جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

صدور فعل اختياري من المتجرّي في بعض الموارد(1)، كما في التجرّيبارتكاب ما قطع أنّه من مصاديق الحرام، كما إذا قطع مثلاً بأنّ مائعاً خمر معأنّه كان ماءً، فإنّه قصد شرب الخمر الذي لم يقع، وشرب الماء الذي لم يقصده،فلم يصدر منه فعل اختياري أصلاً(2).

هذا حاصل كلامه رحمه‏الله .

وفيه: أنّه وإن لم يقع منه شرب الخمر، ولم يقصد شرب الماء، إلاّ أنّه وقعمنه شرب المائع الذي هو الجامع بينهما اختياراً، وإلاّ فلم يبطل الصوم به، لأنّبطلانه يتوقّف على الإفطار الاختياري، وهل يمكن الالتزام بصحّة صوم منشرب الماء باعتقاد كونه خمراً؟!

اختياريّة الإرادة وعدمها وكلام صاحب الكفاية فيه

ثمّ إنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله ذهب إلى كون المتجرّي مستحقّاً للعقوبة(3)، وإلىكون الفعل المتجرّى به باقياً على ما هو عليه واقعاً، بدعوى(4) أنّه بما هومقطوع الحرمة لا يكون اختياريّاً، فلا يكون القطع بالحرمة من الجهاتالمقبّحة عقلاً ومن مناطات الحرمة شرعاً.

وعلّل عدم اختياريّته بأنّ القاطع لا يقصده إلاّ بما قطع أنّه عليه من عنوانهالواقعي الاستقلالي، لا بعنوانه الطارئ الآلي، بل لا يكون غالباً بهذا العنوان


  • (1) وهي موارد القطع المتعلّق بالموضوع، بخلاف موارد القطع المتعلّق بالحكم، كما إذا قطع بحرمة شربالتتن ولم يكن حراماً في الواقع، إذ لا يمكن التشكيك في وقوع الفعل في هذه الموارد عن إرادة واختيار.م ح ـ ى.
  • (2) كفاية الاُصول: 302.
  • (3) كفاية الاُصول: 298.
  • (4) هذه الدعوى غير ما تقدّم منه رحمه‏الله من دعوى عدم صدور فعل اختياري من المتجرّي في بعض المواردكما لا يخفى. م ح ـ ى.
(صفحه68)

ممّا يلتفت إليه(1).

وحيث إنّه لا يمكن الجمع بينهما وقع في وادٍ هائل في مسألة الاختياروالإرادة، والسعادة والشقاوة، والكفر والإيمان والإطاعة والعصيان، وينبغيالبحث حول كلامه وبيان منشأ خطأه اختصاراً، فإنّه رحمه‏الله قال:

إن قلت: إذا لم يكن الفعل كذلك(2) فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفةالقطع، وهل كان العقاب عليها إلاّ عقاباً على ما ليس بالاختيار.

قلت: العقاب إنّما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان لا علىالفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار.

إن قلت: إنّ القصد والعزم إنّما يكون من مبادئ الاختيار وهي ليستاختياريّة، وإلاّ لتسلسل(3).

قلت: مضافاً إلى أنّ الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلاّ أنّ بعض مباديهغالباً يكون وجوده بالاختيار، للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على معزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة(4).

نقد كلام صاحب الكفاية رحمه‏الله في المقام

ويستفاد من قوله رحمه‏الله : «إلاّ أنّ بعض مباديه غالباً يكون وجوده بالاختيار»أنّ مبادئ الإرادة على قسمين: بعضها يكون اضطراريّاً دائماً، وبعضها يكوناختياريّاً غالباً، فيكون جميع مباديها اضطراريّاً أحياناً.


