جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

في الانقياد والتجرّي

الأمر الثاني: في الانقياد والتجرّي

ولابدّ قبل الخوض في هذه المسألة من اُمور:

الأوّل: في الفرق بين الإطاعة والانقياد، وبين المعصية والتجرّي

إنّ المكلّف إذا اعتقد كون شيء مأموراً به أو منهيّاً عنه وكان في الواقعأيضاً كذلك، فإن جرى على ما يقتضيه اعتقاده بإتيان المأمور به وترك المنهيّعنه سمّي مطيعاً، ولو لم يجر عليه سمّي عاصياً، وإن كان اعتقاده مخالفاً للواقعسمّي في صورة الموافقة منقاداً، وفي صورة المخالفة متجرّياً.

هذا بحسب اصطلاح أهل الفنّ.

وأمّا بحسب اللغة فالانقياد يعمّ الإطاعة، والتجرّي يعمّ العصيان.

الثاني: في جريان الانقياد والتجرّي في الأمارات والاُصول

إنّ التجرّي والانقياد لا يختصّان بباب القطع، بل موافقة الأمارة المعتبرةالمخالفة للواقع أيضاً تسمّى انقياداً، ومخالفتها تجرّياً، بناءً على ما هو الحقّ، منأنّ حجّيّة الأمارات من باب الطريقيّة، كالقطع.

نعم، لو قلنا بكون حجّيّتها من باب السببيّة(1) فلم يتصوّر الانقياد


  • (1) وهي عبارة عن اقتضاء الأمارة جعل حكم ظاهري على وفقها وإن كانت مخالفة للواقع. منه مدّ ظلّه.
(صفحه38)

والتجرّي في باب الأمارات.

كما أنّهما لا يجريان في باب الاستصحاب بناءً على أنّ مفاد دليله جعلحكم مماثل للحكم المتيقّن في ظرف الشكّ، لأنّ متابعة هذا الحكم المماثلالظاهري أيضاً واجبة ومخالفته محرّمة، وإلاّ فلا معنى لجعله، وحينئذٍ فإن عملبه المكلّف كان مطيعاً، وإلاّ كان عاصياً، حتّى فيما إذا كان الحكم الظاهريالمجعول بواسطة الاستصحاب مخالفاً للحكم الواقعي.

وأمّا قاعدة الطهارة والحلّيّة فليس لهما موافقة ومخالفة، لأنّهما لا تدلاّن إلعلى طهارة الشيء وحلّيّته، ولا يجب على المكلّف استعمال الطاهر أو التصرّففي الحلال.

الثالث: في الانقياد والتجرّي في القطع الموضوعي

إنّ القطع قد يكون طريقاً إلى الحكم أو إلى موضوعه(1)، وقد يكونموضوعاً لحكم، والقطع الموضوعي تارةً يكون تمام الموضوع(2)، واُخرىجزئه(3)، كما سيأتي تفصيله.

ولا ريب في أنّ التجرّي والانقياد لا يجريان في القطع المأخوذ تمامالموضوع، لأنّ الحرمة إذا تعلّقت بـ «مقطوع الخمريّة» مثلاً فكلّ ما قطعالمكلّف بخمريّته كان بحسب الواقع حراماً، ولو لم يكن خمراً واقعاً، وحينئذٍفإن عمل على وفق القطع تحقّقت الإطاعة حقيقةً، وإلاّ تحقّقت المعصية كذلك،ولا يتصوّر فيه الانقياد والتجرّي أصلاً.


