جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

إذا عرفت هذا فلنشرع في الأحكام الثلاثة المبحوث عنها في التجرّي(1).

1ـ قبح التجرّي

لا إشكال ولا خلاف في أنّ التجرّي قبيح عقلاً.

إنّما الإشكال في أنّ قبحه فعلي أو فاعلي؟

كلام الشيخ الأنصاري رحمه‏الله ومن تبعه في ذلك

ذهب الشيخ والمحقّق النائيني رحمهماالله وجمع آخر إلى الثاني، وهو أنّ نفس الفعلالمتجرّى به لا يكون قبيحاً، فإنّ شرب الماء الذي قطع العبد بخمريّته ليسبعنوانه الأوّلي ـ أعني شرب الماء ـ قبيحاً، وانطباق عنوان «مقطوع الخمريّة»عليه أيضاً لا يوجب قبحه، لعدم كونه من العناوين المقبّحة(2).

لكن صدوره عن الفاعل القاطع بكونه مبغوضاً للمولى قبيح، لأنّه كاشفعن خبث طينته وجرئته على المولى وعزمه على العصيان والتمرّد(3).

هذا توضيح ما أفاده القائلون بالقبح الفاعلي.

نظريّة المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام

وذهب المحقّق العراقي رحمه‏الله إلى الأوّل، وهو أنّ التجرّي يقتضي كون الفعلالمتجرّى به قبيحاً، لانطباق عنوان الطغيان عليه، مع بقاء ذات العمل على م


  • (1) وهي قبحه عقلاً، وحرمته شرعاً، واستحقاق العقوبة عليه. م ح ـ ى.
  • (2) توضيح ذلك: أنّ العناوين الثانويّة تارةً: تؤثّر في الحسن والقبح، كالكذب الذي يكون بذاته قبيحاً، وإذاقتضى نجات مؤمن صار حسناً، والصدق الذي يكون بذاته حسناً، وإذا اقتضى هلاك مؤمن صار قبيحاً،واُخرى: لا تكون كذلك، كمسألة الانقياد والتجرّي، فإنّ القطع بكون عمل محبوباً للمولى أو مبغوضاً له ليؤثّر في حسنه وقبحه. م ح ـ ى.
  • (3) فرائد الاُصول 1: 39، وفوائد الاُصول 3: 42.
(صفحه44)

هو عليه في الواقع، بلا استتباعه لحرمته شرعاً(1) بهذا العنوان الطاري.

وتوضيح المرام في المقام أنّه لا ينبغي الارتياب في حكم العقل بقبح الإقدامعلى العمل الصادر عن اعتقاد المعصية، واستحقاق العقوبة عليه(2)، وذلك لمن جهة اقتضاء مجرّد القطع بالمبغوضيّة لصيرورة العمل قبيحاً ومعاقباً عليه،كي يدفع ذلك بأنّه خلاف ما يقتضيه الوجدان من بقاء الواقع على ما هو عليهمن المحبوبيّة لدى المولى، وعدم كون القطع بحرمة شيء بالقطع المخالف للواقعمن العناوين المغيّرة لجهة حسنه ومحبوبيّته، بل من جهة أنّ نفس إقدامه علىما اعتقد كونه مبغوضاً للمولى ومعصية له ممّا ينطبق عليه عنوان الطغيان علىالمولى، لكونه إبرازاً للجرأة عليه وخروجاً عن مراسم العبوديّة، وأنّ مبغوضيّةالعمل واستحقاق العقوبة عليه إنّما هو لأجل هذا العنوان الطاري عليه، كما هوالشأن في إقدامه على العمل من قبل العلم المصادف، حيث إنّ قبحه أيضاً إنّمهو من جهة كونه طغياناً على المولى، بإبرازه للجرأة عليه بلا خصوصيّة فيذلك لعنوان العصيان، فتمام المناط في القبح الفعلي واستحقاق العقوبة إنّما هوعنوان الطغيان المنطبق على الإقدام على ما اعتقد كونه مبغوضاً للمولىومعصية له الأعمّ من المصادف وغيره، ولا يستلزم ذلك أخذ عنوان العلم فيموضوع القبح على نحو الصفتيّة كما توهّم، بل العلم بما هو مأخوذ على نحوالطريقيّة والكاشفيّة يكون تمام الموضوع في إحداث عنوان الطغيان علىإقدامه(3)، إنتهى موضع الحاجة من كلامه رحمه‏الله .

