جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه48)

اختيار شرب ما أحرز أنّه خمر، والفرق بين الصورتين ليس إلاّ مصادفة العلمللواقع في إحداهما ومخالفته في الاُخرى، والمصادفة والمخالفة ليست اختياريّة،فلا تصلح لأن يتعلّق بها التكليف، فالذي يصلح لأن يتعلّق به التكليف ليسإلاّ اختيار شرب ما أحرز أنّه خمر، فيكون مفاد قوله: «لا تشرب الخمر» مثلـ بعد ضمّ المقدّمة العقليّة إليه: من أنّ متعلّق التكليف لابدّ وأن يكون أمرمقدوراً، وليس هو إلاّ الاختيار والانبعاث نحو ما علم أنّه موضوع التكليف هو «لا تختر شرب ما أحرزت أنّه خمر» وهذا المعنى كما ترى موجود فيالمتجرّي.

وحاصله ينحلّ إلى دعويين:

الاُولى: أنّ متعلّق التكليف في الواقع هو الإرادة والاختيار، وإن كانبحسب الظاهر فعلاً من الأفعال الجوارحيّة، كالأكل والشرب وغيرهما.

الثانية: أنّ الذي اُضيف إليه متعلق التكليف هو ما علم من الواقعيّاتالخارجيّة بحيث يكون العلم موضوعا، وإن كان بحسب الظاهر نفس هذهالواقعيّات.

فإذا قيل: «لا تشرب الخمر» كان معناه «لا تختر شرب ما أحرزت أنّهخمر» وهذا يعمّ المتجرّي(1).

هذا حاصل ما أفاده المحقّق النائيني رحمه‏الله في تقريب الدليل.

وأمّا الجواب فهو قوله: ولا يخفى عليك ما في كلتي(2) المقدّمتين من المنع.

أمّا في الاُولى: فلأنّ المتعلّق هو الفعل الصادر عن إرادة واختيار، لا نفسالإرادة والاختيار، فإنّ الإرادة والاختيار تكون مغفولةً عنها حين الفعل ول
  • (1) فوائد الاُصول 3: 37.
  • (2) «كلتا» صحيحة ظاهراً. م ح ـ ى.
ج4

يلتفت الفاعل إليها(1)، فلا يصلح لأن يتعلّق التكليف بها، فإذا كان متعلّقالتكليف هو الشرب المتعلّق بالخمر الصادر عن إرادة واختيار فالمتجرّي لميتعلّق شربه بالخمر.

وأمّا في الثانية: فلأنّ الإرادة وإن كانت تنبعث عن العلم، لكن لا بما أنّه علموصورة حاصلة في النفس، بل بما أنّه محرز للمعلوم، فالعلم يكون بالنسبة إلىكلّ من الإرادة والخمر طريقاً، بل العلم يكون في باب الإرادة من مقدّماتوجود الداعي، حيث إنّه تتعلّق الإرادة بفعل شيء بداعي أنّه الشيء الكذائي،وهذا الداعي ينشأ عن العلم بأنّه الشيء الكذائي.

فدعوى اندراج المتجرّي في الخطابات الأوّليّة واضحة الفساد.

مع أنّ هذه الدعوى لا تصلح في مثل(2) ما إذا علم بوجوب الصلاة ولميصلّ وتخلّف علمه عن الواقع، فإنّ البيان المتقدّم لا يجري في هذا القسم منالتجرّي، كما هو واضح(3)، إنتهى كلامه رحمه‏الله ملخّصاً.