  • (1) كفاية الاُصول: 299.
  • (2) أي إذا لم يكن الفعل المتجرّى به بما هو معلوم الحرمة اختياريّاً. م ح ـ ى.
  • (3) توضيحه: أنّ المحقّق الخراساني رحمه‏الله ذهب إلى أنّ الملاك في اختياريّة كلّ عمل ـ ولو كان من الأعمالالنفسانيّة ـ مسبوقيّتها بالإرادة، فلو كانت نفس الإرادة اختياريّة لتوقّفت على إرادة اُخرى، وحيث إنّهأيضاً فرضت اختياريّة، كانت مسبوقة بإرادة ثالثة، وهكذا إلى مالا نهاية له. م ح ـ ى.
  • (4) كفاية الاُصول: 300.
ج4

ويستفاد أيضاً من قوله: «للتمكّن من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب على ما عزمعليه من تبعة العقوبة واللوم والمذمّة» أنّ الحدّ الفاصل بين ما يكون بالاختيارغالباً من مبادئ الإرادة ومالا يكون كذلك هو العزم على المراد، فكلّ ما تقدّمعليه ـ من تصوّر المراد والتصديق بفائدته، وميل النفس وهيجان الرغبة إليه يتحقّق بلا اختيار، بخلاف العزم على المراد وما بعده، إذ غالباً يكون وجودهبالاختيار.

وحينئذ يرد عليه أوّلاً: أنّ الإشكال الأوّل ـ وهو كون العقاب على مخالفةالقطع عقاباً على ما ليس بالاختيار ـ يرجع بالنسبة إلى الموارد غير(1) الغالبةالتي تتحقّق فيها الإرادة وجميع مباديها جبراً، إلاّ أن يلتزم بالتفصيل بين ما إذكان بعض المبادئ اختياريّة وبين ما إذا كان الجميع اضطراريّة، فيستحقّالمتجرّي للعقوبة في الأوّل دون الثاني، ولا يمكن الالتزام بهذا التفصيل أصلاً.

وثانياً: أنّ إشكال التسلسل يرجع بالنسبة إلى ما كان من المبادئ اختياريّاً،وهو العزم على المراد وما بعده، فإنّه لابدّ من أن يكون مسبوقاً بإرادةاُخرى(2)، ولهذه الإرادة الثانية أيضاً مبادٍ بعضها اختياريّة تتوقّف على إرادةثالثة، وهكذا إلى مالا نهاية له.

ما أفاده صدر المتألّهين رحمه‏الله في المقام

قال صدر المتألّهين رحمه‏الله ردّاً على الجبريّة: إنّ الوجدان حاكم بأنّ للإنسانأفعالاً اختياريّة، كحركة اليد السليمة، واضطراريّة، كحركة اليد المرتعشة.

وللأفعال الاختياريّة بُعد عقلائي وبُعد عقلي، فهي بحسب بعدها العرفي


  • (1) المستفادة من قوله رحمه‏الله : «إلاّ أنّ بعض مباديه غالباً يكون وجوده بالاختيار». منه مدّ ظلّه.
  • (2) للقاعدة الكلّيّة التي التزم بها صاحب الكفاية رحمه‏الله من أنّ «كلّ عمل اختياري يكون مسبوقاً بالإرادة» وإنكان من الصفات القائمة بالنفس. م ح ـ ى.
(صفحه70)

تكون موضوعاً للتكاليف والقوانين وما يترتّب عليها من استحقاق المدحوالثواب على الموافقة والذمّ والعقاب على المخالفة، بخلاف الأفعالالاضطراريّة، ضرورة أنّه لا يصحّ جعل القانون في موردها لا إثباتاً ولا نفياً.

