جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه408)

ما أفاده المحقّق النائيني والعراقي والحائري رحمهم‏الله

وذهب الأعلام الثلاثة: النائيني والعراقي والحائري «قدّس اللّه‏ أسرارهم»إلى أنّه لا تجوّز ولا ادّعاء في قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا ضرر ولا ضرار»، بل اُريد منهمعناه الحقيقي بلا عناية ومسامحة(1)، وكلّ منهم ذكر له وجهاً، لكنّها(2) متقاربة،فنذكر ما ذكره المحقّق النائيني رحمه‏الله لأجل كونه أتمّ وأطول، فإن أجبنا عنه ظهرحال الوجهين الآخرين الذين ذكرهما العراقي والحائري رحمهماالله .

وحيث إنّ النائيني رحمه‏الله ذكر لتقريب ما اختاره مقدّمات عديدة طويلة مملّةنذكر أهمّها ـ وهو اثنان ـ مع رعاية الاختصار وحذف الزوائد.

الأوّل: أنّ حال «لا ضرر ولا ضرار» حال «رفع عن اُمّتي تسعة»(3) بعينه،ولا وجه للقول بالتجوّز وتقدير المضاف في حديث «الرفع» إلاّ على القولبكون قوله: «رفع» في مقام الإخبار عن عالم التكوين المستلزم للكذب لواُريد المعنى الحقيقي، ونحن لا نقول به، بل نقول بكونه في مقام الإنشاء في عالمالتشريع.

وعلى هذا فالمرفوع في بعض فقرات الحديث نفس العنوان المأخوذ فيه،مثل «ما لا يعلمون» لو اُريد من الموصول الأحكام، فإنّ معناه «رفع الأحكامالتي لا يعلمونها» مثل حرمة شرب التتن، ولا ريب في كون هذا حقيقةً بلتجوّز وادّعاء أصلاً، فإنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في مقام رفع الأحكام الواقعيّة عن الجاهل بهحقيقةً، لكن في الظاهر، إذ الحكم الواقعي ـ الذي يشترك فيه العالم والجاهل


  • (1) وزعم المحقّق النائيني رحمه‏الله أنّ كلام الشيخ الأعظم رحمه‏الله موافق لما ذكره، فإنّه قال بعد نقل كلام الشيخ: وهذهو المختار كما سنبيّن وجهه.
    منية الطالب في حاشية المكاسب 2: 200. م ح ـ ى.

    (2) أي: الوجوه الثلاثة. م ح ـ ى.

  • (3) كتاب الخصال: 417، باب التسعة، الحديث 9.
ج5

لا يمكن أن يرفع لأجل الجهل.

وفي بعضها آثار العنوان المأخوذ فيه، مثل «رفع النسيان» فإنّا لو قلنبكون «النسيان» هاهنا بمعنى المنسيّ فالمرفوع آثاره، مثل الصلاة المنسيّة فيالوقت المرفوع أثرها فرضاً، وهو القضاء(1).

ففي هذا القسم وإن كان المرفوع آثار العنوان، لكن رفع الآثار في مقامالتشريع يساوق رفع نفس الموضوع ذي الأثر حقيقةً، ولم يكن مثل الاُمورالتكوينيّة التي لا ترفع برفع آثارها تكويناً.

فالحاصل: أنّ حديث «الرفع» استعمل في جميع فقراته بنحو الحقيقة بلادّعاء وتقدير أصلاً، لأنّه في مقام الإنشاء في عالم التشريع، لا في مقام الإخبارعن التكوينيّات، وهذا أيضاً حال قوله: «لا ضرر ولا ضرار» بعينه.

الثاني: أنّ الجمل على ثلاثة أقسام: بعضها متمحّض في الإنشاء، مثل الأمروالنهي، فإن قال المولى: «أكرم زيداً» أو «لا تكرم عمراً» لا يحتمل الإخبارأصلاً.

