جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه366)

لواجب آخر، فليس للعقل فيه حكم واضح، لأنّ استحقاق العقوبة على تركهيستلزم تحقّق ملاكين عقليّين لاستحقاق العقوبة في المقام: أحدهما: مخالفةالواقع، والآخر: ترك الواجب النفسي التهيّئي وإن لم يكن مقصوداً لذاته، وهوبعيد، فحكم العقل باستحقاق العقوبة على الواجبات النفسيّة التهيّئيّة مشكوكالوجود لو لم نقل بكونه مقطوع العدم.

والحاصل: أنّ كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً وإن كان ممكناً بحسب مقامالثبوت، إلاّ أنّه لا ملازمة بينه وبين استحقاق العقاب على تركه، فإنّ العقل ليحكم به إلاّ بملاك مخالفة الواقع، فلا يمكن الالتزام بما ذهب إليه المحقّقالأردبيلي وصاحب المدارك.

القول في إثبات الواجب النفسي التهيّئي

بل يرد عليهما الإشكال بحسب مقام الإثبات أيضاً، إذ لا دليل عقلاً ولنقلاً على ثبوت الوجوب النفسي التهيّئي في الشريعة.

أمّا عدم الدليل العقلي: فلأنّ الفحص وإن كان واجباً بحسب حكم العقل كمتقدّم(1)، إلاّ أنّه غير ما نحن بصدده هاهنا، فإنّ المراد بـ «الوجوب النفسيالتهيّئي» هو الوجوب الشرعي، فلو دلَّ العقل عليه لكان كاشفاً عنه ـ ككشفهعن الوجوب الشرعي المتعلّق بمقدّمة الواجب(2) من طريق الملازمة بينه وبينوجوب ذيها ـ وأمّا اللزوم العقلي المتعلّق بالفحص فليس محلاًّ للنزاع هاهنا،كما أنّ اللابدّيّة العقليّة المتعلّقة بمقدّمة الواجب لم تكن مبحوثاً عنها هناك.

ولا طريق لكون العقل كاشفاً عن وجوب الفحص شرعاً، سيّما مع كونه


  • (1) راجع ص347.
  • (2) بناءً على وجوبها. م ح ـ ى.
ج5

معنوناً بعنوان النفسيّة والتهيّئيّة.

وأمّا عدم الدليل النقلي: فلأنّ الآيات والروايات المتناسبة للمقام علىطائفتين لا دلالة فيهما على كون الفحص واجباً نفسيّاً تهيّئيّاً:

الطائفة الاُولى: ما تدلّ على أنّ التفقّه في الدين وتعلّم معالمه واجب نفسي،لكن لا دلالة فيها على كون وجوبه لأجل التهيّؤ لواجب آخر.

منها: قوله تعالى: «فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِوَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»(1).

فإنّها تدلّ على أنّ «التفقّه في الدين» واجب كفائي(2).

ولم يجعل مقدّمة لغيره كي يكون وجوبه تهيّئيّاً.

فإنّ قوله: «وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ» عطف على قوله: «لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ»،فهو في عرضه، لا من غاياته المتفرّعة عليه، كي يكون «التفقّه في الدين» واجبتهيّئيّاً لأجله.

فكما أنّ «الإنذار» وظيفة نفسيّة أصليّة، فكذلك «التفقّه في الدين» بل هوأولى بذلك، لأنّ لـ «الإنذار» غاية، وهي قوله: «لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» دون«التفقّه» فهو مطلوب نفسي أصلي، من دون أن يكون فيه شائبة التهيّئيّة أصلاً.

ومنها: الأخبار الكثيرة الواردة في فضل العلم والعالم والتفقّه في الدين، كمعن أبي جعفر عليه‏السلام قال: «الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، والصبر علىالنائبة، وتقدير المعيشة»(3).

