جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه360)

الواجبات المطلقة.

الفحص في الواجب المشروط

وأمّا الواجبات المشروطة والموقّتة(1) فهل يجب الفحص فيها أيضاً،ويستحقّ المكلّف العقوبة على المخالفة عند عدم الفحص أم لا؟

ولا يخفى عليك أنّ البحث إنّما هو في الواجب المشروط أو الموقّت الذي لميتحقّق شرطه أو وقته بعدُ، لكنّا نعلم أنّ عدم الفحص قبل تحقّق الشرطوالوقت يؤدّي إلى ترك أصل الواجب في زمان تحقّقهما، لغفلة ونحوها.

فإذا احتمل المكلّف أنّ للمولى تكليفاً معلّقاً على شرط فهل عليه التتبّعوالتفحّص ليتبيّن له صدور هذا الحكم وعدم صدوره أم لا؟

ويترتّب عليه استحقاق العقوبة على ترك الواجب، الناشئ عن عدمالفحص على الأوّل، وعدم استحقاقها على الثاني.

وجه عدم وجوب الفحص في الواجب المشروط

ربما يقال بعدم وجوب الفحص على المكلّف في هذه الصورة، لأنّ وجوبهأمر مقدّمي تابع لوجوب ذي المقدّمة، فكيف يمكن القول بفعليّة وجوبالفحص قبل فعليّة الوجوب الذي يفحص عنه مع أنّ الوجوب الغيريالترشّحي لا يمكن أن يتحقّق قبل تحقّق ما يترشّح منه.

وبعبارة اُخرى: قبل تحقّق الشرط لا يمكن أن يتحقّق المشروط الذي هوذو المقدّمة، حتّى تجب مقدّماته التي منها الفحص.

هذا مقتضى القاعدة.


  • (1) الواجب الموقّت شعبة من الواجب المشروط، لكن شرطه هو الزمان. منه مدّ ظلّه.
ج5

لكن لا يمكن الالتزام بها وإجراء البراءة في الواجبات المشروطة بدونالفحص(1)، لبُعد اختصاص لزوم الفحص ـ الذي يحكم به العقل حكماً أكيدجدّيّاً ـ بالواجبات المطلقة، فبماذا يمكن التفصّي عن الإشكال؟

القول برجوع الواجب المشروط إلى المعلّق

ذهب بعضهم إلى كون هذا النوع من الواجبات من قبيل الواجب المعلّقالذي كان الوجوب فيه فعليّاً، والواجب استقباليّاً ومعلّقاً على تحقّق الشرطوالوقت، فإذا قال المولى: «إن جاءك زيد فأكرمه» كان إكرام زيد على تقديرمجيئه واجباً الآن، فإن شكّ العبد في صدور هذا الحكم من قبل المولى وجبعليه الفحص وجوباً غيريّاً مقدّميّاً، ولا يلزم منه تقدّم وجوب المقدّمة علىوجوب ذيها، لتقارن وجوب الإكرام على تقدير المجيء مع وجوب الفحص.

نقد القول برجوع الواجب المشروط إلى المعلّق

وفيه: أنّه لا يمكن إنكار جميع الواجبات المشروطة، والالتزام برجوعها إلىالواجب المعلّق، فإنّه خلاف ما هو المشهور من تقسيم الواجب إلى المطلقوالمشروط ـ بمعنى ما كان وجوبه متوقّفاً على تحقّق شرط أو زمان ـ فإنّالمشهور بين فقهاء الشيعة عدم وجوب الصلاة مثلاً قبل دخول وقتها.

والالتزام بوجود الواجب المعلّق في الشريعة ـ كالحجّ بعد تحقّقالاستطاعة ـ لا يقتضي رجوع جميع الواجبات المشروطة إليه.

الحقّ في المسألة


  • (1) فإنّ الالتزام به يستلزم الالتزام بجواز ترك جميع مقدّمات الواجبات المشروطة قبل تحقّق شرطها، وإناستلزم سلب قدرة المكلّف على الإتيان بها بعد تحقّق الشرط. م ح ـ ى.
(صفحه362)

ويمكن حلّ الإشكال بوجهين:

أ ـ أنّا لا نسلّم كون وجوب الفحص مقدّميّاً غيريّاً، لأنّ المراد بـ «مقدّمةالواجب» ما لو ترك لعجز المكلّف على إتيان الواجب، ألا ترى أنّ المكلّف لولم ينصب السلّم لامتنع عليه عادةً الكون على السطح، ولو لم يتطهّر لعجز عنالإتيان بالصلاة شرعاً، ولا تنطبق هذه الضابطة على «الفحص» فإنّ المكلّفقادر على رعاية التكليف المحتمل حتّى بدون الفحص، بأن يحتاط ويفعل ميحتمل وجوبه.

ويشهد عليه أنّ الفحص واجب عقلي، لما عرفت من أنّ العقل هو الذييحكم بعدم جريان قاعدة «قبح العقاب بلا بيان» قبل الفحص(1)، مع أنّوجوب المقدّمة ـ بناءً عليه ـ وجوب شرعي، وإن كانت الملازمة بينه وبينوجوب ذيها عقليّة.

