جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه428)

النائيني رحمه‏الله ، ولكن كلا الوجهين ـ كما لاحظت ـ يرتبطان بجوابه الثاني.

وجوابه الأوّل عن الإشكال أيضاً غير تامّ، بل كرّ على ما فرّ، لأنّكون حديث الضرر معارضاً لأدلّة الأحكام التي يكون طبعها ضرريّيستلزم تخصيصه بها، إذ التعارض هاهنا لا يكون إلاّ من قبيل تعارضالعامّ والخاصّ(1)، لأنّ حديث «لا ضرر» ينفي كلّ حكم ضرري، ودليلوجوب الزكاة مثلاً يثبت حكماً ضرريّاً واحداً، فلابدّ من تخصيصالحديث به.

وبالجملة: كون الحديث معارضاً لأدلّة الأحكام التي طبعها ضرري لحاكماً عليها لا يرفع إشكال تخصيص الأكثر، بل يثبته.

وذكر في معنى الحديث احتمالان آخران:

هل المنفيّ بالحديث خصوص الضرر غير المتدارك؟

الأوّل: ما نقله الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه‏الله عن بعض الفحول: من أنّ المنفيّهو الضرر غير المتدارك، فيكون «لا ضرر» كناية عن لزوم تداركه، ومصحّحدعوى نفي الحقيقة هو حكم الشارع بلزوم التدارك، فينزّل الضرر المحكومبلزوم تداركه منزلة العدم، ويقال: «لا ضرر ولا ضرار»، فإذا حكم الشارعبأنّ الغاصب يضمن المال المغصوب بالمثل أو القيمة إذا تلف فالضرر المتوجّهإلى المغصوب منه ينزّل منزلة العدم، وإذا حكم الشارع بجواز أخذ المشتريالأرش من البائع لو ظهر المبيع معيباً فالضرر الناشئ عن العيب ينزّل منزلةالعدم، بل لم يتحقّق ضرر أصلاً، فإنّ الضرر إنّما يكون فيما إذا لم يجبر، فل


  • (1) التعبير بالتعارض في العامّ والخاصّ مبنيّ على التسامح، لأنّ العرف لا يرى بينهما معارضة، ولأجل هذلا يجري عليهما أحكام باب التعارض. منه مدّ ظلّه.
ج5

إشكال في نفي ماهيّة الضرر حقيقةً.

وجعله الشيخ الأعظم أردء الاحتمالات، وأجاب عنه بأنّ الضرر ينعدمبنفس التدارك خارجاً ـ الذي هو فعل الغاصب والبائع في المثالين ـ لا بالحكمبه من قبل الشارع، والحكم به لا يستلزمه خارجاً، إذ يمكن أن يخالفه منعليه التدارك، فكيف يصحّ نفي هويّة الضرر غير المتدارك حقيقةً مع كونهموجوداً تكويناً(1)؟

كلام شيخ الشريعة الاصفهاني في حديث «لا ضرر»

الثاني: ما اختاره شيخ الشريعة الاصفهاني: من أنّ المراد به النهي عنالضرر، أي «لا يجوز أن يضرّ رجلٌ رجلاً» وهو الذي لا تسبق أذهان العرفالفارغة عن الشبهات العلميّة إلاّ إليه.

ويؤيّده أوّلاً: أنّ إرادة النهي من هذا التركيب كثيرة في الآيات والروايات:

منها: قوله تعالى: «فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ»(2). ومنهقوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا سبق(3) إلاّ في خفّ(4) أو حافر أو نصل»(5).

ومنها: قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا غشّ بين المسلمين»(6).

إلى غير ذلك من الآيات والروايات.

