جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج5

الشرعيّة القدرة على امتثالها، لقبح تكليف العاجز، والمفروض حصول القدرةعلى امتثال كلّ من المتزاحمين عند ترك امتثال الآخر، ولا موجب لتعيّنصرف القدرة في امتثال أحدهما بالخصوص، لأنّ كلاًّ من المتزاحمين صالح لأنيكون معجّزا مولويّا وشاغلاً عن الآخر، إذ كلّ تكليف يستدعي نفي الموانععن وجود متعلّقه وحفظ القدرة عليه، وحيث لا يمكن الجمع بينهما فيالامتثال فالعقل يستقلّ حينئذٍ بصرف القدرة في أحدهما تخييرا، إمّا لأجلتقييد التكليف في كلّ من المتزاحمين بحال عدم امتثال الآخر، وإمّا لأجلسقوط التكليفين معا واستكشاف العقل حكما تخييريّا، لوجود الملاك التامّ فيكلّ منهما، على اختلاف المسلكين في ذلك، كما تقدّمت الإشارة إليهما(1).

وعلى كلّ حال: التخيير في باب التزاحم لم ينشأ من ناحية الدليل الدالّعلى وجوب كلّ من المتزاحمين، بل نشأ من ناحية المدلول والمنكشف، لمعرفت من أنّ المجعول في باب التكاليف إنّما يقتضي التخيير في امتثال أحدالتكليفين عند تعذّر الجمع، بالبيان المتقدّم.

والفرق بين التخيير الجائي من قبل الدليل والتخيير الجائي من قبلالمدلول، هو أنّ التخيير في الأوّل ظاهري وفي الثاني واقعي، كما لا يخفى وجهه.

إذا عرفت ذلك فنقول:

إنّ القول بالتخيير في باب تعارض الاُصول ممّا لا شاهد عليه، لا من ناحيةالدليل والكاشف، ولا من ناحية المدلول والمنكشف.

أمّا انتفاء الشاهد من ناحية الدليل: فهو ممّا لا يكاد يخفى، فإنّ دليل اعتباركلّ من الاُصول العمليّة إنّما يقتضي جريانه عينا، سواء عارضه أصل آخر أولم يعارضه، وليس في الأدلّة ما يوجب التخيير في إجراء أحد الأصلين


  • (1) راجع ص73.
(صفحه76)

المتعارضين.

وأمّا انتفاء الشاهد من ناحية المدلول: فلأنّ المجعول في باب الاُصولالعمليّة ليس هو إلاّ الحكم بتطبيق العمل على مؤدّى الأصل، إمّا بقيد أنّهالواقع، وإمّا لا بقيد ذلك ـ على اختلاف المجعول في باب الاُصول التنزيليّةوغيرها ـ ولكنّ الحكم بذلك ليس على إطلاقه، بل مع انحفاظ رتبة الحكمالظاهري باجتماع قيود ثلاثة: وهي الجهل بالواقع، وإمكان الحكم على المؤدّى،وعدم لزوم المخالفة العمليّة، فعند اجتماع هذه القيود الثلاثة يصحّ جعل الحكمالظاهري بتطبيق العمل على المؤدّى، ومع انتفاء أحدها لا يكاد يمكن جعلذلك، وحيث إنّه يلزم من جريان الاُصول في أطراف العلم الإجمالي مخالفةعمليّة فلا يمكن جعلها جمعا، وكون المجعول أحدها تخييرا وإن كان بمكان منالإمكان، إلاّ أنّه لا دليل عليه، لا من ناحية أدلّة الاُصول، ولا من ناحيةالمجعول فيها.

والحاصل: أنّ مجرّد عدم صحّة الجمع في إجراء الأصلين المتعارضينلايوجب الحكم بالتخيير بينهما، فإنّ الحكم التخييري ـ كسائر الأحكام يحتاج إلى قيام الدليل عليه.

وقياس باب الاُصول العمليّة بباب الأمارات على القول بالسببيّة فيهليس في محلّه، لما عرفت من أنّ التخيير في العمل بإحدى الأمارتينالمتعارضتين على ذلك القول إنّما هو لأجل أنّ المجعول في الأمارات يقتضيالتخيير في صورة التعارض، لاندراجها في باب التزاحم الذي قد عرفت أنّالتخيير فيه ينشأ من ناحية المجعول، بالبيان المتقدّم، وأين هذا من بابالاُصول العمليّة المجعولة وظيفة للشاكّ في الحكم أو الموضوع؟

فظهر أنّ القول بالتخيير في إجراء أحد الأصلين المتعارضين ممّا لا دليل

ج5

عليه، وإنّما أطلنا الكلام في ذلك، لأنّ شبهة التخيير قد غرست في أذهان بعضطلبة العصر، وبعد البيان المتقدِّم لا أظنّ بقاء الشبهة في الأذهان.

فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ القاعدة في مورد تعارض الاُصول تقتضي السقوط،ويبقى التكليف المنجّز المعلوم بالإجمال على حاله، والعقل يستقلّ بوجوبموافقته والخروج عن عهدته، إمّا بالوجدان، وإمّا بالتعبّد من الشارع(1).

إنتهى موضع الحاجة من كلامه.