ولا فرق في حكم العقل بلزوم الفحص بين الواجبات المطلقة والمشروطة.

ب ـ أنّا لو سلّمنا أنّ وجوب الفحص غيري مقدّمي، إلاّ أنّا لا نسلّم توقّففعليّة وجوب المقدّمة على فعليّة وجوب ذيها.

بل العقل يحكم بوجوب(2) الإتيان بمقدّمات الواجب قبل وجوب ذيها إذعجز العبد عن الإتيان بها حين وجوبه.

وانظر لتوضيح ذلك إلى المثال التالي:

إنّ المولى إذا قال لعبده: «يجب عليك الكون على السطح في الليل» وعلمالعبد بأنّه لو لم ينصب السلّم قبل دخول الليل لم يتمكّن من نصبه بعده، فهليحكم العقل بأنّه معذور في ترك المأمور به رأساً، لعدم وجوب نصب السلّم


  • (1) راجع ص347.
  • (2) أي يحكم العقل بالملازمة بين الوجوبين الشرعيّين: الوجوب الفعلي المتعلّق بالمقدّمة، والوجوبالاستقبالي المتعلّق بذي المقدّمة. م ح ـ ى.
ج5

عليه قبل دخول الليل، وعدم قدرته على المأمور به بعده، لأجل عجزه عنمقدّمته حينئذٍ؟!

أو يحكم بأنّه إذا علم بأصل التكليف بالكون على السطح في الليل، وبأنّهيسلب عنه القدرة عليه لو لم يأت بمقدّمته قبلاً، يجب عليه تحصيلها قبل فعليّةوجوب ذيها.

فما اشتهر بينهم من عدم إمكان اتّصاف المقدّمة بالوجوب قبل اتّصاف ذيالمقدّمة به باطل عقلاً، ولا نلتزم بما التزم به المحقّق الخراساني رحمه‏الله من أنّ الإرادةالمتعلّقة بالمقدّمة تترشّح من الإرادة المتعلّقة بذيها، ووجوبها يترشّح منوجوبه، فإنّ ما ذكرناه من المثال أقوى شاهد على خلافه.

فلو كان الفحص مقدّمة لكان واجباً قبل فعليّة وجوب الواجب المشروطالمحتمل فيما إذا أدّى تركه إلى سلب القدرة عليه في ظرفه.

كلام المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك رحمهماالله في المسألة

والتجأ المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك للتخلّص عن الإشكالإلىالالتزام بأنّ الفحص والتفقّه والتعلّم واجب نفسي تهيّئي، ويترتّب استحقاقالعقوبة عليه نفسه.

توضيح ذلك: أنّ الواجب النفسي على قسمين: ذاتي وتهيّئي، فالأوّل: هوالواجب لنفسه والمطلوب لذاته والغاية القصوى، من دون أن يكون لأجلالتهيّؤ لواجب آخر، كالصلاة والصوم ونحوهما، والثاني: هو برزخ بينالواجب النفسي الذاتي وبين الواجب الغيري المقدّمي، فهو محبوب ومطلوببنفسه، لكن لا لنفسه، بل لأجل التهيّؤ لواجب نفسي ذاتي.

ومن خصائص هذا النوع من الواجب النفسي ترتّب استحقاق العقوبة على

(صفحه364)

تركه، بخلاف الواجب الغيري المقدّمي الذي لا يترتّب استحقاق العقوبة علىتركه، بل على ترك ذي المقدّمة.

فإذا كان الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً وتركه المكلّف عند احتمال واجبمشروط أو موقّت وانجرّ إلى تركهما في ظرفهما كان مستحقّاً للعقوبة لأجلترك الفحص نفسه، لا لأجل تركهما كي يتوجّه الإشكال عليه(1).

هذا بيان هذين العلمين في التفصّي عن الإشكال في الواجب المشروطوالموقّت.

ووسّعه المحقّق الخراساني رحمه‏الله بحيث يعمّ الواجب المطلق أيضاً، فقال بكونالتفحّص والتعلّم واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً، سواء كان ما يفحص عنه واجباً مطلقاً أومشروطاً(2).

البحث حول الواجب النفسي التهيّئي

ولابدّ هاهنا من التكلّم في مقامات ثلاثة:

أ ـ إمكان هذا النوع من الواجب في مقام الثبوت.

ب ـ ثبوت الملازمة بينه وبين استحقاق العقوبة على تركه.

ج ـ دليل هذا النوع من الوجوب في مقام الإثبات.

القول في إمكان كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً

أمّا المقام الأوّل: فنحن لا نبحث فيه بنحو مسألة كلّيّة، بل نتكلّم فيخصوص وجوب الفحص الذي هو محلّ النزاع في المقام، فنقول:


  • (1) مجمع الفائدة والبرهان 1: 342 و 2: 110، ومدارك الأحكام 2: 345 و 3: 219.
  • (2) كفاية الاُصول: 426.