  • (1) كما إذا قال الشارع: «لا تشرب الخمر» وأنت قطعت بخمريّة المائع الفلاني. منه مدّ ظلّه.
  • (2) كما إذا قال الشارع: «لا تشرب مقطوع الخمريّة». منه مدّ ظلّه.
  • (3) كما إذا قال الشارع: «إذا قطعت بخمريّة مائع وصادف قطعك الواقع فهو محرّم عليك» فإنّ موضوعالحكم بالحرمة مركّب من جزئين: أحدهما: القطع بالخمريّة، والثاني: كون القطع مطابقاً للواقع. م ح ـ ى.
ج4

إذا عرفت هذه الاُمور فاعلم أنّ الكلام يقع تارةً في التجرّي(1)، واُخرى فيالفعل المتجرّى به، فلابدّ من عقد البحث في مقامين:

المقام الأوّل في التجرّي

هل المسألة اُصوليّة أو فقهيّة أو كلاميّة؟

لايخفى عليك أنّه يتصوّر البحث عن التجرّي في ثلاثة وجوه:

أ ـ قبحه العقلي، ب ـ حرمته الشرعيّة، ج ـ استحقاق فاعله العقوبة.

والحقّ أنّه على الأخير مسألة كلاميّة، لأنّ البحث ـ عليه ـ يكون بحثاً عنخصوصيّات المعاد(2)، ولا ريب في أنّ «الكلام» علم يبحث فيه عن أحوالالمبدأ والمعاد. وعلى الثاني يكون مسألة فقهيّة، لأنّ البحث عن الحرمةوالوجوب وسائر الأحكام يكون من شؤون علم الفقه.

وأمّا على الأوّل فلقائل أن يقول: إنّه مسألة اُصوليّة، لأنّا نتكلّم في أنّالتجرّي هل هو قبيح عقلاً أم لا؟ فإذا ثبت قبحه نضمّ إليه قاعدة الملازمة بينحكم العقل وحكم الشرع ونستنتج الحكم الشرعي، فنقول: «التجرّي قبيحعقلاً، وكلّ قبيح عقلاً حرام شرعاً» فينتج أنّ «التجرّي حرام شرعاً».

وفيه أوّلاً: أنّ الملاك في المسألة الاُصوليّة أن يصحّ جعل نتيجتها كبرىقياس الاستنباط، وأنتم جعلتموها في المقام صغرى هذا القياس.

وثانياً: أنّ للعقل أحكاماً مستقلّةً متقدّمة على حكم الشرع، كحسن العدل


  • (1) وجميع المباحث تجري في «الانقياد» أيضاً، وإن اكتفى الاُستاذ «مدّ ظلّه» بذكر التجرّي اختصاراً.م ح ـ ى.
  • (2) وكذلك يكون بحثاً عن أحوال المبدأ، لأنّه يرجع إلى أنّ اللّه‏ تعالى هل يتمكّن من عقاب المتجرّي أم لا؟م ح ـ ى.
(صفحه40)

وقبح الظلم، وأحكاماً متأخّرة عنه، متوقّفة عليه، كحسن الطاعة وقبحالمعصية. والملازمة بين حكمه وبين حكم الشرع إنّما هي في القسم الأوّل، فإنّالشرع يحكم بحرمة الظلم مثلاً بملاك قبحه العقلي.

وأمّا القسم الثاني فلا مجال لقاعدة الملازمة فيه، لأنّا لو أغمضنا عناستلزامها التسلسل(1) لكانت مستحيلةً من جهة اُخرى، وهي أنّها تستلزم أنتصير معصية واحدة معصيتين(2) ويستحقّ من ارتكبها عقوبتين، لأنّ الشارعإذا حكم بحرمة الخمر مثلاً، ثمّ عصاه المكلّف وشرب خمراً حكم العقل بقبحالعصيان، فلو حكم الشارع بحرمته عقيب حكم العقل بقبحه لاستحقّ شاربالخمر عقابين، لارتكابه محرّمين: أحدهما: شرب الخمر الذي صرّح الشارعبحرمته، والثاني: معصية اللّه‏ التي استكشفنا حرمتها الشرعيّة بتبع حكم العقلبقبحها، وهل يمكن الالتزام بذلك؟!

فلابدّ من القول بأنّ قاعدة «كلمّا حكم به العقل حكم به الشرع» تختصّبالأحكام العقليّة التي تكون في سلسلة علل الأحكام الشرعيّة، دون الأحكامالعقليّة التي تكون في رتبة متأخّرة عنها وفي سلسلة معاليلها.

