جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
ج4

والاُصوليّون ذهبوا إلى عكس ما ادّعاه الأخباريّون، لأنّهم يحكمونـ بمعونة حكم العقل بـ «قبح العقاب بلابيان» ـ بعدم احتمال العقوبة في مواردالشبهة الحكميّة التحريميّة، فلا تجري قاعدة «لزوم دفع الضرر المحتمل» فيالمقام.

وحاصل ما تقدّم: أنّ الاُصولي والأخباري تسالما على وجود تينكالقاعدتين العقليّتين، إلاّ أنّهما اختلفا فيما هو المتقدّم منهما، فادّعى كلّ منهمعكس ما ادّعاه الآخر، وكلام كلّ منهما بلادليل، فماذا نفعل في المقام؟

الحقّ في الجمع بين القاعدتين

أقول: بيان الحقّ في المسألة يتوقّف على أمرين:

أ ـ لا يمكن وقوع التعارض بين هاتين القاعدتين، لأنّ الحاكم بهما هو العقلالقطعي، ويستحيل تحقّق التعارض بين حكمين قطعيّين من جميع الجهات،سواء كانا عقليّين أو شرعيّين.

ب ـ كلّ واحدة من هاتين القاعدتين وإن كانت كبرى كلّيّة قطعيّة، إلاّ أنّهلا تنتج إلاّ إذا انضمّ إليها صغريها، فلابدّ للاُصولي من إثبات عدم ورود بيانمن قبل الشارع في مورد شرب التتن مثلاً كي ينضمّ إليه قاعدة «قبح العقاببلابيان» وينتج أنّ شربه جائز، لأنّه لا يقتضي استحقاق العقوبة، ولابدّللأخباري من إحراز أنّ في شربه احتمال العقوبة كي ينضمّ إليه قاعدة «لزومدفع العقاب المحتمل» وينتج أنّ الاحتياط بالاجتناب عنه واجب كي لا يقعالمكلّف في العقوبة المحتملة.

فكلّ من الاُصولي والأخباري تمسّك في الواقع بقياس ينتج عكس مينتجه قياس خصمه، فالتعارض إنّما هو بين القياسين لا بين القاعدتين، إذ كلّ

(صفحه454)

منهما تكون كبرى لواحد من القياسين المتعارضين.

وإذا كان التعارض بين القياسين فلابدّ من ملاحظة أنّ أيّهما يكون ناقصا،وبعبارة اُخرى متأخّرا عن الآخر، فنقول:

لايمكن المناقشة في قياس الاُصوليّين، وهو أنّ «العقاب على شرب التتنعقاب بلابيان، وهو قبيح» أمّا الصغرى فهو أمر وجداني، لأنّ المكلّف إذفحص في مظانّ ورود حكم شرب التتن فحصا تامّا ويئس عن الظفر بدليلعلى حرمته ـ كما هو المفروض ـ فقد أحرز عدم البيان الواصل، وأمّا الكبرىفقد عرفت أنّه حكم عقلي قطعي.

وأمّا قياس الأخباريّين ـ وهو أنّ «في شرب التتن احتمال الضرر، ودفعالضرر المحتمل لازم» ـ فكبراه وإن كانت حكما عقليّا مسلّما، إلاّ أنّ صغراهمخدوشة.

توضيح ذلك: أنّه لا يمكن إنكار احتمال العقوبة في موارد من ارتكابالشبهة التحريميّة: 1ـ إذا كانت الشبهة مقرونة بالعلم الإجمالي، 2ـ إذا كانالارتكاب بدون الفحص، 3ـ إذا كان الفحص ناقصا، 4ـ لو لم يحكم العقلبـ «قبح العقاب بلابيان» حتّى فيما إذا كان الفحص تامّا، 5ـ لو لم يمتنع على اللّه‏سبحانه ارتكاب القبيح.

وأمّا إذا كانت الشبهة بدويّة أوّلاً، وفحص المكلف عن الدليل فحصا تامّموجبا لليأس عن الظفر به ثانيا، وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ثالثا،وامتنع ارتكاب القبيح عليه تعالى رابعا، فلامجال للقول بأنّ في ارتكابهاحتمال العقوبة كما لا يخفى.

وبعبارة اُخرى: احتمال العقوبة ـ مثل نفس العقوبة ـ يحتاج إلى ملاك، ولملاك له في الشبهات البدويّة الواجدة للقيود المتقدّمة.

ج4

لايقال: احتمال العقوبة ملازم لاحتمال الحرمة.

فإنّه يقال: هذا أوّل الكلام، فإنّ الاُصولي يدّعي عدم الملازمة بينهما، فلابدّللأخباري من إقامة برهان على ثبوتها.

والحاصل: أنّ الأخباري عاجز عن إثبات صغرى قياسه، بخلافالاُصولي، فإنّ صغرى قياسه أمر محرز بالوجدان، وينتج نفي احتمال العقوبة،وبه يرتفع موضوع حكم العقل بـ «لزوم دفع الضرر المحتمل».

استدلال الأخباريّين بالعلم الإجمالي لإثبات وجوب الاحتياط

الثالث: أنّا نعلم إجمالاً بوجود تكاليف لزوميّة كثيرة في الشريعةالإسلاميّة، فلابدّ من الاجتناب عن كلّ ما احتمل حرمته، لكونه من أطرافالعلم الإجمالي، والعقل يحكم بتنجّز التكليف به كما يتنجّز بالعلم التفصيلي.

وبعبارة اُخرى: الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، فلابدّ منالاجتناب عن كلّ ما احتمل حرمته، لنعلم موافقة تلك التكاليف المعلومةبالإجمال.

