جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

بيان ما هو الحقّ في المقام

ومقتضى التحقيق أن يقال: بناءً على عدم الانحلال لا مجال لجريان البراءةالشرعيّة أصلاً، وإن كان العلم الإجمالي مقتضياً لوجوب الموافقة القطعيّة.

وذلك لأنّ الدليل على البراءة الشرعيّة هو حديث الرفع، وهذا الحديث ليصلح لأن يتمسّك به هاهنا إلاّ بأحد وجوه ثلاثة:

أ ـ أن يرفع به الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثر، فإنّه ممّا لا يعلم، فيرفعهحديث الرفع.

ب ـ أن يرفع به الحكم الوضعي، أعني الجزئيّة، كجزئيّة السورة للصلاة،فإنّها مشكوكة فرضاً، فيرفعها الحديث.

ج ـ أن يرفع به الوجوب الغيري المتعلّق بالجزء المشكوك، فإنّه أيضاً ممّا ليعلم، فيعمّه الحديث.

نقد الوجوه المتصوّرة في جريان حديث الرفع في المقام

لكن كلّ هذه الوجوه باطلة.

أمّا الأوّل: فلأنّه معارض بجريان أصالة البراءة الشرعيّة بالنسبة إلىالوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ، فإنّه كما كان الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثرممّا لا يعلم، فكذلك الوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ، وحيث لا يمكن جريانالحديث في كليهما للزوم المخالفة القطعيّة العمليّة للتكليف المعلوم تعارضالأصلان، فلا يجري الأصل، لا في ناحية الأكثر ولا في ناحية الأقلّ.

لا يقال: أصل الوجوب في الأقلّ ـ مع قطع النظر عن كونه نفسيّاً أوغيريّاً ـ متيقّن، لأنّه لا يخلو من أن يكون واجباً نفسيّاً أو غيريّاً، فأصل

(صفحه186)

الوجوب فيه معلوم، فلا مجال لجريان البراءة فيه، ولكنّه في الأكثر مشكوكفيه، فالحديث يعمّه ويرفعه بلا معارض.

فإنّه يقال: أصل الوجوب ليس مجعولاً شرعيّاً، بل المجعول من قبل الشارعخصوص الوجوب النفسي أو الغيري، ولكن أصل الوجوب جامع انتزاعيلهما، والشاهد على هذا أنّ الوجوب أمر اعتباري، والشارع إنّما يعتبر الوجوبالنفسي أو الغيري لا أصل الوجوب، فإذا كان أصل الوجوب منتزعاً مننوعيه فلا يتمكّن الشارع من رفعه، لأنّه لا يكاد يرفع إلاّ ما كان وضعه بيده،فلا يكاد يندرج أصل الوجوب المشكوك في الأكثر تحت حديث الرفع.

لا يقال: جريان الاُصول إنّما يكون بلحاظ الأثر الشرعي لها، وأمّا إذا لميكن للأصل أثر شرعي فلا يكاد يكون جارياً، وأصالة البراءة في الوجوبالنفسي المتعلّق بالأكثر تكون ذات أثر شرعي، وهو عدم لزوم الإتيان بالجزءالمشكوك، بخلاف الأصل الجاري في الوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ، إذ ليسله أثر شرعي، لأنّ الأقلّ يجب إتيانه بلا ريب، فحديث الرفع لا يمكن أن يرفعالوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ بلحاظ عدم لزوم الإتيان به، ولا يتصوّر لهأثر آخر.

والحاصل: أنّ الأصل في ناحية الأكثر ذو أثر شرعي، لا في ناحية الأقلّ،فلا يجري في الثاني، ويجري في الأوّل بلا معارض.

فإنّه يقال: لا يشترط أن يكون للأصل أثر شرعي في جميع الموارد، بليكفي في جريانه ترتّب الأثر عليه في بعض الموارد، والأصل في ناحية الأقلّوإن كان بلا أثر فيما نحن فيه، إلاّ أنّ له أثراً في مورد تعذّر المشكوك.

توضيح ذلك: أنّ الأقلّ لو كان واجباً نفسيّاً لوجب الإتيان به حتّى عندتعذّر الجزء المشكوك، وإلاّ فلا، بل سقط التكليف رأساً، فإذا تعذّرت السورة

ج5

وشككنا في أنّ سائر الأجزاء هل هي واجبة بالوجوب النفسي، فيجبالإتيان بها، أم لا، فيسقط التكليف رأساً، فأصل البراءة الشرعيّة حينئذٍ يحكمبرفع الوجوب النفسي وأثره عدم لزوم الإتيان بسائر الأجزاء، فالأصلفي ناحية الأقلّ وإن لم يكن له أثر فيما نحن فيه، إلاّ أنّ له أثراً في بعض موارده،وهذا كافٍ في جريانه في جميع الموارد.

والحاصل: أنّ جريان الأصل الشرعي ـ المستفاد من مثل «حديث الرفع» في الواجب النفسي المتعلّق بالأكثر معارض بجريانه في الواجب النفسي المتعلّقبالأقلّ، فلا يجري في واحد منهما.

كلام صاحب الكفاية في كيفيّة جريان حديث الرفع في المقام

وأمّا الثاني ـ أعني جريان البراءة الشرعيّة بالنسبة إلى الجزئيّة ـ : فالمحقّقالخراساني رحمه‏الله قال به في الكفاية، حيث قال: وأمّا النقل فالظاهر أنّ عموم مثل«حديث الرفع» قاضٍ برفع جزئيّة ما شكّ في جزئيّته، فبمثله يرتفع الإجمالوالتردّد عمّا تردّد أمره بين الأقلّ والأكثر ويعيّنه في الأوّل(1).