وحكم العقل بقبح التجرّي من القسم الثاني، لأنّ حكمه بقبح شرب مقطع بخمريّته ـ مع كونه ماءً في الواقع ـ متأخّر رتبة عن حكم الشارع بحرمة


  • (1) توضيحه: أنّ قاعدة «كلّما حكم به العقل حكم به الشرع» لو جرت مطلقاً حتّى في القسم الثاني، لاستلزمالتسلسل، لأنّ العقل يحكم عقيب كلّ حكم شرعي بقبح معصيته، فإذا حكم الشارع بحرمة شرب الخمرحكم العقل بقبحه بعنوان أنّه معصية المولى، فلو حكم الشارع بحرمته مرّةً ثانية بعنوان المعصية لأجلقاعدة «الملازمة» لحدث موضوع آخر لحكم العقل بالقبح، فلابدّ من أن يحكم الشرع أيضاً بحرمته مرّةثالثة، وهكذا يوجد عقيب كلّ حرمة شرعيّة قبح عقلي، وعقيب كلّ قبح عقلي حرمة شرعيّة في سلسلةغير متناهية، وهذا مضافاً إلى امتناع التسلسل، يستلزم أن تتبدّل معصية واحدة إلى معاصٍ غير متناهية،وأن يستحقّ من ارتكبها عقوبات كذلك. م ح ـ ى.
  • (2) بل معاصي غير متناهية مقتضية لعقوبات غير متناهية بناءً على التسلسل، كما عرفت في التعليقةالمتقدّمة. م ح ـ ى.
ج4

الخمر كما لا يخفى، فلا يكون حكم العقل بقبح التجرّي في سلسلة علل حكمالشرع، بل في سلسلة معلولاته، فلا مجال للتمسّك بقاعدة الملازمة بين حكمالعقل وحكم الشرع لإثبات حرمة التجرّي، فلا يمكن إثبات كون البحث عنالتجرّي مسألة اُصوليّة من طريق قبحه عقلاً، والملازمة بينه وبين حرمتهشرعاً.

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المسألة

وللمحقّق النائيني رحمه‏الله طريق آخر لإثبات ذلك:

وحاصله: أنّ القائل باستحقاق المتجرّي للعقاب لو استند في ذلك إلىدعوى(1) أنّ الخطابات الأوّليّة تعمّ صورتي مصادفة الواقع ومخالفته لكانتالمسألة اُصوليّة، لأنّا نبحث حينئذٍ في أنّ المتجرّي هل يندرج تحت إطلاقالخطابات الشرعيّة أم لا؟ ولا ريب في أنّ نتيجة هذه المسألة إثباتاً ونفيتستخدم في طريق استنباط الحكم الشرعي، لأنّا لو قلنا بشمولها للمتجرّيلحرّم على المكلّف كلّ ما قطع بكونه خمراً، وإن كان ماءاً ونحوه في الواقع،وإتلاف كلّ ما اعتقد أنّه مال الغير وإن كان لنفسه واقعاً، وهكذا.

وإن قلنا بعدم شمولها له لم يحرّم عليه شيء من ذلك فيما إذا لم يصادف قطعهالواقع، فنتيجة البحث ـ على كلّ حال ـ تستخدم في طريق الوصول إلى الحكمالشرعي(2).

هذا ملخّص ما أفاده رحمه‏الله في المقام.


  • (1) ولا يخفى أنّ هذه الدعوى باطلة حتّى عند المحقّق النائينى رحمه‏الله ـ على ما في فوائد الاُصول 3: 39 ـ إلاّ أنّبطلانها لا يضرّ بما ذكره هاهنا، فإنّه قضيّة شرطيّة تعليقيّة، أعني «لو كان استحقاق المتجرّي للعقابمستنداً إلى هذه الدعوى الفاسدة لكان البحث اُصوليّاً». م ح ـ ى.
  • (2) فوائد الاُصول 3: 37 و50.