وثانياً: أنّ الحديث مذيّل بـ «على مؤمن» فيما نقل مرسلاً عن زرارة، ول


  • (1) رسالة نفي الضرر ـ المطبوعة في أواخر المكاسب بالطبع الحجري ـ : 372.
  • (2) البقرة: 197.
  • (3) يمكن أن يكون بسكون الباء، ويمكن أن يكون بفتحها، والأوّل بمعنى المسابقة، والثاني بمعنى المالالذي يجعل لها. منه مدّ ظلّه.
  • (4) الخفّ: الإبل والفيلة، والحافر: الخيل والبغال والحمير، والنصل: السيف والسهم والحراب، و«الحِراب»ـ جمع الحَرْبة ـ : آلة للحرب من الحديد قصيرة محدّدة، وهي دون الرمح. م ح ـ ى.
    (5) وسائل الشيعة 19: 252 و 253، كتاب السبق والرماية، الباب 3، الحديث 1 و 2.
  • (6) سنن الدارمي 2: 323، كتاب البيوع، الباب 10، باب النهي عن الغشّ، الحديث 2541.
(صفحه430)

يناسبه نفي الأحكام الضرريّة، كوجوب الوضوء الضرري ولزوم البيع الغبني،لأنّ نفي الأحكام الضرريّة لا يختصّ بالمؤمن، فلابدّ من القول بكونه للنهي.

وثالثاً: أنّ قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في قضيّة سمرة: «إنّك رجلٌ مضارّ ولا ضرر ولا ضرار»بمنزلة الصغرى والكبرى، فلو اُريد التحريم كان معناه «إنّك رجل مضارّوالمضارّة حرام» وهو المناسب لتلك الصغرى، ولو اُريد نفي الحكم الضرريكان معناه «إنّك رجلٌ مضارّ والحكم الموجب للضرر منفي، أو الحكم المجعولمنفيّ في صورة الضرر» ولا أظنّ بالأذهان المستقيمة ارتضائه.

ورابعاً: أنّ قول أئمّة اللغة ومهرة أهل اللسان(1) حول الحديث موافق للنهيالذي ذهبنا إليه.

ثمّ قال: وليعلم أنّ المدّعى أنّ حديث الضرر يراد به إفادة النهي عنه، سواءكان باستعمال التركيب في النهي ابتداءً، أو أنّه استعمل في معناه الحقيقي، وهوالنفي، ولكن لينتقل منه إلى إرادة النهي ـ إلى أن قال ـ : فالمدّعى أنّ الحديثيراد به إفادة النهي، لا نفي الحكم الضرري، ولا نفي الحكم المجعولللموضوعات عنها، ولا يتفاوت في هذا المدّعى أنّ استعمال النفي في النهي بأيّوجه، وربما كانت دعوى الاستعمال في معنى النفي مقدّمةً للانتقال إلى طلبالترك أدخل في إثبات المدّعى، حيث لا يتّجه حينئذٍ ما يستشكل في المعنىالأوّل من أنّه تجوّز لا يصار إليه(2).

هذا حاصل ما أفاده شيخ الشريعة الاصفهاني رحمه‏الله .

والحديث على ما ذهب إليه صدر لجعل حكم من الأحكام الأوّليّة، وهوتحريم الإضرار بالغير، فلا يكون قاعدة فقهيّة وحكماً ثانويّاً ناظر


  • (1) مثل «لسان العرب» و«مجمع البحرين» و«النهاية الأثيريّة». منه مدّ ظلّه توضيحاً لكلام شيخ الشريعة رحمه‏الله .
  • (2) قاعدة لا ضرر ـ لشيخ الشريعة الاصفهاني ـ : 24 ـ 28.
ج5

إلىالأحكام الأوّليّة المستلزمة للضرر أحياناً.

والإنصاف أنّ ماأفاده رحمه‏الله أرجح‏الاحتمالات المتقدّمة وأقرب إلى ما سنحقّقه.

نقد كلام شيخ الشريعة

ولكن مع ذلك يرد عليه أوّلاً: أنّ استعمال هذا التركيب في النهيوإن كان كثيراً، إلاّ أنّ استعماله في النفي لم يكن قليلاً، بل أكثرمنه(1)، فاستعماله وإرادة النهي مع كونه شائعاً ليس بحدّ يكون ظاهراً فيه.

