جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه444)

وفيه أوّلاً: أنّ ظاهر الرواية هو كون المكلّف متمكّنا من تحصيل العلم بحكمالواقعة، ومحلّ الكلام هو ما إذا لم يتمكّن من ذلك، فلا يصحّ التمسّك بهذالحديث لمورد البحث.

وثانيا: أنّ المشارإليه في قوله عليه‏السلام : «مثل هذا» إمّا صدر الرواية، وهو نفسواقعة الصيد، أو ذيلها، وهو السؤال عن حكم الواقعة(1).

ويمكن الجواب عنه على الأوّل بأنّ الواقعة التي سئل عنها من مصاديقالشبهة الوجوبيّة أوّلاً، ومن موارد العلم الإجمالي الدائر بين الأقلّ والأكثر،ثانيا، مع أنّ البحث إنّما هو في الشبهات التحريميّة البدويّة.

إن قلت: أصل الواقعة وإن كانت من الشبهات الوجوبيّة، إلاّ أنّ قوله عليه‏السلام :«إذا أصبتم مثل هذا...» يمكن أن يكون عامّا بدعوى أنّه لوحظ المماثلة فيصرف الشبهة من دون أن يلاحظ كونها وجوبيّة، فيعمّ الشبهات التحريميّة.

قلت: على كلّ حال(2) لا يمكن القول بوجوب الاحتياط في الشبهةالوجوبيّة، لعدم لزوم الاحتياط فيها بالاتّفاق، ودعوى تخصيص الروايةبالنسبة إليها تستلزم القول بخروج المورد، وهو مستهجن.

وأمّا إن كان المشار إليه بـ «هذا» هو السؤال عن حكم الواقعة ـ كما هوالثاني من شقّي الترديد ـ فالظاهر أنّ المراد بالاحتياط هو الاحتياط فيالفتوى، أي السكوت والاحتراز عن الفتوى بغير العلم، وهذا لا يضرّ


  • (1) وسائل الشيعة 27: 154، كتاب القضاء، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 1.
  • (2) فعلى الأوّل كان معنى الرواية:«إذا اتّفق لكم مثل هذه الواقعة فلم‏تدروا حكمها فعليكم بالاحتياط حتّىتسألوا عنه فتعلموا»، وعلى الثاني كان معناها: «إذا سئلكم سائل مثل هذا السؤال الذي سألك بعضأصحابك، فلم‏تدروا جوابه فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا» فالاحتياط على الأوّل هوالاحتياط في مقام العمل، وعلى الثاني في مقام الفتوى. م ح ـ ى.
  • (3) أي سواء كان مفاد الرواية هو وجوب الاحتياط في خصوص الشبهات الوجوبيّة أو في الأعمّ منها ومنالتحريميّة. م ح ـ ى.
ج4

الاُصوليّين، لأنّ قولهم بالإباحة الظاهريّة مستند إلى الحجّة الشرعيّة والعقليّةكما عرفت، فلا يصدق عليه الفتوى بغير العلم.

هذا، ويمكن المناقشة في دلالة جميع أخبار هذه الطائفة والطائفة السابقةبوجهين كلّيّين:

أحدهما: أنّه لو فرض سلامة الأخبار الدالّة على التوقّف أو الاحتياط عمّتقدّم من المناقشات فلابدّ من حملها على الإرشاد بحكم العقل.

توضيح ذلك: أنّ الاحتياط والوقوف عند الشبهات موضوعان لحكمالعقل مع قطع النظر عن الشرع، لكنّه يحكم بوجوبهما في الشبهة المقرونة بالعلمالإجمالي والبدويّة قبل الفحص عن الدليل، وبرجحانهما في الشبهة البدويّة بعدالفحص واليأس عن الظفر بالدليل، والظاهر أنّ الأخبار الدالّة على التوقّفوالاحتياط ليست في مقام بيان حكم تعبّدي، بل في مقام الإرشاد إلى هذينالحكمين العقليّين، فلا تدلّ على ما يدّعيه الأخباري من وجوب التوقفوالاحتياط في الشبهات البدويّة حتّى بعد الفحص واليأس عن الظفر بالدليل.

ثانيهما: أنّك لو أبيت عن إرشاديّة الأمر في هاتين الطائفتين من الرواياتوادّعيت أنّها خلاف الظاهر، فلابدّ من القول بكون الأمر فيها مولويّاستحبابيّا، وذلك لأنّها تعمّ الشبهات الحكميّة والموضوعيّة، سواء كانتتحريميّة أو وجوبيّة، ولا يلتزم أحد ـ حتّى الأخباري ـ بوجوب الاحتياط فيجميعها، لأنّه ذهب إلى وجوبه في خصوص الشبهات الحكميّة التحريميّة، وليمكن القول بتخصيص هذه الروايات، لأنّ لسانها آبٍ عن ذلك، فلابدّ منحملها على الاستحباب، وحينئذٍ لا تنفع القائل بالاحتياط، لأنّ رجحانالاحتياط ممّا التزم به الاُصوليّون أيضا.

الطائفة الرابعة: الروايات الدالّة على تثليث الاُمور:

(صفحه446)

منها: ما رواه الصدوق من أنّ أمير المؤمنين عليه‏السلام خطب الناس، فقال فيكلام ذكره: «حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك ما اشتبه عليهمن الإثم فهو لما استبان له أترك، والمعاصي حمى اللّه‏، فمن يرتع حولها يوشكأن يدخلها»(1).

