جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه162)

يحكم بكون العلم الإجمالي منجّزاً للواقع، فيجب الاحتياط في أطرافه لأجلاستيفاء تلك المصالح والاحتراز عن تلك المفاسد؟!

فماذا نقول حول دليل ابن قبة بعد تسلّم ذينك الأمرين الذين يتوقّفعليهما؟

الحقّ في المسألة

والحقّ عدم امتناع التعبّد بالأمارات، لا في حال الانفتاح ولا في حالالانسداد.

أمّا في حال الانفتاح ـ وبتعبير آخر زمن حضور المعصوم عليه‏السلام ـ فلأنّوجوب رجوع كلّ شخص إليه لأخذ المسائل الشرعيّة من فيه عليه‏السلام مباشرةًوعدم حجّيّة ما نقله مثل زرارة وأبي بصير ومحمّد بن مسلم يستلزممشكلات عديدة:

عدم تمكّن كثير من المسلمين من التشرّف بخدمة الأئمّة عليهم‏السلام ، لبُعدالمسافة، سيّما بعد دخول البلاد النائية تحت ظلّ الإسلام وعدم تمكّن البشر فيذلك العصر ممّا يتمكّن اليوم من الطائرات والسيّارات ومن مثل الاتّصالاتالهاتفيّة لاستماع كلامهم عليهم‏السلام بلا واسطة، فمن كان في بلاد مصر والشام والعراقوإيران ولم يتمكّن من السفر إلى المدينة المنوّرة عند مواجهته لكلّ مسألةشرعيّة فماذا يفعل لو لم يعتبر خبر الثقة الناقل للأحكام؟!

فرضنا تمكّن جميع المسلمين من الحضور عند الإمام عليه‏السلام ، لكنّه كانيستلزم الزحام الكثير عند بابه عليه‏السلام بحيث لا يقدر على جواب جميع الأسئلة،ولو كان مشتغلاً بذلك في جميع آنات حياته الشريفة.

فرضنا قدرته عليه‏السلام على ذلك وإمكان تحمّل تلك المشاقّ من قبل

ج4

المسلمين، ولكنّ الظروف السياسيّة كانت حائلةً بينهم وبين الإمام عليه‏السلام ، وهذواضح لمن تصفّح تاريخ الأئمّة عليهم‏السلام وكيفيّة معاملة الظلمة المتقمّصة قميصالحكومة معهم عليهم‏السلام .

ويؤيّده ما رواه الكشّي عن أبي عبداللّه‏ عليه‏السلام أنّه قال لعبداللّه‏ بن زرارة: «اقرمنّي على والدك السلام، وقل له: إنّي إنّما أعيبك دفاعاً منّي عنك، فإنّ الناسوالعدوّ يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه لإدخال الأذى فيمن نحبّهونقرّبه، ويرمونه لمحبّتنا له وقربه ودنوّه منّا، ويرون إدخال الأذى عليه وقتله،ويحمدون كلّ من عبناه نحن، فإنّما أعيبك لأنّك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينوأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودّتك لنا ولميلك إلينا،فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدِّين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منّدافع شرّهم عنك، يقول اللّه‏ عزّ وجلّ: «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَـكِينَيَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَ كَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍغَصْبًا»(1) هذا التنزيل من عند اللّه‏، ألا واللّه‏ ما عابها إلاّ لكي تسلم من الملك،ولا تعتب على يديه، ولقد كانت صالحةً ليس للعيب فيها مساغ والحمد للّه‏،فافهم المثل يرحمك اللّه‏، فإنّك واللّه‏ أحبّ الناس إليّ وأحبّ أصحاب أبي حيّوميّتاً، فإنّك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر، وأنّ من ورائك ملكظلوماً غصوباً يرقب عبور كلّ سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذهغصباً ويغصب أهلها، ورحمة اللّه‏ عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميّتاً»(2).

ولأجل هذه المشاكل كانوا عليهم‏السلام يرجعون شيعتهم إلى بعض أصحابهم، كميدلّ عليه أخبار كثيرة:


  • (1) الكهف: 79.
  • (2) اختيار معرفة الرجال 1: 349، ومعجم رجال الحديث 7: 226.
(صفحه164)

منها: ما روي عن عليّ بن المسيّب الهمداني، قال: قلت للرضا عليه‏السلام : شقّتيبعيدة ولست أصِل إليك في كلّ وقت، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال: «من زكريّبن آدم القمي المأمون على الدِّين والدُّنيا»(1).

وأمّا في حال الانسداد ـ مثل هذا الزمان الذي لا طريق للمكلّفين إلىحصول العلم التفصيلي الوجداني بالأحكام المعلومة بالإجمال ـ فلأنّ الأمردائر بين العمل بالاحتياط بإتيان كلّ ما هو محتمل الوجوب والاجتناب عنجميع ما هو محتمل الحرمة، وبين العمل بالطرق الظنّيّة، كخبر الثقة وظواهرالألفاظ بالنسبة إلى المجتهدين وفتاوى الفقهاء بالنسبة إلى المقلّدين.

