جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه78)

وفيه أوّلاً: أنّ نفس هذه الرواية تشهد على خلاف ما ذهب إليه صاحبالكفاية، لأنّها أناطت السعادة والشقاوة ببطن الاُمّ الذي هو أوّل مراحلالوجود الخارجي للإنسان، مع أنّهما لو كانتا من أجزاء ماهيّته أو من لوازمهلثبتتا له وإن لم يوجد في الذهن ولا في الخارج كما عرفت.

وثانياً: أنّ لهذه الرواية معنى آخر، وهو أنّا لو علمنا عاقبة اُمور الخلائقوتبيّن لنا مستقبل كلّ شخص من حيث إنّه سيصير عالماً نافعاً مطيعاً للّه‏ورسوله مثلاً، أو منافقاً قاتلاً مستهزءاً باللّه‏ ورسوله لحكمنا من أوّل أيّامصباوتهم بسعادة الأوّل وكونه من أهل الجنّة وشقاوة الثاني وكونه من أهلالجحيم، وهذا ما يشهد به العقلاء، وبه يفسّر الحديث النبوي المذكور.

ويؤيّده أنّ أهل العراق كانوا ينفرون من عمر بن سعد قبل وقعة كربلاءبسنين كثيرة، لعلمهم بأنّه يقتل الحسين عليه‏السلام (1) في المستقبل، كما يستفاد ذلك ممّروى عن سالم بن أبي حفصة أنّه قال: قال عمر بن سعد للحسين عليه‏السلام : يا أبعبداللّه‏ إنّ قبلنا ناساً سفهاء يزعمون أنّي أقتلك، فقال له الحسين عليه‏السلام : «إنّهمليسوا بسفهاء، ولكنّهم حلماء(2)، أما إنّه يقرّ عيني ألاّ تأكل برّ العراق بعدي إلقليلاً»(3).

وقد فسّر كون السعادة والشقاوة في بطن الاُمّ بما ذكرناه أيضاً في ما رواهمحمد بن أبي عمير عن الإمام الكاظم عليه‏السلام فإنّه قال: سألت أبا الحسن موسىبن جعفر عليهماالسلام عن معنى قول رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «الشقيّ من شقي في بطن اُمّه


  • (1) كنز العمّال 1: 107، الحديث 491، والتوحيد ـ للشيخ الصدوق ـ : 356، الباب 58، الحديث 3.
  • (2) لعلّ علمهم بهذا ناشٍ عمّا روي ـ في بحار الأنوار 41: 313 ـ وهو قول علي عليه‏السلام خطاباً لسعد بن أبيوقّاص في أيّام صباوة ابنه عمر: «وإنّ في بيتك لسخلاً يقتل ابن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ». منه مدّ ظلّه.
  • (3) أي إنّهم حلماء حيث لا يشتدّون عليك ولا يعاقبونك لأجل ما سترتكب من تلك الجناية الهائلةالعظيمة. منه مدّ ظلّه.
  • (4) الإرشاد ـ للشيخ المفيد ـ 2: 132، وكشف الغمّة 2: 9.
ج4

والسعيد من سعد في بطن اُمّه» فقال: «الشقيّ من علم اللّه‏ وهو في بطن اُمّه أنّهسيعمل أعمال الأشقياء، والسعيد من علم اللّه‏ وهو في بطن اُمّه أنّه سيعملأعمال السعداء»(1).

فهذا الخبر أيضاً فسّر الحديث النبوي بما ذكرناه، فلا يمكن القول بكونالسعادة والشقاوة من ذاتيّات الإنسان أو من لوازم ذاته باستناد هذا الحديثالشريف.

إن قلت: نعم، الكفر والإيمان والإطاعة والعصيان لا تكون من ذاتيّات منيتّصف بها ولا من لوازم ذاته، بل هي من آثار وجوده، لكنّها مع ذلك تتحقّقبلا اختيار، فإنّ عوارض الوجود بعضها اضطراريّة، كطول القامة وقصرها،وبياض الجلد وسواده، ونحوها، فالسعادة والشقاوة أيضاً من العوارضالاضطراريّة لوجود الإنسان خارجاً.

قلت: القياس مع الفارق بحكم الوجدان، فإنّ مثل الطول والقصر والبياضوالسواد من الأعراض الاضطراريّة، أوصاف ثابتة للإنسان، بخلاف مثلالكفر والإيمان والإطاعة والعصيان، فإنّ للإنسان حالات متبدّلة في بابالسعادة والشقاوة، فربّ إنسان مؤمن مطيع صار كافراً عاصياً وبالعكس، بلقد تكون لشخص واحد في طول عمره حالات متبدّلة كثيرة، وهذا ما يشهدبه الوجدان المؤيّد بالقرآن حينما يقول: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّكَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرا لَمْ يَكُنْ اللّه‏ُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً»(2).

