جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

يترتّب عليها من المنافع والتلذّذات النفسانيّة؟!

الثاني: نفس «إرادة الحرام» التي يعبّر عنها في لسان الروايات بنيّة المعصية،والمراد بها العزم الجازم على ارتكاب المعصية، بحيث لو لم يمنعه مانع لارتكبها.

ولا يخفى أنّها أيضاً غير دخيلة في استحقاق العقوبة، لشهادة العقل بأنّ العبدما لم يرتكب الحرام خارجاً لا يصحّ عقابه، وإن أراده بإرادة حتميّة جازمة.

هذا بحسب حكم العقل.

لكن هاهنا روايات(1): بعضها تدلّ على ترتّب العقوبة على مجرّد نيّةالمعصية، وبعضها الآخر على نفي العقوبة عن العبد ما لم يعص خارجاً.

ولو تمّت هذه الأخبار سنداً ودلالةً لأمكن الجمع بين الطائفتينبحمل الطائفة الاُولى على ترتّب استحقاق العقوبة، والثانية على نفيفعليّتها، فإنّ اللّه‏ تعالى يتفضّل على كثير من المجرمين المستحقّين للعقابولا يعاقبهم.

وحيث إنّا نبحث في ملاك استحقاق عقوبة العاصي لا في ملاك أصلالعقوبة لدلّت الأخبار بمقتضى الجمع المذكور على أنّ الملاك هو نيّة العصيانالمشتركة بينه وبين التجرّي.

لكنّ الكلام في سندها ودلالتها.

على أنّه لو فرضنا شخصين أراد كلّ منهما شرب الخمر مثلاً، لكن وصلأحدهما إلى مطلوبه لتوفّر الشرائط، ولم يصل إليه الآخر لحيلولة الموانع، فإنقلنا بتساويهما في استحقاق العقوبة ولا يترتّب على المعصية الصادرة عنالشخص الأوّل أثر أصلاً فهو واضح البطلان، وإن قلنا بكون الشخص الأوّل


  • (1) راجع للاطّلاع على هذه الروايات وسائل الشيعة 1: 49 ـ 58، كتاب الطهارة، الباب 6 و7 من أبوابمقدّمة العبادات.
(صفحه62)

مستحقّاً لعقاب زائد على العقاب المشترك بينه وبين الثاني فلا محالة كاناستحقاق هذا العقاب الزائد ناشئاً عن ملاك آخر غير النيّة التي تكونمشتركة بينهما، وقد عرفت أنّه ليس للعصيان الواقعي إلاّ عقوبة واحدة ناشئةعن ملاك واحد.

فلايمكن القول بكون الملاك في المعصية الواقعيّة إرادتها ونيّتها باستناد هذهالأخبار المخالفة لهذا الحكم العقلي.

الثالث: أن يكون الموجب لاستحقاق العقوبة «ارتكاب ما فيه مفسدةلازمة الاجتناب» وبتعبير آخر: «ارتكاب ما هو مبغوض للمولى».

وفيه: أنّه لو كان ملاكاً لكان من خالف التكليف جاهلاً أيضاً مستحقّللعقاب، سواء كان جهله بسيطاً، كما إذا شكّ في خمريّة مائع فشربه بمقتضىأصالة الحلّيّة، أو مركّباً، كما إذا قطع بكونه ماءً، فشربه، وكان خمراً واقعاً فيالصورتين، ولا يمكن الالتزام بهذا اللازم، ضرورة عدم استحقاق الجاهلللعقوبة.

الرابع: أن يكون الملاك «ارتكاب ما هو مبغوض للمولى مع الالتفاتبكونه كذلك».

واعترض عليه سيّدنا الاُستاذ البروجردي رحمه‏الله بأنّ باب الثواب والعقابغير مربوط بالجهات الواقعيّة من المصالح والمفاسد والمحبوبيّة والمبغوضيّة،ولذا لو فرض أمر المولى بلا مصلحة ومحبوبيّة(1) كان مخالفته موجبةللاستحقاق كما لا يخفى(2)، إنتهى كلامه رحمه‏الله .

الحقّ في المسألة


  • (1) كالأوامر الامتحانيّة. منه مدّ ظلّه.
  • (2) نهاية الاُصول: 418.
ج4

الخامس: أن يكون الموجب لاستحقاق العقوبة «مخالفة تكليف المولى عنعمد وعلم واختيار».

وهذا هو الذي يشهد به الوجدان ويحكم به العقل ويستقرّ عليه بناء العقلاءفي قوانينهم العامّة، فإنّهم لا يعاقبون إلاّ من خالف القانون مع علمه والتفاتهإليه.

ولا يخفى أنّ هذا يختصّ بالمعصية الواقعيّة، لعدم صدق مخالفة التكليف علىالتجرّي كما هو واضح.

نعم، لو كان ملاك الاستحقاق هتك العبد لحرمة مولاه وخروجه عنرسوم عبوديّته وكونه بصدد الطغيان وعزمه على العصيان ـ كما قال به الأعلامالثلاثة(1) ـ لجرى في العاصي والمتجرّي كليهما.

