جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

إذا عرفت هذه الاُمور فاعلم أنّ الكلام يقع تارةً في التجرّي(1)، واُخرى فيالفعل المتجرّى به، فلابدّ من عقد البحث في مقامين:

المقام الأوّل في التجرّي

هل المسألة اُصوليّة أو فقهيّة أو كلاميّة؟

لايخفى عليك أنّه يتصوّر البحث عن التجرّي في ثلاثة وجوه:

أ ـ قبحه العقلي، ب ـ حرمته الشرعيّة، ج ـ استحقاق فاعله العقوبة.

والحقّ أنّه على الأخير مسألة كلاميّة، لأنّ البحث ـ عليه ـ يكون بحثاً عنخصوصيّات المعاد(2)، ولا ريب في أنّ «الكلام» علم يبحث فيه عن أحوالالمبدأ والمعاد. وعلى الثاني يكون مسألة فقهيّة، لأنّ البحث عن الحرمةوالوجوب وسائر الأحكام يكون من شؤون علم الفقه.

وأمّا على الأوّل فلقائل أن يقول: إنّه مسألة اُصوليّة، لأنّا نتكلّم في أنّالتجرّي هل هو قبيح عقلاً أم لا؟ فإذا ثبت قبحه نضمّ إليه قاعدة الملازمة بينحكم العقل وحكم الشرع ونستنتج الحكم الشرعي، فنقول: «التجرّي قبيحعقلاً، وكلّ قبيح عقلاً حرام شرعاً» فينتج أنّ «التجرّي حرام شرعاً».

وفيه أوّلاً: أنّ الملاك في المسألة الاُصوليّة أن يصحّ جعل نتيجتها كبرىقياس الاستنباط، وأنتم جعلتموها في المقام صغرى هذا القياس.

وثانياً: أنّ للعقل أحكاماً مستقلّةً متقدّمة على حكم الشرع، كحسن العدل


  • (1) وجميع المباحث تجري في «الانقياد» أيضاً، وإن اكتفى الاُستاذ «مدّ ظلّه» بذكر التجرّي اختصاراً.م ح ـ ى.
  • (2) وكذلك يكون بحثاً عن أحوال المبدأ، لأنّه يرجع إلى أنّ اللّه‏ تعالى هل يتمكّن من عقاب المتجرّي أم لا؟م ح ـ ى.
(صفحه40)

وقبح الظلم، وأحكاماً متأخّرة عنه، متوقّفة عليه، كحسن الطاعة وقبحالمعصية. والملازمة بين حكمه وبين حكم الشرع إنّما هي في القسم الأوّل، فإنّالشرع يحكم بحرمة الظلم مثلاً بملاك قبحه العقلي.

وأمّا القسم الثاني فلا مجال لقاعدة الملازمة فيه، لأنّا لو أغمضنا عناستلزامها التسلسل(1) لكانت مستحيلةً من جهة اُخرى، وهي أنّها تستلزم أنتصير معصية واحدة معصيتين(2) ويستحقّ من ارتكبها عقوبتين، لأنّ الشارعإذا حكم بحرمة الخمر مثلاً، ثمّ عصاه المكلّف وشرب خمراً حكم العقل بقبحالعصيان، فلو حكم الشارع بحرمته عقيب حكم العقل بقبحه لاستحقّ شاربالخمر عقابين، لارتكابه محرّمين: أحدهما: شرب الخمر الذي صرّح الشارعبحرمته، والثاني: معصية اللّه‏ التي استكشفنا حرمتها الشرعيّة بتبع حكم العقلبقبحها، وهل يمكن الالتزام بذلك؟!

فلابدّ من القول بأنّ قاعدة «كلمّا حكم به العقل حكم به الشرع» تختصّبالأحكام العقليّة التي تكون في سلسلة علل الأحكام الشرعيّة، دون الأحكامالعقليّة التي تكون في رتبة متأخّرة عنها وفي سلسلة معاليلها.

