جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه اصول اُصول الشيعة لاستنباط أحكام الشريعة
صفحات بعد
صفحات قبل
(صفحه462)

بالعلم الإجمالي إلاّ عدد خاصّ مثلاً بلاعنوان، والمفروض تنجّز واقعيّاتقامت عليها الأمارات بذلك المقدار، فلو لم ينطبق عليها الواقعيّات المعلومةبالإجمال قهرا، لكان إمّا من جهة زيادة الواقعيّات المعلومة بالإجمال علىالواقعيّات المنجّزة بالأمارات، أو من جهة تعيّن الواقعيّات المعلومة بالإجمالبنحو تأبى عن الانطباق على الواقعيّات المنجّزة بالأمارات، أو تنجّز غيرالواقعيّات بالأمارات، والكلّ خلف وخلاف الواقع(1)، إنتهى موضع الحاجةمن كلامه.

وحاصله: أنّ المعلوم بالإجمال ليس له عنوان خاصّ، بخلاف المعلومبالتفصيل بمقتضى الأمارة، وغير المتعيّن في العنوان الخاصّ ينطبق قهرا علىالمتعيّن فيه، فينحلّ العلم الإجمالي حقيقةً.

وفيه: أنّ الانطباق القهري يتوقف على إحراز اتّحاد المعلوم بالتفصيل بالعلمالوجداني أو بالأمارة مع المعلوم بالإجمال، كما إذا علمنا إجمالاً بخمريّة أحدالإنائين الواقع أحدهما في اليمين والآخر في اليسار، ثمّ علمنا تفصيلاً أنّ إناءاليمين خمر والإناء الآخر ليس بخمر، وهذه الصورة لا إشكال في كون الانحلالفيها حقيقيّا كما تقدّم.

وأمّا محلّ النزاع هو ما إذا احتملنا المغايرة بين المعلوم بالتفصيل والمعلومبالإجمال، كما إذا احتملنا أن يكون الإناء الآخر أيضا خمرا، ولامجال حينئذٍللقول بالإنطباق القهري.

كلام الإمام الخميني رحمه‏الله في الانحلال الحقيقي

الثاني: ما اختاره سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام رحمه‏الله بقوله:


  • (1) نهاية الدارية 4: 114.
ج4

قد يتوهّم أنّ ميزان الانحلال الحقيقي أن يتعلّق العلم بأنّ ما علم إجمالاً منالتكليف هو هذا المعلوم بالتفصيل، فإذا علم بموطوئيّة غنم بين قطيعة لابدّ فيالانحلال أن يتعلّق العلم بأنّ هذه الغنم هي الغنم التي تعلّق بها العلم الإجمالي.

وبعبارة اُخرى: يحتاج في الانحلال إلى أمرين: أحدهما: العلم التفصيليبمقدار المعلوم بالإجمال. والثاني: العلم بانطباق المعلوم بالإجمال على المعلومبالتفصيل، وعلى هذا قلّما ينحلّ علم إجمالي، خصوصا في الشبهات الحكميّة،بل يمكن دعوى عدم مورد فيها كذلك.

هذا، ولكنّ هذا خلاف التحقيق، لعدم تقوّم الانحلال بالعلم بالانطباق، بلاحتماله كافٍ فيه، وذلك لأنّ العلم الإجمالي إنّما يكون منجّزا للأطراف إذا بقيتالأطراف على طرفيّته، وإنّما تبقى عليها فيما إذا كان الإجمال باقيا في النفس،وإنّما يبقى الإجمال إذا كان كلّ طرف طرفا للاحتمال بنحو القضيّة الحقيقيّة، أومانعة الخلوّ، فيصدق عليه: إمّا هو واجب أو الطرف الآخر، ومع العلمالتفصيلي بوجوب طرف لا يبقى الترديد، ضرورة خروج الطرف المعلومبالتفصيل عن طرفيّة العلم الإجمالي، لمناقضة مفاديهما، فينحلّ العلم الإجمالي،ولا يبقى إجمال في النفس، فيصير أحد الأطراف معلوما بالتفصيل، والبقيّةمحتملة.

