جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه472)

البرائة العقليّة ولا النقليّة.

أمّا العقليّة: فلعدم كون العقاب حينئذٍ بلابيان كما لا يخفى.

بخلاف الشبهات الحكميّة التي كان منشأها عدم النص أو إجماله أو تعارضالنصّين أو النصوص، فإنّ البيان من قبل المولى لم يتمّ فيها، وكان العقاب عليهعقابا بلابيان ومؤاخذة بلابرهان.

وأمّا النقليّة: فلأنّه لا يرفع بمثل «حديث الرفع» إلاّ ما كان وضعه بيدالشارع، والموضوعات ـ مثل عالميّة زيد وخمريّة المايع الفلاني ـ ليس وضعهعلى عهدة الشارع بما هو شارع كي يكون رفعها بيده، فلا يعمّها «حديثالرفع» وسائر ما كان يدلّ على البرائة النقليّة.

وفيه: أنّ العقل يحكم بـ «قبح العقاب بلابيان» في جميع الموارد التي لم يتنجّزالتكليف، وتنجّز التكليف يتوقّف على قياس متشكّل من صغرى وكبرى،مثل «هذا خمر، وكلّ خمر يجب الاجتناب عنه».

فصرف العلم بالكبرى الكلّيّة لا يكفي في تنجّز التكليف ما لم يحرزالصغرى.

ولذا لو قطع المكلّف بعدم خمريّة مايع كان في الواقع خمرا وشربه فلم‏يكنللشارع عقوبته ومؤاخذته، مع أنّ بيان الكبرى الكلّيّة من قبل الشارع ـ وهوقوله: «كلّ خمر حرام» ـ يكون تامّا وواصلاً إلى المكلّف.

وحينئذٍ فإذا شككنا في خمريّة مايع فلانتمكّن من تشكيل قياس صحيحمنتج، إذ لا يصحّ أن نقول: «هذا خمر» أو «هذا ليس بخمر» كي يترتّب عليهوجوب الاجتناب أو عدم وجوبه، بل الصحيح هو أن نقول: «هذا مشكوك(1)


  • (1) لم نأخذ عنوان «القطع» في القضيّة في موارد القطع بالخمريّة أو عدمها، بل عبّرنا فيهما بـ «هذا خمر»و«هذا ليس بخمر» لكون «القطع» هاهنا طريقيّا، بخلاف الشكّ الذي لا يتصوّر كونه طريقا، ولا يصحّ أننعبّر في مورده بـ «هذا خمر» أو «ليس بخمر» بل لابدّ من التعبير بـ «هذا مشكوك الخمريّة». منه مدّ ظلّه.
ج4

الخمريّة» وليس لنا كبرى كلّيّة مترتّبة على «مشكوك الخمريّة» بل الدليلالواصل من قبل الشارع هو قوله: «كلّ خمر يجب الاجتناب عنه» فما لم يحرزخمريّة مايع لم ينطبق عليه هذه الكبرى الكلّيّة.

ومن هنا علم أنّه لا يكفي لتنجّز التكليف وترتّب العقوبة على مخالفتهصدور البيان من قبل المولى ووصوله إلى العبد، بل لابدّ من قيام حجّة مركّبةمن صغرى وكبرى على ذلك التكليف.

فإذا لم يكن حجّة على التكليف ـ كما في الشبهات الموضوعيّة المتنازع فيها يحكم العقل بـ «قبح العقاب بلابيان» أي بلاقياس وحجّة منطقيّة.

وأمّا مثل «حديث الرفع» فلاضير في عدم شموله للشبهات الموضوعيّة،فإنّه لا يدلّ حينئذٍ على الرفع فيها، لا أنّه يدلّ على عدم الرفع كي يكونمناقضا لقاعدة «قبح العقاب بلابيان» فتكفي هذه القاعدة العقليّة لإثباتالبرائة في الشبهات الموضوعيّة.

وبالجملة: تجري قاعدة «قبح العقاب بلابيان» في الشبهات البدويّة الحكميّةوالموضوعيّة من موارد العمومات الاستغراقيّة، سواء كانت وجوبيّة أوتحريميّة، إلاّ أنّ نقصان البيان والحجّة مستند إلى كبرى القياس في الشبهاتالحكميّة، وإلى صغراه في الشبهات الموضوعيّة، ولافرق بين استناد النقص إلىالصغرى أو الكبرى في عدم إنتاج القياس.

حكم الشبهات الموضوعيّة من القسم الثاني

وأمّا الشبهات الموضوعيّة من القسم الثاني ـ أعني ما إذا تعلّق الحكمبالطبيعة بنحو العموم المجموعي ـ فلا تجري أصالة البرائة في الشبهات

(صفحه474)

الوجوبيّة منها، لأنّ المولى إذا قال: «أكرم مجموع العلماء» وكان له غرضواحد متعلّق بإكرام المجموع ـ بحيث لو لم يكرم العبد واحدا منهم لما امتثلأصلاً ـ كان ترك إكرام مشكوك العالميّة مستلزما للشكّ في المحصّل، مع أنّالاشتغال اليقيني يقتضي البرائة اليقينيّة، فلابدّ من إحراز تحقّق المأمور به فيالخارج.

وليعلم أنّ المقام من قبيل الدوران بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين، لأنّنشكّ في أنّ الواجب هل هو إكرام مجموع مركّب من خصوص الأشخاصالمعلوم عالميّتهم، أو منهم ومن الفرد المشكوك.