و منها: رواية سلام بن المستنير، عن أبي جعفر الباقر عليه‏السلام قال: قال جدّيرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «أيّها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة وحرامي حرام إلىيوم القيامة، ألا وقد بيّنهما اللّه‏ عزّ وجلّ في الكتاب، وبيّنتهما لكم في سنّتيوسيرتي، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي، من تركها صلح له أمردينه وصلحت له مروّته وعرضه، ومن تلبّس بها ووقع فيها واتّبعها كان كمنرعى غنمه قرب الحمى، ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه إلى أنيرعاها في الحمى، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا وإنّ حمى اللّه‏ عزّ وجلّ محارمه،فتوقّوا حمى اللّه‏ ومحارمه»(2).

تقريب الاستدلال بهاتين الروايتين ونظائرهما أنّ موردها هو الشبهاتالتحريميّة، فلابدّ من الاحتياط فيها.

وفيه: أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على أزيد من استحباب الاحتياط، فإنّمفادها هو أنّ من ترك المشتبهات سهل عليه ترك ما علم من المحرّمات، ولريب في أنّ تسهيل ترك المحرّمات ليس من الواجبات.

وبعبارة اُخرى: هذا النوع من الأحاديث لا ينطبق على ما يدّعيهالأخباريّون؛ لأنّ غرضهم من الاحتياط هو التحفّظ على الواقع في نفسالمورد المشتبه، بمعنى أنّ محتمل الحرمة لو كان حراما في الواقع لتنجّزت


  • (1) وسائل الشيعة 27: 161، كتاب القضاء، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 27.
  • (2) وسائل الشيعة 27: 169، كتاب القضاء، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 52.
ج4

حرمته واستحقّ مرتكبه العقوبة على ذلك الحرام الواقعي، وأمّا لو كان مباحلما كان على مرتكبه شيء غير ما على المتجرّي، فيجب الاحتياط على المكلّفبترك محتمل الحرمة، حذرا من أن يكون في الواقع حراما ويستحقّ العقوبةبارتكابه.

و بالجملة: شرّع وجوب الاحتياط عند الأخباريّين لأجل التحفّظ علىالواقع في نفس المورد المشتبه، لا لأجل تسهيل الأمر على ترك المحرّماتالمعلومة.

و منها: مقبولة عمر بن حنظلة الواردة في الخبرين المتعارضين، فإنّ الإمامالصادق عليه‏السلام ـ بعد الحكم بوجوب الأخذ بالمجمع عليه وترك الشاذّ الذي ليسبمشهور معلّلاً بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه ـ قال: «وإنّما الاُمور ثلاثة: أمر بيّنرشده فيتّبع، وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه‏ وإلىرسوله، قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك، فمن تركالشبهات نجا من المحرّمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك منحيث لا يعلم».

ثمّ بيّن عليه‏السلام مرجّحات باب تعارض الخبرين، وإذا فرض عمر بن حنظلةتساويهما من جميع الجهات قال عليه‏السلام : «إذا كان ذلك فأرجه(1) حتّى تلقى إمامك،فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»(2).

وهذه الرواية مشتملة على فقرات ثلاث يمكن أن يتمسّك الأخباري بكلّمنها على وجوب الاحتياط.

أ ـ قوله عليه‏السلام : « إنّما الاُمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتّبع، وأمر بيّن غيّه


  • (1) أي: قف، واَرجَهَ الأمر: أخّره عن وقته. م ح ـ ى.
  • (2) الكافي 1: 67، كتاب فضل العلم، باب اختلاف الحديث، الحديث 10، ووسائل‏الشيعة 27: 157، كتابالقضاء، الباب 12 من أبواب صفات القاضى، الحديث 9.
(صفحه448)

فيجتنب، وأمر مشكل يردّ علمه إلى اللّه‏ وإلى رسوله».

وانقدح جوابه ممّا سبق في جواب الطائفة الاُولى من الأخبار، فإنّالاُصولي لا يقول بالإباحة الواقعيّة في الشبهات التحريميّة البدويّة، بل يقولبإباحتها الظاهريّة باستناد الحجّة الشرعيّة، فلا يصدق عليها «الأمر المشكل».

ب ـ ما نقله عليه‏السلام عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بقوله: قال رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «حلال بيّن وحرامبيّن وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ومن أخذبالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم».

وظهر جوابه أيضا ممّا تقدّم آنفا في جواب خبري الصدوق وسلام بنالمستنير، من أنّ هذا النوع من الأحاديث يأمرنا بترك الشبهات لأجلالتسهيل على ترك المحرّمات المعلومة، فلابدّ من حمله على الاستحباب، لعدموجوب تحصيل التسهيل عليه، ضرورة أنّه لا يمكن الالتزام بتوجّه حكمينإلزاميّين على المكلّف: أحدهما يقتضي ترك الحرام الواقعي، والآخر يقتضيسهولة تركه.

ج ـ ما ورد في ذيل الحديث من قوله عليه‏السلام : «إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقىإمامك، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات».

ومورد هذه الفقرة من الحديث صورة تمكّن المكلّف من التشرّف بحضورالإمام المعصوم عليه‏السلام وحصول العلم بحكم الواقعة، مع أنّ النزاع إنّما هو فيالشبهات الحكميّة التحريميّة التي لا يتمكن المكلّف من تحصيل العلم فيموردها.

على أنّ هذه المقبولة مبتلاة بالمعارض، حيث إنّها تدلّ في مورد تساويالخبرين من جميع الجهات على لزوم الإرجاء والتأخير إلى لقاء الإمام عليه‏السلام وبعض الروايات تدلّ على أنّ علاجهما هو التخيير.