ج5
اللتين هما أثرها.
الثاني: أنّه إن اُريد برفع الجزئيّة رفع الجزئيّة أو الشرطيّة عن الجزءوالشرط المنسيّين في مقام الدخل في الملاك والمصلحة، فلا شبهة في أنّ هذالدخل أمر تكويني غير قابل لأن يتعلّق به الرفع التشريعي، وإن اُريد رفعهمبلحاظ انتزاعهما عن التكليف الضمني المتعلّق بالجزء والتقيّد بالشرط، ففيه:أنّ الرفع في الحديث يختصّ برفع ما لولاه يكون قابلاً للثبوت تكليفاً أووضعاً، وعدم شموله للتكاليف المتعلّقة بالمنسيّ في حال النسيان، لارتفاعهبمحض تحقّق النسيان بملاك استحالة التكليف بما لا يطاق(1). هذا ما ذكره فيالوجه الثاني.
وفيه أوّلاً: أنّه خارج عن محلّ النزاع، فإنّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان لدليلالجزئيّة إطلاق وشمول لحال النسيان لولا حديث الرفع.
وثانياً: أنّه مناقض لما تقدّم من قوله بإطلاق دليل الجزئيّة وشموله للناسي،وإن كان بلسان التكليف(2).
الثالث: أنّ غاية ما يقتضيه الحديث إنّما هو رفع إبقاء الأمر الفعلي والجزئيّةالفعليّة عن الجزء المنسيّ في حال النسيان، ولازمه سقوط الأمر الفعلي عنالبقيّة أيضاً، لأنّ التكليف ارتباطي، والحديث لا يقتضي كون الناقص المأتيّ بههو المأمور به للناسي، لأنّه لا يتكفّل الوضع، بل يتكفّل الرفع فقط، فمن أينثبت أنّ الناقص المأتيّ به يكون مأموراً به للناسي حتّى يكون صحيحاً وليجب عليه الإعادة؟!(3). هذا حاصل كلامه في الوجه الثالث.
ويرد عليه أنّ الجمع بين إطلاق دليل الجزئيّة وحديث الرفع ـ بتقييد الأوّل
- (3) نهاية الأفكار 3: 429.
(صفحه250)
بالثاني ـ ينتج اختصاص الجزئيّة بحال الذكر، وهذا يقتضي كون المأمور به فيحقّ الناسي هو بقيّة الأجزاء، فالناقص المأتيّ به يكون مأموراً به له، فلا يجبعليه الإعادة.
هذا تمام الكلام في ترك الجزء والشرط نسياناً.
ج5
(صفحه252)
في الزيادة العمديّة والسهويّة
المسألة الثانية: في الزيادة العمديّة والسهويّة
القول في تصوير الزيادة
وقبل الشروع في البحث لابدّ من ذكر أمر يبتني عليه المسألة، وهو أنّه هليتصوّر تحقّق الزيادة في المأمور به كما يتصوّر تحقّق النقيصة، أم لا؟
الحقّ أنّه لا تتصوّر زيادة الجزء أو الشرط بالدقّة العقليّة، فإنّ كون شيءجزءاً أو شرطاً للمأمور به، ومع ذلك زائداً عليه جمع بين المتنافيين، ولا فرقفي ذلك بين كون الجزء أو الشرط ملحوظاً لا بشرط بالنسبة إلى الزيادة أوبشرط لا.
نعم، تتصوّر زيادة الجزء والشرط عرفاً إذا كانا ملحوظين لا بشرط.
وأمّا النقيصة: فلا إشكال في إمكان تحقّقها عقلاً وعرفاً، فإنّ الركوع مثلاً إذترك في الصلاة يحكم العقل بأنّ الصلاة تكون ناقصة لأجل ترك جزئها، كميحكم به العرف.
كلام المحقّق العراقي رحمهالله في ذلك
لكنّ المحقّق العراقي رحمهالله قال بإمكان تحقّق الزيادة الحقيقيّة ـ أي العقليّة كالعرفيّة، وقرّبه بذكر مقدّمات ثلاث، حيث قال:
ج5
أمّا الكلام في الجهة الاُولى(1): فتوضيحه يحتاج إلى تمهيد اُمور:
الأوّل: لا شبهة في أنّه يعتبر في صدق الزيادة الحقيقيّة في الشيء أن يكونالزائد من سنخ المزيد عليه، وبدونه لا يكاد يصدق عنوان الزيادة الحقيقيّة،ولذا لا يصدق على الدهن الذي اُضيف إليه مقدار من الدبس أنّه زاد فيه إلعلى نحو من العناية.
نعم، الصادق إنّما هو عنوان الزيادة على ما في الظرف بعنوان كونه مظروفاً،لا بعنوان كونه دهناً، فقوام الزيادة الحقيقيّة حينئذٍ في أجزاء المركّباتوشرائطها إنّما هو بكون الزائد من سنخ ما اعتبر جزءً أو شرطاً لها، فإذا كانالمركّب بنفسه من العناوين القصديّة، كالصلاة مثلاً على ما هو التحقيق من أنّحقيقتها عبارة عن الأفعال والأذكار الخاصّة الناشئة عن قصد الصلاتيّة، لأنّها عبارة عن(2) مجرّد الأفعال والأذكار والهيئات الخاصّة ولا مجرّدة عنقصد الصلاتيّة، بشهادة عدم حرمتها على الحائض إذا أتت بها على الكيفيّةالخاصّة لا بعنوان الصلاتيّة، يحتاج في صدق عنوان الزيادة فيها إلى قصدعنوان الصلاتيّة بالجزء المأتيّ به أيضاً، وإلاّ فمع فرض خلوّه عن قصدالصلاتيّة وعنوان الجزئيّة لها لا يكون المأتيّ به حقيقةً من سنخ الصلاة، فليرتبط حينئذٍ بالصلاة حتّى يصدق عليه عنوان الزيادة في الصلاة، إلاّ على نحومن العناية، للمشاكلة الصوريّة.
الثاني: يعتبر أيضاً في صدق عنوان الزيادة في الشيء أن يكون المزيد فيهمشتملاً على حدّ مخصوص ولو اعتباراً حتّى يصدق بالإضافة إليه عنوانالزيادة وعدمها، كما في ماء الجبّ أو النهر مثلاً، فإنّه لابدّ في صدق هذا العنوان
- (1) أي في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّة في الأجزاء والشرائط. م ح ـ ى.
- (2) العبارة مخدوشة ظاهراً، والصحيح أن يقال: عن الأفعال والأذكار والهيئات الخاصّة مجرّدة... . م ح ـ ى.