وبعضها متمحّض في الإخبار، وهو فيما إذا كان الموضوع جامداً غير مصدّربـ «لا» و«ليس» ونحوهما، ولم يكن المحمول من الإيقاعات، مثل «زيد قائم»فهذه الجملة متمحّضة في الإخبار ولا يمكن إرادة الإنشاء منها أصلاً. واحترزبعدم كون المحمول من الإيقاعات من مثل «الوطي في العدّة رجوع». وهذالمثال وإن لا يخلو من الإشكال، لكن ذكرناه لمجرّد توضيح مقصوده، والمناقشةفي المثال ليست من دأب المحصّلين.

وبعضها ذو وجهين: أي يمكن إرادة كلّ من الإنشاء والإخبار منه، مثل


  • (1) هذا مثال فرضي مع قطع النظر عن أدلّة وجوب القضاء، إذ بملاحظتها لا مجال للتمسّك بحديث «الرفع»لرفع القضاء. منه مدّ ظلّه.
(صفحه410)

«يعيد» فإنّه كثيراً ما استعمل في مقام الإنشاء، كقوله عليه‏السلام : «يعيد صلاته»(1)فإنّه يكون بمعنى «يجب عليه إعادة صلاته»، وكثيراً ما استعمل في الإخبارأيضاً، فإنّك إذا سألت صديقك عن فعل زيد، فقال: «يعيد صلاته» فلا ريب فيكونه للإخبار، ومثل «بعت» فإن‏استعملته بقصد الإيجاب وقلت: «بعتك كتابيهذا بعشرة دراهم» فلاريب في كونه للإنشاء، وإن استعملته في جواب السائلالذي قال: «أين كتابك؟» وقلت: «بعت كتابي» فلا ريب في كونه للإخبار.

ثمّ قال رحمه‏الله : وليس صحّة تعدّد الاستعمال بسبب الوضع، إذ الوضع لم يكنمتعدّداً، بل بحسب مدلول السياق، فإنّ سياق الكلام تارةً يقتضي الإنشاء،واُخرى يقتضي الإخبار، كما هو واضح من المثالين المتقدّم ذكرهما آنفاً.

وإذا كان صحّة تعدّد الاستعمال بحسب مدلول السياق لا بحسب الوضع فلمانع من أن يراد من جملة واحدة في استعمال واحد كلا المعنيين ـ أي الإنشاءوالإخبار معاً ـ بالنسبة إلى الموارد المتعدّدة والمصاديق المختلفة، كأن يراد فرضمن قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا ضرر ولا ضرار» النفي والنهي معاً، لكنّ النفي بالنسبة إلىبعض المصاديق والنهي بالنسبة إلى بعض آخر.

نظريّة المحقّق النائيني رحمه‏الله في معنى حديث «لا ضرر»

إذا عرفت هاتين المقدّمتين فاعلم أنّه رحمه‏الله بعد ذكرهما وذكر ما لم ننقله منالمقدّمات قال: أصوب الوجوه أنّ المنفيّ في قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا ضرر ولا ضرار» هوالحكم الضرري، ويكون الاستعمال مع ذلك بنحو الحقيقة من دون تجوّزوادّعاء.


  • (1) هذه الجملة وردت في روايات كثيرة، منها: ما في وسائل الشيعة 6: 16، كتاب الصلاة، الباب 3 من أبوابتكبيرة الإحرام، الحديث 1.
ج5

لا يقال: هذا لا يتصوّر إلاّ في الأفعال التي لها عنوانان أحدهما سبب مولّدللآخر، كالضرب المعنون بنفس عنوان «الضرب» وعنوان «الضرر» المسبّبعنه، ففي هذه الأفعال نفي أحد العنوانين يساوق نفي الآخر حقيقةً، لأنّهمحاكيان عن شيء واحد، فإذا قيل: «لا ضرر» يشمل نفي الضرب حقيقةً،وهذا نفي بسيط، هذا في التكوينيّات.

