جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

يريهم اللّه‏ من الظهور على المشركين ونصرة الدين، ولينذروا قومهم من الكفّارإذا رجعوا إليهم من الجهاد، فيخبروهم بنصر اللّه‏ النبيّ والمؤمنين ويخبروهمأنّهم لا يسمح لهم بقتال النبيّ والمؤمنين، لعلّهم يحذرون أن يقاتلوا النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفّار(1).

ويرد على القول الأوّل أنّه كلّما استعمل كلمة «النفر» في القرآن الكريم كانبمعنى النفر إلى الجهاد، ويستظهر منه أنّه في هذه الآية أيضاً يكون بهذالمعنى(2).

فالأمر دائر مدار القولين الأخيرين.

لكنّ التأمّل التامّ في الآية يرشدنا إلى القول الثالث، لأنّ القول الثاني خلافظاهر الآية، فإنّ الظاهر أنّ ضمير «ليتفقّهوا» في قوله: «فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍمِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ» راجع إلى الطائفة النافرة المذكورة في الآية،وأمّا الطائفة المتخلّفة فلم تذكر فيها ليصحّ أن يرجع الضمير إليها.

على أنّ ضمير «لعلّهم يحذرون» لا يناسب أن يرجع إلى النافرينالمجاهدين في سبيل اللّه‏، وذلك لوجهين:

أ ـ عدم وقوعهم في طريق الغيّ والضلالة لينذرهم سائر المؤمنين القاعدينبرجاء أن يقع في أنفسهم خوف وحذر ويهتدوا إلى الحقّ.

ب ـ أنّ شأن المجاهدين أجلّ من أن يعبّر في حقّهم بكلمة «لعلّ» الدالّة على


  • (1) هذه الأقوال منقولة في مجمع البيان في تفسير القرآن 5: 83 .
  • (2) ويؤيّده أوّلاً: أنّ الآية وقعت في سياق آيات الجهاد والقتال، وثانياً: أنّه قيل في شأن نزولها: كان رسولاللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إذا خرج غازياً لم يتخلّف عنه إلاّ المنافقون والمعذّرون، فلمّا أنزل اللّه‏ تعالى عيوب المنافقينوبيّن نفاقهم في غزاة تبوك قال المؤمنون: واللّه‏ لا نتخلّف عن غزاة يغزوها رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ولا سريّة أبداً،فلمّا أمر رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بالسرايا إلى الغزو نفر المسلمون جميعاً وتركوا رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وحده، فأنزل اللّه‏سبحانه: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا» الآية، عن ابن عبّاس في رواية الكلبي. مجمع البيان في تفسيرالقرآن 5: 83 . م ح ـ ى.
(صفحه314)

احتمال تحذّرهم عقيب إنذار المنذرين، ضرورة أنّ الذين وصلت درجة إيمانهموطاعتهم للّه‏ وللرسول إلى حدّ هيّئوا أنفسهم للشهادة في سبيل اللّه‏، انقادوقطعاً لما أنزل في غيابهم من الآيات القرآنيّة والفرائض الدينيّة، فوقوع التحذّرمنهم عقيب إنذار المنذرين أمرٌ قطعي، لا احتمالي، فلا يصحّ أن يعبّر في حقّهمبلفظ «لعلّهم يحذرون».

فالحقّ هو القول الثالث، فالطائفة المتفقّهة المنذرة هي الطائفة النافرةإلىالجهاد، والقوم المرجوّ تحذّرهم هم الكفّار من أقارب النافرين، ولا ريب فيصحّة التعبير في حقّهم بكلمة «لعلّ» الدالّة على صرف احتمال تحذّرهم عقيبإنذار النافرين، كما عبّر بهذه الكلمة في حقّ فرعون في قوله تعالى خطاباً إلىموسى وهارون: «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُأَوْ يَخْشَى»(1).

وعلى هذا فلا ترتبط الآية الشريفة بحجّيّة الخبر الواحد أصلاً.

عود إلى أصل البحث

قد عرفت أنّ تماميّة الاستدلال بآية «النفر» على حجّيّة الخبر الواحدتتوقّف على أمرين:

أحدهما: كون الحذر واجباً على القوم عقيب إنذار المنذرين.

ثانيهما: ثبوت الإطلاق للآية، بحيث تعمّ صورة عدم حصول العلم عقيبالإنذار.

وقد عرفت أيضاً عدم تماميّة الأمر الأوّل.

وأمّا الأمر الثاني: فقد تصدّى بعضهم لإقامة الدليل عليه.


  • (1) طه: 43 ـ 44.
ج4

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في ذلك

منهم المحقّق النائيني رحمه‏الله ، فإنّه استدلّ لإثبات الإطلاق بأنّ المراد من الجمعفي قوله تعالى: «لِيَتَفَقَّهُوا» وفي قوله: «لِيُنذِرُوا» هو الجمع الاستغراقيالأفرادي، لا المجموعي الارتباطي، كما أنّ الجمع في قوله: «لَعَلَّهُمْيَحْذَرُونَ»يكون استغراقيّاً، لوضوح أنّ المكلّف بالتفقّه هو كلّ فرد فرد منأفراد الطائفة النافرين أو المتخلّفين ـ على الوجهين في تفسير الآية ـ وليسالمراد تفقّه مجموع الطائفة من حيث المجموع، كما أنّه ليس المراد إنذار المجموعمن حيث المجموع، بل المراد أن يتفقّه كلّ واحد من النافرين أو المتخلّفينوينذر كلّ واحد منهم.