لكنّه يستلزم أن يترتّب على المعصية الواقعيّة استحقاق عقابين، لاشتمالهعلى ملاكين:

أ ـ «مخالفة تكليف المولى عن عمد وعلم واختيار» وهذا يختصّبالمعصية.

ب ـ «كون العبد بصدد الطغيان وعزمه على العصيان» وهذا يشترك بينهوبين التجرّي.

وحيث إنّه لا يمكن الالتزام به وقع القائلون بترتّب العقاب على التجرّي فيحيص وبيص:

كلام المحقّق العراقي رحمه‏الله في ذلك ونقده

فذهب المحقّق العراقي رحمه‏الله إلى أنّه لا فرق فيما يوجب استحقاق العقاب بين


  • (1) يعني المحقق الخراساني، والاصفهاني، والعراقي رحمهم‏الله . م ح ـ ى.
(صفحه64)

التجرّي والعصيان، فإنّ تمام المناط في ذلك إنّما هو عنوان «الطغيان» المنطبقعلى الإقدام على ما اعتقد كونه مبغوضاً للمولى ومعصية له الأعمّ منالمصادف وغيره، بلا خصوصيّة في ذلك لعنوان العصيان موجبة لاستحقاقعقاب زائد(1).

وفيه: أنّه خلاف ما يشهد به الوجدان، ضرورة أنّه لا يمكن القول باشتراكمن شرب خمراً ومن شرب ماءً باعتقاد كونه خمراً في استحقاق العقوبة مندون أن يتفاوت عقوبتهما حتّى بالشدّة والضعف.

ما أفاده صاحب الفصول رحمه‏الله ونقده

وذهب صاحب الفصول ـ على ما نقل عنه ـ إلى تداخل العقوبتين فيالمعصية الواقعيّة(2).

وناقش فيه الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه‏الله بأنّه إن أراد من التداخل وحدةالعقوبة فلا وجه له بعد الالتزام بتحقّق مناطين مستقلّين لها، وإن أراد أنّللعاصي عقاباً زائداً على عقاب المتجرّي فهذا لا يسمّى تداخلاً، بل يكون منقبيل ارتكاب معصيتين بالإتيان بعمل جامع لعنوانين محرّمين(3) يترتّب علىكلّ منهما استحقاق عقوبة مستقلّة(4).

بيان الحقّ في المسألة

والتحقيق في المقام أن يقال: لا يمكن اجتماع المعصية والتجرّي أصلاً، لأنّهم


  • (1) نهاية الأفكار 3: 31.
  • (2) الفصول الغرويّة: 87 .
  • (3) كالإفطار بشرب الخمر ونحوه في شهر رمضان، فإنّه محرّم من وجهين كما هو واضح. م ح ـ ى.
  • (4) فرائد الاُصول 1: 45.
ج4

متباينان.

توضيح ذلك: أنّ التجرّي بمعناه اللغوي وإن كان يجتمع مع المعصية، بل هيأوضح مصاديقه، إلاّ أنّ البحث إنّما هو في التجرّي بمعناه الاصطلاحي، وهومخالفة القطع المخالف للواقع، كالإتيان بالفعل باعتقاد كونه حراماً مبغوضللمولى، أو تركه باعتقاد كونه واجباً محبوباً له مع أنّه لم يكن كذلك واقعاً،وهذا المعنى لا يمكن أن يجتمع مع المعصية، لكونها عبارة عن مخالفة العلمالموافق للواقع(1).

فلا ربط بين المسألتين كي يقال: يصدق على من شرب خمراً واقعاً عنوانالعاصي والمتجرّي، فيتداخل العقوبتان على القول باستحقاق المتجرّي للعقوبةكالعاصي.

فإن قلنا بأنّ ملاك الاستحقاق في المعصية الواقعيّة هو «مخالفة تكليفالمولى عن علم والتفات واختيار» ـ كما هو الحقّ ـ فلا يجري هذا الملاك فيالتجرّي، لعدم كونه مصداقاً لمخالفة التكليف أصلاً، فيترتّب استحقاق العقوبةعلى العصيان دون التجرّي.

ولو قلنا بأنّ الملاك هو الطغيان على المولى وهتك حرمته والعزم علىمعصيته ـ كما ذهب إليه الأعلام الثلاثة ـ كان مشتركاً بين المعصية والتجرّيمن دون أن يجتمع في المعصية ملاكان، بل ملاك الاستحقاق فيها عين ملاكالاستحقاق في التجرّي ـ كما صرّح به المحقّق العراقي رحمه‏الله ـ فكلّ من العاصيوالمتجرّي يستحقّ العقوبة بهذا الملاك، وحيثما عرفت أنّ التجرّي مباينللعصيان ولا يمكن أن يجتمعا فلا يشتمل المعصية الواقعيّة على عنوانينمحرّمين كي يستحقّ العاصي عقوبتين، فأين تعدّد العقوبة في مورد المعصية كي


  • (1) فالتجرّي بمعناه اللغوي أعمّ من المعصية، وبمعناه الاصطلاحي يكون مبايناً لها. م ح ـ ى.