جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

ولا يخفى ما فيه، فإنّ القدرة إنّما تعتبر في متعلّقات التكاليف النفسيّة لكونهطلباً مولويّاً وبعثاً فعليّاً نحو المتعلّق، والعقل يستقلّ بقبح تكليف العاجز، بللو فرض عدم استقلال العقل بذلك وقلنا بمقالة الأشاعرة: من جواز التكليفبما لا يطاق، كان نفس الخطاب يقتضي القدرة على متعلّقه في التكاليفالنفسيّة، لأنّ التكليف النفسي يكون تحريكاً وبعثاً لإرادة المكلّف نحو أحدطرفي المقدور: من الفعل أو الترك، فكلّ خطاب يتضمّن البعث والتحريكيتضمّن القدرة لا محالة.

وهذا بخلاف الخطابات الغيريّة المتعلّقة بالأجزاء والشرائط، فإنّه يمكن أنيقال: إنّ مفادها ليس إلاّ الإرشاد وبيان دخل متعلّق الخطاب الغيري فيمتعلّق الخطاب النفسي ـ كما هو الشأن في الخطابات الغيريّة في باب الوضعوالأسباب والمسبّبات ـ حيث إنّ مفادها ليس إلاّ الإرشاد إلى دخل المتعلّق فيحصول المسبّب، ففي الحقيقة الخطابات الغيريّة في باب التكاليف وفي بابالوضع تكون بمنزلة الأخبار، من دون أن يكون فيها بعث وتحريك للإرادةحتّى تقتضي القدرة على المتعلّق.

ثمّ إنّه لو سلّم الفرق بين الخطابات الغيريّة في باب متعلّقات التكاليف وفيباب الوضعيّات وأنّها في التكاليف تتضمّن البعث والتحريك، فلا إشكال فيأنّه ليس في آحاد الخطابات الغيريّة ملاك البعث المولوي، وإلاّ خرجت عنكونها غيريّة، بل ملاك البعث المولوي قائم بالمجموع، فالقدرة إنّما تعتبر أيضفي المجموع لا في الآحاد، وتعذّر البعض يوجب سلب القدرة عن المجموع،ولازم ذلك سقوط الأمر من المجموع، لا من خصوص ذلك البعض، لأنّ تعذّرالبعض يقتضي تعذّر استيفاء الملاك القائم بالمجموع، فلا فرق بين القيديّةالمستفادة من مثل قوله عليه‏السلام : «لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب» والقيديّة المستفادة

(صفحه290)

من الأمر أو النهي الغيري(1)، إنتهى كلامه.

نقد ما أفاده المحقّق النائيني حول كلام الوحيد البهبهاني رحمهماالله

وما ذكره من توجيه كلام الوحيد ضعيف، والحقّ ما ذكره سيّدنا الاُستاذالأعظم الإمام «حفظه اللّه‏» من كون كلام الوحيد موافقاً لما اخترناه.

ولو سلّم ما ذكره من التوجيه فلا يرد عليه ما أورده من الإشكالين،لإمكان الجواب عنهما.

أمّا الإشكال الأوّل: فلأنّه لا فرق بين الأوامر النفسيّة والغيريّة في اقتضائهالقدرة على متعلّقاتها، فإنّ الأمر وضع للبعث والتحريك، واستعمل في هذالمعنى، سواء كان نفسيّاً أو غيريّاً، مولويّاً أو إرشاديّاً، فالأمر وإن كان غيريّإرشاديّاً يقتضي القدرة على متعلّقه، ألا ترى أنّ الطبيب لو أمر المريضباستعمال دواء مع علمه بعدم قدرة المريض على استعماله كان قبيحاً عند العقلوالعقلاء، مع أنّ أمر الطبيب إرشادي بلا ريب؟

ومن هنا يظهر الجواب عن الإشكال الثاني، فإنّ آحاد الأوامر الغيريّة إذوضعت للبعث والتحريك واستعملت فيه فلابدّ من القدرة على متعلّقاتها، لأنّكلّ أمر يقتضي القدرة على متعلّقه.

فتلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ محلّ النزاع موضعان:

أحدهما: أن يكون دليل القيد والمقيّد فاقدين للإطلاق.

ثانيهما: أن يكون لكليهما إطلاق من دون أن يكون أحد الإطلاقين حاكمعلى الآخر.في حكم العقل عند الاضطرار إلى ترك أحد القيود

بيان الحقّ في المسألة


  • (1) فوائد الاُصول 4: 251.
ج5

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يقع الكلام في مقامين:

أحدهما: في مقتضى الأصل العقلي والقاعدة الأوّليّة.

وثانيهما: في مقتضى القواعد الاُخر.

أمّا المقام الأوّل: فنقول فيه: إذا عجز المكلّف عن القيد فهل تجري البراءةالعقليّة مطلقاً، أو لا تجري مطلقاً، أو تجري في بعض الصور دون بعض آخر؟فيه وجوه.

ولا إشكال في جريانها إذا كان عاجزاً قبل البلوغ، كما إذا كان أخرس، لميقدر على قراءة الفاتحة قبل البلوغ، وكان الفاتحة بعنوان القراءة جزءً للصلاة،لأنّه يشكّ في توجّه التكليف بالصلاة إليه، وهذه شبهة بدويّة حكميّة، نظيرالشكّ في حرمة شرب التتن.

وكذا لا إشكال في جريانها إذا كان عجزه مستوعباً لجميع الوقت، كما إذصار عاجزاً عن قراءة الفاتحة أوّل الزوال واستدام إلى آخر النهار، ولا يضرّبجريان البراءة أنّه كان قادراً أمس وسيصير قادراً غداً، لأنّ لكلّ يوم تكليفمستقلاًّ لا يرتبط بعضها بالبعض.