نقد الاستدلال بالعلم الإجمالي لإثبات وجوب الاحتياط

وفيه أوّلاً: أنّه لو تمّ لاقتضى وجوب الاحتياط حتّى في الشبهات الوجوبيّةوالموضوعيّة من التحريميّة، لكونهما أيضا من أطراف العلم الإجمالي، فلم‏ذهبالأخباري بجريان البرائة فيهما؟!

فما كان وجه جريانها فيهما عنده فهو وجه جريانها في الشبهات الحكميّةالتحريميّة عند الاُصولي طابق النعل بالنعل.

البحث حول انحلال العلم الإجمالي حقيقة وحكم

(صفحه456)

وثانيا: أنّ هذا العلم الإجمالي ينحلّ إلى علم إجمالي صغير وشكّ بدوي، ولابدّ لنا من إيراد بحث كلّي حول الانحلال ثمّ تطبيقه على محلّ النزاع، فنقول:

انحلال العلم الإجمالي تارةً يكون حقيقيّا واُخرى حكميّا.

والمراد بالانحلال الحقيقي زوال العلم الإجمالي عن صفحة نفس الإنسانواقعا، وبالانحلال الحكمي أن لا يزول العلم الإجمالي، لكنّه صار بلاأثر ولميكن منجّزا للتكليف.

ومن أمثلة الانحلال الحقيقي أن يعلم الإنسان إجمالاً بخمريّة أحد الإنائينالواقع أحدهما في يمينه والآخر في يساره، ثمّ يعلم بأنّ تلك الخمر المعلومةبالإجمال تكون في الإناء الواقع في طرف اليمين، فحينئذ انحلّ العلم الإجماليحقيقة إلى العلم التفصيلي، فلا دليل على لزوم الاجتناب عن الإناء الآخر،سواء علم بعدم خمريّته أو شكّ فيها.

ومن أمثلته انحلال العلم الإجمالي الواسع إلى الضيّق، كما إذا علم إجمالبغصبيّة خمسة رؤوس من قطيع غنم، ثمّ علم بأنّ تلك الأغنام الخمسةالمغصوبة تكون بين الصنف الأبيض من القطيع، فإن حلّ العلم الإجمالي الكبيرإلى الصغير حقيقةً، فلابدّ من الاجتناب من أطراف هذا العلم الإجمالي الصغير،وهي جميع الأغنام البيضاء، وأمّا الأغنام السوداء فلا يجب الاجتناب عنها،سواء علم بعدم غصبيّة جميعها أو شكّ في غصبيّة بعضها.

وهاهنا مورد آخر اختلفوا في كونه انحلالاً حقيقيّا أو حكميّا، وهو ما إذاحتمل مغايرة المعلوم بالتفصيل أو بالعلم الإجمالي الصغير مع المعلومبالإجمال، كما إذا علمنا بخمريّة أحد المايعين، ثمّ علمنا بخمريّة أحدهمبالخصوص، لكن نحتمل أن تكون غير تلك الخمر المعلومة بالإجمال(1).


  • (1) لأنّ المعلوم بالإجمال هو خمريّة أحدهما، لكنّ الآخر كان مشكوك الخمريّة لا معلوم العدم. م ح ـ ى.
ج4

وكما إذا علمنا بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة في يومها ثمّ دلّت أمارةمعتبرة أو أصل عملي معتبر على وجوب صلاة الجمعة، لكنّا نحتمل أن تكونالأمارة أو الأصل مخالفا للواقع وكان الواجب هو صلاة الظهر، فلانعلم أنّمؤدّى الأمارة أو الأصل هو نفس تلك الصلاة المعلومة بالإجمال.

وكما إذا حصل لنا علم إجمالي صغير عقيب العلم الإجمالي الكبير، لكناحتملنا المغايرة بين معلوميهما، كما إذا احتملنا في المثال السابق أن يكونالأغنام المغصوبة الموجودة في الصنف الأبيض مغايرة لما علم بالعلم الإجماليالكبير.

لا خلاف ظاهرا بين الأكابر من الاُصوليّين في انحلال العلم الإجمالي فيهذا المورد أيضا، إنّما الإشكال والخلاف في أنّه انحلال حقيقي أو حكمي؟

كلام المحقّق العراقي رحمه‏الله في المسألة

ذهب المحقّق العراقي رحمه‏الله إلى كون الانحلال في هذا القسم حكميّا، ويستفاد منمطاوي كلامه ما يمكن أن يجعل مقدّمة لأصل مرامه:

وهو أنّ الحكم إذا تنجّز ـ أي صار بحيث يترتّب على مخالفته استحقاقالعقوبة ـ لا يكاد يتنجّز مرّة اُخرى(1).

وكما يتنجّز الحكم بالعلم التفصيلي، كذلك يتنجّز بالعلم الإجمالي، ومعنىتنجّزه بالعلم التفصيلي واضح، وأمّا المراد به في موارد العلم الإجمالي فهو أنّالمعلوم بالإجمال يترتّب على مخالفته استحقاق العقوبة على أيّ حال، وبعبارةاُخرى: يؤثّر العلم الإجمالي تأثيرا تامّا في إثبات متعلّقه على عهدة المكلّف في


  • (1) وأسباب تنجّز الحكم ثلاثة: أ ـ العلم، سواء كان تفصيليّا أو إجماليّا، ب ـ الأمارة المعتبرة، ج ـ الأصلالعملي. منه مدّ ظلّه توضيحا لكلام المحقّق العراقي رحمه‏الله .