كلام المحقّق العراقي حول ما أفاده المحقّق النائيني رحمهماالله

وناقش المحقّق العراقي رحمه‏الله فيه بوجوه عديدة:

أ ـ أنّ كلماته مختلّة النظام في أصل تقريب الاستدلال، لأنّه قال بأنّ التكليفالذي اُضيف متعلّقه إلى موضوع خارجي لا يصير فعليّاً ما لم يتحقّق ذلكالموضوع، وهذا يستلزم أن لا يكون التكليف فعليّاً في موارد التجرّي، لعدمتحقّق ذلك الموضوع الخارجي فيه، فكيف فسّر «لا تشرب الخمر» بـ «لا تختر


  • (1) ولذا لو قيل لشارب الخمر: «ماذا تفعل» لقال: «أشرب الخمر» ولم يقل: «أشرب الخمر عن اختيار». منهمدّ ظلّه توضيحاً لكلام المحقّق النائيني رحمه‏الله .
  • (2) وكذلك في مثل ما إذا صلّى حال كونه قاطعاً بدخول الوقت ثمّ انكشف الخلاف، فإنّها لا تجزي، مع أنّهكانت مجزية لو كان الوجوب متعلّقاً باختيار صلاة أحرز وقوعها في الوقت. منه مدّ ظلّه.
  • (3) فوائد الاُصول 3: 39.
(صفحه50)

شرب ما أحرزت أنّه خمر» بحيث يعمّ المتجرّي؟!

ب ـ أنّ في جعل الاختيار تحت التكليف مسامحة اُخرى، لأنّه باصطلاحهمن الطوارئ اللاحقة للتكليف، فيلحق بالانقسامات اللاحقة.

ج ـ أنّا لا نسلّم ما ذهب إليه في الجواب عن المقدّمة الاُولى من كون الإرادةمغفولاً عنها، كيف وكثيراً ما نلتفت إلى إرادتنا حين الامتثال، كما في العبادات،سيّما على القول بلزوم إخطار النيّة بالبال.

والحقّ في الجواب عنها أن يقال: إنّ الإرادة المبحوث عنها هي الإرادةالناشئة عن التكليف، لا الإرادة الناشئة عن غيره(1)، لكونها أجنبيّة عنالتكليف، وحينئذٍ فلا يعقل تعلّق التكليف بها أو بما هو مقيّد بها(2)، لأنّالإرادة الناشئة عن التكليف معلول التكليف، فكيف تكون موضوعه أو قيدلموضوعه؟!

فلا محيص من تجريد المعروض عن الإرادة رأساً كما لا يخفى على الناظرالدقيق، وحينئذٍ هذا البرهان شاهد خروج الإرادة عن حيّز التكليف، لا جهةالغفلة كما توهّم المحقّق النائيني رحمه‏الله (3).

هذا حاصل ما أفاده المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام.

وبالجملة: لا يمكن إثبات حرمة التجرّي بالإجماع، ولا بالملازمة العقليّةبين القبح العقلي والحرمة الشرعيّة، ولا من طريق الخطابات المتعلّقة بالعناوينالأوّليّة.


  • (1) كالإرادة المقابلة للإكراه، كما إذا قيل: «لا تشرب الخمر اختياراً» منه مدّ ظلّه.
  • (2) فلا يصحّ أن يقال: «لا تشرب الخمر عن إرادة ناشئة عن العلم بالخمر وبكون الخمر حراماً» إذا كانتالحرمة التي نشأت الإرادة عنها مستفادة من نفس «لا تشرب الخمر» المذكور في بداية الدليل، كما هوالمفروض. منه مدّ ظلّه.
  • (3) فوائد الاُصول 3: 38، التعليقة 1.
ج4

القول في إمكان تحريم التجرّي بدليل آخر

ثمّ هاهنا بحث آخر بحسب مقام الثبوت، وهو أنّه هل يمكن تحريمالتجرّي بخطاب ثانٍ متوجّه إلى المتجرّي بملاك قبحه الفاعلي(1) المتّفق عليه،أم لا؟

ما قيل أو يمكن أن يقال في ذلك طرق ثلاثة:

الأوّل: توجيه الخطاب إلى عنوان «المتجرّي» أو «العالم المخالف علمهللواقع» وأمثال ذلك من العناوين المختصّة بالقبح الفاعلي.

