جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه484)

قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّةووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟

قال: ما خالف العامّة ففيه الرشاد.

فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟

قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل، حكّامهم وقضاتهم، فيترك، ويؤخذبالآخر.

قلت: فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟

قال: إذا كان ذلك فأرجه(1) حتّى تلقى إمامك، فإنّ الوقوف عند الشبهاتخيرٌ من الاقتحام في الهلكات»(2).

أقول: لا إشكال في أنّ صدر هذه الرواية ظاهر بل صريح في كون السؤالعن الشبهة الموضوعيّة، مثل تنازع زيد وعمرو بأن يقول زيد لعمرو: «إنّ ليعليك مأة درهم» وهو ينكره، ومثل أن يتنازعا في ميراث، فقال زيد: «هولي» وقال عمرو: «بل هو لي».

ولا يصحّ القول بأنّ السؤال عن الشبهة الحكميّة، لأنّ المرجع فيها هوالفقيه، لا السلطان أو القاضي، سيّما أنّ الراوي فرض الرجلين المتنازعين منالأصحاب، إذ عدم صحّة رجوعهما إلى السلطان الجائر أو إلى القاضيالمنصوب من قبله لأخذ الحكم الكلّي معلوم، فلا مورد لسؤاله عن حلّيّة


  • (1) قال المجلسي رحمه‏الله : قوله عليه‏السلام : «فأرجه»: بكسر الجيم والهاء، من «أرجيت الأمر» بالياء أو من «أرجأتالأمر» بالهمزة، وكلاهما بمعنى «أخّرته» فعلى الأوّل حذفت الياء في الأمر، وعلى الثاني اُبدلت الهمزةياءً ثمّ حذفت، و«الهاء» ضمير راجع إلى الأخذ بأحد الخبرين. مرآة العقول 1: 226، كتاب فضل العلم،باب اختلاف الحديث، الحديث 10.
  • (2) الكافي 1:67، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، الحديث 10، ومن لا يحضره الفقيه 3: 8 ، أبوابالقضايا والأحكام، باب الاتّفاق على عدلين في الحكومة، الحديث 3233، وتهذيب الأحكام 6: 262،كتاب القضايا والأحكام، باب من الزيادات في القضايا والأحكام، الحديث 52، ووسائل الشيعة 27: 106،كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1.
ج6

رجوعهما إليهما لأخذ الفتوى والحكم الشرعي الكلّي منهما.

كلام المحقّق الرشتي رحمه‏الله في مدلول المقبولة

لكن ذهب الميرزا حبيب اللّه‏ الرشتي رحمه‏الله إلى كون الرواية واردةً مورد الشبهةالحكميّة ولا ربط لها بالقضاء، لأنّ اختيار كلّ من المتخاصمين رجلاً منالأصحاب لأجل القضاوة لا يمكن إلاّ على وجوه ثلاثة: أحدهما: أن يحكممعا ويقولا: حكمنا بهذا، الثاني: أن يكون الحَكَم أحدهما ولكنّ الآخر يعينهفي مقدّمات الحكم، فالأوّل يشاور الثاني ثمّ يحكم، الثالث: أن يكون أحدهمحاكما والآخر منفّذا للحكم، فيقول الأوّل: حكمت بكذا، والثاني: أنفذت هذالحكم، وكلّها خلاف ظاهر الرواية، فإنّ ظاهرها اختيار كلّ من المتنازعينحاكما ليكون مستقلاًّ في القضاء، وهذا غير معقول، لعدم رفع الخصومة به.

فلابدّ من حمل الحكم في الرواية على معناه اللغوي، وهو الفتوى،كما في قوله تعالى: «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـآلـءِكَ هُمُالْفَـسِقُونَ»(1) أي من لم يفت بما أنزل اللّه‏.