نقد كلام المحقّق العراقي رحمه‏الله في المقام، وبيان الحقّ فيه


  • (1) البحث فعلاً في القبح العقلي، وسيأتي النزاع في الحرمة الشرعيّة. م ح ـ ى.
  • (2) النزاع فعلاً في قبح التجرّي، وأمّا استحقاق العقوبة عليه فسيأتى البحث فيه. م ح ـ ى.
  • (3) نهاية الأفكار 3: 30.
ج4

وفيه: أنّه لا وجه لكون الفعل المتجرّى به قبيحاً بعد اعترافه رحمه‏الله أوّلاً:ببقاء ذات العمل على ما هو عليه في الواقع، فإذا شرب الماء باعتقادالخمريّة كان ذات العمل هو شرب الماء الذي لا يكون قبيحاً أصلاً، وثانياً:بأنّ القطع بكونه مبغوضاً للمولى لا يؤثّر في قبحه، لعدم كونه من العناوينالمقبّحة.

فالحقّ أنّ قبح التجرّي فاعلي.

ويمكن القول بأنّ النزاع لفظي، فإنّهم اتّفقوا على ثلاثة اُمور: أ ـ أنّ ذاتالفعل المتجرّى به لا يكون قبيحاً، ب ـ أنّ القطع بمبغوضيّته أيضاً لا يؤثّر فيواقعيّته، ج ـ أنّ مجرّد قصد الحرام أيضاً لا يقتضي شيئاً، بل القبح يتوقّف علىالعمل الخارجي الصادر عن اعتقاد المعصية، فيمكن القول بأنّه قبح فعلي،لتوقّفه على الفعل الخارجي، وفاعلي، لأنّ الفعل لا يكون قبيحاً إلاّ بلحاظكونه مبرزاً عن خبث سريرة الفاعل وجرئته على المولى.

2ـ حرمة التجرّي

وأمّا حرمته فاستدلّ لإثباتها بوجوه:

الأوّل: قيام الإجماع على حرمة بعض مصاديقه، فإنّهم اتّفقوا على أنّ منأخّر الصلاة عن الوقت الذي ظنّ أنّه بمقدار أدائها فقط ارتكب حراماً، وإنانكشف أنّ الوقت لم يكن مضيّقاً وصلّى قبل انقضائه.

واتّفقوا أيضاً على أنّ من قطع أو ظنّ الضرر في طريق السفر وجب عليهإتمام الصلاة، وإن انكشف بعداً عدم الضرر، لكونه سفر المعصية.

نقد دعوى الإجماع على حرمة التجرّي

وفيه أوّلاً: أنّ الإجماع المنقول ليس بحجّة، والمحصّل ليس بثابت، لنقل

(صفحه46)

وجود المخالف في كلتا المسألتين المتقدّمتين.

وثانياً: أنّا نحتمل أن يكون مستند المجمعين في المقام ما سيجيء من سائرأدلّة الباب، وحجّيّة الإجماع مشروطة بما إذا كان دليلاً مستقلاًّ، وأمّا إذا قطعنأو احتملنا استناده إلى دليل آخر فلابدّ من ملاحظة نفس ذلك الدليل، فإنكان تامّاً فهو المستند، لا الإجماع، وإلاّ فلا يصحّ الاستدلال بواحد منهما.

وثالثاً: أنّ مورد التجرّي هو القطع الطريقي(1)، لأنّه إن صادف الواقع تحقّقبمخالفته العصيان، وإن خالفه تحقّق بها التجرّي.