فإنّه يدلّ على أنّ «التفقّه في الدين» بنفسه كمال، بل هو كلّ الكمال، فل


  • (1) التوبة: 122.
  • (2) و«الكفائيّة» تستفاد من قوله: «مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ» ضرورة أنّه لو كان واجباً عينيّاً لوجب النفروالتفقّه على الجميع. منه مدّ ظلّه.
  • (3) الكافي 1: 32، كتاب فضل العلم، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء، الحديث 4.
(صفحه368)

محالة كان مطلوباً نفسيّاً أصيلاً إمّا وجوباً أو استحباباً، كالمستحبّات الكثيرةالنفسيّة الأصيلة في الشريعة.

والحاصل: أنّ هذا النوع من الأدلّة النقليّة تدلّ على كون الفحص عنالتكاليف الشرعيّة والتفقّه في الاُمور الدينيّة من المطلوبات النفسيّة الأصليّة،إمّا وجوباً أو استحباباً، من دون أن تكون فيه شائبة التهيّئيّة.

الطائفة الثانية: ما تدلّ على أنّ ترك السؤال والفحص لا يكون عذراً، فلووقع المكلّف في مخالفة الحكم الواقعي ـ لأجل الجهل به مع تمكّنه من العلم بهبالفحص والسؤال ـ لم يكن معذوراً يوم القيامة، بل يستحقّ العقاب على ذلك.

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة بتعابير مختلفة:

مثل(1) ما روي عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهماالسلام وقدسُئل عن قول اللّه‏: «فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ»(2) فقال: «إنّ اللّه‏ تعالى يقول للعبديوم القيامة: عبدي أكنتَ عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت،وإن قال: كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمت حتّى تعمل، فيخصمه، فتلك الحجّةالبالغة»(3).


  • (1) ومثل مرسلة يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه قال: سئل أبو الحسن عليه‏السلام : هل يسع الناس تركالمسألة عمّا يحتاجون إليه؟ فقال: «لا».
    الكافي 1: 30، كتاب فضل العلم، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه، الحديث 3.

    ومثل صحيحة الفضلاء ـ زرارة ومحمّد بن مسلم وبريد العجلي ـ قالوا: قال أبو عبداللّه‏ عليه‏السلام لحمران بنأعين في شيء سأله: «إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون».

    الكافي 1: 40، كتاب فضل العلم، باب سؤال العالم وتذاكره، الحديث 2.

    ومثل ما روي عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام قال: قيل له: إنّ فلاناً أصابته جنابة وهو مجدور، فغسّلوه فمات، فقال:«قتلوه، ألا سألوا؟ ألا يمّموه؟ إنّ شفاء العيّ السؤال».

    الكافي 3: 68، كتاب الطهارة، باب الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة، الحديث 5.

    إلى غير ذلك ممّا هو ظاهر في أنّ العلم للعمل، كالروايات المنقولة في الكافي 1: 44 ـ 45، باب استعمالالعلم. م ح ـ ى.

  • (2) الأنعام: 149.
ج5

وهذه الطائفة من الروايات إرشاد إلى حكم العقل، من لزوم الفحصوالسؤال والتعلّم، لتماميّة الحجّة على العبد على فرض ورود البيان من قبلالمولى، ولا تدلّ على الوجوب النفسي، ولا النفسي التهيّئي.

والحاصل: أنّه لا يمكن الالتزام بما ذهب إليه المحقّق الأردبيلي وصاحبالمدارك رحمهماالله إذ لا دليل على ثبوت الوجوب النفسي التهيّئي في الشريعة، لعدمكون العقل كاشفاً عنه، ولا الروايات دالّة عليه.