ثمّ أورد إشكالاً وأجاب عنه بقوله:

لا يقال: إنّ جزئيّة السورة المجهولة مثلاً ليست بمجعولة(2)، وليس لها أثر


  • (1) كفاية الاُصول: 416.
  • (2) اختلفوا في إمكان تعلّق الجعل بالأحكام الوضعيّة، وفصّل المحقّق الخراساني رحمه‏الله بين أقسامها بقوله:
    والتحقيق أنّ ما عدّ من الوضع على أنحاء: منها: ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعاً أصلاً، لا استقلالاً ولتبعاً، ومنها: ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل التشريعي إلاّ تبعاً للتكليف، ومنها: ما يمكن فيه الجعل استقلالبإنشائه وتبعاً للتكليف.
    ثمّ جعل الجزئيّة من القسم الثاني، حيث قال: وأمّا النحو الثاني: فهو كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّةوالقاطعيّة لما هو جزء المكلّف به وشرطه ومانعه وقاطعه، حيث إنّ اتّصاف شيء بجزئيّة المأمور به أوشرطيّته أو غيرهما لا يكاد يكون إلاّ بالأمر بجملة اُمور مقيّدة بأمر وجودي أو عدمي، إنتهى موضعالحاجة من كلامه. كفاية الاُصول: 455. م ح ـ ى.
(صفحه188)

مجعول، والمرفوع بحديث الرفع إنّما هو المجعول بنفسه أو أثره، ووجوبالإعادة إنّما هو أثر بقاء الأمر بعد العلم، مع أنّه عقلي وليس إلاّ من بابوجوب الإطاعة عقلاً.

لأنّه يقال: إنّ الجزئيّة وإن كانت غير مجعولة بنفسها، إلاّ أنّها مجعولة بمنشانتزاعها، وهذا كافٍ في صحّة رفعها(1)، إنتهى موضع الحاجة من كلامه رحمه‏الله .

نقد كلام المحقّق الخراساني رحمه‏الله في المسألة

أقول: لا تجري البراءة الشرعيّة بالنسبة إلى الجزئيّة بناءً على ما اختارهالأعاظم ـ ومنهم المحقّق الخراساني رحمه‏الله ـ من عدم تطرّق الجعل التشريعيإلىمثل الجزئيّة إلاّ تبعاً للتكليف، وما ذكره المحقّق الخراساني رحمه‏الله في توجيهجريانها غير تامّ.

وذلك لأنّ جعل الجزئيّة إذا كان بجعل منشأ انتزاعها كان رفعها أيضبرفعه، ولا يمكن رفعها مستقلاًّ، ومنشأ انتزاعها هو الوجوب النفسي المتعلّقبالأكثر، وقد عرفت أنّ رفعه معارض لرفع الوجوب النفسي المتعلّقبالأقلّ.

نعم، لو كانت الجزئيّة قابلة للوضع والرفع تشريعاً بنحو الاستقلال لصحّالتمسّك بحديث الرفع في المقام.

لكنّ جلّ العلماء بل كلّ الأعاظم منهم قالوا بعدم تطرّق الجعل إليها إلاّ تبعللتكليف.

ولا عجب من المحقّق الخراساني رحمه‏الله فيما ذكره هاهنا، فإنّه لم يتعرّض إللجريان البراءة الشرعيّة في الجزئيّة، ولكن العجب من المحقّق العراقي رحمه‏الله حيث


  • (1) كفاية الاُصول: 416.
ج5

استشكل على جريان البراءة الشرعيّة في الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثربأنّه معارض بالأصل الجاري في ناحية الأقلّ، ومع ذلك ذهب إلى جريانالبراءة في الجزئيّة، واستدلّ عليه بعين ما استدلّ به صاحب الكفاية رحمه‏الله (1).

ولم يشعر بأنّه يرجع إلى جريان البراءة في الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثرويرد عليه ما أورده عليه.

وأمّا الثالث ـ أعني جريان الأصل في الوجوب الغيري المتعلّق بالجزءالمشكوك ـ : فيرد عليه أنّه مبنيّ على وجوب المقدّمة وشمول البحث في مقدّمةالواجب للمقدّمات الداخليّة، ونحن لا نقول بوجوب المقدّمة أوّلاً، والقائلونبوجوبها الغيري لا يقولون به إلاّ في المقدّمات الخارجيّة ثانياً.

وهاهنا إشكال آخر يتّضح بملاحظة أمرين:

أ ـ أنّ الوجوب الغيري المتعلّق بالمقدّمة وجوب شرعي مسبّب عنالوجوب الشرعي النفسي المتعلّق بذي المقدّمة، فالسبب والمسبّب مجعولانشرعاً، لكنّ السببيّة تكون عقليّة، وبعبارة اُخرى: الوجوب الغيري لازمللوجوب النفسي ومسبّب عنه والحاكم بالملازمة هو العقل، ولذا عدّ بحثمقدّمة الواجب من أبحاث الملازمات العقليّة، لا من مباحث الألفاظ.

ب ـ أنّ السببيّة بين الشيئين إذا كانت شرعيّة ـ بمعنى أنّ الشارع بيّن تأثيرالسبب في المسبّب، مثل أن يقول: نجاسة الملاقى سبب لنجاسة الملاقي فالأصل الجاري في السبب مانع عن جريان الأصل في المسبّب.

نعم، لو لم يجر الأصل في ناحية السبب لابتلائه بمانع ـ كالتعارض ـ فلا مانعمن جريانه في ناحية المسبّب، فالسببيّة الشرعيّة موجبة لتقدّم جريان الأصلفي السبب وتأخّر جريانه في المسبّب.


  • (1) نهاية الأفكار 3: 390.