وثانياً: كما أنّ نفي الأحكام الضرريّة لا يختصّ بالمؤمن كذلك حرمةالإضرار بالغير أيضاً لا تختصّ به، إذ لا يجوز الإضرار بالكافر الذمّي أيضاً،فلا يكون تذييل الحديث بقيد «على مؤمن» دليلاً على إرادة النهي عن الضرر.

وثالثاً: إن اُريد بهذا المعنى أنّ كلمة «لا» لاء النهي، ولكنّها دخلت علىالاسم فهو واضح البطلان، لأنّ النهي لا يتعلّق إلاّ بالفعل، وإن اُريد به أنّها لاءالنفي ولكن اُريد بها النهي فلا يمكن بنحو الحقيقة، إذ كون استعمال لاء النفي فيالنهي حقيقةً غير معقول، وأمّا كونه بنحو المجاز فلا يصار إليه في مثل هذالحديث كما اعترف به في آخر كلامه.

نظريّة الإمام الخميني«مدّ ظلّه» في المسألة

وذهب سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» إلى أنّ قوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «لا ضرر ولضرار» يفيد النهي عن الضرر، لكن لا بمعنى كونه نهياً من قبل اللّه‏ وإنّما أخبربه الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كما اختاره شيخ الشريعة رحمه‏الله .

بل بمعنى النهي السلطاني والحكم المولوي، وقد صدر عنه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بما أنّه سائس


  • (1) وأورد الإمام الخميني«مدّ ظلّه» بعض موارده في كتاب الرسائل، قاعدة «لا ضرر»: 48، فراجع. م ح ـ ى.
(صفحه432)

الملّة وقائدها ورئيس الملّة وأميرها.

وتوضيح ذلك يحتاج إلى ذكر مقدّمتين:

شؤون رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله

الاُولى: أنّ لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله شؤوناً:

أحدها: النبوّة والرسالة، أي تبليغ الأحكام الإلهيّة من الأحكام الوضعيّةوالتكليفيّة، حتّى أرش الخدش.

وثانيها: مقام السلطنة والرياسة والسياسة، لأنّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله سلطان من قبل اللّه‏تعالى، والاُمّة رعيّته، وهو سائس البلاد ورئيس العباد، وهذا المقام غير مقامالرسالة والتبليغ، فإنّه بما أنّه مبلِّغ ورسول من اللّه‏ ليس له أمرٌ ولا نهي، ولوأمر أو نهى في أحكام اللّه‏ تعالى لا يكون إلاّ إرشاداً إلى أمر اللّه‏ ونهيه، ولوخالف المكلّف لم يكن مخالفته مخالفة رسول اللّه‏، بل مخالفة اللّه‏ تعالى، لأنّرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ليس بالنسبة إلى أوامر اللّه‏ ونواهيه ذا أمر ونهي، بل هو مبلِّغورسول ومخبر عنه تعالى، كما أنّ أوامر الأئمّة عليهم‏السلام ونواهيهم في أحكام اللّه‏كذلك، وليست أوامر النبيّ والأئمّة «عليه وعليهم الصلاة والسلام» من هذهالجهة إلاّ كأوامر الفقهاء مقلّديهم، فقول الفقيه لمقلّده: «اغسل ثوبك عن أبوالما لا يؤكل لحمه» كقول النبيّ والأئمّة عليهم‏السلام من حيث إنّه إرشاد إلىالحكمالإلهي، وليس مخالفة هذا الأمر إلاّ مخالفة اللّه‏، لا مخالفة الرسول والأئمّة والفقيه.

وأمّا إذا أمر رسول اللّه‏ أو نهى بما أنّه سلطان وسائس يجب إطاعة أمره بمأنّه أمره، فلو أمر سريّة أن يذهبوا إلى قطر من الأقطار تجب طاعته عليهم بمأنّه سلطان وحاكم، فإنّ أوامره من هذه الجهة كأوامر اللّه‏ واجب الإطاعة،