وأمّا القطع الموضوعي ـ مثل «لا تشرب مقطوع الخمريّة» ـ فلا يجريبمخالفته إلاّ العصيان، لأنّ الحرمة تعلّقت بما قطع المكلّف بخمريّته، ولو لم يكنخمراً في الواقع.

وما ذكر في المقام من قبيل الثاني، لأنّ موضوع وجوب الإتمام هو المسافرالذي سلك طريقاً يخاف فيه الضرر، فالموضوع هو الخوف الجامع بين القطعوالاحتمال العقلائي، لا نفس الضرر.

وكذلك الأمر في المسألة الاُولى، لأنّ فوريّة وجوب الصلاة لا ترتبط بنفسضيق الوقت، بل بالظنّ به، فإذا أخّر الصلاة عن الوقت المظنون الضيق كانعاصياً حقيقةً، وإن انكشف الخلاف بعداً.

الثاني: أنّ التجرّي قبيح كما تقدّم، والعقل يحكم بالملازمة بين قبح الشيءعقلاً وحرمته شرعاً.

وانقدح فساده ممّا سبق بوجهين:

أ ـ أنّ قبح التجرّي فاعلي لا فعلي كما عرفت(2).


  • (1) أو ما يقوم مقامه من الأمارات المعتبرة والاُصول العمليّة. منه مدّ ظلّه.
  • (2) راجع ص45.
ج4

ب ـ أنّ قاعدة «كلّما حكم به العقل حكم به الشرع» على فرض قبولهتختصّ بما إذا كان حكم العقل في سلسلة علل حكم الشرع المتقدّمة عليه، لفي سلسلة معلولاته المتأخّرة عنه، لأنّا لو أغمضنا عن استلزامها التسلسل فيمثل المقام لكانت مستحيلةً من جهة أنّها تقتضي أن تصير معصية واحدةمعصيتين ويستحقّ من ارتكبها عقوبتين كما تقدّم(1).

كلام المحقّق النائيني رحمه‏الله في المقام

الثالث: ما قرّبه المحقّق النائيني رحمه‏الله ثمّ أجاب عنه. أمّا التقريب فهو قوله: إنّالخطابات الأوّليّة تعمّ صورتي مصادفة القطع للواقع ومخالفته، ويندرجالمتجرّي في عموم الخطابات الشرعيّة حقيقةً، ببيان أنّ التكليف لابدّ وأنيتعلّق بما يكون مقدوراً للمكلّف، والتكليف الذي له تعلّق بموضوعخارجي(2)، كقوله: «لا تشرب الخمر» و«صلّ في الوقت» وإن كان وجودهالواقعي مشروطاً بوجود ذلك الموضوع من غير دخل للعلم والجهل في ذلك،إلاّ أنّ مجرّد الوجود الواقعي لا يكفي في انبعاث المكلّف وحركة إرادته نحوه،فإنّ الحركة والانبعاث إنّما يكون بالوجود العلمي، ولا أثر للوجود الواقعي فيذلك، فالعلم وإن كان بالنسبة إلى الموضوع طريقاً، إلاّ أنّه بالنسبة إلى الاختياروالإرادة والانبعاث يكون موضوعاً، ومتعلّق التكليف إنّما يكون هو الاختياروالانبعاث الناشئعن العلم بالموضوع والتكليف، وهذا المعنى موجود فيكلتي(3) صورتي مصادفة العلم للواقع ومخالفته، فإنّه في صورة المخالفة قد تحقّق


  • (1) راجع ص42.
  • (2) اعلم أنّ متعلّق التكليف قد يضاف إلى موضوع خارجي، كـ«لا تشرب الخمر» و«صلّ في الوقت» و«لتأكل الميتة» ونحوها، وقد لا يضاف إليه، كـ «صلّ» و«صم» وأمثالهما. منه مدّ ظلّه.
  • (3) «كلتا» صحيحة ظاهرا. م ح ـ ى.