جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه362)

ويمكن حلّ الإشكال بوجهين:

أ ـ أنّا لا نسلّم كون وجوب الفحص مقدّميّاً غيريّاً، لأنّ المراد بـ «مقدّمةالواجب» ما لو ترك لعجز المكلّف على إتيان الواجب، ألا ترى أنّ المكلّف لولم ينصب السلّم لامتنع عليه عادةً الكون على السطح، ولو لم يتطهّر لعجز عنالإتيان بالصلاة شرعاً، ولا تنطبق هذه الضابطة على «الفحص» فإنّ المكلّفقادر على رعاية التكليف المحتمل حتّى بدون الفحص، بأن يحتاط ويفعل ميحتمل وجوبه.

ويشهد عليه أنّ الفحص واجب عقلي، لما عرفت من أنّ العقل هو الذييحكم بعدم جريان قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» قبل الفحص(1)، مع أنّوجوب المقدّمة ـ بناءً عليه ـ وجوب شرعي، وإن كانت الملازمة بينه وبينوجوب ذيها عقليّة.

ولا فرق في حكم العقل بلزوم الفحص بين الواجبات المطلقة والمشروطة.

ب ـ أنّا لو سلّمنا أنّ وجوب الفحص غيري مقدّمي، إلاّ أنّا لا نسلّم توقّففعليّة وجوب المقدّمة على فعليّة وجوب ذيها.

بل العقل يحكم بوجوب(2) الإتيان بمقدّمات الواجب قبل وجوب ذيها إذعجز العبد عن الإتيان بها حين وجوبه.

وانظر لتوضيح ذلك إلى المثال التالي:

إنّ المولى إذا قال لعبده: «يجب عليك الكون على السطح في الليل» وعلمالعبد بأنّه لو لم ينصب السلّم قبل دخول الليل لم يتمكّن من نصبه بعده، فهليحكم العقل بأنّه معذور في ترك المأمور به رأساً، لعدم وجوب نصب السلّم


  • (1) راجع ص347.
  • (2) أي يحكم العقل بالملازمة بين الوجوبين الشرعيّين: الوجوب الفعلي المتعلّق بالمقدّمة، والوجوبالاستقبالي المتعلّق بذي المقدّمة. م ح ـ ى.
ج5

عليه قبل دخول الليل، وعدم قدرته على المأمور به بعده، لأجل عجزه عنمقدّمته حينئذٍ؟!

أو يحكم بأنّه إذا علم بأصل التكليف بالكون على السطح في الليل، وبأنّهيسلب عنه القدرة عليه لو لم يأت بمقدّمته قبلاً، يجب عليه تحصيلها قبل فعليّةوجوب ذيها.

فما اشتهر بينهم من عدم إمكان اتّصاف المقدّمة بالوجوب قبل اتّصاف ذيالمقدّمة به باطل عقلاً، ولا نلتزم بما التزم به المحقّق الخراساني رحمه‏الله من أنّ الإرادةالمتعلّقة بالمقدّمة تترشّح من الإرادة المتعلّقة بذيها، ووجوبها يترشّح منوجوبه، فإنّ ما ذكرناه من المثال أقوى شاهد على خلافه.

فلو كان الفحص مقدّمة لكان واجباً قبل فعليّة وجوب الواجب المشروطالمحتمل فيما إذا أدّى تركه إلى سلب القدرة عليه في ظرفه.

كلام المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك رحمهماالله في المسألة

والتجأ المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك للتخلّص عن الإشكالإلىالالتزام بأنّ الفحص والتفقّه والتعلّم واجب نفسي تهيّئي، ويترتّب استحقاقالعقوبة عليه نفسه.

توضيح ذلك: أنّ الواجب النفسي على قسمين: ذاتي وتهيّئي، فالأوّل: هوالواجب لنفسه والمطلوب لذاته والغاية القصوى، من دون أن يكون لأجلالتهيّؤ لواجب آخر، كالصلاة والصوم ونحوهما، والثاني: هو برزخ بينالواجب النفسي الذاتي وبين الواجب الغيري المقدّمي، فهو محبوب ومطلوببنفسه، لكن لا لنفسه، بل لأجل التهيّؤ لواجب نفسي ذاتي.

ومن خصائص هذا النوع من الواجب النفسي ترتّب استحقاق العقوبة على

(صفحه364)

تركه، بخلاف الواجب الغيري المقدّمي الذي لا يترتّب استحقاق العقوبة علىتركه، بل على ترك ذي المقدّمة.

فإذا كان الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً وتركه المكلّف عند احتمال واجبمشروط أو موقّت وانجرّ إلى تركهما في ظرفهما كان مستحقّاً للعقوبة لأجلترك الفحص نفسه، لا لأجل تركهما كي يتوجّه الإشكال عليه(1).

هذا بيان هذين العلمين في التفصّي عن الإشكال في الواجب المشروطوالموقّت.

ووسّعه المحقّق الخراساني رحمه‏الله بحيث يعمّ الواجب المطلق أيضاً، فقال بكونالتفحّص والتعلّم واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً، سواء كان ما يفحص عنه واجباً مطلقاً أومشروطاً(2).