حكم عبادة الجاهل التارك للفحص

قد عرفت أنّ من ترك الفحص يستحقّ العقوبة على مخالفة الواقع، فاعلمهاهنا أيضاً أنّه إذا أتى بعمل عبادي مخالف للواقع باستناد البراءة الشرعيّة أوالعقليّة(1) كان باطلاً، فيجب عليه الإعادة أو القضاء، فلو شكّ في جزئيّةالسورة مثلاً للصلاة وأتى بها فاقدة لها ـ من دون أن يرجع إلىالمنابع لتحصيلالعلم بالمسألة إذا كان مجتهداً، ومن دون أن يسأل المجتهد إذا كان مقلّداً ـ كانتصلاته باطلة، لكونه جاهلاً مقصّراً وأتى بعبادة فاقدة لجزئها بدون مبرّرلذلك، لأنّه لم يكن محقّاً في إجراء البراءة قبل الفحص.

إن قلت: فما معنى حديث «لا تعاد»(2)؟ هل لا يعمّ الجاهل المقصّر؟

قلت: لو فرض شموله له فذكر الصلاة وجزئيّة السورة لها إنّما هو منباب المثال، وإلاّ فالبحث يعمّ سائر العبادات التي لا مجال لحديث «لا تعاد»فيها.


  • (1) تفسير نور الثقلين 1: 775، الحديث 330 من أحاديث سورة «الأنعام».
  • (2) وفرضنا تمشّي قصد القربة المعتبر في العبادات منه. منه مدّ ظلّه.
  • (3) وهو ما رواه الصدوق رحمه‏الله بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه‏السلام أنّه قال: «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة:الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود».
    وسائل الشيعة 6: 91، كتاب الصلاة، الباب 29 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 5.
(صفحه370)

والحاصل: أنّ القاعدة تقتضي بطلان عبادة الجاهل التارك للفحص إذكانت فاقدة لبعض الخصوصيّات المعتبرة فيها، مضافاً إلى كونه مستحقّللعقاب على مخالفة المولى.

حكم الإتمام مكان القصر وكلّ من الجهر والإخفات مكان الآخر

ثمّ إنّ هاهنا موردين ناقضين للقاعدة ظاهراً، فلابدّ من حلّ الإشكالفيهما:

إتمام الصلاة في موضع القصر(1).

2ـ الجهر في موضع الإخفات وبالعكس.

فإنّ مقتضى النصّ(2) والفتوى في هذين الموردين ثلاثة اُمور:

أ ـ صحّة هذه الصلاة، وإن صدرت عن الجاهل المقصّر.

ب ـ أنّه مع ذلك يستحقّ العقوبة على ترك القصر في المورد الأوّل، وعلىترك الإخفات أو الجهر في المورد الثاني.

ج ـ أنّه لا يتمكّن من رفع استحقاق العقوبة عنه بوجه من الوجوه أصلاً،حتّى لو صلّى تماماً في موضع القصر، أو جهراً في موضع الإخفات أو بالعكسحال كونه جاهلاً مقصّراً، ثمّ صار عالماً بالواقع في الوقت وأعادها بما يطابقه،


  • (1) دون العكس، فإنّ من قصّر مكان الإتمام لم يحكم بصحّة صلاته. منه مدّ ظلّه.
  • (2) والمراد بالنصّ في صورة الإتمام مكان القصر: هو صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم قالا: قلنا لأبيجعفر عليه‏السلام : رجل صلّى في السفر أربعاً أيعيد أم لا؟ قال: «إن كان قرأت عليه آية التقصير وفسّرت لهفصلّى أربعاً، أعاد، وإن لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها، فلا إعادة عليه».
    وسائل الشيعة 8 : 506، كتاب الصلاة، الباب 17 من أبواب صلاة المسافر، الحديث 4.

وفي صورة الجهر مكان الإخفات وبالعكس: هو صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‏السلام في رجل جهر فيما لينبغي الإجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه، فقال: «أيّ ذلك فعل متعمّداً فقد نقض صلاته وعليهالإعادة، فإن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته».

وسائل الشيعة 6: 86 ، كتاب الصلاة، الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة، الحديث 1. م ح ـ ى.