جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه74)

يتكلّمون حول الذاتي في موضعين:

أ ـ باب الكلّيّات الخمس، ويعبّر عنه بالذاتي في باب «إيساغوجي» وهوثلاثة: النوع، والجنس، والفصل.

ب ـ باب البرهان، ويعبّر عنه بالذاتي في باب البرهان، وهو أعمّ من الأوّل،لأنّه ـ مضافاً إلى شموله للنوع والجنس والفصل ـ يعمّ لوازم الماهيّة أيضاً،كزوجيّة الأربعة، بل يعمّ مثل الوجود لواجب الوجود، والامتناع لشريكالباري.

واُريد من «الذاتي» في المقام هذا المعنى الثاني العامّ، ووجه عدم كونه معلّلأنّ ذاتي الشيء ضروري الثبوت له، فلا يتصوّر لثبوته علّة كي يعقل السؤالعنها.

توضيح ذلك: أنّ كلّ محمول إذا قيس إلى موضوعه فلا يخلو إمّا أن يكونوجوده ضروريّاً له، أو عدمه، أو لا يكون شيء منهما ضروريّاً، بل يكوننسبة الموضوع إلى وجود هذا المحمول وعدمه على السواء(1).

ولا يعقل السؤال عن العلّة في القسمين الأوّلين، بأن يقال: «لم جعلالإنسان إنساناً» أو «لم لا يكون الإنسان فرساً» إذ ليست الإنسانيّة مجعولةللإنسان بالجعل التأليفي، ولا الفرسيّة مسلوبة عنه بالسلب التأليفي كي يمكنالسؤال عن علّة ذلك الجعل وهذا السلب.

نعم، يمكن السؤال عن علّة جعل الإنسان ووجوده بنحو مفاد «كان التامّة»لتساوي نسبته إلى الوجود والعدم، فإنّ «اللّه‏ تعالى ما جعل المشمش مشمشاً،بل أوجده» فيصحّ السؤال عن علّة وجود المشمش، لا عن علّة جعل


  • (1) فالقضيّة الصادقة من بين الموجّهات في الأوّل: موجبة ضروريّة، نحو «الإنسان حيوان بالضرورة» وفيالثاني: سالبة ضروريّة، نحو «شريك الباري ليس بموجود بالضرورة» وفي الثالث: ممكنة عامّة، نحو«الإنسان موجود بالإمكان». م ح ـ ى.
ج4

المشمشيّة له.

ولا فرق فيما تقدّم بين النوع والجنس والفصل وبين لازم الماهيّة وسائر ميسمّى بالذاتي في باب البرهان، فإنّ جميعها ضروري الثبوت، فلا يصحّالسؤال عن علّتها. فاتّضح لك أنّ قاعدة «الذاتي لا يعلّل» قاعدة فلسفيّة لهبرهان قاطع.

البحث حول ذاتيّة السعادة والشقاوة

إنّ السعادة عبارة عن نيل الإنسان إلى جميع آماله، والشقاوة عبارة عنحرمانه عنها.

ولا فرق في ذلك بين العرف والشرع، وإن كان الآمال تختلف بحسباختلاف الآراء والأنظار، فبعض ما هو مطلوب في الشرع لا يكون مطلوبعند العقلاء وبالعكس، بل بعض ما هو مرغوب إليه عند شخص لا يكونكذلك عند شخص آخر، فبعض الناس يطلب العلم والاجتهاد، وبعض آخريحبّ الحكومة والرئاسة، وبعض ثالث يرغب إلى المال والثروة، وهكذا، ولكنهذا الاختلاف يرتبط بالأغراض والآمال، ولا دخل له بمعنى السعادةوالشقاوة كما لا يخفى.

السعادة والشقاوة في قاموس الشرع

لا يخفى أنّ من أنكر الحياة الاُخرويّة لا يهتمّ إلاّ بالاُمور الدنيويّة التي هيالغاية القصوى في نظره، وأمّا الشارع فلا يرى الدنيا إلاّ مزرعة الآخرة،وغرضه الحقيقي هو نيل الإنسان إلى الحياة الأبديّة الخالدة، ولأجل ذلك جعلالسعادة في الوصول إلى الجنّة والشقاوة في دخول النار، حيث قال: «فَمِنْهُمْشَقِىٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ

(صفحه76)

فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالاْءَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ *وأمّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالاْءَرْضُ إِلاَّ مَشَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ»(1).

وبيّن في سورة «النازعات» ما هو سبب دخول الجحيم والجنّة بقوله:«فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى»(2).

فهذه الآيات تفسّر السعادة والشقاوة المتقدّمتين في تلك الآيات، فكأنّهتقول: إنّ للشقيّ الذي حكمنا في سورة «هود» بدخوله النار رذيلتين:أ ـ الطغيان، ب ـ اختيار الحياة الدنيا، وللسعيد الذي حكمنا في تلك السورةبدخوله الجنّة فضيلتين: أ ـ خوف مقام ربّه، ب ـ نهي النفس عن الهوى(3).

ولا يخفى أنّ إسناد «الطغيان» و«الإيثار» إلى الإنسان المستحقّ للجحيم،وإسناد «الخوف» و«النهي» إلى الإنسان المستحق للجنّة بصيغة الفعل(4) يشعربأنّ ارتكاب هذه الأوصاف ناشٍ عن الاختيار والإرادة، سيّما أنّ لفظ «آثر»يكون بمعنى «اختار».

كيفيّة اتّصاف الإنسان بالسعادة والشقاوة

إذا عرفت هذا فلا يخفى عليك أنّه لا يصحّ دعوى كون السعادة أو الشقاوةأمراً ذاتيّاً للإنسان بعنوان تمام الماهيّة أو جزئها، وهذا أمر ضروري واضحلمن راجع تعريف «الإنسان» في الكتب المنطقيّة والفلسفيّة.