البحث حول الواجب النفسي التهيّئي

ولابدّ هاهنا من التكلّم في مقامات ثلاثة:

أ ـ إمكان هذا النوع من الواجب في مقام الثبوت.

ب ـ ثبوت الملازمة بينه وبين استحقاق العقوبة على تركه.

ج ـ دليل هذا النوع من الوجوب في مقام الإثبات.

القول في إمكان كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً

أمّا المقام الأوّل: فنحن لا نبحث فيه بنحو مسألة كلّيّة، بل نتكلّم فيخصوص وجوب الفحص الذي هو محلّ النزاع في المقام، فنقول:


  • (1) مجمع الفائدة والبرهان 1: 342 و 2: 110، ومدارك الأحكام 2: 345 و 3: 219.
  • (2) كفاية الاُصول: 426.
ج5

ربما يقال باستحالة كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً والقول بتحقّق وجوبهقبل فعليّة وجوب ما يفحص عنه، فإنّه يستلزم انقلاب الواجب الغيري نفسيّأوّلاً، وصيرورة المقدّمة واجبة قبل وجوب ذيها ثانياً، وكلاهما يمتنعان.

لكنّه مبنيّ على أمرين:

أ ـ كون الفحص مقدّمة للواجب.

ب ـ توقّف وجوب المقدّمة على فعليّة وجوب ذيها. وقد عرفت بطلان كلالأمرين(1).

فعلى هذا لو صدر من قبل الشارع أمر نفسي تهيّئي متعلّق بالفحصوالتعلّم في الواجبات المشروطة والموقّتة قبل حصول شرطها أو وقتها لم يكنمخالفاً لقاعدة عقليّة، كي نلتزم باستحالته.

فلا محذور في الواجب النفسي التهيّئي بحسب مقام الثبوت.

في حكم ترك الواجب النفسي التهيّئي

وأمّا المقام الثاني: فحيث إنّ استحقاق العقوبة من المسائل العقليّة فلابدّمن ملاحظة أنّ العقل هل يحكم به في ترك هذا النوع من الواجبات أم لا؟

لا ريب في حكم العقل باستحقاق العقوبة على ترك الواجبات النفسيّةالذاتيّة، كما لا ريب في حكمه بعدم استحقاقها على ترك الواجبات الغيريّةالمقدّميّة ـ بناءً على وجوبها ـ ولأجل ذلك لا يستحقّ المكلّف إلاّ عقاباً واحدعلى ترك الواجب مطلقاً، سواء لم تكن له مقدّمة أصلاً، أو كانت له مقدّمةواحدة أو كثيرة.

وأمّا الفحص الذي سمّي واجباً نفسيّاً، لكن لا لذاته، بل لأجل التهيّؤ


  • (1) راجع ص369 ـ 370.
(صفحه366)

لواجب آخر، فليس للعقل فيه حكم واضح، لأنّ استحقاق العقوبة على تركهيستلزم تحقّق ملاكين عقليّين لاستحقاق العقوبة في المقام: أحدهما: مخالفةالواقع، والآخر: ترك الواجب النفسي التهيّئي وإن لم يكن مقصوداً لذاته، وهوبعيد، فحكم العقل باستحقاق العقوبة على الواجبات النفسيّة التهيّئيّة مشكوكالوجود لو لم نقل بكونه مقطوع العدم.

والحاصل: أنّ كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً وإن كان ممكناً بحسب مقامالثبوت، إلاّ أنّه لا ملازمة بينه وبين استحقاق العقاب على تركه، فإنّ العقل ليحكم به إلاّ بملاك مخالفة الواقع، فلا يمكن الالتزام بما ذهب إليه المحقّقالأردبيلي وصاحب المدارك.

القول في إثبات الواجب النفسي التهيّئي

بل يرد عليهما الإشكال بحسب مقام الإثبات أيضاً، إذ لا دليل عقلاً ولنقلاً على ثبوت الوجوب النفسي التهيّئي في الشريعة.

أمّا عدم الدليل العقلي: فلأنّ الفحص وإن كان واجباً بحسب حكم العقل كمتقدّم(1)، إلاّ أنّه غير ما نحن بصدده هاهنا، فإنّ المراد بـ «الوجوب النفسيالتهيّئي» هو الوجوب الشرعي، فلو دلَّ العقل عليه لكان كاشفاً عنه ـ ككشفهعن الوجوب الشرعي المتعلّق بمقدّمة الواجب(2) من طريق الملازمة بينه وبينوجوب ذيها ـ وأمّا اللزوم العقلي المتعلّق بالفحص فليس محلاًّ للنزاع هاهنا،كما أنّ اللابدّيّة العقليّة المتعلّقة بمقدّمة الواجب لم تكن مبحوثاً عنها هناك.

ولا طريق لكون العقل كاشفاً عن وجوب الفحص شرعاً، سيّما مع كونه


  • (1) راجع ص347.
  • (2) بناءً على وجوبها. م ح ـ ى.