وبالجملة: تنحلّ القضيّة الحقيقيّة أو مانعة الخلوّ إلى قضيّة حمليّة بتّيّة، وإلىقضيّة اُخرى كذلك، أو قضيّة مشكوك فيها، من غير بقاء العلم الإجمالي.

إن قلت: لو خرج أحد الطرفين عن طرفية العلم بالسبب الحادث لانحلّتالقضيّة المنفصلة إلى قضيّة بتّيّة ومشكوك فيها مع بقاء أثر العلم الإجمالي بلإشكال، كما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الإنائين في أوّل النهار، ثمّ وقعتنجاسة في أحدهما المعيّن في آخر النهار، فإنّ إحداهما تصير معلومة تفصيلاً،

(صفحه464)

والاُخرى مشكوك فيها، مع بقاء أثر العلم الإجمالي، ووجوب الاجتناب عنالاُخرى.

قلت: يشترط في بقاء أثر العلم الإجمالي أن يكون باقيا بالنسبة إلى الزمانالأوّل، أي يكون المكلّف عالما في الزمان الثاني بوجود التكليف في الزمانالأوّل، وبهذا يفرّق بين صيرورة بعض الأطراف مفصّلاً بالسبب الحادث وبيناحتمال الانطباق من أوّل الأمر، فإنّ الثاني يوجب الانحلال دون الأوّل، كما أنّهذا وجه الافتراق بين ما نحن فيه وبين الخروج عن محلّ الابتلاء، أو إتيانبعض الأطراف.

فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ ميزان الانحلال الحقيقي هو صيرورة القضيّة المنفصلةقضيّتين: حمليّة بتّيّة موجبة، وحمليّة بتّيّة سالبة إن كانت المنفصلة حقيقيّة،وقضيّة مشكوكا فيها إن كانت مانعة الخلوّ(1)، إنتهى موضع الحاجة منكلامه رحمه‏الله .

التحقيق في المسألة

أقول: ما أفاده رحمه‏الله في ميزان الانحلال الحقيقي دقيق متين، وهو يكفي فيجواب استدلال الأخباريّين بالعلم الإجمالي كما سيأتي(2).

لكنّه لا يعمّ جميع فروض المسألة، فإنّ العلم الإجمالي تارة ينحلّ بالعلمالتفصيلي(3) واُخرى بالعلم الإجمالي الصغير(4)، وثالثة تقوم الأمارة المعتبرةعلى أحد طرفيه، سواء كان في الشبهات الموضوعيّة، كما إذا علمنا إجمال


  • (1) أنوار الهداية 2: 89 ، وتهذيب الاُصول 3: 121.
  • (2) سيأتي في ص480.
  • (3) سواء علم اتّحاد المعلوم تفصيلاً مع المعلوم إجمالاً أم لا. منه مدّ ظلّه.
  • (4) سواء علم اتّحاد المعلوم بالعلم الإجمالي الصغير مع المعلوم بالعلم الإجمالي الكبير أم لا. منه مدّ ظلّه.
ج4

بخمريّة أحد المايعين، ثمّ قامت البيّنة على خمريّة ما في اليمين بالخصوص، أوالحكميّة، كما إذا علمنا إجمالاً بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة، ثمّ قامت أمارةمعتبرة أو أصل عملي كذلك على وجوب خصوص الجمعة، وجميعها محلّالكلام في المقام، لكن ما أفاده الإمام رحمه‏الله من ملاك الانحلال إنّما يجري فيالصورتين الاُوليين، لزوال العلم الإجمالي فيهما وجدانا، وأمّا الصورة الثالثةفلا، لأنّ حجّيّة الأمارة ـ كالبيّنة والخبر الواحد ـ لا تتوقّف على حصول الظنّبمضمونه فضلاً عن العلم به، فلا تقتضي زوال العلم الإجمالي عن صفحة نفسالإنسان لكي ينحلّ حقيقةً.