وأمّا بحسب بعدها الفلسفي فلسنا بصدد أحكامها الفقهيّة وكونها موضوعللقوانين العقلائيّة، بل لابدّ لنا من النظر إلى واقعيّتها وحقيقتها، فإنّ الفيلسوفناظر إلى الواقعيّات، فنقول:

الفعل الإرادي مسبوق بالإرادة، لكنّ الإرادة نفسها ليست مسبوقة بإرادةاُخرى، بل هي كالحبّ والعلم ونحوهما من سائر الصفات الواقعيّة النفسانيّةذات الإضافة، فكما أنّ لنا عند تحقّق الحبّ والعلم ثلاثة اُمور: أ ـ نفس الحبّوالعلم، ب ـ المحبّ والعالم، ج ـ المحبوب والمعلوم، وليس لنا أمر رابع يسمّىبـ «حبّ الحبّ» أو «العلم بالعلم» فكذلك الأمر في الإرادة، فإنّ لنا عند تحقّقهاُموراً ثلاثة: أ ـ المريد، ب ـ المراد، ج ـ نفس الإرادة المضافة إليهما، ولا مجاللأنّ نسأل من يريد حركة يده مثلاً: «هل تعلّقت بإرادتك إرادة اُخرى أملا؟»(1).

هذا حاصل ما أفاده صدر المتألّهين رحمه‏الله في الأسفار.

وهو وإن كان مفيداً في المقام، إلاّ أنّه يحتاج إلى تكميل وتتميم، إذ لقائل أنيقول: إنّ الإرادة وإن كانت من الاُمور النفسانيّة ذات الإضافة إلى طرفيها، إلأنّها أمر حادث مسبوق بالعدم، فلابدّ له من أمر دخيل في تحقّقها، فهل ذلكالأمر اختياري أو اضطراري؟

الحقّ في المسألة


  • (1) الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة 6: 388.
ج4

فالتحقيق يقتضي أن يقال: إنّ للإنسان أفعالاً جوارحيّة، كالأكل والشربوالقيام والقعود ونحوها، وأفعالاً نفسانيّة، وهي ـ كما قال صدر المتألّهين رحمه‏الله صفات حقيقيّة قائمة بنفس الإنسان، كالإرادة ومباديها.

والوجدان حاكم بأنّ الأعمال الجوارحيّة بعضها اختياريّة، وبعضهاضطراريّة، والفارق بينهما هو المسبوقيّة بالإرادة وعدمها، فإنّ اليد السليمةتتحرّك بإرادة صاحبها، بخلاف اليد المرتعشة.

وأمّا الإرادة ومباديها فالوجدان حاكم بأنّ جميعها اُمور اختياريّة ـ خلافلما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه‏الله من التفصيل المتقدّم ـ ضرورة أنّ صديقك لوأعطاك ورقة حاوية على موضوعات فقهيّة مثلاً فأنت مختار في قراءة تلكالورقة وتصوّر ما فيها من الموضوعات وعدمها.

وكذلك الأمر في التصديق بالفائدة، ألا ترى أنّ الناس بعد بعثة النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كانوا مختلفين، بعضهم كانوا يقطعون مسافةً بعيدة لرؤيته صلى‏الله‏عليه‏و‏آله واستماع كلامهوالتصديق بما يشتمل عليه من التبشير والإنذار، وبعضهم ـ مع كونهم فيجواره صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ـ كانوا يجعلون القطن في آذانهم لئلاّ يسمعوا كلامه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ؟ وهذأوضح شاهد على كون التصديق بالفائدة أمراً اختياريّاً.

وهكذا الأمر في نفس الإرادة التي يتحقّق عقيبها المراد، ولذا نقول: «أنأردت أن أفعل كذا» ولو قال أحد: نحن مجبورون في إرادة أفعالنا لضحك بهالثكلى.

فالإرادة وجميع مباديها اُمور اختياريّة بشهادة الوجدان.

لكنّ المناط في اختياريّتها ليس مسبوقيّتها بالإرادة ليلزم التسلسل(1)، بل


  • (1) حيث إنّ التصوّر الذي هو من مبادئ الإرادة لو كان مسبوقاً بإرادة اُخرى لاحتاج إلى تصوّر آخر، وهكذإلى مالا نهاية له، وكذلك الأمر في نفس الإرادة وسائر مباديها. م ح ـ ى.