نعم، الشبهة المعروفة بالأقلّ والأكثر الارتباطيّين هي الشبهة الحكميّة(1)،ولأجل ذلك ذهب بعض الأكابر والمحقّقين ـ بلحاظ بعض الموازين المقبولةعندهم ـ إلى جريان البرائة هناك، بخلاف المقام الذي يكون الشبهة فيهموضوعيّة، ولامجال للقول بجريان البرائة فيها.

وأمّا الشبهة الموضوعيّة التحريميّة من العموم المجموعي فله تصويران:

أ ـ التصوير المتقدّم، وهو أن ينهى المولى عن طبيعة وكان له غرض واحدمتعلّق بترك مجموع أفرادها، بحيث لو أتى العبد بواحد منها لما امتثل أصلاً.

وهذا حكمه حكم الشبهة الوجوبيّة، فلا يجوز للعبد ارتكاب ما هومشكوك الفرديّة للعنوان المحرّم، لكونه شاكّا حينئذٍ في الخروج عن عهدةالتكليف التحريمي المتيقّن.

ب ـ أن يتعلّق النهي بالطبيعة واُريد أنّ مجموع أفرادها مبغوض للمولى،بمعنى أنّ العبد لو لم يأت بالمجموع لكان ممتثلاً، سواء اجتنب عن جميع الأفراد،أو عن بعضها وارتكب البعض الآخر.


  • (1) كالشكّ في كون السورة جزءً للصلاة. منه مدّ ظلّه.
ج4

وعلى هذا فلامنع من ارتكاب الفرد المشكوك، لأنّ ارتكاب معلوم الفرديّةلا يضرّ بالامتثال، فضلاً عن ارتكاب مشكوكها، فإذا قال المولى:«لاتكرممجموع الفسّاق» كان العبد ممتثلاً فيما إذا اجتنب عن إكرام زيد الفاسق مثلاً،وإن أكرم سائر الفسّاق، لأنّه لم يكرم مجموعهم، فلا إشكال حينئذٍ في جوازإكرام مشكوك الفسق، لأنّه لو كان معلوم الفسق لكان إكرامه جائزا، فضلاً عمّإذا شكّ في فسقه.

نعم، لو أكرم جميع الأفراد المعلومة الفسق لوجب عليه الاجتناب عن إكراممشكوك الفسق، لأنّ العلم بموافقة التكليف يتوقّف حينئذٍ على الاجتنابعنه(1).

حكم الشبهات الموضوعيّة من القسم الثالث

وأمّا الشبهات الموضوعيّة من القسم الثالث فتصويرها في التكاليفالوجوبيّة أن يتعلّق التكليف بصرف الوجود من طبيعة ويريد العبد امتثالهبإتيان ما هو مشكوك الفرديّة.

والحقّ أنّه لا يصحّ، لأنّ الشكّ في مصداقيّة هذا الفرد يلازم الشكّ في تحقّقصرف الوجود من الطبيعة، الذي اشتغل ذمّة العبد به قطعا، ولابدّ له منالخروج عنه يقينا.

وبالجملة: يجب على العبد الاحتياط هاهنا، بأن لا يكتفي في مقام الامتثالبما هو مشكوك الفرديّة للطبيعة التي تعلّق التكليف بصرف الوجود منها.


  • (1) لا يخفى أنّ الاجتناب عن إكرام خصوص مشكوك الفسق فقط لا يقتضي العلم بالامتثال، بل يقتضياحتمال الامتثال، وهو لا يكفي في الخروج عن عهدة التكليف المتيقّن، فلابدّ للعبد من الاجتناب عنإكرام الأفراد المعلومة الفسق كلاًّ أو بعضا، ولو فردا واحدا، ليحصل له العلم بامتثال التكليف المعلوم.
    نعم، يمكن القول بعدم جواز إكرام مشكوك الفسق بعد إكرام جميع الأفراد المعلومة، لاستلزامه حينئذٍالقطع بمخالفة التكليف. م ح ـ ى.
(صفحه476)

وأمّا إذا كان صرف الوجود منهيّا عنه فتجري البرائة فيما هو مشكوكالفرديّة ويجوز ارتكابه، مثل موارد العموم الاستغراقي، فإذا قال المولى: «لتشرب الخمر» وعلمنا أنّ أوّل الوجود من شرب الخمر الذي(1) نعبّر عنهبصرف الوجود يكون مبغوضا له، وشككنا في مايع أنّه خمر أو خلّ فلا مانعمن ارتكابه، للشكّ في تحقّق صرف الوجود من الطبيعة به، فتجري أصالةالبرائة من حرمته.

حكم الشبهات الموضوعيّة من القسم الرابع

ونظيره القسم الرابع، وهو ما إذا تعلّق التكليف بنفس الطبيعة من دونوساطة الأفراد والوجودات.

فإنّ المولى إذا قال: «أقيموا الصلاة» فلا يجوز للعبد الاكتفاء بما هو مشكوكالفرديّة للصلاة في مقام الامتثال، فإنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البرائة اليقينيّة،فلابدّ له من الاحتياط بإتيان ما قطع بكونه محقّقاً لطبيعة الصلاة.

وأمّا إذا كان التكليف تحريميّاً فلا إشكال في جريان البرائة في الفردالمشكوك، فإنّ قوله: «لا تشرب الخمر» لا يدلّ إلاّ على حرمة شرب ما اُحرزكونه خمرا، فلا منع من إجراء البرائة في المايع المردّد بين كونه خمرا أو خلاًّ.

فتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ موارد الشبهة الموضوعيّة مختلفة، ففيبعضها يمكن التمسّك بأصالة البرائة، وفي بعضها الآخر يجب الاحتياط.


  • (1) «الذي» صفة لـ «أوّل الوجود». م ح ـ ى.