فحاصل مضمون الرواية أنّ كلّ واحد من الرجلين اختار رجلاً منالمجتهدين ليفتي فيما وقع بينهما الاختلاف من حكم اللّه‏ تعالى، وحيث إنّ الإفتاءكان في ذلك الزمان بالروايات ذكر كلّ منهما في مقام الفتوى روايةً مخالفةًللرواية التي ذكرها الآخر.

ثمّ ذكر قرينةً اُخرى على كون الرواية مربوطة بالشبهة الحكميّة، وهيقوله عليه‏السلام : «ينظر إلى ما كان من روايتهم إلخ» فإنّ المتنازعين لا صلاحيّة(2)، بل


  • (1) المائدة: 47.
  • (2) لكونهما من العوامّ غالبا، ولا تتمكّن العوامّ من النظر حول الروايات. منه مدّ ظلّه.
(صفحه486)

لا حقّ لهما أن ينظرا إلى مدرك حكم القاضي، فراجع إلى وجدانك لتعلم أنّههل يجوز لأحد من المتخاصمين بعد صدور الحكم من قبل القاضي أن يقولله: أيّها القاضي ما مدرك هذا الحكم؟!

على أنّ الحَكَمين إن صدر الحكم منهما في زمان واحد تساقطا، وإن تقدّمأحدهما على الآخر فالحكم ما حكم به الأوّل ولا يعتدّ ـ بحسب موازين بابالقضاء ـ إلى حكم المتأخّر، فإذا كان هذا ميزان باب القضاء فما معنى النظر إلىمأخذ حكمهما عند اختلافهما في الحكم؟!

فلابدّ من حمل هذه الرواية من أوّلها إلى آخرها إلى باب الفتوى ونقلالرواية(1).

هذا حاصل كلامه رحمه‏الله مع توضيح منّا، وعليه يكون جميع المرجّحاتالمذكورة فيها حتّى الأعدليّة وأمثالها من مرجّحات باب الرواية.

نقد ما اختاره الميرزا الرشتي رحمه‏الله في مفاد المقبولة

أقول: إنّ المحقّق الرشتي رحمه‏الله و إن تأمّل في الرواية كمال التأمّل والدقّة، لكنّه رحمه‏الله كأن لم ينظر إلى صدرها(2)، فإنّ حمل صدرها على الشبهة الحكميّة ممّا لا يمكن،لأنّ التحاكم إلى السلطان أو إلى القضاة إنّما هو التحاكم إلى القدرة، وهو ليتصوّر إلاّ في المنازعة في الموضوعات، لأنّ النزاع في الحكم الشرعي مرجعهإنّما هو الفقيه العالم بحكم اللّه‏، لا السلطان والقاضي كما هو واضح.

فصدر الرواية ظاهر بل صريح في الشبهة الموضوعيّة، بل لا يمكن حمله علىالشبهة الحكميّة، وكذا لسائر فقرات الحديث إلى قوله: «لا يلتفت إلى ما يحكم


  • (1) بدايع الأفكار: 435.
  • (2) قطّع صاحب الوسائل رحمه‏الله هذه الرواية فلم يذكر صدرها، ولعل المحقّق الرشتي رحمه‏الله أخذها من الوسائلفغفل عن صدرها الصريح في القضاء ورفع الخصومة. منه مدّ ظلّه.
ج6

به الآخر» ظهور قويّ في أنّ الحكم بمعنى القضاء ورفع الخصومة.

فلا ريب في أنّ الترجيح بالأعدليّة(1) وأمثالها في المقبولة مربوط بحكمالحاكمين لا بفتوى الفقيهين أو تعارض الخبرين.

ويشهد له حديثان آخران:

أحدهما: ما رواه الصدوق بإسناده عن داود بن الحصين، عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيهخلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما، عن قول أيّهما يمضي الحكم؟قال: «ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه، ولا يلتفتإلى الآخر»(2).