  • (1) هود: 105 ـ 108.
  • (2) النازعات: 37 ـ 41.
  • (3) فـ «إنّ النفس لأمّارة بالسوء» كما قال في سورة «يوسف»، الآية 53. منه مدّ ظلّه.
  • (4) حيث قال: «طغى، آثر، خاف، نهى» بصيغة الفعل الماضي. م ح ـ ى.
ج4

وكذلك لا يصحّ دعوى كونهما من لوازم ماهيّته، لأنّ لازم الماهيّة ما يلزمتصوّره من تصوّر الملزوم(1) أوّلاً، ولا يتوقّف على وجود الملزوم خارجاً أوذهناً ثانياً، فإنّ الزوجيّة لازمة للأربعة، ولو لم تتلبّس الأربعة بلباس الوجودالذهني ولا الخارجي.

ولا ريب في أنّه لا يلزم من تصوّر «الإنسان» تصوّر «السعادة» أو«الشقاوة»، بل الشرط الثاني للازم الماهيّة أيضاً مفقود في المقام، إذ لا يصدق«السعيد» و«الشقيّ» إلاّ على الإنسان الموجود في الخارج، بل لابدّ في صدقهمعليه شرعاً من قيود اُخر أيضاً، مثل كونه بالغاً عاقلاً عاملاً بالتكاليفالشرعيّة أو تاركاً لها، ليتحقّق ملاك السعادة والشقاوة الشرعيّة ويستحقّالمكلّف دخول النار أو الجنّة، وهذا ما يقتضيه العقل والكتاب والسنّة كملا يخفى.

فإذا كانت السعادة والشقاوة من عوارض وجود الإنسان صحّ السؤال عنعلّة تحقّقهما، كما صحّ السؤال عن علّة وجود نفس الإنسان.

والعجب من المحقّق الخراساني رحمه‏الله حيث شبّه السعادة والشقاوة بأجزاءالماهيّة، كناطقيّة الإنسان، وناهقيّة الحمار(2)، مع أنّك عرفت بطلان القولبكونهما من لوازم ماهيّة الإنسان فضلاً عن جزئيّتهما لها.

البحث حول حديث «السعيد سعيد في بطن اُمّه»

ولعلّ الذي دعاه إلى هذا الخطأ العظيم ما روي عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أنّه قال:«السعيد من سعد في بطن اُمّه والشقيّ من شقي في بطن اُمّه»(3).


  • (1) أو يلزم من تصورهما والنسبة بينهما الجزم باللزوم. م ح ـ ى.
  • (2) كفاية الاُصول: 301.
(صفحه78)

وفيه أوّلاً: أنّ نفس هذه الرواية تشهد على خلاف ما ذهب إليه صاحبالكفاية، لأنّها أناطت السعادة والشقاوة ببطن الاُمّ الذي هو أوّل مراحلالوجود الخارجي للإنسان، مع أنّهما لو كانتا من أجزاء ماهيّته أو من لوازمهلثبتتا له وإن لم يوجد في الذهن ولا في الخارج كما عرفت.

وثانياً: أنّ لهذه الرواية معنى آخر، وهو أنّا لو علمنا عاقبة اُمور الخلائقوتبيّن لنا مستقبل كلّ شخص من حيث إنّه سيصير عالماً نافعاً مطيعاً للّه‏ورسوله مثلاً، أو منافقاً قاتلاً مستهزءاً باللّه‏ ورسوله لحكمنا من أوّل أيّامصباوتهم بسعادة الأوّل وكونه من أهل الجنّة وشقاوة الثاني وكونه من أهلالجحيم، وهذا ما يشهد به العقلاء، وبه يفسّر الحديث النبوي المذكور.

ويؤيّده أنّ أهل العراق كانوا ينفرون من عمر بن سعد قبل وقعة كربلاءبسنين كثيرة، لعلمهم بأنّه يقتل الحسين عليه‏السلام (1) في المستقبل، كما يستفاد ذلك ممّروى عن سالم بن أبي حفصة أنّه قال: قال عمر بن سعد للحسين عليه‏السلام : يا أبعبداللّه‏ إنّ قبلنا ناساً سفهاء يزعمون أنّي أقتلك، فقال له الحسين عليه‏السلام : «إنّهمليسوا بسفهاء، ولكنّهم حلماء(2)، أما إنّه يقرّ عيني ألاّ تأكل برّ العراق بعدي إلقليلاً»(3).

وقد فسّر كون السعادة والشقاوة في بطن الاُمّ بما ذكرناه أيضاً في ما رواهمحمد بن أبي عمير عن الإمام الكاظم عليه‏السلام فإنّه قال: سألت أبا الحسن موسىبن جعفر عليهماالسلام عن معنى قول رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «الشقيّ من شقي في بطن اُمّه


  • (1) كنز العمّال 1: 107، الحديث 491، والتوحيد ـ للشيخ الصدوق ـ : 356، الباب 58، الحديث 3.
  • (2) لعلّ علمهم بهذا ناشٍ عمّا روي ـ في بحار الأنوار 41: 313 ـ وهو قول علي عليه‏السلام خطاباً لسعد بن أبيوقّاص في أيّام صباوة ابنه عمر: «وإنّ في بيتك لسخلاً يقتل ابن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ». منه مدّ ظلّه.
  • (3) أي إنّهم حلماء حيث لا يشتدّون عليك ولا يعاقبونك لأجل ما سترتكب من تلك الجناية الهائلةالعظيمة. منه مدّ ظلّه.
  • (4) الإرشاد ـ للشيخ المفيد ـ 2: 132، وكشف الغمّة 2: 9.