وبالجملة: كما أنّ المراد من الجمع في قوله تعالى: «يَحْذَرُونَ» هو الجمعالاستغراقي الأفرادي، كذلك المراد من الجمع في قوله تعالى:«لِيَتَفَقَّهُوا»و«لِيُنذِرُوا» هو الجمع الأفرادي.

فإذا كان الجمع في جميع صيغ الآية استغراقيّاً فلا يبقى موقع للإشكال فيإطلاقها واحتمال اختصاصها بصورة حصول العلم من قول المنذر، لدلالتهحينئذٍ على وجوب التحذّر على كلّ واحد من أفراد القوم عقيب إنذار كلّواحد من المتفقّهين، وأيّ إطلاق يكون أقوى من هذا الإطلاق بالنسبة إلىحالتي حصول العلم من قول المنذر وعدمه(1).

هذا حاصل ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام.

أقول: لا إشكال في كون الجمع في جميع صيغ الآية الشريفة استغراقيّاً، إلأنّ كلام هذا المحقّق الكبير ذو احتمالين يتمّ الاستدلال على أحدهما دون


  • (1) فوائد الاُصول 3: 186.
(صفحه316)

الآخر؛ فإنّه إن أراد دلالة نفس العامّ الاستغراقي في الآية على الإطلاق مندون ضمّ مقدّمات الحكمة إليه، فلا كلام فيه بناءً على عدم افتقار ألفاظ العمومفي الدلالة على العموم إلى التمسّك بالإطلاق(1).

وإن أراد دلالته عليه بمعونة أصالة الإطلاق فلابدّ من إثبات كونه تعالىفيمقام البيان من حيث كون قول المنذر مفيداً للعلم وعدمه، ولم يثبته المحقّقالنائيني رحمه‏الله .

كلام المحقّق الخوئي رحمه‏الله في المقام

ومنهم بعض الأعلام رحمه‏الله ، فإنّه ذهب ـ تبعاً للمحقّق الخراساني رحمه‏الله (2) ـ إلىأنّالأصل في كلّ كلام أن يكون المتكلّم في مقام البيان، لاستقرار بناء العقلاء علىذلك ما لم تظهر قرينة على خلافه، كما إذا اُحرز كونه في مقام الإهمال أوالإجمال، فلانحتاج في المقام إلى إثبات كونه تعالى في مقام البيان من حيثكون قول المنذر مفيداً للعلم وعدمه، بل يكفي الشكّ في ذلك؛ لجريان أصالةكونه في مقام البيان في موارد الشكّ في ذلك(3).

هذا ما أفاده بعض الأعلام رحمه‏الله مع توضيحٍ منّا.

نقد كلام المحقّق الخوئي رحمه‏الله

وفيه: أنّه إن أراد أنّ الأصل كون المتكلّم في مقام البيان من جميع الجهاتـ بحيث إذا قال المولى: «أعتق رقبة» كان مفاده وجوب عتق مطلق الرقبة،سواء كان مؤمناً أو كافراً، عالماً أو جاهلاً، عادلاً أو فاسقاً، إلى غير ذلك من


  • (1) كما هو الحقّ، وتقدّم في مبحث العامّ والخاصّ، ص262 ـ 265 من الجزء الثالث. م ح ـ ى.
  • (2) كفاية الاُصول: 288.
  • (3) مصباح الاُصول 2: 184.
ج4

التقسيمات المتصوّرة في الرقبة ـ فهو غير مقبول، لعدم استقرار بناء العقلاء علىذلك.

وإن أراد أنّ الأصل عدم كونه في مقام الإهمال أو الإجمال، فهو صحيح، إلأنّه غير مفيد؛ لأنّ التدبّر والتأمّل الدقيق في الآية الشريفة يعطي أنّها ليست فيمقام بيان حكم النفر، فإنّ قوله تعالى في صدر الآية: «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَلِيَنفِرُوا كَافَّةً» في مقام المنع عن النفر العمومي، أي لا يسوغ لهم النفر جميعوإبقاء رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وحده، كما هو منقول في تفسيرها(1)، وبعد هذا المنع قال:«فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ»فتكون الآية بصدد المنع عن النفرالعمومي، لا إيجاب نفر طائفة من المؤمنين.

فيصير محصّل مفادها أنّه لا يسوغ للمؤمنين أن ينفروا جميعاً، فينفردرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ، فلِمَ لا يكون نفرهم بطريق التفرقة، وبقاء طائفة، ونفر طائفةاُخرى؟

فيتوجّه الحثّ المستفاد من كلمة «لولا» التحضيضيّة إلى لزوم التجزئةوعدم النفر العمومي، لا إلى نفر طائفة للتفقّه.

وبالجملة: إنّ التحذّر وإن كان غايةً للإنذار الذي هو غاية للنفر، إلاّ أنّالآية ليست في مقام بيان وجوب النفر، كي يترتّب عليه وجوب الإنذارويترتّب عليه وجوب الحذر ويبحث في كونه واجباً مطلقاً أو في خصوصصورة حصول العلم.

بل حكم النفر سواء كان الوجوب أو الاستحباب كان واضحاً للمسلمين،إلاّ أنّهم كانوا ينفرون جميعاً ويتركون النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وحده، فنزلت الآية لتمنعهم عنالنفر العمومي.


  • (1) مجمع البيان في تفسير القرآن 5: 83 .