فلا مجال لإجراء البرائة بالنسبة إلى غير ما قام عليه الأصل أو الأمارة، بللابدّ من الاجتناب عن المايع الواقع في اليمين بملاك قيام البيّنة على خمريّته،وعمّا وقع في اليسار بملاك العلم الإجمالي، ولابدّ من الإتيان بصلاة الجمعةبملاك قيام الأمارة أو الأصل على وجوبه، وبصلاة الظهر بملاك العلم الإجمالي.

إن قلت: إنّ الأصل النافي وإن لم يجر فيما قامت الحجّة عليه من طرفي العلمالإجمالي، إلاّ أنّه لا منع من جريانه في الطرف الآخر.

قلت: جريان الأصل النافي وعدم جريانه في بعض أطراف العلم الإجمالييدور مدار انحلاله وعدمه، فلو انحلّ بحيث كان غير المعلوم بالتفصيلمشكوكا فقط من دون أن يكون طرفا للعلم الإجمالي لجرى فيه أصالة البرائةوسائر الاُصول النافية، وأمّا إذا لم ينحلّ، بل كان غير المعلوم بالتفصيل ـ معكونه مشكوكا ـ طرفا للعلم الإجمالي فلاوجه لجريان الاُصول النافية فيه.

والحاصل: أنّ العلم الإجمالي لا ينحلّ في موارد قيام الحجّة غير العلميّةعلى أحد أطرافه، لاحقيقةً ولا حكما، أمّا عدم الانحلال الحقيقي فلشهادةالوجدان بعدم زواله عن صفحة النفس، وأمّا عدم الانحلال الحكمي فلم

(صفحه466)

عرفت من جواب أدلّة القائلين به وأنّه لا يصحّ القول بعدم تأثير العلمالإجمالي مع بقائه حقيقةً.

الرجوع إلى أصل البحث

إذا عرفت هذا فلنرجع إلى جواب ما استدلّ به الأخباريّون لإثباتوجوب الاحتياط في الشبهات البدويّة الحكميّة التحريميّة، من أنّا نعلم إجمالبوجود تكاليف لزوميّة كثيرة في الشريعة الإسلاميّة، فلابدّ من الاجتناب عنكلّ ما احتمل حرمته، لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.

وقد عرفت النقض فيه بالشبهات الوجوبيّة والموضوعيّة من التحريميّة.

وأمّا الحلّ فهو أنّ هذا العلم الإجمالي ينحلّ إلى علم إجمالي صغير وشكّبدوي بالملاك الذي ذكره الإمام رحمه‏الله للانحلال الحقيقي.

توضيح ذلك: أنّا نعلم ـ بالعلم الوجداني ـ بوجود تكاليف واقعيّة في مؤدّىالطرق والأمارات والاُصول المعتبرة بالمقدار المعلوم بالإجمال(1)، ومعه ينحلّالعلم الإجمالي الكبير في دائرة العلم الإجمالي الصغير المحدود أطرافه في مؤدّاهويصير ما بقي منها مشكوكا بشكّ بدوي.

واحتمال كون التكاليف الواقعيّة أكثر من المقدار المعلوم بالإجمال، أو كونبعض ما علم في دائرة الأمارات والاُصول مغايرا للمعلوم بالعلم الإجماليالكبير لا ينافي الانحلال، لتحقّق ملاك الانحلال المتقدّم في كلام الإمام رحمه‏الله ـ وهوزوال العلم عن صفحة النفس ـ حتّى مع هذين الاحتمالين.

فعلى هذا لابدّ من العمل بالطرق والأمارات والاُصول المعتبرة، وأمّالشبهات البدويّة التي لم تقم حجّة شرعيّة معتبرة عليها فلاوجه لوجوب


  • (1) وإن لانعلم ما هو المطابق للواقع مشخّصا. منه مدّ ظلّه.