فيما يقتضيه أخبار الاستصحاب
البحث حول الحديث
هذهالرواية كما ترى مشتملة على فقرتين، والظاهر أنّ شبهة زرارة في الفقرةالاُولى كانت شبهة حكميّة، لا بمعنى أنّه لم يعلم ناقضيّة النوم للوضوء، لأنّذلك يعلمه العوامّ، فضلاً عن مثل زرارة، فشبهته لا تخلو عن احتمالات ثلاث:
أ ـ أنّه كان عالماً بعدم كون الخفقة والخفقتين من مصاديق النوم، ولكنّه شكّفي كون الخفقة ناقضة مستقلّة.
ب ـ أنّه كان عالماً بكونهما من مصاديقه، ولكنّه شكّ في أنّ النوم الناقضهل هو خصوص النوم الثقيل الغالب على جميع الحواسّ أو مطلق النوم حتّىمرتبته الضعيفة التي يعبّر عنه بالخفقة والخفقتين.
ج ـ أنّه شكّ في مفهوم النوم وأنّه هل يشمل الخفقة والخفقتين أم لا مععلمه بأنّ النوم ناقض بجميع مراتبه.
وعلى جميع هذه الاحتمالات لم يعلم زرارة أنّ الخفقة والخفقتين تنقضانالوضوء أم لا؟
وهل يمكن القول بتعيّن الاحتمال الثاني بقرينة قوله: «الرجل ينام» بتقريبأنّه قرينة على علمه بتحقّق النوم بالخفقة والخفقتين، ولكنّه سأل عن كونهناقضاً بهذه المرتبة الضعيفة أم لا؟ وهذا هو الاحتمال الثاني.
أقول: لا، لأنّه بمعنى «يريد النوم» لا بمعنى «تحقّق منه النوم»، لأنّه لو أراد
ج6
تحقّق النوم القطعي لعبّر بالفعل الماضي وقال: «الرجل قد نام» لأنّه التعبيرالمعمول في نظائره، مثل «رجل شكّ بين الثلاث والأربع».
تذكرة
«القلب» في الخبر لا يكون بمعناه المعروف في زماننا هذا، وهوالعضو المخصوص من الجسم، لأنّه لا نوم فيه، بل بمعنى مركز الحواسّ،فأجاب الإمام عليهالسلام بأنّ الناقض هو النوم الغالب على جميع الحواسّ،ورفعت شبهته.
ثمّ حدثت له شبهة اُخرى سأل عنها في الفقرة الثانية، وهو أنّه إذا شكّ فيتحقّق هذا النوم الناقض فهل إليه سبيل بالأمارات الظنّيّة مثل حركة شيء إلىجنبه مع عدم علمه به أم لا؟
فأجاب عليهالسلام : بأنّه «لا، حتّى يستيقن أنّه قد نام، حتّى يجيء من ذلك أمرٌبيّن، إلخ».
وهذه الفقرة الثانية هي التي استدلّ بها الاُصوليّون في باب الاستصحاب،والمعروف بينهم هو الاستدلال بذيلها، وهو قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين أبدبالشكّ وإنّما ينقضه بيقين آخر».
والظاهر إمكان الاستدلال بالصدر أيضاً، وهو قوله عليهالسلام : «لا، حتّى يستيقنأنّه قد نام، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن»، لأنّ معناه عدم وجوب الوضوءعليه عملاً في مورد الشكّ في تحقّق النوم، أي له استصحاب عدم تحقّق النومحتّى يستيقن أنّه قد نام ويجيء من ذلك أمرٌ بيّن، وليس معناه أنّ الناقض هواليقين بالنوم، لأنّ الناقض ـ على ما يستفاد من الأخبار ـ هو النوم الواقعي،سواء تيقّن به أم لا، فلا معنى لقوله عليهالسلام : «لا، حتّى يستيقن أنّه قد نام» إل