وحكم العقل بقبح التجرّي من القسم الثاني، لأنّ حكمه بقبح شرب مقطع بخمريّته ـ مع كونه ماءً في الواقع ـ متأخّر رتبة عن حكم الشارع بحرمة


  • (1) توضيحه: أنّ قاعدة «كلّما حكم به العقل حكم به الشرع» لو جرت مطلقاً حتّى في القسم الثاني، لاستلزمالتسلسل، لأنّ العقل يحكم عقيب كلّ حكم شرعي بقبح معصيته، فإذا حكم الشارع بحرمة شرب الخمرحكم العقل بقبحه بعنوان أنّه معصية المولى، فلو حكم الشارع بحرمته مرّةً ثانية بعنوان المعصية لأجلقاعدة «الملازمة» لحدث موضوع آخر لحكم العقل بالقبح، فلابدّ من أن يحكم الشرع أيضاً بحرمته مرّةثالثة، وهكذا يوجد عقيب كلّ حرمة شرعيّة قبح عقلي، وعقيب كلّ قبح عقلي حرمة شرعيّة في سلسلةغير متناهية، وهذا مضافاً إلى امتناع التسلسل، يستلزم أن تتبدّل معصية واحدة إلى معاصٍ غير متناهية،وأن يستحقّ من ارتكبها عقوبات كذلك. م ح ـ ى.
  • (2) بل معاصي غير متناهية مقتضية لعقوبات غير متناهية بناءً على التسلسل، كما عرفت في التعليقةالمتقدّمة. م ح ـ ى.
ج4

الخمر كما لا يخفى، فلا يكون حكم العقل بقبح التجرّي في سلسلة علل حكمالشرع، بل في سلسلة معلولاته، فلا مجال للتمسّك بقاعدة الملازمة بين حكمالعقل وحكم الشرع لإثبات حرمة التجرّي، فلا يمكن إثبات كون البحث عنالتجرّي مسألة اُصوليّة من طريق قبحه عقلاً، والملازمة بينه وبين حرمتهشرعاً.

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المسألة

وللمحقّق النائيني رحمه‏الله طريق آخر لإثبات ذلك:

وحاصله: أنّ القائل باستحقاق المتجرّي للعقاب لو استند في ذلك إلىدعوى(1) أنّ الخطابات الأوّليّة تعمّ صورتي مصادفة الواقع ومخالفته لكانتالمسألة اُصوليّة، لأنّا نبحث حينئذٍ في أنّ المتجرّي هل يندرج تحت إطلاقالخطابات الشرعيّة أم لا؟ ولا ريب في أنّ نتيجة هذه المسألة إثباتاً ونفيتستخدم في طريق استنباط الحكم الشرعي، لأنّا لو قلنا بشمولها للمتجرّيلحرّم على المكلّف كلّ ما قطع بكونه خمراً، وإن كان ماءاً ونحوه في الواقع،وإتلاف كلّ ما اعتقد أنّه مال الغير وإن كان لنفسه واقعاً، وهكذا.

وإن قلنا بعدم شمولها له لم يحرّم عليه شيء من ذلك فيما إذا لم يصادف قطعهالواقع، فنتيجة البحث ـ على كلّ حال ـ تستخدم في طريق الوصول إلى الحكمالشرعي(2).

هذا ملخّص ما أفاده رحمه‏الله في المقام.


  • (1) ولا يخفى أنّ هذه الدعوى باطلة حتّى عند المحقّق النائينى رحمه‏الله ـ على ما في فوائد الاُصول 3: 39 ـ إلاّ أنّبطلانها لا يضرّ بما ذكره هاهنا، فإنّه قضيّة شرطيّة تعليقيّة، أعني «لو كان استحقاق المتجرّي للعقابمستنداً إلى هذه الدعوى الفاسدة لكان البحث اُصوليّاً». م ح ـ ى.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 37 و50.
(صفحه42)

البحث حول ما ذكره المحقّق النائيني رحمه‏الله في المسألة

واعترض(1) عليه بأنّ البحث عن شمول وعدم شمول العمومات أوالإطلاقات ليس من مسائل الاُصول، بل من شؤون علم الفقه، والبحثالاُصولي المناسب للعموم والإطلاق إنّما هو حجّيّة أصالة العموم عند الشكّ فيالتخصيص، وحجّيّة أصالة الإطلاق عند الشكّ في التقييد، كما تقدّم فيبابيهما(2).

