإن كان صحيحاً بالنسبة إلى تركالجزء أو الشرط نسياناً، إلاّ أنّه لا يصحّ بالنسبة إلى إتيان المانع كذلك، لأنّ منأتى بالمانع أو القاطع للصلاة نسي كونه مصلّياً، فالمنسيّ لو كان مرفوعبحديث الرفع لحكم بكونه غير مصلٍّ، فيلزم عليه الإعادة، مع أنّ حديثالرفع في مقام الامتنان وإسقاط التكليف، لا في مقام إيجاد المشقّة وإثباتالتكليف.

ب ـ أن يكون المرفوع الشيء الذي منشأه النسيان، فيكون معنى «رفعالنسيان» رفع الشيء الناشئ عن النسيان، ولا محذور في هذا المعنى، لأنّالشيء المسبّب عن النسيان هو ترك الجزء والشرط وإتيان المانع، ورفع هذهالاُمور حكمٌ بأنّ ترك الجزء أو الشرط لا يكون تركاً لهما، وإتيان المانع ليكون إتياناً به إذا كان عن نسيان، فيرفع الحديث الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّةفي حال النسيان.

الرابعة: أنّ النسيان يتعلّق بطبيعة الجزء والشرط، لا بوجودهما، ولبعدمهما، لعدم كونهما موجودين كي يتعلّق النسيان بوجودهما، ولكون التركأمراً اختياريّاً متفرّعاً على التوجّه والالتفات، فلا يمكن أن يكون نسيان العدمموجباً للعدم.

إذا عرفت هذه الاُمور اتّضح لك أنّ تقييد دليل الجزئيّة بالحديثصحيح، فلا يجب إعادة العمل إذا ترك جزئه نسياناً، لأنّ كلّ واحدٍ

(صفحه248)

من أجزاء الصلاة مثلاً ـ عند نسيان السورة ـ صدرت بداعي الأمر بالمركّب،إذ قلنا في المقدّمة الاُولى: داعويّة الأمر بالنسبة إلى بعض الأجزاءلا تتوقّف على داعويّته بالنسبة إلى بعض آخر، فإذا نسي السورةلا يكون الأمر بالصلاة داعياً إليها، لكنّه داعٍ إلى سائر الأجزاء، ولا يجب أنيكون دليل التقييد بلسان بيان الحكم الأوّلي، بل قد يكون بلسان الحكمالثانوي كما قلنا في المقدّمة الثانية، فلا محذور في تقييد إطلاق دليل الجزئيّةبحديث الرفع.

نظريّة المحقّق العراقي والنائيني في المسألة

لكنّ المحقّق النائيني والعراقي «أعلى اللّه‏ مقامهما» ذهبا إلى عدم صحّةالتقييد.

ونحن نذكر ما أفاده المحقّق العراقي رحمه‏الله في مقام الاستدلال، لكونه أكمل فيالمقام، فنقول:

تشبّث المحقّق العراقي رحمه‏الله لإثبات مرامه بوجوه:

الأوّل: أنّ المرفوع بالحديث وإن كان هو المنسيّ، ورفعه بمعنى رفع آثاره،إلاّ أنّ المنسيّ فيما نحن فيه هو وجود الجزء، وأثر وجوده هو الصحّة، ورفعهذا الأثر يستلزم بطلان عمل الناسي ووجوب الإعادة.

ولا يمكن رفع الجزئيّة بالحديث، لأنّ الجزئيّة من آثار طبيعة السورة لوجودها(1). هذا حاصل ما أفاده رحمه‏الله في الوجه الأوّل.

وجوابه واضح، فإنّا قلنا في المقدّمة الأخيرة: إنّ النسيان يتعلّق بطبيعةالجزء والشرط لا بوجودهما، واُريد برفع الطبيعة رفع الجزئيّة والشرطيّة


  • (1) نهاية الأفكار 3: 429.
ج5

اللتين هما أثرها.

الثاني: أنّه إن اُريد برفع الجزئيّة رفع الجزئيّة أو الشرطيّة عن الجزءوالشرط المنسيّين في مقام الدخل في الملاك والمصلحة، فلا شبهة في أنّ هذالدخل أمر تكويني غير قابل لأن يتعلّق به الرفع التشريعي، وإن اُريد رفعهمبلحاظ انتزاعهما عن التكليف الضمني المتعلّق بالجزء والتقيّد بالشرط، ففيه:أنّ الرفع في الحديث يختصّ برفع ما لولاه يكون قابلاً للثبوت تكليفاً أووضعاً، وعدم شموله للتكاليف المتعلّقة بالمنسيّ في حال النسيان، لارتفاعهبمحض تحقّق النسيان بملاك استحالة التكليف بما لا يطاق(1). هذا ما ذكره فيالوجه الثاني.

وفيه أوّلاً: أنّه خارج عن محلّ النزاع، فإنّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان لدليلالجزئيّة إطلاق وشمول لحال النسيان لولا حديث الرفع.

وثانياً: أنّه مناقض لما تقدّم من قوله بإطلاق دليل الجزئيّة وشموله للناسي،وإن كان بلسان التكليف(2).

الثالث: أنّ غاية ما يقتضيه الحديث إنّما هو رفع إبقاء الأمر الفعلي والجزئيّةالفعليّة عن الجزء المنسيّ في حال النسيان، ولازمه سقوط الأمر الفعلي عنالبقيّة أيضاً، لأنّ التكليف ارتباطي، والحديث لا يقتضي كون الناقص المأتيّ بههو المأمور به للناسي، لأنّه لا يتكفّل الوضع، بل يتكفّل الرفع فقط، فمن أينثبت أنّ الناقص المأتيّ به يكون مأموراً به للناسي حتّى يكون صحيحاً وليجب عليه الإعادة؟!(3). هذا حاصل كلامه في الوجه الثالث.

ويرد عليه أنّ الجمع بين إطلاق دليل الجزئيّة وحديث الرفع ـ بتقييد الأوّل


  • (1) المصدر نفسه.
  • (2) راجع ص247.
  • (3) نهاية الأفكار 3: 429.