على أنّ ما ذكرناه في باب الإرادة ـ من أنّها أمر اختياري مسبوق بمبادٍاختياريّة ـ يرشدنا إلى أنّ للإنسان اختيار الكفر والإيمان، لا أنّه مجبور على


  • (1) التوحيد ـ للشيخ الصدوق ـ : 356، الباب 58، الحديث 3.
  • (2) النساء: 137.
(صفحه80)

الاتّصاف بأحدهما.

الكلام حول مشيّة اللّه‏ تعالى

نعم، إنّ الإنسان غير مستقلّ في أفعاله ـ خلافاً لما ذهب إليه المفوّضة ـ لكنعدم الاستقلال ليس بمعنى الجبر والاضطرار، فأعمالنا منسوبة إلينا، متحقّقةبإرادتنا، لكن قوّاتنا المصروفة فيها موهوبة من عند اللّه‏ تعالى، بحيث لوأمسك عن إعطائها لحظة لما قدرنا على شيء أصلاً «بحول اللّه‏ وقوّته أقوموأقعد»(1)، «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّه‏َ رَمَى»(2)، «وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْيَشَاءَ اللّه‏ُ»(3).

فنحن نقوم ونقعد، ورسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله رمى، ولكن كلّ ذلك يكون بحول اللّه‏وقوّته الموهوبة من عنده سبحانه، ونحن وإن لم نكن نشاء إلاّ أن يشاء اللّه‏، إلأنّه تعالى إذا شاء وأوقد نور القوّة والقدرة في وجودنا فنحن نشاء ونختار، لأنّ أعمالنا تتحقّق بالجبر والاضطرار، فاللّه‏ سبحانه وتعالى شاء أن نفعلبالاختيار، فلو كنّا في أفعالنا مضطرّين لكان الاُمور حينئذٍ على خلاف مشيّةاللّه‏ سبحانه، لا فيما إذا كنّا مختارين، فإنّه تعالى بيّن لنا طريق الهداية والضلالة،وأعطانا قوّة السلوك والحركة، وجعلنا حرّاً في اختيار أيّهما نشاء «إِنَّا هَدَيْنَاهُالسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرا وأمّا كَفُورا»(4).

العصمة المتحقّقة بإرادة اللّه‏ تعالى هل تنافي الاختيار أم لا؟


  • (1) وسائل الشيعة 5: 465، كتاب الصلاة، الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة، الحديث 9.
  • (2) الأنفال: 17.
  • (3) الإنسان: 30.
  • (4) الإنسان: 3.
ج4

قال اللّه‏ تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللّه‏ُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْتَطْهِيرا»(1).

لا إشكال في أنّ الإرادة في هذه الآية الشريفة هي الإرادة التكوينيّة، لأنّإرادة التطهير وإذهاب الرجس تشريعاً لا تختصّ بأهل البيت عليهم‏السلام ، بل اللّه‏تعالى يريدهما في مقام التشريع من جميع العباد، وما يختصّ بهم عليهم‏السلام إنّما هوإرادة عصمتهم تكويناً.

فهل هذا لا يقتضي كون العصمة أمراً جبريّاً اضطراريّاً؟

قلت: لا، فإنّ تركهم عليهم‏السلام المحرّمات جبراً لا يوجب فضيلة لهم كي تكونالآية الشريفة في مقام بيانها.

بل إنّهم عليهم‏السلام يتركون المحرّمات مع كونهم قادرين عليها.

توضيح ذلك: أنّ العصمة أمر متحقّق في جميع أفراد الإنسان في الجملة، ولوبأقلّ مراتبها، فإنّا نقطع بأنّ الإنسان العاقل المتشخّص لا يكشف عورتهبمرأى الناس ومنظرهم، مع أنّه قادر عليه، لوضوح قبحه عنده، وهذه مرتبةنازلة من العصمة، وكلّما ازدادت معرفة الناس بحقائق الاُمور وقبح المعاصيازدادت عصمتهم، وحيث إنّ قبح جميع المحرّمات وما يترتّب عليها من الآثاروالتبعات كان واضحاً عند أهل البيت وسائر المعصومين عليهم‏السلام لم يحوموا حولها،بل ولا حول المكروهات، مع كونهم قادرين عليها، فتعلّق إرادة اللّه‏ التكوينيّةبكونهم عليهم‏السلام معصومين لا يوجب سلب اختيارهم في باب الإطاعة والعصيان.

والحاصل: أنّ الكتاب والسنّة والعقل والوجدان تحكم بأنّ الكفر والإيمانوالإطاعة والعصيان تكون تحت حاكميّة الاختيار، فلا يصحّ قياسها بمثلطول القامة وقصرها من الصفات المتحقّقة بالاضطرار، وإن كان كلا الفريقين


  • (1) الأحزاب: 33.
(صفحه82)

من عوارض الوجود الخارجي للإنسان، كما لا يصحّ قياسها بأجزاء الماهيّةولوازمها. فلا يترتّب استحقاق العقوبة والمثوبة إلاّ على ما يصدر عن الإنسانبإرادته واختياره.

هذا تمام الكلام في الانقياد والتجرّي وما يتعلّق بهما.