الثاني: ما رواه الشيخ رحمه‏الله بإسناده عن موسى بن اكيل، عن أبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام قال: سئل عن رجل يكون بينه وبين أخ له منازعة في حقّ، فيتّفقان علىرجلين يكونان بينهما، فحكما، فاختلفا فيما حكما، قال: وكيف يختلفان؟ قال:حكم كلّ واحد منهما للذي اختاره الخصمان، فقال: «ينظر إلى أعدلهما وأفقههمفي دين اللّه‏، فيمضى حكمه»(3).

فإنّ الروايتين تدلاّن على نفوذ حكم الأفقه الأعلم الأورع، وعلى نفوذحكم الأعدل الأفقه، ومضمونهما عين مضمون المقبولة، ومع ذلك لم يستدلّوبهما على الترجيح في باب تعارض الروايتين، وليس ذلك إلاّ لعدم ربطهما بمنحن فيه، فكذا الحال في المقبولة.

فالترجيح بصفات الإنسان ـ من الأعدليّة وأمثالها ـ مربوط بباب القضاء


  • (1) وهل كلّ من الأعدليّة والأفقهيّة والأصدقيّة والأورعيّة مرجّح مستقلّ أو مجموعها مرجّح واحد؟للبحث عنه محلّ آخر، وهو كتاب القضاء من الفقه. منه مدّ ظلّه.
  • (2) وسائل الشيعة 27: 113، كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 20.
  • (3) وسائل الشيعة 27: 123، كتاب القضاء، الباب 9 من أبواب صفات القاضي، الحديث 45.
(صفحه488)

وتعارض حكم الحاكمين.

ولا ملازمة بين الترجيح بصفات القاضي عند اختلاف الحكمين وبينالترجيح بصفات الراوي عند تعارض الروايتين، سيّما أنّ بينهما فرقا واضحا،وهو أنّ التخيير ممكن في باب الخبرين المتعارضين، بخلاف الحكمين المختلفين،لأنّ المتخاصمين لو كانا مخيّرين في الأخذ بأيّ حكم منهما لاختار كلّ منهمالحكم الذي له، ولم ترفع المنازعة، ولعلّه لأجل هذا ورد أخبار التخيير كلّهفي الخبرين المتعارضين، ولا ترتبط أصلاً بالحكمين المختلفين.

وما أفاده(1) المحقّق الرشتي رحمه‏الله في صدر كلامه من عدم إمكان حمل المقبولةعلى القضاء إلاّ على وجوه ثلاثة كلّها خلاف الظاهر، وفي ذيله من عدمصلاحيّة المتخاصمين لأن ينظرا في مدرك الحكمين، لا يوجبان رفع اليد عنظهور صدر الرواية بل صراحتها في القضاء.

على أنّ الإشكال الثاني وارد عليه أيضاً، لعدم صلاحيّة المستفتي أيضاً لأنينظر في مدرك الفتوى(2)، فهذا إشكال مشترك الورود.

على أنّه لا يتصوّر اختلاف رجلين في حكم مسألة ثمّ رجوعهما إلىالمجتهدين، سواء كان الرجلان مجتهدين أو مقلّدين، أمّا على الأوّل: فلعدمصحّة رجوع المجتهد إلى مجتهد آخر، وأمّا على الثاني: فلأنّ المقلّد تابع لفتوىمرجعه وإن خالفه مجتهد آخر في الفتوى.

وكيف كان، ففرض ورود الإشكالات على الأخذ بظاهر المقبولة بلصريحها في مسألة القضاء لا يوجب صرفها عنه.


  • (1) تقدّم نقل كلامه في ص495.
  • (2) فإنّ المقلّد الذي لاحظّ له من الفقاهة والاجتهاد كيف يتمكّن من النظر إلى الحديثين المتعارضين الذيننشأ من اختلافهما اختلاف فتوى المجتهدين؟! فانظر إلى وجدانك هل المقلّد المستفتي قادر على تمييزالخبر الموافق للشهرة أو الكتاب أو العامّة من الخبر المخالف لها؟! منه مدّ ظلّه.