إنّما الإشكال فيما إذا صار عاجزاً في أثناء الوقت، والظاهر جريان البراءة فيهذه الصورة أيضاً وإن كان أخفى بالنسبة إلى الصورتين الاُوليين.

وذلك لأنّه إذا عرض عليه العجز شكّ في توجّه التكليف بالصلاة الفاقدةللقيد المتعذّر فيه، وهو مجرى قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

إن قلت: لا يجري البراءة إلاّ في موارد الشكّ في التكليف، والتكليف هاهنصار مشكوكاً بعد أن كان معلوماً، فلا يكون مجرى البراءة.

قلت: التكليف المعلوم مغاير للمشكوك، لأنّ المعلوم هو التكليف بالصلاةالمشتملة على عشرة أجزاء مثلاً، وهو لم يصر مشكوكاً، بل معلوم بعد العجز

(صفحه292)

أيضاً، والشاهد على هذا أنّا لو سألنا العاجز عن تكليفه على فرض قدرتهلأجاب بأنّي حينئذٍ كنت مكلّفاً بالصلاة المشتملة على عشرة أجزاء،والمشكوك هو التكليف بالصلاة المشتملة على تسعة أجزاء، وهو لم يكنمعلوماً، بل مشكوك حين القدرة أيضاً، والشاهد على هذا أنّا لو سألنا القادرعن تكليفه على فرض عجزه لأجاب بأنّي أشكّ في أنّي مكلّف حينئذٍ بالصلاةالفاقدة للجزء المتعذّر فيه أم لا؟

فالتكليفان متغايران، والعلم بذاك التكليف لا يقدح في جريان البراءة فيهذا التكليف المشكوك.

لا يقال: لا فرق بين ما نحن فيه وبين الشكّ في القدرة، لاشتراكهما في الشكّفي ثبوت التكليف، مع أنّ الأكابر يقولون بالاحتياط عقلاً في الشكّ في القدرة،بأن ينبعث نحو العمل، فإن تبيّن أنّه قادر أتمّه، وإن تبيّن أنّه عاجز تركه منحين ظهور العجز، فيجب الاحتياط في المقام أيضاً.

فإنّه يقال: ليس الشكّ في القدرة شكّاً في ثبوت التكليف، بل في سقوطه،لأنّ القدرة ـ على ما هو التحقيق عندنا ـ لا تكون شرطاً للتكليف كي يستلزمالشكّ فيها الشكّ فيه لأجل استلزام الشكّ في الشرط الشكّ في المشروط، بلالتكليف يعمّ القادر والعاجز، ولكنّ عدم القدرة عذر عقلي لمخالفته، فالشاكّ فيالقدرة يعلم بتوجّه التكليف إليه، ويشكّ في ثبوت العذر على المخالفة، فيجبعليه الاحتياط.

بخلاف المقام، فإنّ العاجز عن القيد يشكّ في أصل توجّه التكليف بسائرالأجزاء والشرائط إليه، فقياسه بالشكّ في القدرة مع الفارق.

نعم، لو قلنا بكون القدرة شرطاً للتكليف ـ كما عليه المشهور ـ لكانالقياس في محلّه، لكنّا لا نقول به، وقولهم بلزوم الاحتياط دليل على صحّة م

ج5

اخترناه، لأنّ القدرة لو كانت شرطاً للتكليف لكان مجرى البراءة، لالاحتياط، لاستلزام الشكّ في الشرط الشكّ في المشروط.

إن قلت: لا فرق بين المقام وبين ما إذا اضطرّ إلى ارتكاب بعض الأطرافمن المعلوم إجمالاً، حيث يجب فيه الاجتناب عن الطرف الآخر، لحكم العقلبحرمة المخالفة القطعيّة عند عدم إمكان الموافقة القطعيّة، فليكن المقام أيضمثله، لأنّه كما لا يوجب الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف في المعلومإجمالاً جواز ارتكاب سائر الأطراف، لا يوجب العجز عن بعض القيود فيمنحن فيه أيضاً جواز ترك ما تمكّن منه.

قلت: الفرق بين المقامين أنّ للعقل حكمين منجّزين عقيب العلم الإجمالي:

أحدهما: وجوب الموافقة القطعيّة. ثانيهما: حرمة المخالفة القطعيّة،والاضطرار إلى بعض الأطراف يرفع الحكم الأوّل فقط، لمخالفته إيّاه، وأمّالحكم الثاني فلا يكون الاضطرار مخالفاً له، فلا يجوّز المخالفة القطعيّة.

هذا في باب الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي.

وأمّا فيما نحن فيه فالعاجز يكون عالماً تفصيلاً بأنّ التكليف بالصلاةالمشتملة على عشرة أجزاء توجّه إليه أوّل الوقت، ولكنّه ارتفع من حينالعجز قطعاً، ويكون شاكّاً في أنّ التكليف بالصلاة المشتملة على تسعة أجزاءهل توجّه إليه أم لا؟ فلا يجوز قياس المقام بباب الاضطرار إلى بعض أطرافالعلم الإجمالي، لأنّه مع الفارق.

فتلخّص من جميع ما ذكرناه: أنّه لا فرق في جريان البراءة العقليّة بين كونهعاجزاً عن القيد من قبل البلوغ وبين صيرورته عاجزاً بعده، سواء كانمستوعباً لجميع الوقت أو عرض عليه في الأثناء.

هذا تمام الكلام في المقام الأوّل، أعني الحكم العقلي في المسألة.