لكن لا مجال لإيجاب الاحتياط؛ لأنّ العقل وإن كان يحكم به في مواردالعلم الإجمالي، وبه ينتفي محذور تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة، إلاّ أنّالشارع لم يوجبه لأجل مصلحة أهمّ، وهي أنّ الاحتياط لو كان واجباً في كلّمورد يحتمل فيه ثبوت حكم إلزامي لم يتحمّل كثير من الناس هذه التكاليفالثقيلة، وانزجروا عن أصل الإسلام، بخلاف ما إذا كانت الطرق والأماراتملاكاً لعمل العباد، فإنّه يستلزم أن تكون الشريعة سمحة سهلة يرغب فيهالناس.

والأمارات الظنّيّة تطابق الواقع غالباً، وتخطئ ويستلزم العمل بها فوتالمصلحة أو الوقوع في المفسدة أحياناً، والشارع بعد ملاحظة الاحتياطوالأمارات وما يلزمهما من البركات والتبعات رأى المصلحة في جعل الحجّيّةللأمارات، لاشتماله على مصلحة أقوى من مصلحة العمل بالاحتياط.

والعقل وإن كان يحكم بلزوم الاحتياط فيما إذا علم إجمالاً بثبوت حكم من


  • (1) اختيار معرفة الرجال 2: 858 ، ووسائل الشيعة 27: 146، كتاب القضاء، الباب 11 من أبواب صفاتالقاضي، الحديث 27.
ج4

الأحكام(1)، إلاّ أنّه أيضاً إذا لاحظ جميع جوانب المسألة في المقام يحكم بجوازجعل الحجّيّة للأمارات، لأنّ حفظ أساس الشريعة وانجذاب الناس إليها أهمّمن التجنّب من تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة أحياناً، والعقل يحكمبلزوم رعاية الأهمّ فيما إذا لم يمكن المحافظة عليه وعلى المهمّ كليهما.

والحاصل: أنّه لا يمكن إثبات امتناع التعبّد بالمظنّة من جهة استلزامه تحليلالحرام وتحريم الحلال، لا في حال انفتاح باب العلم بالأحكام ولا في حالانسداده.

نقد نظريّة الشيخ الأنصاري رحمه‏الله في المسألة

والعجب من الشيخ الأعظم رحمه‏الله حيث التزم بامتناع التعبّد بالمظنّة في حالالانفتاح، فإنّه قال: أمّا إيجاب العمل بالخبر على الوجه الأوّل(2) فهو وإن كانفي نفسه قبيحاً مع فرض انفتاح باب العلم لما ذكره المستدلّ من تحريم الحلالوتحليل الحرام، لكن لا يمتنع أن يكون الخبر أغلب مطابقةً للواقع في نظرالشارع من الأدلّة القطعيّة التي يستعملها المكلّف للوصول إلى الحرام والحلالالواقعيّين أو يكونا متساويين في نظره من حيث الإيصال إلى الواقع، إلاّ أنيقال: إنّ هذا رجوع إلى فرض انسداد باب العلم والعجز عن الوصول إلىالواقع، إذ ليس المراد انسداد باب الاعتقاد ولو كان جهلاً مركّباً كما تقدّمسابقاً، فالأولى الاعتراف بالقبح مع فرض التمكّن عن الواقع(3).


  • (1) لما تقدّم من تنجّز الواقع بالعلم الإجمالي، كالتفصيلي. م ح ـ ى.
  • (2) أراد بـ «الوجه الأوّل» كون حجّيّة الأمارة لصرف الطريقيّة من دون أن يحدث في مؤدّاها بسبب قيامهعليه مصلحة راجحة على المصلحة الواقعيّة التي تفوت عند مخالفتها للواقع. م ح ـ ى.
  • (3) فرائد الاُصول 1: 109.
(صفحه166)

إنتهى موضع الحاجة من كلامه رحمه‏الله .

وفي آخر كلامه في المسألة أيضاً إشارة إلى ذلك(1).

وقد عرفت جوابه ممّا سبق آنفاً.

البحث حول المصلحة السلوكيّة

وأمّا في زمن الانسداد فأجاب عمّا استدلّ به ابن قبة لإثبات الاستحالةبأنّ ما فات على المكلّف من مصلحة الواقع بسبب قيام الأمارة على خلافهيتدارك بالمصلحة السلوكيّة.

توضيح ذلك: أنّ التعبّد بالمظنّة يتصوّر على وجهين:

الأوّل: أن يكون ذلك من باب الطريقيّة ومجرّد الكشف عن الواقع، من دونأن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحة في مؤدّاها أو في سلوكها وتطبيقالعمل عليها.

الثاني: أن يكون من باب السببيّة ومدخليّة سلوك الأمارة في مصلحةالعمل وإن خالف الواقع، فالغرض إدراك مصلحة سلوك هذا الطريق وتطبيقالعمل عليه، فإنّها مساوية لمصلحة الواقع أو أرجح منها، فيتدارك بها ما فاتعلى المكلّف من مصلحة الواقع(2).

هذا حاصل ما أفاده الشيخ رحمه‏الله في المقام.

والمحقّق النائيني رحمه‏الله قام بتوضيح كلام الشيخ رحمه‏الله بقوله:

وتفصيل ذلك: هو أنّ سببيّة الأمارة لحدوث المصلحة تتصوّر على وجوهثلاث:

الأوّل: أن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحة في المؤدّى تستتبع الحكم


  • (1) فرائد الاُصول 1: 123.
  • (2) فرائد الاُصول 1: 112 ـ 123.