مناقشة المحقّق النائيني رحمه‏الله في هذا الطريق

واستشكل عليه المحقّق النائيني رحمه‏الله بأنّ الخطاب على هذا الوجه لا يعقل،لأنّ الالتفات إلى العنوان الذي تعلّق به الخطاب ممّا لابدّ منه، والمتجرّي ليمكن أن يلتفت إلى أنّه متجرٍّ، لأنّه بمجرّد الالتفات يخرج عن كونه متجرّياً،فتوجيه الخطاب على وجه يختصّ بالقبح الفاعلي فقط لا يمكن، على أنّه لموجب لهذا الاختصاص، فإنّ القبح الفاعلي مشترك بين العاصي والمتجرّي،لأنّه ناشٍ عن سوء سريرة العبد الموجب لهتك حرمة المولى ولو باعتقاده،وهذا الأمر مشترك بينهما، بل هو في صورة المصادفة أتمّ وأكمل(2).

الثاني: توجيه الخطاب على وجه يعمّ صورة المصادفة والمخالفة، بأن يقال:«لا تشرب معلوم الخمريّة» فإنّ هذا العنوان يعمّ كلتا الصورتين(3).


  • (1) وإن لم يشتمل الفعل على قبح ومفسدة كما تقدّم. م ح ـ ى.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 44.
  • (3) فللمولى ـ على هذا ـ خطابان: أ ـ «لا تشرب الخمر» ب ـ «لا تشرب معلوم الخمريّة» والخطاب الثانييعمّ العاصي والمتجرّي واقعاً، بخلاف الخطاب الأوّل، فإنّه يختصّ بالعاصي بحسب الواقع، وإن كان يعمّالمتجرّي في نظره واعتقاده.
    ولا يخفى أنّ التجرّي لا يتصوّر إلاّ بالنسبة إلى الخطاب الأوّل، أعني «لا تشرب الخمر» لأنّ القاطع إذخالف قطعه كان عاصياً بالنسبة إلى الخطاب الثاني مطلقاً، سواء أصاب قطعه الواقع أو أخطأ، وكذلكبالنسبة إلى الخطاب الأوّل عند الإصابة ويكون متجرّياً بالنسبة إليه عند الخطأ. منه مدّ ظلّه.
(صفحه52)

نقد هذا الطريق أيضاً من قبل المحقّق النائيني رحمه‏الله

وناقش فيه المحقّق النائيني أيضاً بقوله:

ولكنّ الخطاب على هذا الوجه أيضاً لا يمكن، لا لمكان أنّ العلم لا يكونملتفتاً إليه غالباً والفاعل لا يشرب الخمر بعنوان أنّه معلوم الخمريّة، بلبعنوان أنّه خمر، فإنّ الالتفات إلى العلم من أتمّ الالتفاتات، بل هو عينالالتفات ولا يحتاج إلى التفات آخر، ولو لم يمكن أخذ العلم موضوعاً في المقامفكيف يعقل أخذه موضوعاً لحكم آخر(1)؟ وهل يمكن الفرق بين مواضع أخذالعلم موضوعاً؟ مع أنّ صاحب الدعوى سلّم إمكان أخذ العلم موضوعلحكم آخر، فهذا لا يصلح أن يكون مانعاً لتوجيه الخطاب كذلك، كما ليصلح عدم ثبوت المصلحة والمفسدة في المتعلّق في صورة المخالفة لأن يكونمانعاً عن الخطاب، لأنّ صحّة الحكم لا تدور مدار وجودهما في المتعلّق بعدمكان القبح الفاعلي مناطاً للخطاب.

بل المانع من ذلك هو لزوم اجتماع المثلين(2) في نظر العالم دائماً، وإن لم يلزمذلك في الواقع، لأنّ النسبة بين حرمة الخمر الواقعي ومعلوم الخمريّة هيالعموم من وجه، وفي مادّة الاجتماع يتأكّد الحكمان ـ كما في مثل «أكرم العالم»


  • (1) مثل «إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة يجب عليك التصدّق». منه مدّ ظلّه.
  • (2) أحدهما: حرمة الخمر مثلاً بملاك مسكريّتها، والآخر: حرمة معلوم الخمريّة بملاك القبح الفاعلي.منه مدّ ظلّه.