نقد نظريّة المحقّق النائيني رحمه‏الله من قبل الإمام الخميني«مدّ ظلّه»

وناقش فيه سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» بوجوه دقيقة متينة، حيثقال:

وفيه مواقع للنظر، نشير إلى بعض:

منها: أنّ ما أفاد ـ من أنّ التخيير في الصورة الاُولى من مقتضيات الكاشفوالدالّ لا المنكشف والمدلول، فإنّ المجعول في كلّ من العامّ والخاصّ هو الحكمالتعييني ـ ليس في محلّه، فإنّ دوران الأمر في المخصّص بين التعيين والتخييرـ أي خروج الفردين مطلقا، أو خروج كلّ منهما مشروطا بدخول الآخر موجب للحكم بالتخيير، فإنّه القدر المتيقّن من التصرّف في العامّ، وإلاّ فلوعلم أنّ المجعول في كلّ من العامّ والخاصّ هو الحكم التعييني، فلا مجال للحكمبالتخيير، وهذا واضح.

ومنها: أنّ ما أفاد في الصورة الثانية ـ من أنّ التخيير في باب تزاحمالواجبين من ناحية المدلول والمنكشف، لا الدالّ والكاشف ـ ليس في محلّه،فإنّ التخيير فيه لأجل إطلاق العامّ أحوالاً، ولزوم الأخذ بالقدر المتيقّن في


  • (1) فوائد الاُصول 4: 27.
(صفحه78)

التصرّف فيه، فالتخيير إنّما نشأ من إطلاق الدليل، وعدم الدليل على التصرّففيه إلاّ بمقدار يحكم العقل بامتناع العمل بالعامّ، وهو الأخذ بالإطلاقالأحوالي في كلا الفردين، فلابدّ من التصرّف فيه من تلك الجهة، ونتيجتهالحكم بالتخيير.

وبالجملة: لا فرق بين الصورة الاُولى والثانية إلاّ من ناحية المخصّص، فإنّالمخصّص في الاُولى دليل لفظي مجمل دائر بين الاقلّ والأكثر، وفي الثانية دليلعقلي يحكم بخروج القدر المتيقّن من العامّ.

نعم، لو بنينا على أنّ التكليفين يسقطان معا، ويستكشف العقل لأجلالملاك التامّ حكما تخييريّا، يمكن أن يقال: إنّ التخيير بينهما إنّما يكون لأجلالمدلول لا الدليل على إشكال فيه، لكنّه خلاف مسلكه(1).

ومنها: أنّ لنا أن نقول: إنّ التخيير في الأصلين المتعارضين من مقتضياتالدالّ والكاشف، ومن مقتضيات المدلول والمنكشف:

أمّا الأوّل: فلأنّ اجتماع دليل العامّ وإجمال دليل الخاصّ بضميمة وجوبالاقتصار على القدر المتيقّن في التخصيص كما أوجب الحكم بالتخيير، كذلكاجتماع دليل الاُصول ـ مثل قوله: «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرامبعينه»(2) ـ مع لزوم التخصيص، ودورانه بين خروج الفردين مطلقا وفي جميعالأحوال، أو خروج كلّ منهما في حال عدم ارتكاب الآخر، موجب للحكمبالتخيير.

وبالجملة: الإطلاق الأحوالي لدليل العامّ ولزوم الأخذ بالقدر المتيقّن فيالتخصيص، هو الملاك فيما نحن فيه وفيما ذكر من المثال، بل فيما نحن فيه أولى ممّ


  • (1) فإنّه ذهب إلى أنّ الأقوى أنّ التخيير بين المتزاحمين هو لأجل تقييد إطلاق الخطاب من الجانبين معبقاء أصله، لا لأجل سقوط الخطابين واستكشاف العقل حكما تخييريّا. فوائد الاُصول 4: 26.
  • (2) وسائل الشيعة 17: 89 ، كتاب التجارة، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 4.
ج5

ذكره، لأنّ التخصيص فيه عقلي، والعقل يحكم جزما بأنّ ما يوجب الامتناعهو إطلاق الدليل لا عمومه الأفرادي، فالمخصّص لم يكن أمره دائرا بين الأقلّوالأكثر كالمثال المذكور، بل يحكم العقل بأنّ ملاك التصرّف في العامّ ـ أي أدلّةالاُصول في أطراف العلم الإجمالي ـ ليس إلاّ في تقييد الإطلاق، لا تخصيصالأفراد.

وأمّا الثاني: فلأنّ الترخيص المستفاد من أدلّة الاُصول مقيّد عقلاً بعدملزوم الإذن في المعصية القطعيّة، أي بكون المكلّف قادرا تشريعا على إتيانه،وكلّ واحد من المتعارضين يقتضي صرف قدرة المكلّف إلى متعلّقه، ونفيالموانع عن وجوده، فلمّا لم يكن للعبد إلاّ صرف قدرته في واحد منهما ـ أييكون عاجزا عن إتيانهما ـ يقع التعارض بينهما، فحينئذٍ إمّا أن نقول بسقوطالتكليفين واستكشاف العقل تكليفا تخييريّا، أو نقول بتقييد إطلاق كلّ منهمبحال امتثال الآخر.

وبالجملة: يكون حال ما نحن فيه حال المتزاحمين طابق النعل بالنعل.

فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ جوابه مع طوله ممّا لا طائل تحته(1)، إنتهىكلامه«مدّ ظلّه».

هذا كلّه مبنيٌّ على الإغماض عن اغتشاش حديث «مسعدة بن صدقة»متنا، وإلاّ فلم‏يكن قابلاً للاستناد في المقام كما تقدّم، وقد عرفت عدم تماميّةالاستدلال بسائر أحاديث الباب أيضاً.

والحاصل: أنّه لا يمكن إثبات الترخيص في بعض أطراف العلم الإجماليباستناد أصالة الحلّيّة، كما لم يمكن إثباته في جميع الأطراف باستنادها.

البحث حول جريان الاستصحاب في بعض الأطراف


  • (1) أنوار الهداية 2: 202، وتهذيب الاُصول 3: 211.