لكن يمكن أن يجاب من قبل المحقّق النائيني رحمه‏الله أوّلاً: بالنقض بمثل البحثعن الخطابات الشفاهيّة، وأنّها هل تختصّ بمن حضر مجلس التخاطب، أو تعمّغيره من الغائبين بل المعدومين؟ فإنّ هذا البحث نظير ما نحن فيه، مع أنّهم ليرتابون في كونه مسألة اُصوليّة.

وثانياً: بالحلّ، وهو أنّ المسألة لا تكون فقهيّة إلاّ إذا كان لها موضوع معيّن،كحرمة الخمر، وحلّيّة المعاطاة، وجزئيّة السورة للصلاة.

وأمّا إذا كان لها موضوع كلّي، كما في المقام ـ حيث نبحث في أنّ أدلّةالمحرّمات هل تختصّ بالعناوين الواقعيّة، أو تعمّ مطلق ما تعلّق به القطع؟ سواءصادف الواقع أم لا(3) ـ فكانت مسألة اُصوليّة، وإن أبيت إلاّ عن علاقتهبالفقه فلابدّ من القول بكونها من القواعد الفقهيّة، وأمّا المسألة الفقهيّة فقدعرفت أنّها لا تناسب كلّيّة الموضوع.


  • (1) راجع أنوار الهداية 1: 47، وتهذيب الاُصول 2: 299.
  • (2) فحرمة ما قطع المكلّف بخمريّته ولم يكن خمراً في الواقع تتوقّف على أمرين: أ ـ أن يكون المرادبـ «الخمر» المحرّمة في الأدلّة مطلق مقطوع الخمريّة، ب ـ أن يكون المطلق حجّة، وما يرتبط بالاُصول هوالأمر الثاني، بخلاف الأوّل، فإنّه مسألة فقهيّة. م ح ـ ى.
  • (3) وأمّا دليل حرمة الخمر، أو الغصب، أو إتلاف مال الغير، ونحوها، فكان كلّ واحد منها أحد مصاديقمحلّ النزاع. منه مدّ ظلّه.
ج4

إذا عرفت هذا فلنشرع في الأحكام الثلاثة المبحوث عنها في التجرّي(1).

1ـ قبح التجرّي

لا إشكال ولا خلاف في أنّ التجرّي قبيح عقلاً.

إنّما الإشكال في أنّ قبحه فعلي أو فاعلي؟

كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله ومن تبعه في ذلك

ذهب الشيخ والمحقّق النائيني رحمهماالله وجمع آخر إلى الثاني، وهو أنّ نفس الفعلالمتجرّى به لا يكون قبيحاً، فإنّ شرب الماء الذي قطع العبد بخمريّته ليسبعنوانه الأوّلي ـ أعني شرب الماء ـ قبيحاً، وانطباق عنوان «مقطوع الخمريّة»عليه أيضاً لا يوجب قبحه، لعدم كونه من العناوين المقبّحة(2).

لكن صدوره عن الفاعل القاطع بكونه مبغوضاً للمولى قبيح، لأنّه كاشفعن خبث طينته وجرئته على المولى وعزمه على العصيان والتمرّد(3).

هذا توضيح ما أفاده القائلون بالقبح الفاعلي.

نظريّة المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام

وذهب المحقّق العراقي رحمه‏الله إلى الأوّل، وهو أنّ التجرّي يقتضي كون الفعلالمتجرّى به قبيحاً، لانطباق عنوان الطغيان عليه، مع بقاء ذات العمل على م


  • (1) وهي قبحه عقلاً، وحرمته شرعاً، واستحقاق العقوبة عليه. م ح ـ ى.
  • (2) توضيح ذلك: أنّ العناوين الثانويّة تارةً: تؤثّر في الحسن والقبح، كالكذب الذي يكون بذاته قبيحاً، وإذاقتضى نجات مؤمن صار حسناً، والصدق الذي يكون بذاته حسناً، وإذا اقتضى هلاك مؤمن صار قبيحاً،واُخرى: لا تكون كذلك، كمسألة الانقياد والتجرّي، فإنّ القطع بكون عمل محبوباً للمولى أو مبغوضاً له ليؤثّر في حسنه وقبحه. م ح ـ ى.
  • (3) فرائد الاُصول 1: 39، وفوائد الاُصول 3: 42.