وأمّا في التشريعيّات: فلا يتصوّر هذا المعنى، إذ لا يمكن توجيه النفيإلىالضرر وإرادة الحكم الضرري بلا تجوّز وادّعاء، لأنّ النفي فيها وإن كانبحسب الظاهر نفياً بسيطاً، إلاّ أنّه نفي تركيبي واقعاً، وهو مجاز.

فإنّه يقال: يمكن تصوّر ما ذكرت في التشريعيّات أيضاً، أمّا في الأحكامالوضعيّة فلأنّ الحكم بلزوم البيع الغبني مثلاً المستفاد من إطلاق قوله تعالى:«أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»(1) عنوان لعمل الشارع، و«الضرر» عنوان ثانٍ له متولّد منالأوّل، وأمّا في الأحكام التكليفيّة فلأنّ إيجاب الوضوء مثلاً على كلّ من اُمربالصلاة المستفاد من إطلاق قوله تعالى: «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَىالْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ»(2) عنوان لعمل الشارع،و«الضرر» المتوجّه إلى بعضٍ باستعمال الماء عنوان آخر له متولّد من الأوّل،فنفي الضرر بالحديث نفي للحكم الوضعي والتكليفي حقيقةً.

إن قلت: بين الأحكام الوضعيّة والتكليفيّة فرق، وهو أنّ الحكم بلزوم البيعالغبني مثلاً مستلزم للضرر من دون توسّط أمر آخر، وأمّا إيجاب الوضوء فليستلزم الضرر مباشرةً، بل بتوسّط إرادة التوضّي وإيجاده في الخارج،والشاهد على هذا أنّه لو لم يرده أو أراد ولكن لم يتوضّأ خارجاً لم يتوجّه إليه


  • (1) المائدة: 1.
  • (2) المائدة: 6.
(صفحه412)

ضرر ولو حكم الشارع بوجوب الوضوء عليه، فما ذكرت يجري فيالوضعيّات دون التكليفيّات.

قلت: نعم، ولكن هذا الفرق لا يوجب جريان ما ذكرنا في الأوّل دونالثاني، لأنّ الواسطتين مقهورتان لتكليف الشارع، ألا ترى أنّه لو لم يكنتكليف الشارع بوجوب الوضوء لم يتحقّق إرادة ولا توضٍّ أصلاً، فلا إشكالفي أنّ الضرر معلول لعلّة العلل، وهي إيجاب الوضوء.

وليست نسبة الحكم إلى الضرر نسبة المعدّ إلى ما حصل عقيب العلّة التامّةحتّى يقال: إنّ المعدّ أضعف ما كان دخيلاً في تحقّق المعلول، فالارتباط بينالحكم والضرر ارتباط ضعيف لا يصحّح كون الاستعمال بنحو الحقيقة فيالمقام.

بل النسبة بينهما هي النسبة بين العلّة والمعلول، فلا إشكال في تصحيحهكون الاستعمال بنحو الحقيقة.

وأيضاً ليست النسبة بينهما كالنسبة الواقعة بين «حركة اليد» و«حركةالمفتاح» حتّى يقال: كما لا يجوز استعمال حركة المفتاح وإرادة حركة اليد إلمجازاً، فكذلك لا يجوز في المقام نفي الضرر وإرادة الحكم إلاّ كذلك.

بل النسبة بينهما كنسبة «الضرب» و«الإيلام» لأنّهما عنوانان لشيء واحدوهو فعل الشارع، كما أنّ للضرب والإيلام وجوداً واحداً، وهو فعل زيد مثلاً،بخلاف حركة اليد وحركة المفتاح اللتين لكلّ منهما وجود مستقلّ عن الآخر،ولا يكون كلتاهما عنوانين لشيء واحد، فكما أنّ نفي الإيلام وإرادة نفيالضرب لا يكون مجازاً، فكذلك نفي الضرر وإرادة نفي الحكم الضرري، لأنّلهما أيضاً وجوداً واحداً مثلهما بلا فرق، إلاّ أنّ أحدهما من التكوينيّات،والآخر من التشريعيّات(1).